''جند السماء'' فيلم جديد بإنتاج عراقي وإخراج أمريكي
علي الكاش
علي الكاش

كان الوقت فجراً يوم التاسع من شهر محرم الجلل والشمس على وشك التهيؤ للخروج بأشراقتها الكاملة لترسل شعاعا يضئ وادي الرافدين أووادي الظلام لشدة حلكة الظلام الذي يلف به من كل صوب، وحاولت الشمس بشروقها ان تبشر العراقيين بأنه يوم مشمس ليس للرياح أوالزوابع الرعدية أوالبرق مجالا لممارسة نشاطاتهم الشتوية .

ولحظات مع خروجها حتى انقشعت السماء بأصوات وهدير لم يشهده العراق من قبل فقد كانت مركبات أشبه بالأطباق الطائرة ترسل أصواتها خارقة أصحت الموتى في قبرهم سيما وان الأمر كان قرب مقابر النجف كانت هذه الأطباق أشبه بحبات الشكولاتة ذات ألوان زاهية وبراقة وأحجام مختلفة وأشكال مختلفة أيضا ملئت سماء النجف وكانت تسير بسرعة مهولة وتتقاطع فيما بينها دون أن تصطدم مما يؤكد عظم تقنيتها واستخدام أفضل الأساليب التقنية التي لم يتوصل البشر لها بعد، كان الناس مشدوهين ورؤؤسهم معلقة الى السماء وهم يتساءلون ما هذا الأمر العجيب سبحان الله؟ هل هناك علاقة ما بين عاشوراء وهذه القوات الغريبة، وآخرون بدءوا يعلنون أنها قوات المهدي التي ستملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جوراً فقد تحقق هدف الميليشيات المسلحة في رفع مستوى الجريمة والرذيلة والكفر بما يدفع الأمام المهدي للخروج، فقد وصل العراق إلى اعلي مستوى في العالم من أعمال العنف والإرهاب والقتل والتهجير والتسيب والنهب والسلب والزنا وتجارة المخدرات وضياع الدين والدنيا وهذه مبررات قوية لظهور المهدي وقامت النساء بالزغاريد لهذه البشرى الكبيرة أنهم جند السماء طوبى لنا وبدأ الناس يتبادلون التهاني، ولكن الأمر لم يستغرق طويلا حتى بدأت هذه الأطباق بإرسال آلاف المقاتلين من المظليين المدججين بكافة الأسلحة الليزرية وكان قائد الحملة يوجه القوات بقلم ليزري وخارطة ليزرية على المناطق المحيطة بالنجف، وما أن هبط هؤلاء في منطقة الزرقة حتى بدأ الناس بالخوف والهلع فقد كان هؤلاء المقاتلين ذوي أشكال غريبة ومعاذ الله أن يخلق مثلهم فقد كانوا كريهوالشكل والرائحة ولهم أنوف تتجاوز احناكهم وأذان تشبه آذان الحمير وعيون دائرية لا توقف حركتها ولا يغطي رؤؤسهم الشعر، فهرع الناس إلى بيوتهم توجسا وخوفا بانتظار ما سينجم.

دقائق معدودة وبدأ صوت إطلاق الرصاص والمدافع يملآ الأرض ضجيجا وكان الصراخ والعويل يصل أعنان السماء ورائحة البارود تنتشر في كافة المنطقة وتحول النهار إلى ليل وكان هدير الطائرات وأصوات الصواريخ تنعق بشكل متواصل منبئة بمعركة هائلة تجري بين جند السماء وجند الأرض على ارض وسماء النجف الاشرف والكل يخشى من الزائر الغريب وكيف سيتصرف مع أهالي النجف خصوصا إذا لم يكمن من محبي آل البيت!! أنها الكارثة حتما ان كان من بني أمية اومروانيا كما يصف عبد العزيز الحكيم أعداء آل البيت اومن النواصب كما يطلق عليهم مقتدى الصدر، بحكم طبيعة البشر فالهاجس من الموت كان شاغلهم الأول، ولم يتمكن أحدا من أخراج رأسه ليشاهد المعركة خشية من الليزر فوقوعه على العين كفيل بإطفائها كما قال العلماء، شيئا فشيء بدأ الهدوء يبسط نفوذه ويبدوإن وطيس المعركة قد خف أوأنها على وشك النهاية، وفعلاً بعد سويعات سمعوا أصواتا عراقية تقول ابشروا يا أهالي النجف الكرام فقد انتصر الحق على الباطل بقوتكم ومثابرتكم ووقوفكم معنا لمحاربة قوى الشر والطغيان، أعلنوا ان جند من السماء حاولوا الاعتداء على عتباتكم المقدسة وربما سرقتها ونعتقد انه من بني أمية، ولكم بحمد الله وشكره والمساعدة الكبيرة التي قدمها لنا شركائنا في الوطن من الأمريكان القينا بهم إلى التهلكة وكان النصر حليف محبي آل البيت الكرام، وذكر محافظ النجف انه رأى بأم عينيه آل البيت وهويقاتلون مع الأمريكان وقوات الجيش العراقي ضد جند السماء مرتزقة بني أمية الأذلاء، وبشر الجميع بأن قائد قوات جند السماء قد قتل في المعركة، وبعد ساعات رجع الناس الى مزاولة أعمالهم رغم ان الجثث كانت تملأ الأرض ولم تكن جثث جنود الأطباق كما تصوروا لقد كانت جثث أخوان لهم من محبي آل البيت والدليل الخرق الخضراء التي شدوا بها أيديهم كالأساور والعصابات التي شدوا بها جباههم إضافة الى الرايات التي تمجد الأمام الحسين (ع) وكانت ملطخة بدمائهم، فتعجب الناس مما شاهدووما زالوا في حيرة من أمر جند السماء لحين هذه الساعة.

