تساؤلات في حقيقة ارتباط علي عبد الله صالح بالغرب
د . بلال حميد الروحاني
د . بلال حميد الروحاني

إن المتابع لما يجري في اليمن على مدار فترة حكم علي صالح وخصوصاً بعد اندلاع الثورة الحالية وقراءة المواقف الدولية في التعامل مع شخصية الرئيس صالح يجد تساؤلات عدة متضاربة ومحيرة تثير الشكوك في علي عبد الله صالح, فنجد البعض يشكك في حقيقته فمنهم من يرى من بعض المواقف والأحداث أن صالح مرتبط بالمخابرات الأمريكية مباشرة ومنهم من يرى أن له ارتباط سرياً بالمخابرات الصهيونية والموساد الإسرائيلي بل يذهب البعض إلى أنه وكيلهما في المنطقة فباسم الدولة ينفذ مخططاتهم دون أن يعرف الناس ما يدور من حولهم, ومن الناس من يرى أن صالح مجرد منفذ للسياسات الغربية رغم أنفه مقابل الحفاظ على منصبه, ومنهم من يرى أنه مرتبط بكبرى عصابات العالم المنظمة لتهريب المخدرات والسلاح وكل ما هو محظور في العالم بغرض الأموال وتغذية الصراعات في المناطق المراد لها الصراع من الغرب ومنهم من يرى براءته من كل ذلك.

لكن من أين ظهرت هذه الشكوك والتساؤلات والتي سيظهر التاريخ الحقيقة لا محالة:

1) يرى مراقبون أن تأخر العالم في ردع صالح عن قتل شعبه إثر الاحتجاجات الأخيرة جاءت متأخرة جداً بعد أن أوغل في سفك الدماء وتدمير البنية الاقتصادية للبلد مع العلم أنه لولا حلم وحكمة معارضيه لغرقت اليمن في الفتن والصراعات, فهو يضفي قرينة تورط الغرب في التواطؤ مع صالح ونظامه.

2) تأخر الموقف الأمريكي في طلب صالح للتنحي عن السلطة وكان الموقف في بداية الأمر مراوغة من الأمريكان وإظهار قلقهم من الوضع في اليمن علماً بأنهم طلبوا من غيره سرعة التنحي وأظهروا ذلك.

3) من صفات صالح المقيته أنه يقول خلاف ما يعمل ويبطن خلاف ما يظهر ويتهم الغير بما يعمله هو, فحين وقعت حرب غزة كان يظهر غضبه للحرب ودعا لقمة طارئة فلما انعقدت القمة في قطر وكانت جادة نوعاً ما إذا به يقع في الفخ ويظهر على حقيقته.

4) استخدام صالح دائماً لشماعة القاعدة وأنها موجودة في اليمن ومحاولة تضخيمها وتهويلها وكان الأصل به أن يهون على العالم ما يكون في بلده من خطر حتى يحافظ على نفسه وبلده من الاحتلال الخارجي أو الضغوط الدولية فهو يبيع اليمن بثمن بخس مع علم الجميع أنه أول داعم للقاعدة وقد أثبت خصومه ذلك ولكن له مآرب أخرى, مما أدى إلى التصريحات الخطيرة للأمريكان حول تضخيمه للقاعدة وقالوا أن المكان الثاني لهم بعد أفغانستان سيكون اليمن, والأمريكان على علم كامل بحقيقة القاعدة ومن يدعمهم ولكنهم يحتاجون إلى شماعات.

5) أن على عبد الله صالح فتح للمخابرات الأمريكية فرع في اليمن بطريقة رسمية لها كامل الصلاحيات تعتقل من تشاء وتقتل من تشاء وتعاقب من تشاء وتضيق على من تشاء وتراقب من تشاء وترفع التقارير على كل من تشاء وتدرس الشخصيات كيفما تشاء، بل وتنفذ وتخطط وتعاقب دون إذن من أحد، وجعلها فوق الدستور والقانون لا تراعى دينا ولا دستورا ولا قبيلة ولا عرفا ولا شهامة ولا كرامة ولا شيء، أهم شيء تكون تحت الخدمة الأمريكية وصدر لها قرار جمهوري بذلك ويتول الأمر أحد المقربين من الأسرة الحاكمة لإثبات الإخلاص في خيانة الشعب المسكين مقابل العمالة المطلقة للأمريكان!! بشرط الحفاظ على كرسي الحكم لنا؛ وهذا الفرع يطلق عليه (الأمن القومي).

6) لم يسمح أحد في العالم للأمريكان بقتل أبناء شعبه والسماح لهم بانتهاك سيادة بلده متى ما أرادوا غير علي عبد الله صالح ليس هذا فحسب بل ويقول اقتلوا من تشاءوا وسأقول أنا الذي فعلت وكأنه لا يلقي بالاً للشعب المسكين وفي صورة تحدي للشعب المتسامح ولا مبالاة في دماء اليمنيين.

