هل سينقطع الحبل السري الإيراني في المنطقة ؟
عمرو محمد الرياشي
عمرو محمد الرياشي

بعد الانهيارات الواسعة في صفوف الجيش السوري الموالي لنظام الأسد (الإبن) ورجوعه لمكانه وخندقه الطبيعي بجانب شعبه السوري قد نزل وقع الحدث كالفاجعة لدى حلفاء نظام الاسد ومنهم الأمين العام لحزب الله اللبناني الذي خرج عن طوره وأدلي بتصريحات كشفت بما لا يدع مجالا للشك ان حزب الله اللبناني وامينه العام لم يكنا سوى أداة مذهبية لمشروع التوسع الإيراني في المنطقة فعندما يقول حسن نصر الله ان قتلى نظام الاسد في تفجير مبنى الأمن القومي بأنهم رفقاء السلاح متجاهلا ان من يقومون بالقتل وبالذبح والتنكيل لابناء الشعب السوري هم رفقاء سلاحه الذين قتلوا في التفجير !!!

ماذا بقي لحزب الله من مداهنة وتحريف لحقيقة انشاء حزب الله لم يكلف حسن نصرالله نفسه حتى من باب المجاملة والتقية بالترحم لشهداء الشعب السوري من خلال حديثه الأخير وماسبقه من تصريحات وهذا اثبت وفضح بلا ادنى شك كيفية الحقيقة في إعادة المشروع الصفوي للمنطقة الذي تتبناه ايران وحليفها حزب الله اللبناني الذي لم يكون سوى أحد أدوات التسهيل والتمرير لهذا المشروع التوسعي في المنطقة عبر النفوذ السياسي من خلال النسق الفكري الإثنى عشري باستخدام كل الطرق من تلميع لصورة ايران وحلفائها في المشروع .. لكن هذا المشروع الديني بداء فعليا يدخل مرحلة مخاض صعبة تهدد بقاء هذا المشروع بقرب سقوط نظام الاسد الإبن

من الناحية السياسية وكونها لا تعرف سوى لغة المصالح لم يكن تصريح الامين العام لحزب الله بالشكل الذي ظهر فيه سوى مؤشر يستدل به على دنو سقوط نظام الاسد الإبن الذي بفقدانه سينقطع الحبل السري الذي طالما كان يمد قوات نصر الله بالسلاح وجميع انواع الدعم القادمة من ايران وسوريا وغيرهم .

لذا تأييد حسن نصر الله ومشاركة قواته في قتل السوريين وفلاشاته السريعة والمستطردة للأحداث في سوريا لا يوجد بها أي غرابة او ادنى علامة الاندهاش على الإطلاق بعد ان ظل حزب الله يعلب على ورقة القضية الفلسطينية أسوة بنظام طهران والاسد ودعم المقاومة ... مازالت تلك الأنظمة المستمدة بقائها من اخفاء الحقائق على الناس بلباس وعباءة الدين والمذهبية وتوزيع جرعات من السموم الطائفية مثل نظام ايران وحليفه حزب الله ونظام الاسد وتوابعهم في المنطقة ... هؤلاء يحملون نفس العقلية القديمة التي كانت في ثمانيات القرن العشرين مستغلين سلاح التعتيم الإعلامي وعدم انتشار فضائحهم وجرائمهم ضد شعوبهم .

لم تكن جرائم القمع السياسي وليدة الأمر واللحظة في سوريا فقد قتل نظام الاسد الأب حوالي 40 الف سوري في مدينة حماة في فبراير عام 1982م وكانت مجزرة مروعة بمعنى الكلمة وذهب ضحيتها المدنيين استمرت تلك المجزرة 28 يوما وقام نظام بشار الأب بالتعتيم الإعلامي على تلك المذبحه لكن هذه المرة لن يستطيع نظام بشار الابن اعادة الكره فقد تغيرت الظروف بشكل كبير ولم يعد بالإمكان تغطية الجرائم في عصر التطور التكنولوجي والانترت والفيس بوك ... ناهيك ان الحد الإئتماني لصبر الشعوب ومنها الشعب السوري قد نفذت وهي تشاهد تلك الأنظمة تتاجر بقضاياها كذبا وزورا لأجل الحفاظ على سدة الحكم ونهج الإستبداد .