ان القصة أوالقصص التي تحدثت بها الحكومة العراقية عن مأساة جند السماء لم تكن أقل سخافة من القصة التي اخترعتها حول حقيقة المعركة التي جرت بين القوات الأمريكية تساندها قوات بدر وميليشيا المهدي ضد عدد من محبي آل البيت من عشيرتي الحواتمة والخزاعل وهما من العشائر العراقية العربية الأصيلة إلى رفضت ان تمد يدها لمصافحة قوات الاحتلال ورفضت كذلك ان تصافح ممثل إيران الرسمي في العراق عبد العزيز الحكيم، أوتبارك خطط ولي أمره الخامنئي في تقسيم العراق، فهي من العشائر الرافضة أصلاً الوجود الإيراني في جنوب ووسط العراق، لذا فما انتهت المعركة المزعومة وتمكن عددا من إفراد العشيرة من الهروب حتى ظهرت الحقيقة كاملة لتبين بطلان رواية الحكومة والأمريكان ولتثبت بأن هذه الحكومة الهزيلة التي تستخدم وسائل الرعاع والمجرمين في معالجة الأوضاع الأمنية غير جديرة باعتراف عربي أودولي لها فهي أعجز من أن تحيك رواية سخيفة حول جند السماء أوان تفرض الأمن في غرفة مساحتها تسعة أمتار اغتيل فيها الرئيس العراقي السابق.

