|
لا شك إن المرحلة القادمة صعبة جداً أمام حكومة الوفاق الوطني، والتي كانت افراز للمبادرة الخليجية والقرار الدولي رقم 2014، فهي أمام مرحلة تاريخيه انتقالية من أهم وأصعب المراحل التي مرت بها اليمن منذُ سنــــوات طويلة، حيث تواجه العديد مـــن المشاكل والقضايا بالغة التعقيد، ويجب إن تتعامل معها بطريقة مختلفة تماماً عما كان النظام السابق يتعامل مع هذه القضايا، ولعل أهم قضية بل أعتبرها أم القضايا هي قضية الجنوب .
والحراك الجنوبي أيضا هو أمام مرحلة صعبه وحساسة ومصيرية، فهو بحاجة إلى ترتيب وتنظيم صفوفه واختيار قيادة موحدة تمثل الحراك الجنوبي وقضية الجنوب وتلبي رغبات وتطلعات الشارع، وتدخل في أي حوار قادم سوء كان مع حكومة الوفاق الوطني أو المبعوث الاممي أو سفراء الدول الإقليمية والأجنبية، لأن الوضع التنظيمي للحراك سيء جداً، وخير دليل على ذلك ما حصل مع مبعوث الأمم المتحدة و سفراء الاتحاد الأوربي من فوضه وأنانية مفرطة وحب للظهور والشهرة عند بعض القيادات على حساب الوطن، وهنا تقع مسؤولية كبير على عاتق قيادات الحراك في الداخل والخارج، فأعتقد إن الثمرة قد نضُجت وحان قطافها فهل سيكون من يدعوا إنهم قيادات في الجنوب عند مستوى المسؤولية وما تتطلبه المرحلة الحالية من اصطفاف وطني، أم أنهم سينشغلون عن الجنوب وقضيته بخلافاتهم ويتجاوزهم الزمن وهذه المرة قد تكون للأبد .
على الرئيس القادم لليمن عبدربه منصور هادي وحكومة باسندوة أبداء حسن النية تجاه الجنوب وقضيته العادلة، مع إن كلام الرئيس القادم عبدربه منصور هادي غير مطمئن على الإطلاق ويعطي إشارة انه يعيد إنتاج خطاب الرئيس المخلوع علي صالح، والمتوجب عليه أن يُرسل رسائل اطمئنان لأبناء الجنوب مفادها إن مرحلة علي صالح قد تغيرت وان نحن إمام مرحلة جديدة وخصوصا فيما يتعلق بالحق الجنوبي وحل قضية الجنوب .
الاعتراف بشكل صريح وواضح بالقضية الجنوبية، الإفراج عن جميع المعتقلين، رفع الاستحداثات العسكرية المستحدثة منذُ 2007 في ردفان والضالع وغيرها من المحافظات الجنوبية، الاعتراف بشهداء الحراك الجنوبي وتعويض عائلاتهم التعويض العادل، معالجة كافة الجرحى وتعويضهم ، تعويض من تضررت منازلهم ومحلاتهم التجارية بسبب القصف وخصوصا في ردفان والضالع وعدن، وأبين، إيجاد معالجات سريعة لما حصل ويحصل في أبين، إلغاء كافة الأحكام التي صدرت بحق ناشطي الحراك الجنوبي وإيقاف مطاردتهم وملاحقتهم، أعادة المسرحين والمبعدين من أعمالهم إلى وظائفهم، أعادة أراضي الدولة وأراضي المواطنين التي تم نهبها وسرقتها بالقوة، الاهتمام بالشباب في المحافظات الجنوبية وتعويضهم عن فترات الحرمان السابقة سوء من ناحية التعليم أو إيجاد وظائف والأخذ بيدهم من خلال تقديم القروض الميسرة. أعتقد هذه مهام لابد إن يقوم بها رئيس الجمهورية الجديد وحكومة الوفاق الوطني حتى يُرسل رسالة ايجابية على إن مرحلة جديدة قد بدأت .
وعلى الحراك الجنوبي ايضاً التقاط هذه الإشارة بشكل ايجابي وتوحيد صفوفه واختيار قيادة موحدة للتفاوض والدخول في الحوار بعد إن يرتب صفوفه مثل ما ذكرنا ويشكل قيادة موحدة حتى يستطيع تمثيل قضيته على أكمل وجه، وعليه ايضاً المساعدة في استتباب الأمن والاستقرار وخصوصا في المناطق التي يسيطر عليها، والتي شهدت اضطرابات منذُ 2007 وتعرضت للقصف والحصار والانفلات الأمني وتكبد مواطنيها خسائر كبيره في الأرواح والممتلكات ولازالت وبعضها تعاني حتى اليوم، حتى يتم تخفيف عن معاناة الناس الذي صبروا وناضلوا طويلاً .
وفي نفس الوقت على حكومة الوفاق الوطني عدم اعتراض مسيرات وأعتصامات الحراك السلمية، لأنه وبكل تأكيد لن تتوقف المسيرات والمهرجانات والاعتصامات لأنها الضامن والمرجع لأي حلول مستقبلية .
من وجهة نظري إن قيام الحراك الجنوبي بمقاطعة حكومة الوفاق الوطني والرئيس الجديد لن تفيد الحراك في شي وعلى الحراك الجنوبي البدء في مفاوضات تمهيدية ودخول جلسات الحوار حتى يجس النبض، وان يُطلع الشارع الجنوبي اولاً بأول على ما يجري في جلسات الحوار، ألانطواء والانزواء هو سلاح الفاشلين والحراك صاحب قضية وقضية عادلة جداً، فلا بد إن يكون هو صاحب الصوت العالي في أي جلسات حوار قادمة، مع مراعاة إن كلمة الفصل هي للشعب في الجنوب فيما يخص تقرير مصيرهم .
هذا لا يعني أني مؤيد لحكومة الوفاق أو المبادرة على الإطلاق أنا موقفي واضح من المبادرة الخليجية وقد كتبت العديد من المقالات ضد المبادرة، لكن المبادرة فُرضت كأمر واقع يجب ان نتعامل معها بحذر وذكاء شديد .
في الإثنين 19 ديسمبر-كانون الأول 2011 11:02:40 م