الجنوب يضع الرئيس هادي على المحك
ماهر الشعبي
ماهر الشعبي

أضحى المأزق الأخطر في طريق الرئيس الجديد لليمن المشير عبدربه منصور هادي،ما يتعلق بقضية شعب الجنوب التي بدت في الأونة الأخيرة تتخذ اشكالا مختلفة من المطالب التي بدأت تتجه بعضها نحو حدة المطالبات الحقوقية، بعد ان قوبلت مطالب شعب الجنوب السلمية العادلة بالتجاهل وعدم الاهتمام. ولذلك يرى المراقبون اليوم أن عدالة القضية الجنوبية ومطالبات الحوثيين الحقوقية تارة والتمددية تارة أخرى، ونفوذ القاعدة على الأرض أضحت محطات امتحان حقيقة أمام الرئيس الجنوبي عبدربه منصور هادي، ومن خلال تعامله معها يمكن الحكم عليه بالنجاح او الفشل. ولكن الإجماع المحلي والخارجي يكمن في أن القضية الجنوبية التي ارتفع سقف مطالب شعبها اليوم،ـ تعد القضية الأبرز التي تضع هادي على المحك الحقيقي باعتباره ابن الجنوب وواحد من قيادته الذين طالهم الإقصاء والتهميش طوال أكثر من 30 عاما بدءاً من إقامته في الجمهورية العربية اليمنية وانتهاءا بالجهورية اليمنية.

والكل يعرف ويتذكر جيدا أن أبناء الجنوب، السباقون إلى النضال السلمي في المنطقة إذا ماعدنا بالذاكرة قليلا إلى عام 2007حيث التحول الاستراتيجي لأبناء الجنوب في مطالبهم الحقوقية السلمية المشروعة التي قوبلت بالقمع والتهم والسجن والاعتقال لتصبح كالسيل الهادر تزمجر بأناشيد الحرية والاستقلال بأعلى صوت ، بعد أن زادت معها رقعة المطالب وحدتها وصولا إلى المناداة الصريحة بفك الارتباط القادم من بين مواجع الظلم والقهر والإقصاء والتهميش.

ومن هنا زاد وارتفع وتواصل هدير ذلك الزخم الجماهيري والشعبي الأكبر من أي وقت مضى ،منذ "الاحتلال العسكري القبلي الهمجي المتخلف للجنوب" في حرب صيف العام94م ، ولتعم بعدها تلك الاحتجاجات والمظاهرات والمسيرات السلمية التي غدت شبه يومية، شتى إرجاء الجنوب، خصوصا بعد أن رفضت معظم القوى الجماهيرية والشعبية في محافظات الجنوب المشاركة في إجراء ما أسموها مسخرةً بالشعب اليمني "الانتخابات الرئاسية التوافقية" التي جرت يوم 21من فبراير بحجة أن هذه الانتخابات تعد مهزلة واستهتار بقضية الجنوب وخطرا محدقا بالقضية الوطنية الجنوبية، من شأنها طمس ووأد هذه القضية، حيث قال عضو المجلس الأعلى للحراك الجنوبي الكتور ناصر الخبجي الأسبوع الماضي في مطلع حديثه لجريدة المصري اليوم أن الجنوب يرفض الاحتلال الشمالي ولذلك لن نشارك في الانتخابات الرئاسيه لان الجنوب يريد عودة جمهورية اليمن الديمقراطية التي كانت جمهورية مستقلة ومعترف بها دوليا ، حتى العام 1990م عندما تم تشكيل جمهورية اتحادية مع الشمال لكن اليمن الشمالي حد تعبير الخبجي احتل الجنوب بالقوة العسكرية في العام 1994م ، ومن يومها والجنوبيين أولا وقبل كل شيء يطالبون بالحرية قبل الديمقراطية ، مؤكدا على أن الجنوبيين سيستخدمون كل الطرق السلمية لتحقيق ذلك، وانتهاء بإشارته أيضا إلى ان هناك توجها حقيقا لدى القوى والحركات والنخب الجنوبية لتصعيد قضيتهم خلال الأيام القليلة القادمة .

