صراع اليمنيين الجدد ضد بقايا الاستبداد
عمرو محمد الرياشي
عمرو محمد الرياشي

رغم زخم الحضارة اليمنية المعروفة وعبق تاريخها التي اشتهرت بها وكانت موطنا لأقدم الحضارات المزدهرة في العالم لكن ذلك لم يشفع لها في تحسين صورة اليمن الحالية ... فأصبحت اليمن رمزا وشعار للتخلف والفقر وعدم الاستقرار وهذه الصورة القاتمة والمظلمة في معظم جوانبها لم تـُـوصلنا الى ما نحن عليه اليوم الا بسبب العوامل السياسية بالدرجة الأولى التي انتهجتها الحقب السياسية المتعاقبة لحكم اليمن طوال عدة مراحل من تاريخ اليمن الحديث ...

جميع اليمنيين يتغنون بالماضي ويتوقون شوقا لإعادة حضاراتهم السابقة وأمجادهم الغابرة لكن التاريخ الذي نستقراء منه سطور ماضينا التي صنعها الأجداد لم يبقى منها سوى الآثار وما تتناقله الأحفاد .

فلم يبقى من حضارة اليمن سوى تاريخ نقراءه ونمعن كيف كنا وكيف أصبحنا فبعد ذهاب واندثار كل عوامل الرقي والنهوض بالإنسان اليمني باني تلك الحضارات .. نجد أنفسنا مجبرين على الوقوف لحظة صمت ونسأل لماذا وصل بنا الحال ماوصلنا به اليوم في اليمن ؟

نعم ان التاريخ دليل حجة علينا فحين حكم اليمن المخلصين من أبناءه شهدت أمجاد يشهد لها الجميع بقوتها وعبقرية من قاموا بها عبر دروب و محطات زمنية التحمت بالمكان والكيان اليمني .

فلوا تأملنا كيف سيطرت علينا الغفلة وهل ثمت أسباب جعلتنا نتوقف ونتمنى ان تعود بنا عقارب الساعة للوراء لننقب عن مأثر أجدادنا وكيف بنو حضارتهم وجعلوا من اليمن وشبه الجزيرة العربية تاريخاً يستحيل ان ينساه بنو البشر .

للأسف حمل القدر لليمن افسد أبناءه ليصلوا الى سدة الحكم فحكموا واغلوا في الفساد وتمادوا في لجم كباح التطور وقتلوا الولاء للوطن وللأمة وصادروا خيرات أمتهم لحساب أصنام صنعوها فعبدها الشعب .

بعد معارك الفكر ومصطلحات السياسة وأحزابها وتجارب من كان لهم دورا في القيادة ظهر بصيص من أمل فوصلنا لثورة جديدة بتضحيات ابناء اليمن .. لقد اثر التحول الثوري والتداخلات السياسي في نقل مشروع الفكر الوطني نحو بناء المجتمع والدولة على أسس صحيحة. وهذا اثار فزع البعض ورهبتهم من القادم وفقدان ما صنعوه من موائد البركة والثروة باسم الثورة والوحدة وانتزاع لحظات النعيم وتحولها الى جحيم فصنعوا محطات استراحة لوقوف الثورة اليمنية في محطة الإنتظار لتصل الى الإحتضار .

بالرغم من حصول بعض من التغيرات والتحولات السياسية والاجتماعية داخل اليمن وخارجه لكن تبقى الحسابات فوق كل شيء وتظل التدخلات الخارجية والمؤامرات هي عنوان كل ثورة في اليمن وهذا من تجارب اليمن التاريخية وليست اجتهاد شخصي .

قد يحمل البعض من قادتنا السياسيين طبعا المخلصين منهم فقط رؤية ايجابية في جعل السياسية مساعدا للتغيير والعكس لكن صراع اليمنيين الجدد رواد التغيير ان صح التعبير مازالوا في حرب ومواجهة مستمرة مع القوى التقليدية في المجتمع اليمني والتي تريد تطويع التغيير لمصحلتها فقط ... واعني هنا بعض المشائخ وسموم بقايا النظام ومن خلفهم قوى ما وراء البر والبحار ... فمازالت تلك القوى التقليدية تبرز وتظهر نفسها كمسيطرة ومتحكمة على سير الأوضاع في اليمن وتسيير وفق نهج يتبع مصالحها ومصالح حلفائها المموليين لها . تلك القوى التقليدية بجانب الحرس القديم وان اختلفت الوجهه لكل فريق تواصل بكل وسيلة لمنع وإيقاف استمرارية طموح بناء دولة مدنية تحمل مؤسسات فاعلة ومؤثرة في مسيرة بناء اليمن .

هذه القوى المتحزبة لمصالحها والمتحالفة مع أعداء اليمن ربما حملت مفاهيم جديدة ظاهريا لتتناسب مع التغييرات والتحولات الثورية لكنها تبقي في مضمون الحفاظ على الوصاية والتمهيد لمشاريع فئوية وعنصرية مقيته

المرحلة التي نعيشها في اليمن في كنف المبادرة الخليجية بالرغم من احتوائها على عقبات تقف في وجه الثورة وتقدم نفسها كمبادرة أمنية تخدم أجندة اقليمة في المنطقة لم تزل تلعب دور الحصانة الأبدية لاستمرار حلقات مسلسل فعاليات ومهرجانات القوى التاريخية المتنفذه والاستبدادية في سعيها بالعبث في مقدرات الشعب اليمني لإعادة إنتاج الماضي وان حصل تبادر للأدوار لتكريس دور إقصائي تحت مظلة الثورة .

ويأتي هذا في ظل الجمود الثوري بسبب تأخر المطبخ الرئاسي في اتخاذ بعض القرارات المفصلية لإيجاد بيئة مناسبة لخلق جو مناسب في حوار وطني مرهونا بمخاطر الفشل في وجود جيش غير وطني وجهاز امني يتبع مصالح أشخاص .

نحن لا ننكر ان اليمن مليء بكثير من التعقيدات خصوصا ان تبعات حكم علي صالح من وضح حجر الأساس لأكبر مشروع فساد واستبداد عرفه اليمنيون عبر التاريخ والتي جعلت من المرحلة الحالية مخاض عسر فمن الانشغال بإرضاء الخارج على نحو يخل بالسيادة الوطنية الى إمامة البطنيين واستمرار الفوارق والإمتيازات بين فئات الشعب اليمني وصولا الى الحمى الدينية والإلتهاب المذهبي والمناطقي الذي يستعر بين الحين والأخر وضياع المخلصين من ابناء اليمن بين ركام الفساد والمفسدين .

أخيرا من المعلوم الصعوبات الجمة التي تحيط بالرئيس هادي لكن واجبه الوطني يحتم عليه ان لا يقف محايد وعلى مسافة واحدة بين مصلحة اليمن وبقايا النظام لان الحياد يعني الانحياز ضد اليمن وضد شباب التغيير الذي ارخصوا دمائهم وأرواحهم في سبيل تحقيق العدل ورفض الظلم والعبث بالوطن .


في الثلاثاء 17 يوليو-تموز 2012 06:01:19 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=16542