لم تكن المعركة كما صورتها الحكومة العراقية بأنها معركة ضد القاعدة أوالإرهاب أوأزلام النظام في رواياتها المتعدد كالعادة، فقد أدعى نائب محافظ النجف عبد الحسين عبطان بأنهم جماعة القاعدة، ثم عدلها الى أزلام النظام البعثي ولم تكن كما أدعت وكالة الأسيوشتيدبريس بأنهم مجموعة من المسلحين من طائفة شديدة الحماسية سمتهم جنود السماء، ولا أيضا كما ردد مسئولون امنيون عراقيون بأنهم متطرفون من السنة والشيعة إضافة إلى مقاتلين أجانب كان في نيتهم قتل المراجع العظمى الأربعة، لم يكونوا سوى جماعة بسيطة من محبي آل البيت جاءوا بموكبهم فجراً للمشاركة فى هذه المصيبة الكبيرة وليتعرضوا لمصيبة أشد هولاً منها في زمن الحرية والديمقراطية وحماية حقوق الإنسان؟ ويبدوان السيطرة التي واجهتهم عند مشارف مدينة النجف كانت تضم عدد من قوات بدر الذين كانوا يكنوا كرهاً كبيراً لعشيرة الحواتمة المعروفة برفضهم الوجود الإيراني البغيض في جنوب العراق ووسطه كما أنهم لم ينسوا رفض رؤساء العشيرة الوقوف إلى جانب ممثل إيران الدائم في العراق عبد العزيز الحكيم بل أنهم وجهوا إليه انتقادات قاسية وبعضهم رفض حتى اللقاء به، فكانت الفرصة مواتية للانتقام سيما وان السيطرة كانت خالية من الأمريكان مما يساعدهم على ترويج أية رواية وهذا ما حدث فعلاً، وطلب بعض إفراد ميليشيا بدر من شيخ العشيرة سعد نايف الحواتمة وزوجته التي كانت ترافقه بالترجل من السيارة لكن طلب مساعدته لأنه مريض وكبير السنً للتوجه إلى مسافة أقرب من منطقة التجمهر، وبعد أخذ وشد أطلق عدد من إفراد الميليشيا النار عليه فقتل مع زوجته وسائقه، وهنا تبادل أبناء العشيرة أطلاق النار مع ميليشيا بدر التي ساعدتها ميليشيا المهدي ونجمت معركة ولعجز أفراد الميليشيا من الوقوف بوجه أبناء العشيرة الثائرين والذين تراصف معهم أبناء عشيرة الخزاعل بعد أن تبين لهم عدوان قوات بدر على حليفتهم عشيرة الحواتمة، مما حدا بقوات بدر بالاستنجاد بحلفائهم القوات الأمريكية مروجين ان المدينة تشهد هجوماً كبيرا من قوات القاعدة، وفعلاً قامت الطائرات الأمريكية من نوع أف 19 وأف 16 وأي 10 تصاحبها عدد من السمتيات بشن هجوما جويا غادراً على أولئك البسطاء الذين كان سلاحهم من البنادق الخفيفة والمسدسات فقط واصطحبوها معهم مخافة من الطريق سيما وان المسيرة كانت ليلا ولليل مخاطره في العراق الديمقراطي الجديد، ويبدوان الطيارين اعتقدوا أنهم على عتبة الحرب العالمية الثالثة فقد قصفوا منطقة البساتين بقنابل تزن (500) رطلا وهناك من يجزم ان أعتده محرمة قد استخدمت في المعركة التي اقتصرت على القوة الجوية وليس المواجهة البرية ويبرر هذا الاستدلال ان القوات الأمريكية منعت كافة وسائل الأعلام حتى الأمريكية نفسها بالاقتراب من منطقة الجريمة، وفي الوقت الذي تمكن فيه أحد الصحفيين من التقاط بعض الصور للقتلى فأنه قتل شر قتلة واختفت الصورة والمستمسكات التي معه. كانت القوات الأمريكية قد اكتشفت الحقيقة ولكن بعد فوات الأوان ولم تكن تتوقع ان جند السماء كانوا من الناس البسطاء كما تدل ملابسهم وأسلحتهم البسيطة وإنهم كانوا يصحبون زوجاتهم وأطفالهم التي تمزقت أجسادهم الطرية وتناثرت على أرض الجريمة، وتفاجئوا عندما عرفوا أنهم من الطائفة الشيعية من خلال الأعلام واللافتات التي كانوا يحملونها وتمجد الأمام الحسين (ع) ولم يكن معه من عرب الجنسية كما زعمت قوات بدر أنهم عراقيون وعراقيون فقط! ولكن ما في اليد حيلة ولا بد من قبول رواية الحكومة التي حاكتها بخيوط العنكبوت، لقد بشروا الرئيس بوش بهذه الواقعة الجسورة وهوفي موقفه الضعيف بأمس الحاجة إلى ما يبرر إستراتيجيته الجديدة؟

هناك الكثير مما ستكشف عنه الأيام ومن المؤكد أنها ستكون فضائح كبيرة تزكم أنوف الأمريكان وصنيعتهم حكومة المنطقة الخضراء، ولكن الذي في اليد يكفي لإدانة هذه المجزرة البشرية الجديدة، فالتضارب الذي جرى بين المسئولين العراقيين أظهرهم كأطرش في الزفة فقد كان هناك ضعفا كبيراً في روايتهم حول حقيقة المهاجمين وعددهم وجنسياتهم وعدد ضحاياهم وعدد الجرحى والأسرى وقائدهم فقد سماه علي الدباغ الناطق باسم المالكي (احمد ابن الحسن) في حين اعترض نائب محافظ النجف معتبراً انه (ضياء كاظم عبد الزهرة)وكان ضابط مخابرات سابق أما وزيرا الداخلية والأمن فسماه (سامي أبوقمر) و(علي بن علي) المصيبة عند الحكومة العراقية أنها ذكرت بأنها كانت تراقب هذا التنظيم الإرهابي الجديد وتعرف نواياه وتحركاته، ولكن التشويش الذي ظهر في تصريحات المسئولين يجافي هذه الادعاءات، كما ان هذا المفهوم أشبه بجنده فقد هبط أيضا من السماء دون أن يعرف أي عراقي بما فيهم المسئولين الأمريكيين والعراقيين مثل هذا التنظيم المزعوم أويسمعوا به قبل خلق هذه الرواية العجيبة، ويتندر البعض بأن مستشار الأمن القومي عندما أبلغ بهجوم جند السماء، ردً عليهم هل في السماء جنودا ليهجمون علينا؟ ثم تساءل هل يحملون سيوفاً أم بنادق؟ فلما علم بنادق قال لعلهم مظليون أمريكيون فهم لا يخبروننا بفعالياتهم العسكرية مسبقا؟

