|
التلذذ بمنظر الدماء مرض متمكن من القتلة, لا يستطيعوا العيش بدونه, لذا تتوجه الانظمة الدكتاتورية الى الاحتفاظ ببعض اولئك لاستثمارهم في ألاعيبها الشيطانية, وهو ما نراه اليوم في واقعنا اليمني. فقد قام نظام صالح بكل حلفائه السابقين والحاليين بتجنيد الشباب للجهاد في افغانستان, وعند عودتهم تم تقسيمهم الى فئات ثلاث هي: فئة منحت رتب عسكرية في المؤسستين العسكرية والامنية, فئة استخدمت في الحروب العبثية لنظام صالح وحلفائه, واخيرا فئة تم اعتقالها وأعادت تأهيلها في سجون الأمن ووفقا لاحتياجات النظام.
فيما يتعلق بجريمة السبعين البشعة هناك عدة مؤشرات تدل على وجود مؤامرة مدبرة, نلخصها بالاتي:
1- قبل ساعات من وقوع الجريمة تحدثت صفحة شافي جروحه في الفيس بوك عن مفاجئة.
2- لأول مرة يتم الإعلان وبشكل واسع وتفصيلي عن مرض صالح ورقوده في المستشفى, في حين يتم التكتم على اخباره خصوصا هذه الأيام.
3- انفراد قناة اليمن اليوم التلفزيونية التابعة لابن صالح, بالتواجد بالقرب من مكان الانفجار ونقل صوره.
4- صدور العدد الاول لصحيفة اليمن اليوم التابعة لنفس الجهة, اشتمل على معلومات تفصيلية عن منفذ مفترض لجريمة السبعين.
5- أظهرت معلومات الصحيفة ان المذكور محكوم لم تنتهي محكوميته.
6- هناك معلومات تفيد بأن مئات من أفراد الأمن المركزي ممن شاركوا في الاحتجاجات، تم إخراجهم من السجن للمشاركة في العرض العسكري.
7- اطلاق سراح عدد من المحكومين بتهمة الارهاب للمشاركة في مواجهة ثورة الشباب اواخر العام 2011م.
التساؤل المشروع هنا هو:
1) اذا كان المنفذ محكوما فكيف خرج من سجنه؟
2) هل هي مصادفة تواجد قناة اليمن اليوم في موقع التفجير, وانفراد صحيفة اليمن اليوم بالتعرف على الفاعل ونشر كل المعلومات عنه في فترة زمنية قياسية لا تستطيع أفضل الأجهزة الأمنية حتى تخمين الاحتمالات حول الحدث.
3) لماذا لم يذكر البيان المنسوب الى القاعدة اسم منفذ الجريمة, مثلما يحدث دوما؟
4) كيف امكن اختراق منطقة واقعة تحت السيطرة الامنية المشددة للحرس الجمهوري والامن القومي لا يمكن لأي عنصر غريب اختراقها؟
5) لماذا لم تحرك الجريمة رئاسة البرلمان, وعدم اعلان الحداد وتشكيل لجان للتحقيق؟
6) لماذا سارعت قيادات مؤتمرية مثل احمد الصوفي الى اتهام وزيري الدفاع والداخلية, وقيام المؤتمر بانتقاد حكومة الوفاق التي يشاركوا في نصفها؟
من وجهة نظرنا نرى بان جريمة السبعين تدخل ضمن إطار الجرائم المقصودة المنسوبة مباشرة الى القاعدة, ربطا لها بموضوع مكافحة الارهاب. لذا فهي تهدف الى إقناع المواطن بضرورة استمرار التنسيق الامني مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب والإبقاء على مؤسساته خارج الهيكلة المرتقبة. اضافة الى ذلك استمرار الضغط على المعارضة الدينية ممثلة بالاصلاح للقبول باشتراطات التنسيق الامني واستمراره بعيدا عن مطالبات الهيكلة. لهذا طالب عبده الجندي الناطق باسم المؤتمر بضرورة وجود إستراتيجية وطنية لمحاربة الإرهاب يقرها الجميع ويلتزم بها الجميع وتحدد الكيفية التي يجب فيها محاربة الإرهاب محاربة عسكرية وسياسية وأمنية وثقافية وإعلامية.
من جانب اخر فقد استثمرت الجهات التي تقف خلف الجريمة, فعلتها لتوجيه رسائل منها:
1- انها مازالت قادرة على التلاعب في مجريات الأمور والتأثير فيها.
2- انها تستبق احتفالها بذكرى حادثة الرئاسة على طريقتها بتقديم القرابين.
3- انها قادرة على التخلص من معارضيها بطرق شيطانية.
4- انها قادرة على تهديد قيادات المعارضة وعناصرها المؤثرة.
5- إظهار فشل حكومة الوفاق وعدم كفاية الفترة الانتقالية, لاستبدالها بصفقة جديدة.
ان قبول المعارضة بالتخلي عن هدف التغيير الحقيقي بالتغيير الشكلي, والتخلي عن الإمساك بزمام الأمور الى المشاركة فيه بصلاحيات منقوصة, وتجاهل مطالب شباب الثورة واهمال ساحاتها واعطاء نظام صالح الحصانة والوقت لاسترداد انفاسه وإعادة ترتيب اوراقه وخططه بكل الإمكانيات السابقة المالية والسياسية والعسكرية دون تدخل او اشراف او مراقبة أجهزة الدولة الحالية, ساعد تلك القوى على التلاعب بمقدرات الشعب والوطن ووضع الجميع تحت جحيم خططه الجهنمية. وبناء على هذه الرسائل فان على المعارضة النزول بسقف مطالبها الى ما تجود به عليها سلطات صالح وأذنابه وقبول اشتراطاتهم دون تطاول.
في الأحد 27 مايو 2012 05:23:01 م