لكي لا يكون مصير قرار مجلس الأمن والمبادرة الخليجية كمصير وثيقة العهد والاتفاق
علي محسن حميد
علي محسن حميد

هذه رسالة عاجلة لشباب الثورة الذي يعنيهم نجاح الثورة أكثر من غيرهم وفيها أقول استوعبوا درس 

1994وحربها جيدا ولاتلدغوا كما لدغ آخرون قبلكم. لكي يجهض الرئيس علي عبد الله صالح وثيقة العهد والاتفاق خاض حرب 1994 ضد الحزب الاشتراكي وشعب الجنوب ليتخلص منها ومن الحزب الذي وقف ضد ممارساته السياسية الفردية المتعارضة مع روح اتفاق الوحدة والتعددية السياسية ودستور دولة الوحدة. وكانت تهمة الانفصال جاهزة.الوثيقة كانت شوكة في حلقه ولذلك جند لها جنودا مجندة في محافظات الشمال وأنفق الكثير من الأموال لكي يحشد مواطني هذه المحافظات ضدها وكأنها وثيقة جنوبية غير وطنية شهد على توقيعها عرب وغير عرب في عمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية في 20فبراير من نفس العام ووقعها هو وكل الأطراف السياسية اليمنية وأتت بعد مخاض عسير ومفاوضات مكوكية مضنية قام بها وطنيون غيورين غيرمنحازين لاللرئيس ولاللاشتراكي. في بداية ثورة الشباب ولأن الخطر أكبر قام شخصيا بنفس العمل ولم يعتمد على وكلاء لتحذيرمشايخ شماليين من أن تغيير النظام يعني انتهاء امتيازاتهم ونقل السلطة للأغياروإيهامم بأن هذا هو نظامهم وبسقوطه يسقطون. في ملاحظة ذات دلالة تساءل في مارس الشيخ الحضرمي ع. باهيصمي قائلا لماذا لايزورالرئيس المحافظات الجنوبية .أنا لاأريد نكأ الجراح ولكن تسجيل وقائع وحقائق وأعلم كما تعلمون أن اصطفافا جديدا للقوى حادث الأن وان بعض خصوم الأمس أضحوا حلفاء اليوم وأن بيئة حرب 1994 وأطرافها هما غيرهما الأن وأننا لم نصل بعد إلى حالة الحرب الأهلية التي يريدها الرئيس ليقلب الطاولة على الكل كما عمل في حرب 1994.في ذلك العام احتال الرئيس صالح على وثيقة العهد والاتفاق بوابة الشعب إلى يمن جديد والتي لو نفذت لتجنبنا ماعانيناه على يد النظام ومايعانيه النظام على يد الشباب ودول الجوار والمجتمعين العربي والدولي المجمعين على أنه برحيله سيتخلص اليمن من أكبر عقبة تهدد استقراره واستقرارالمنطقة. بالحرب وحدها كانت هزيمة الوثيقة والقوى المتطلعة إلى يمن جميل ويمنيين متحابين لاتمييز بينهم حدبهم مصلحة وطنهم وهو مايناضل الشباب والشابات اليوم من أجله في ساحات وميادين الثورة والتغيير والحرية.المنتصر عام 1994يتجرع هزيمة بطييئة مرّة المذاق لم يتوقعها وشديدة الإ يلام نفسيا وسلوكيا وغيرمتقبلة من شخص ظن ويظن أنه مالك كل شيئ بعد توحيده لشخصه مع الدوله واعتباره الغيرأصفارعلى الشمال واستطاعته شراء أناس كثر بالمال وبالسيارات وحتى بنفقات العلاج وبناء بيوت لهم والسكوت على فسادهم . الأخبار تتواتر عن وصول متزامن لأمين عام مجلس التعاون الخليجي السيد عبد اللطيف الزياني ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر إلى صنعاء لحث الرئيس مجددا على التوقيع الفوري على المبادرة الخليجية كاستكمال لعملية بدأت في 22 مايو وتملص الرئيس منها حينها وكمخرج وحيد لابديل له طبقا لبن عمر والزياني من الأزمة الطاحنة المفقرة والمدمرة لليمن ولليمنيين ووفقا لتعهداته المتكررة بالتوقيع وتنفيذا لقرار مجلس الأمن رقم 2014الصادر في 21 اكتوبر.الرئيس قال في 8 اكتوبر أنه سيوقع على المبادرة خلال أيام وها قد مرت ثلاثة أسابيع و قلمه لم يخرج من جيبه بعد. ولكن حذار . لاتأمنوه. لاتثقوا به. وتأملوا ماعمله الرئيس قبل 17 سنة. في عام 1994 تنصل الرئيس من وثيقة العهد والاتفاق بعد الحرب بيومين فقط وقبل انتهاء الحرب بسبعة أسابيع. وسأقص عليكم الحكاية .في 7 مايو أصدر مجلس جامعة الدول العربية قرارا طالب فيه بإنهاء الحرب وتطبيق وثيقة العهد والاتفاق (الأمين العام الأسبق د. عصمت عبد المجيد كان أحد الشهودالبارزين في عمان على توقيعها). ولأن الوساطة كانت لحل صراع عسكري طرفاه جيش واحد فقد رأس وفد الجامعة العربية اللواء الركن محمد سعيد بيرقدار الأمين العام المساعد للشئون العسكرية. في 14 مايو استقبل الوفد الشهيد عبد العزيزعبد الغني عضو مجلس الرئا سة أنذاك الذي أبلغه أن" وثيقة العهد والاتفاق أصبحت غير قابلة للتنفيذ بعد حدوث القتال المسلح وماهو متاح حالياهو " إجراء حوار مع أعضاء الحزب الاشتراكي الذين لم يتورطوا في الصراع الحالي . وفي لقاء الوفد مع السيد عبد الوهاب الأنسي نائب رئيس الوزراء وأمين عام حزب الإصلاح أنذاك أكد على ماقاله عبد الغني وأضاف "أن الحكومة اليمنية تستقبل الوفد من باب الأخوة العربية وليس باعتباره وسيطا" . أما رئيس الجمهورية فقال للوفد في 16 مايو ماسبق أن قاله عبد الغني بالحرف أي أن الحرب أنهت وثيقة العهد وأن الوثيقة لم تعد ذات موضوع.