الأمر المفزع هومحاولة شد انتباه الطائفة الشيعية بأن جند السماء كما أستهدف أجدادهم الأمام الحسين فأن أحفادهم يبغون قتل المراجع العظمى الأربعة، ويبدوأن هذه الحكاية لا تقل سخافة عن غيرها فكما يقول المثل حدث العاقل بما لا يعقل فأن صدق فلا عقل له، هل يمكن لمجموعة لا تزيد عن (200-300) شخص إن تقوم بمحاولة اغتيال المراجع الأربعة معا بهذه الأسلحة الخرقاء والإمكانات الضعيفة، بحيث ان أمرهم كشف أمام أول نقطة تفتيش صادفوها في طريقهم؟ كما أن المراجع الأربعة يسكنون في مناطق مختلفة وتحت حراسة أمريكية وإيرانية مشددة بل ان مقر إقامتهم مجهول باستثناء أبنائهم فكيف يمكن الوصول إليهم واغتيالهم بهذه السهولة؟ وهل يمكن لمجموعة اغتيال وعلى سبيل استعراض كافة الاغتيالات التي جرت منذ بدء الخليقة ولحد الآن تقوم مجموعة الاغتيال باصطحاب نسائهم وأطفالهم عند تنفيذ العملية ليقتلوا معهم؟ وهل يمكن لفرق الاغتيال هذه إن تصحب معها كهول بما فيهم قائدها الشهيد سعد الحواتمة لتنفيذ مثل هذه العملية الجريئة؟ ولماذا اختار جند السماء يوم عاشوراء بالذات لتنفيذ الاغتيال سيما وان قوات الاحتلال والقوات العراقية كانت في حالة طوارئ وفرضت تسعة انطقه أمنية لحماية العتبات المقدسة؟ ألا كان من الأجدر تنفيذها قبل أوبعد انتهاء المراسم وانسحاب القوات من المدينة؟ أن المنفذين كانوا من المسلمين أولا الذين يفهمون الأشهر الحرم ويحترمونها ومن الشيعة الذين يعرفون قدسية يوم عاشوراء ثانية فعلام اختاروا هذا اليوم الذي من شأنه ان يثير حفيظة جميع المسلمين ضدهم؟

يبدوإن المالكي والرئيس بوش كانا من أكبر المستفيدين في فبركة هذه القصة فبوش كان في الزاوية الحادة بعد الانتقادات اللاذعة التي وجهت لأدارته في حرب العراق، ولم يسبق لرئيس أمريكي أم انتقد بمثل هذه المرارة وتعرض إلى هذا النوع من السخرية، فقد حاول الفرار من لعبته بعد أن صرح بأن مهمة سحب القوات الأمريكية العراقية سيحددها الرئيس القادم لبلاده، مما حدا بالمرشحة البارزة هيلاري كلينتون بأنه تصف الأمر بالحماقة معتبرة أنها وسيلة سخيفة للتهرب من المسئولية عندما يورث رئيس ما المشاكل التي اختلقها خلال حكمه إلى خليفته؟سيما بعد أن رفع مجلس الشيوخ قراراً يمنع الرئيس من إرسال قوات إلى الخارج إلا بعد موافقة الكونغرس، علاوة على أن المخصصات المالية لتمويل القوات الحالية والإضافية في العراق التي طلبها بوش ما تزال تلقى اعتراضات في الكونغرس، ورغم وصول بعض هذه القوات والمباشرة في بعض المهام التخريبية فأن معدلات العنف أخذت تزداد بشكل مضطرد لم يسبقه مثيل ونفس الأمر للخسائر في القوات الأمريكية فقد بدأت المروحيات تتساقط كالذباب على أيدي المجاهدين، مما يقدم دلالة واضحة على عدم جدوى الزيادة في القوات الأمريكية أوتطبيق خطط أمنية جديدة، وفي مثل هذا الجوالمغبر كان الرئيس الأمريكي يبحث عن نسمة هواء تنعش موقفه أمام الكونغرس، فقدمها المالكي له على طبق من ذهب، فقد عزز من مخاوف الرئيس بوش أمام شعبه بأن القاعدة تشكل تهديد خطير لبلاده وإنها تتلون وتتخذ أشكالاً هلاميا مما يعطيها أبعاداً اشد خطورة كما جرى في معركة جند السماء، لذا كان أول رد فعل له ان صرح " أن العراقيين بدءوا يظهرون بعض التقدم" والحقيقة انه كان من المفروض أن يغير جملته كالتالي " لقد بدأ العراقيون يتعلمون الأكاذيب الأمريكية ويتقونها بشكل متقدم "؟