ولكن ورغم كل هذه التحديات التي تواجه هادي، فإنها بالنسبة للدكتور ابوبكر القربي وزير الخارجية اليمني ليست مخاوف حقيقية، وفق ما قاله لذات الصحيفة المصرية وبنفس العدد، حيث أكد عدم وجود أي مخاوف من عودة انفصال الجنوب عن شماله كون غالبية الشعب والمجتمع الدولي والقوى الاقليميىة مع الوحدة التي قال انها ضمانا لأمن واستقرار اليمن ـ معتبرا أن الحراك الجنوبي ليس إلا واحدا من الأطراف المدعوه للحوار الوطني الذي سيتم عقب الانتخابات، وما يتضح بجلاء من خطاب السيد أبوبكر القربي الذي يتكى على دول الإقليم والمجتمع الدولي دون النظر إلى الحلول أو الإلتفات إلى عدالة القضية الجنوبية، قضية الشعب الجنوبي الحر الأبي الصابر منذ أكثر من 20 عاما على الظيم والإذلال والتجويع والتشريد والتركيع، بعد أن أنهكه قهر الطغاة الجدد وهوان الغزاة الأشقاء، وتحمل كل ويلاتهما عليه وعاش معزولا عن العالم تحت وطأة "احتلال قبلي عسكري متخلف" وهو الذي قهر الإمبراطورية العظمي التي لاتغرب عنها الشمس وهي في أوج قوتها. في حين أن مايزيد القهر مرارة أن كل دول المنطقة والجوار والعالم لايأبهون لقضية الشعب الجنوبي وينظرون اليها بتلك النظرة التي أشاد بها القربي في سياق حديثه للمصري اليوم ، منتهجا من خلالها وبكل ثقه نفس السياسة الغوغائية التي مارسها نظام الرئيس علي عبدالله صالح طوال الفتره الماضبيه في تعامله مع شعب الجنوب.

في الجنوب اليوم ثمة حاجة ملحه الى إجراء حوار جاد وشفاف يتم طرحه علانية والتعبير عنه بجدية ورصانة يكون من شانه الحل الحقيقي والجذري لهذه القضية على أساس الإجماع الجنوبي وترك الخيار له في تحديد نصيره بنفسه وليس حوارا من أجل الحوار وتضيع الوقت في مزيد من الوعود الكاذبة على شعبنا ، كما أنه يجب عدم التقليل او تجاهل مثل هذه المطالب التي ليس بمقدور كان من كان تجاهلها.

هناك طريقين متوازيين يسيران جنبا الى جنب يتخذ الأول طريق فك الارتباط عن حكومة الشمال وهو الرأي الغالب والسائد هنا والذي يحضى بالسواد الأعظم رغم معارضة بعض القوى في الشمال وكذا المجتمع الدولي الذي يدعم يمن بقيادة عبدربه منصور على الأقل في الوقت الحالي اما الاتجاه الأخر هو تشكيل اتحاد فيدرالي بين شمال وجنوب اليمن تحت حكومة مركزيه في صنعاء تتكون من اقليمين شمال وجنوب وهذا المطلب الذي تحتضنه معارضة الخارج بقيادة الرئيسين علي ناصر وحيدر العطاس وكذا عدد من النخب سواء في الشمال او الجنوب ممن صاروا يخشون من الانفصال بغية البقاء تحت مضلة واحدة وبالتالي فإن الفيدرالية خيار أهون مرارة عليهم من فظ الارتباط الذي يحتل مساحة كبيرة بين جماهير الجنوب.

ووفقا لهذه الضبابية التي تسعى بعض الأطراف إلى تعقيد مصير قضية شعب الجنوب في اتونها نقول لكل من يعلم او لايعلم بظواهر وبواطن الأمور أن عليه التبصر بعمق والتفكير جليا بخطورة وصعوبة المرحلة التي يمر بها أبناء الجنوب بصورة خاصة ووضع اليمن ورئيسها الجديد اليوم من تحديات جسيمة بصورة عامة، لأن الظلم والاستبداد وطمس الهوية والتاريخ والجغرافيا وتحويل أرض الجنوب الى ملاذ للفيد وجمع الثروة تصرفات هوجاء لاتنسجم مع شرف وقيم الوحدة الحقيقية،بينما يعيش أبنائه تحت وطأة حكام عسكر جاثمين على صدورهم منذ قرابة20عاماً.

Mahershabi@hotmail.com


في السبت 25 فبراير-شباط 2012 05:07:39 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=14074