المضحك عندما يتكلم حسن نصرالله عن العدو الإسرائيلي واستفادته من سقوط نظام بشار الاسد لا اعلم لماذا لا يتم التطرق والكشف لأسرار صفقة تسليم الجولان لإسرائيل وعن أسرار مجزرة حافظ الاسد في مخيمات الفلسطينيين في لبنان بمشاركة حزب امل اللبناني ذلك الجنين الذي خرج منه حزب الله ... تلك المذبحه الطائفية التي ذهب ضحيتها الفلسطينيين في المخيمات اللبنانية وقتلهم بابشع الطرق وأقذرها .... لماذا لا يتحدث حسن نصر الله عنها وعن ما حدث للفلسطينين في بغداد بعد 2003 م من اختطاف واستهداف طائفي وقتل مذهبي بدرجة امتياز بعد التغلغل الايراني عن طريق الاحزاب الشيعية وكيف تم التنكيل بهم فقط لان الفلسطينيين يحملون انتمائهم الديني والمذهبي ولا يدينون بولاية الفقيه كما يدينها الأمين العام حسن نصر الله ونذكره بعبارة ( ان لا عيش لكم في عراق الحسن والحسين) تلك العبارة التي خرجت من افواه القتل المذهبي ضد الفلسطينين و لدرجة ان ذوي القتلى في العراق من الفلسطينيين يتركون الجثث في المستشفيات خوفا من ان يكون مصيرهم مصير الجثث ... بعكس مناطق الموصل وصلاح الدين التي كان التواجد السني العراقي كافيا لحماية الفلسطينيين من التهجير والقتل .

لذا قضية فلسطين والقدس والدفاع عنهما أصبحت سلعة رائجة ووسيلة من وسائل التخفي وراء شعار الحرب العقدية التي تشنها ايران وأتباعها في لبنان وسوريا واليمن ومنطقة الخليج وأماكن أخرى ... من اجل التوسع في المنطقة حتى وان كانت الفاتورة إستباحة الدماء .

لا يغرنك عزيزي القارئ تلك الأقاويل والتصريحات وبعض المناوشات بين الحين والأخر من دعم لحماس وبعض الدعايا لأجل القضية الفلسطينة فالصراع بين ايران و أمريكا وإسرائيل هو صراع على المصالح والنفوذ ليس الا وما دونه غير صحيح .

فلذا كان لزاما على ايران وحلفائها استخدام جميع الأدوات والعمليات التجميلية وكسب تعاطف الشعوب العربية والإسلامية للحصول على مكاسب اكبر في المنطقة . يكفينا دليلا التناقض الحاصل من سياسيات ايران وحزب الله وحلفائهم وهم يدعون للامن والأمان والحفاظ على السلم الإجتماعي في رسائل عديدة للجوار و ما يحصل على ارض الواقع من ممارسات تجاه دول وشعوب المنطقة من شن حرب اعلامية وتعبئة المجتمعات في بعض الدول الإسلامية تعبئة مذهبية عقائدية من اجل مشاريع التوسع الفارسية تحت غطاءات ومبررات واهية ومزيفة طالما تركت دلائلها وراء كل جريمة تقوم بها وكان اخرها خلية التجسس في اليمن عبر الحراك في الجنوب وجماعة الحوثيين في الشمال .

وأقول لمن ينبهر بأقاويل المعممين من نظام ايران وحزب الله وحلفائهم.. كم قتل نظام الاسد (الأب والأبن ) وحزب الله والحوثيين من اليهود والأمريكان مقارنة بالمسلمين ؟ الإجابة على هذا السؤال تكفي لفضح الزيف .

حتى نحن في اليمن ايضا دخلنا دهاليز ايران عن طريق ما يسمى الحوثيين الذي ازكموا انوفنا بشعار قتل اليهود والأمريكان ولم يقتلوا سوى مسلمين يمنيين من أبناء جلدتهم ولم نرى أي قبائل أمريكية في اليمن قد تم قتالهم ولكن تلك هي الشعارات الرنانة التي تستخدم كعمليات التجميل والتزيين لمشاريع صناعة الموت .