المالكي لم يكن أقل خيبة من ولي نعمته بوش فقد كان في وضعاً لا يحسد عليه فهولا يعرف كيف يتصرف بشأن تفكيك الميليشيات وأن أعذاره قد انتهت أمام الحقائق اليومية فهوغير قادر كما بينت الوقائع أن يفكك الميليشيات التي أقعدته على كرسي الحكومة، وان الأمر كما وصفه سابقا " يعتبر انتحارا له" كما ان قوات الحكومة لم تتمكن من تجاوز مداهمة المناطق السنية إلى المناطق الشيعية فقد كانت معارك مناطق الفضل وحيفا والأعظمية أفضل دليل على ذلك في حين بقيت المناطق الشيعية الموبوءة بفرق الموت والأجرام والميلشيات المسعورة تعمل بشكل طبيعي كأن شيء لم يكن، رغم أداء المالكي بأنه سوف لا يفرق بين منطقة سنية وشيعية وسيضرب الجميع بيد من حديد، ولكن يبدوإن يد الحديد كانت فعلاً في مواجهة المناطق السنية أما المناطق الشيعية فكانت تضرب بزنود الست (حلويات)، ولكن الموقف لا يمكن ان يبقى هكذا فلا بد من توجيه ضربة ما إلى إحدى الفصائل الشيعية مع استبعاد الأشقاء في جيش المهدي والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية وحزب الفضيلة وحزب الله فرع العراق أوأي حزب له أنصار يمكن أن يؤثروا في العملية السياسية المشلولة، فالرئيس الأمريكي والرأي العام الأمريكي ينتظرون من المالكي خطوته القادمة، فجاء موكب الحواتمة ككبش الفداء وهويجهل عبث القدر الذي يسير باتجاهه؟

من جهة ثانية بدأت فضائح جريمة أخرى تطفوعلى السطح السياسي العراقي وهي جريمة أخرى تضاف إلى سجل المالكي الذي سيدخل موسوعة جينيز للأرقام القياسية بالانتهاكات التي ارتكبها ضد الشعب العراقي، فقد كشف عن كتاب أصدره مجلس الوزراء برقم (147) في 14/1/2007 يحمل درجة سري وشخصي ومستعجل يتحدث فيه عن مكالمة هاتفية أجراها مع مقتدى الصدر زعيم ميليشيا المهدي ومداولة أجراها مع مستشار الأمن القومي العراقي كريم شاهبوري (موفق الربيعي) للمحافظة على الانجازات الكبيرة التي حققها المالكي (يمكن يقصد بالمنجزات الخسائر الكبيرة في صفوف السنة والهجمات المستمرة على مناطقهم وتهجيرهم لعدم وجود إنجازات أخرى غيرها)ويطالب المالكي في كتابه أخفاء قيادات المهدي من الخط الأول الذين يرتبطون من حيث التنظيم بالحرس الثوري الإيراني لحين أنجلاء الموقف الأمريكي اتجاه جيش المهدي، وبالطبع زودت نسخ من الكتاب إلى السفارة الإيرانية في بغداد(وهي مركز أدارة العراق بعد قوات الاحتلال) والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية فرع العراق ومكتب الشهيد الصدر، لمتابعة هذا المنجز المالكي الجديد؟ أمام هذه الفضيحة الجديدة كما علمتنا السياسة في العراق لا بد من شد الأنظار إلى اتجاه آخر لتمريرها، وكان موكب الحواتمة أفضل حلً لمشكلة الرئيس الأمريكي وحكومة المالكي فالجميع خرج كاسباً من هذه المجزرة باستثناء الشعب العراقي الذي دفع المزيد من الدماء لحفظ ماء وجهي بوش والمالكي.


في الثلاثاء 13 مارس - آذار 2007 08:16:49 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=1334