لست انت .. يا حراك
كاتب/مهدي الهجر
كاتب/مهدي الهجر

أما الحراك الجنوبي الحر ، فلسانه صوتنا ، وأيادينا في يديه ، وقضيته همنا ، وغضبته ثورتنا ، أساسه أخلاقي ، ونحن منه ، ومعه ، وإليه ، على الصدر الدافئ والحنون لأمنا اليمن نلتقي..

لكن هذا يختلف ..

هذا ليس أنت يا حراك ، ما نشاهده الآن ونسمعه لَمُختلف جدا ، بل غريب الوجه واليد والقلب واللسان .

وُلد الحراك الجنوبي فكان من لحظته الأولى براً وكريما ، ثم سار بشجاعة يناضل ضد الظلم والفساد ينشد العدل والمواطنة المتساوية ودولة المؤسسات .

رحب به الجميع وبارك حركته الاحرار في كل زاوية من اليمن واستلهموه مدرسة في الحرية والكرامة والمضاء.

منذ البدايات الاولى وفي كل منعطف للمسار السياسي للجمهورية اليمنية الكيان الجديد الجامع الذي انصهر فيه شطرا اليمن والعقلاء في هذا الجزء الشمالي يُسرون تارة ويُعلنون أخرى بأن ما يجري في الواقع وعلى الأرض مخالفا للمنشود ولما يجب أن يكون ..

ثمة اختلالات كبيرة وجوهرية حاصلة على المشهد العام جملة ، وهي وإن كانت على المحافظات الشمالية مزمنةوتفوق في الكم والكيف الا أن وقعها وأثرها على المحافظات الجنوبية أشد وأنكى ، فالجنوب جاء بدولة وأرض وذاب بحب وطواعية في كيان ومسمى آخر ، على آمال عظيمه تكونت ونمت فيه منذ وجد نفسه حُرا ابيا .

نعم ....لم يكن منا .... إخوانكم في المحافظات الشمالية ، فكلنا كنا في الهم سواء كحال المنطقة العربية عموما... ..

وقد كنتم تقولون ونتفق معكم أن القضية ليست مع الوحدة إنما تجاه الظلم والفساد والاستقصاء وعقلية الفيد ، فإن عبستم قليلا فبشأن لماذا تأخرنا ولم نخرج الى نصرتكم ؟

وحينما استوت الارض وتهيأت الاسباب رأيتم عمليا حقيقة موقف إخوانكم في المحافظات الشمالية تجاه الوضع برمته وحيث كانت الأولوية للقضية الجنوبية .

ولما علم الحراك الجنوبي الحر وهو يرى صدق نوايا إخوانه في المحافظات الشمالية تجاه قضيته وتجاه غيرها ببراهين دمائهم شلالات ، واشلائهم تتطاير ، والمحرقة التي تُخبر هي عن حالهم ، عطف الدم على الدم والاخ على أخيه وأعلن الحراك على لسان امينه العام انه تقديرا ووفاء لثورة التغيير ودماء الشباب (اسقطنا شعار فك الارتباط ) .

نعم من جديد ومرة أخرى ... إن كان من فضل للحرية التي تنسمها شعبنا منذ امد فمرده بعد فضل الله للجنوب ، وإن كان بشأن الوحدة فمرده للجنوب ..وحتى الربيع اليمني فبذرته كانت لأحرار الجنوب .

**** ****

صبرنا معكم وصابرنا وكان أنيننا لوجعكم أكثر منه لجراحنا ، فلما فار التنور ، وبلغ السيل الزبى رأيتم كيف نفرتنا ، وكيف صدق الله شبابنا ونساءنا وحرائرنا ثم كيف صدقوا إنسانهم وأرضهم ، وكيف وكم كانت قضية الجنوب في أعماقهم ؟ وقد تمثلوها شعارا وهتافا ومسيرات ، واعتصامات سلمية ، حتى عمدوها بدمائهم ، وصنعوا لها برواز من مزقهم واشلائهم ، في اعظم لوحة جمالية شهدها الانسان 

أبعد هذا الحال ، وبلوغنا هذه النقطة ، يظهر فجأة بحدة ونزق من يُغبِّر في وجهي ، وينفر مني ، في قسوة لم أعهدها ، ومغايرة حادة كأن ما تفصلنا محيطات ، ومعتقد ، ووجه ولسان .