هذا هو المذهب الصفوي في التاريخ الحديث منذ ثورة الخميني في 79م حتى الان تلك الثورة التي كان لها سلسلة مترابطة من الأهداف الغربية الأمريكية التي ساعدت في إخراج ثورة الخميني للواقع . نعم لا تستغربوا ثورة الخميني لها أهداف سياسية أمريكية – يهودية كان لها دورا كبيرا في قصم ظهر الأمة الإسلامية ... ومنها على سبيل المثال لا الحصر :

1- إدخال المنطقة العربية والإسلامية في حروب عسكرية وصراعات مذهبية وإشغال العالم الإسلامي والمنطقة في خطر التشيع الفارسي بالقوة ونشر القلاقل وإخضاع دول المنطقة تحت الولاء الامريكي والحماية الخارجية .

2- زيادة سوق مبيعات الأسلحة الأمريكية والغربية للمنطقة بإشعال حروب والدخول في حالة امنية غير مستقر بين كل فترة وأخرى وإيران رأس الحربة و اللاعب الرئيسي في هذه اللعبه .

3- زيادة التغلغل الإيراني في الدول العربية والإسلامية وخلق حالة من عدم الاستقرار حتى يتم التشتيت عن القضية الفلسطينية وكأنها امر ثانوي .

4- وجود دولة ايران بثورة الخميني وهي تحمل الإيدولوجية السياسية المذهبية والعدائية للعرب والمسلمين ضرورة أمريكية لتأديب دول الخليج ومصر والعراق على موقفهم من حرب 1973م. فعندما منعت صادرات البترول الى الدول الصناعية سبب ذلك شلل اقتصادي للغرب فكان لزاما من وجود من يقوم بدور المعاقب نيابة عن الغرب في حال الخروج عن بيت الطاعة الأمريكي .

5- وجود ايران بثورة الخميني سهل سيطرة الغرب وأمريكا بالتحديد على منابع الطاقة العالمية والممرات البحرية العالمية للطاقة مثل التسهيل لإحتلال العراق وأفغانستان و التواجد الامريكي والغربي في باب المندب وهرمز والسويس عبر البوارج الحربية وحاملات الطائرات فكان لزاما وجود مبررات لذلك من تهديدات وأخطار ولا يوجد أفضل من سياسية ايران في المنطقة واخرها التصويت البرلمان الإيراني لقانون إغلاق مضيق هرمز .

6- إيقاف كل دولة تظهر كقوة اقتصادية وعسكرية تشكل خطرا على الكيان الصهويني مثل ما حدث في العراق في جميع حروب الخليج الثلاث من تسهيلات ايرانية منقطعة النظير وما يحاك الان من تخطيطات إيرانية ايضا في خلق إشكالات سياسية ومذهبية عبر مسؤليين هنود بمعية باكستانيين في الحكومة الباكستانية من اجل تحقيق الهدف الخاص بتقويض قوة الدولة الإسلامية التي تملك السلاح النووي .

7- منع اليساريين الإيرانيين في الوصول للحكم في إيران والذين كانوا يقودون المعارضة في زمن الشاه خوفا من ربطهم علاقات مع الاتحاد السوفييتي حينها وإيصالهم لمنابع الطاقة.. ففي عهد رئيس الوزراء محمد مصدق تم نجاح انقلاب على حكم الشاه لكن الغرب احبط المحاولة .

أخيرا نجد ان سياسية ايران في خلق الأزمات والأحداث في المنطقة لم تكن سوى جزء من السياسة الأمريكية في صرف الأنظار عن خطر الكيان الإسرائيلي وعن القضية الفلسطينية فما بين الحين والأخر نجد حوزات قم في إيران تبعث لنا بمزيد من الرسائل عن طريق رفع شعارات التهديد و نشر الأفكار والعقائد الشيعية ذات الصبغة الفارسي في العالم الإسلامي وتثوير الأقليات الشيعة في الدول العربية والإسلامية وإخراجها من التخفي بأساليب التقية الى أدوات إستفزازية وعدوانية ضد مجتمعاتها ودولها ونرى نفس سيناريو حرب العراق والإيراني يتجدد بالمعادلة الفارسية فإثارة القلاقل وتوزيع الأدوار بين أكثر من لاعب في المنطقة يوحي اننا سوف نشهد عصر جديد من الصراعات قد يبدأ في أي لحظة تكون ايران لها الدور القيادي في إشعال الحرب في المنطقة عن طريق حلفائها .


في السبت 21 يوليو-تموز 2012 09:56:16 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=16586