ولاتستغرب عزيزي القارئ أن الرئيس نسى ماقاله للوفد الأول في مايو وعبرعن التزامه بوثيقة العهد والاتفاق "كأساس لبناء الدولة اليمنية الحديثة" بعد انتهاء الحرب بيومين أمام وفد ثان للجامعة العربية. ولابأس أن يضيف مايريد من كلمات فارغة المضمون لذرالرماد في العيون مثل بناء الدولة اليمنية الحديثة على هدي الوثيقة والحديث عن الحوار الوطني في ظل الشرعية الدستورية. الجامعة العربية أبلغت الدول الأعضاء بما سمع وفدها وملخصه " أن فخامة الرئيس علي عبد الله صالح أكد حرص الجمهورية اليمينة مستقبلا على التعددية والديمقراطية في إطار وثيقة العهد والاتفاق والحوار والشرعية الدستورية".والحقيقة هي أن ماكان يقال للخارج لم يكن يقال للداخل ، ففي الداخل لم يكن هناك على الإطلاق حديث عن حواروطني برغم أن وزير الخارجية أبلغ د. بطرس غالي أمين عام الأمم المتحدة الأسبق بوجودهذا الحوار ولا التزام بوثيقة العهد والاتفاق برغم أن رئيس الوزراء بالوكالة الراحل الدكتور العطار ابلغ الأمم المتحدة باستمرار التزام النظام بها وكل ماكان يجري على الأرض مناف تماما لهذه الرطانة الخادعة لأن اجتثاث الحزب الاشتراكي وتفكيك البنية الإدارية المدنية والعسكرية في الجنوب كان له الأولوية المطلقة واسترتيجة لاتراجع عنها.