ليس ذنبي إن فعلها غيري في وقت مُكبلتا يديًّ وفمي مكمم ...فلماذا علي التبعة وأنا لم يحملني يومها الوسع .

وهل يصح في الاذهان أن يتبرأ الناس ويحملون على الاسلام بسبب فجور وخطأ وقسوة بعض ابنائه الذين تعارض سلوكهم مع قيمه واحكامه .

على من تقع التبعة اليوم في تخلف العرب والمسلمين ، هل عليهم أم الاسلام عينه ؟

وعندما اسقطوا غدرا الخلافة العثمانية ، أكانت تستحق بمزاعم مبررات ما فجروا ؟ أم كان أمرأ آخر دُبر بليل على حين غفلة وشهوة ، أرادوا به قبل الارض الاسلام ، ثم الإنسان قبل الخيرات ، وثأرا من قرون ومحطات تاريخية .

الحال نفسه بين الوحدة كمبدأ وقيمة وفجور بعضنا تجاه بعضنا ..فعلى من يقع اللوم والتبعة .

*** *** ***

هذا ليس أنت يا حراك !! ولا تلك سيماك ، ولا هذه دندنتك ..

على يقين والشواهد حاصلة بأن ثمة قرصنة حصلت في الطريق ، واتجهت بعد أن غلّت يديه و ارتداء ثوبه وعمامته الى خدمة أهداف إقليمية .

ما يجري اليوم أمر بعيد عن الحراك الجنوبي الحر الذي انطلق من على أساس أخلاقي .... فهل في قطع الشوارع ، وإحراق التايرات والقمامة بصورة تؤذي وقلع كنبات الكهرباء ، وتكسير اللوحات على مختلفها ، وإفساد كل مظهر جمالي في الشوارع ، يكون لاتجاه حضاري ، ونَصَفَة لأبناء الجنوب ؟

أعندما تتم الغارة على محلات وبسطات وعربات ابناء المحافظات الشمالية يتم الانتصار للقضية الجنوبية ، وينطلق الحراك نحو مشروعه العادل ؟.

وعندما يتجه هذا الغريب الذي لبس ثوب الحراك وتمنطق حزامه الى إحراق الساحات للثورة ، ويجبر أصحاب المحلات والمنشآت التجارية على غلقها وإلا سيحرقها ، ثم ينشر الفوضى والرعب في الحارات والشوارع يكون قد قام بدور نضالي يذكر نحو قضية عادلة ؟

الحق أنه مالم يكن هناك أساس اخلاقي لعمل جماعي ما فمآله يفترس نفسه ، ويُلَقِّيه الله خبثه وكيده ، وينتهي في طور مراهقته ..

ماذا يعني هذا النوع من النشاط والظهور المفاجئ لهذا النمط من الحراك في مواقيت بعينها تكون الحاجة إنتهازية لصالح طرف إشتهر بهذا النوع من التكتيك ، ويختفي هذا النمط وأنشطته عندما تستدعي انتهازية هذا الطرف بعينه ذلك ؟

الأهم في هذا الأتون التماهي بين هذا النمط الحراكي والحوثيين وإطلالة إيران على المشهد وفي هذا الجزء الجغرافي تحديدا .

بطبيعة الحال فإيران لا تزايد أو تُتَكتك ، فلديها استراتيجية عميقة لا يمكن لخفيف احمق أن يقرأها .

فهل سيكون هذا النمط الحراكي المختلف مطية اخرى لإيران بالتوازي مع الحوثيين في إحكام السيطرة على منطقة الجزيرة والخليج وقاعدة انطلاق للانقضاض على العربية السعودية ... أو ربما الجغرافيا البديل لسوريا التي من المؤكد مغادرتها إيران ومعها لبنان تباعا ؟

للتأكيد فلسنا ضد الحراك الجنوبي الحر الذي جاء وسطا في الناس يحمل هما أخلاقيا ، وقضية عادلة ، فنحن للجنوب ومع الجنوب وفداء للجنوب وتبعا للجنوب ، نخالطه دما وقربى ، وهماً وألم .

أما هذا والذي يدفعنا لمغادرة (واعتصموا ) ويهم بأن يعقر الناقة ، ويقتحم العقبة ، فنحسبه عنا غريب في الوجه ،واليد ، والقلب ، واللسان.


في الإثنين 20 فبراير-شباط 2012 12:43:05 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=13905