7) استمراره في حرب صعدة ست سنوات وكانت حرب استنزاف لكل شيء وتصفية حسابات ويموت الناس بالآلاف والغرب لم يحرك ساكناً مع تشدقهم بحقوق الإنسان.

8) يشاع أن صالح أبلغ الملك عبد الله بالانقلاب الداخلي الأسري الذي كاد يطيح به حين تسلم السلطة في المملكة إن صح هذا الخبر كيف عرف صالح ومن هو حتى يعرف ومن أين جاءته المعلومات.

9) حصار بلاطجة صالح لسفراء الخليج والأوربيين والأمريكان وإخراجهم بالطائرة في خطوة لم ولن ولا يتجرأ أحد في أي مكان على الإقدام عليها لأنها إهانة واضحة وتهديد في نفس الوقت ومع ذلك مرَّت وكأنها لم تحدث, مما يثير الشكوك عن كيف لصالح أن يقدم على هذه الخطوة إلا وهو متكئ بقوة على شيء ما وكأنه يمسك بأوراق ما على الغرب.

10) حادثة الرئاسة والتي كان سيكون أحد ضحاياها صالح وتأثر فيها كبار مساعديه كبورجي وهو أحد أركان الأمن القومي وعبد العزيز عبد الغني وهو ملك أسرار السياسة اليمنية وغيرهم وكانت الحادثة في مكان لا يستطيع أحد الوصول إليها مما يثير الشكوك في من المنفذ وكيف نفذ ولماذا نفذ لأن المعلوم أن أجهزة المخابرات العالمية حين تستغني عن شخص تتخلص منه حتى لا يسرب أي أسرار أو فضائح وخصوصاً شخص صاحب أهمية كبير بحج زعيم, ولقد كان أول اتهام للمنفذين هو اتهام الصوفي للأمريكان وقد رد الأمريكان بصورة سريعة بدون أي مشاورات أو دراسة, والصوفي لا يستاهل الرد ولكن حجم التهمة وضخامتها جعلت الأمريكان لا يترددون في الرد السريع بسخرية.

11) حرص حلفاء الغرب الخليج وخصوصاً السعودية على إعطاء صالح حصانة وكل من عمل معه ولا يمكن للخليج عمل شيء إلا بإذن من الأمريكان علماً بأن المبادرة الخليجية جاءت لإنقاذ صالح من الورطة التي وقع فيها بالانتفاضة الشعبية وحرصت السعودية لتسويق المبادرة أنها لحل أزمة وليس استجابة للشعب.

12) حين أصيب صالح بادرت المملكة بإرسال طائرة لإسعافه ثم فتحت المجال لصالح لشتم معارضيه من على أراضيها مرة بعد أخرى وهي قادرة على منعه لكن التساؤلات تطرح نفسها لماذا يتكلم من أراضيهم بكل ثقة مع كره الجميع في الأسرة الحاكمة له لكنهم مكرهين وكأنه يمسك بأوراق ضغط على الجميع.

13) بعد توقيع المبادرة شتم المعارضين أمام الملك عبد الله وولي العهد وكبار المسؤولين السعوديين مما يضيف قرينة مداراتهم لصالح كأنه قنبلة يخافون انفجارها هنا أو هناك.

14) سماحهم لأحمد نجل صالح بالسفر إلى عدة دول لحفظ الأموال المنهوبة من الشعب وتحويلها بأسماء أخرى مما يدل على حرص الغرب على أن يذهب بالأموال دون أن تذكر مسألة تجميد الأموال وإن ذكر في الأيام القادمة فلن ينفع ذلك شيئاً.

15) محكمة الجنايات الدولية التابعة حقيقة للغرب تسلمت الملفات والوثائق عن الانتهاكات التي ارتكبها نظام صالح, ولكنها لم تحرك ساكناً مما يدل على وجود تحركات في السر لتمييع القضية.

16) تصريحات السفير الأمريكي الأخيرة عن مسيرة الحياة واتهامه لها بالمسلحة وأنها استفزازية وأنها جاءت للفوضى علماً بأنه ليس التصريح الأول له فقد سخر من الشباب المعتصمين أكثر من مرة في لقاءات خاصة مع بعض الشباب, وهو دليل على التواطؤ مع صالح.

17) تصريح صالح الأخير بأنه سيذهب إلى أمريكا دون أن يوافق الأمريكان على ذلك ثم يتبعه تصريحات متبادلة من الأمريكان حول قبوله أو رفضه بعذر أنها لا تقبل الطغاة أو خوفهم من غضب الشارع اليمني لذر الرماد في العيون, وفي النهاية سيذهب إليها أو ستندبه لمكان آخر.

وعموماً لا يستطيع أحد أن يجزم بمسألة معينة وإنما هي مجرد شكوك وتكهنات ناتجة عن قرائن وعلامات ولكن الأيام حبلى بالحقائق والمعلومات.


في الأحد 01 يناير-كانون الثاني 2012 04:13:05 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=13127