الأن يصعد الرئيس حملته العسكرية بشكل غير مسبوق تحت مبرر نقض هدنة مزعومة عقدها مع نفسه وانتهاكا لماقاله فورعودته من الرياض في 22 سبتمبر بأنه يحمل غصن الزيتون بيد وحمامة السلام باليد الأخرى . نتيجة التصعيد في يوم واحد ،26 اكتوبر، استشهاد24 شابا في تعز وصنعاء و194 منذ عودة حامل غصن الزيتون وحمامة السلام . أما جوبلز اليمني فيواصل هزله بأن الرئيس عاد ليضمد الجراح وليس للانتقام ولايذرف دمعة واحدة على النساء اللاتي يسقطن شهيدات في تعز وصنعاء . الحملات العسكرية في صنعاء وتعز وأرحب والقصف الليلي العشوائي يستهدفان كسر إرادة شباب وشابات الثورة وإضعاف حماة الثورة والمدنيين العزل قبل وصول المبعوثين الخليجي والدولي بتحقيق أي انتصار وليضعهما أمام حقائق جديدة على الأرض شبيهة بما فعل عام 1994 عندما أراد التخلص من وثيقة العهد والاتفاق بالحرب ثم تنصل منها عندما حقق نصرا مكلفا وطنيا وماديا ونفسيا نتجرع سمومه حتى اليوم وبلغت خسائره 11 مليار دولار تشكل مشروع مارشال يمني للتنمية. وإذا مانجح الرئيس صالح في مايظنه تحقيق انتصار سريع وسهل فمن سيناقشه بعد أن تكون موازين القوى قد مالت أكثر لصالحه وأوراق مساومته قد تعاظمت. وقتها سيفرض بعض الشروط المرفوضة الأن من شباب الثورة وحلفائها وستتم تجزئة تطبيق المبادرة و قرار مجلس الأمن بما يروق له . إن ترحيبه بالقرار ووصفه المنافق له بالمتوازن وهو ليس كذلك إطلاقا حيلة لضرب الثورة في ظل الترحيب به لتغييرشروط اللعبه وخلطها وخلق مناخ أكثر مواء مة له. وعندما أبلغ السفير الأمريكي وحده واستبعد سفراء دول الخليج التي تبنت المبادرة باستعداده للتنحي والتوقيع على المبادرة الخليجية لم يذكر الضمانات الثلاث الخلجية والأوروبية والأمريكية التي طلبها علنا من قبل وكان ذلك أيضا ضمن استراتيجيته لكسب الوقت والاستفادة من تصعيده العسكري للوضع ولكي يفكرالناس بما يقول وينسون مايحدث من تدمير في صنعاء وتعز. واشنطن طالبته مرارا بالأفعال بعد الأقوال وكأنها تذكره بسوابقه وبعبارته الشهيرة بعد احتلال العراق وهزيمة نظام البعث " نحلق قبل مايحلقوا لنا". الرجل أطال شعره مطمئنا على ذاكرة شعبية تنسى ولم يحلق ولاأدري إن كان يفضل موسى شعبية وحينها أمر بإزاحة صوره من على مبان في صنعاء وغيرها ولكن ريمة رجعت إلى عادتها القديمة. الأمريكيون منذ وقت مبكر طالبوا الرئيس أن يقرن أقواله بالأفعال ففي 3 فبرايرطالبهالرئيس اوباما بالوفاء بوعوده بالإصلاح وعدم استخدام العنف ضد المدنيين وتبعته هيلري كلينتون ودول أخرى من بينها فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا والمانيا واسترالياوكندا. إن الهدف الوحيد من التصعيد العسكري هو وأد المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن وتوسيع جغرافية الصراع ليتحول إلى حرب أهلية تستدعي التدخل الدبلوماسي ولوساطات ستكون نتيجتها حلولا وسط تبقي على النظام بعد أن يكون قد نجح في خلق واقع جديد موات له . لذلك انتبهوا ثم انتبهوا واحذروا لكي لاتلدغوا لدغة أقسى وأشد هولا من لدغة 1994 وتنتظروا خمسين أخرى لثورة جديدة .


في الثلاثاء 01 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 04:46:13 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=12158