الرهان الكاسب يا شباب الثورة على القبائل!!!
د شوقي الميموني
د شوقي الميموني

قبائل مفردها قبيلة كلمة حينما ننطقها تتبادر إلى أذهاننا معانٍ كثيرة بعضها إيجابي كالقوة والبأس والغيرة والحمية والأخرى سلبي كالجهل والثأر والظلم والاستبداد وغيرها من الأوصاف.

نجد أن المفاهيم الإيجابية التي ذكرت عن القبائل تنم عن واقع معاش وصفات ورثوها جيلًا بعد جيل, لكن الأوصاف السلبية دخيلة عليهم.

في الواقع أيها الأخوة الكرام: القبائل اليمنية على مر التاريخ سطرت أروع الأمثلة في الشجاعة والإباء وخدمت الدين خدمة جليلة لا ينكره إلا متكبر مجانب للصواب ولا يستطيع ان يجازيها على فعل ذلك إلى الله تعالى.

حينما قدم أهل اليمن عام الوفود إلى المدينة المنورة للقاء النبي صلى الله عليه وسلم وإشهار إسلامهم مسلمين أمرهم إلى الله تعالى، سر النبي صلى الله عليه وسلم سرور عظيم ولم يسر بأحد أعظم منهم فتلقاهم بالبشرى ومنحهم وسام وشهادة لم يمنحها لأحد من قبائل البلدان الأخرى . فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أتاكم أهل اليمن، هم أرق أفئدة وألين قلوبا، الإيمان يمان والحكمة يمانية، والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل، والسكينة والوقار في أهل الغنم). رواه الشيخان. 

وعن أبي مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الإيمان ها هنا - وأشار بيده إلى اليمن - والجفاء وغلظ القلوب في الفدادين - عند أصول أذناب الإبل، من حيث يطلع قرنا الشيطان - ربيعة ومضر). رواه البخاري.

عجبا من حال أهل اليمن كلما أراد الناس أن يضعوهم يأبى الله إلا أن يرفعهم فلا يضرهم أنهم مطروحون في الأرض مدفوعون عن الأبواب يعانون في السرح مما يعاني منه أبعد الناس عن سرحهم مشربا وأجهلهم بإيمان وأقلهم إحساسا بآداب الأمة وتاريخها وثقافتها.

ولقد جمع الله تعالى لأهل اليمن ما لم يجتمع لغيرهم مما أثنى به عليهم نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم, وجعل الله الإيمان يمان والحكمة يمانية وما يكرم الإيمان بأرض إلا حق إكرام أهله, وذلك من فضل الله تعالى ومننه الجزيلة وعطاياه العظيمة.

قال عز وجل: (يا أيها الذين ءامنوا من يرتدّ منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) (المائدة/54). تلا هذه الآية أبو موسى الأشعري رضي الله عنه عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: "هم قومك يا أبا موسى أهل اليمن" وبوّب الإمام مسلم في صحيحة (باب تفاضل أهل الإيمان ورجحان أهل اليمن فيه) هذا غيض من فيض المحاسن والمناقب التي يمتلكها اهل اليمن ولو ذكرناها جميعا لاحتاجت بحثا بأكمله.

واذكر قصة قصها لنا احد المشايخ الذين كانوا حاضرين حينما زار العلامة الشيخ أبو الحسن الندوي اليمن وذكروا الحديث المذكور أعلاه قال لهم خذوا منا كل شيء وأعطونا هذا الحديث.

أليست هذه الأحاديث ذكرت في أهل اليمن (القبائل اليمنية) وإشارة النبي صلى الله عليه وسلم ناحية اليمن تدل على دخول اهل اليمن جميعا في الحديث؟

نعم لفظ أهل اليمن يدل على ان كل اهل اليمن قد حاز شهادة النبي صلى الله عليه وسلم وهذا شرف عظيم قلده حاضرهم وباديهم كبيرهم وصغيرهم ووسام حازوه إلى ان يرث الله الأرض ومن عليها.

نعم إيمان الناس يقوى ويضعف وتجد في الناس المنحرف والسيئ وصاحب المصلحة والظالم في كل زمان ومكان لكن ان نعمم على الكل فهذا هو الظلم بعينه فخلال الثلاثة العقود الماضية استطاع نظام علي صالح ان يخلط الأوراق وحاول إفراغ القبيلة من محتواها بأساليبه الشيطانية التي لا تخفى على أحد.

زرع الفتنة وأجج الصراعات واحيا الثارات القديمة بين القبائل وعمد إلى مد الأطراف المتنازعة بالسلاح والمال فكانت النتيجة حروب هنا وهناك أعادة بعض القبائل إلى الوراء عشرات السنين.

حاول السيطرة على القبائل عن طريق كسب ولاء المشايخ وعن طريق المال والسلطة والجاه استطاع استمالة كثير منهم ومن لم يستطع استمالته حاربه في قبيلته وصنع شيخ مزيف ينافسه ومده بالمال والسلطة وجعل المصالح التي تهم المواطنين مثل الطرق والمدارس وغيرها لا تنفذ إلا عن طريقه وبذلك جعل القبيلة تجنح اليه وتحابيه وتقف معه لان مصلحتها معه.

وعن طريق إعلامه الرسمي ترسخت لدى الناس مفاهيم عن القبائل الحاكم من روج لها حتى تبقى القبيلة في نظر الناس عبارة عن مجتمع جاهل لا يصلح ان يقود أو يتولى أي سلطة.

الشعب اليمني من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه عبارة عن قبائل كل قبيلة تمتلك حيز جغرافي معين بمجملها تكون خارطة اليمن.

من تلك القبائل خرج القائد والضابط والجندي والطبيب والمهندس والطيار والموظف والمثقف والأديب والشاعر ولا تجد أي من المهن المذكورة إلا وينتمي صاحبها إلى قبيلة من القبائل اليمنية.

دور القبيلة في ثورة الشباب

القبائل اليمنية صاحبية اليد الطولا في ثورة الشباب فقد بادرت من أول يوم والتحمت بالشباب في ساحات وميادين الحرية والتغيير فأعطت زخما قويا للثورة وساهمت مساهمة فاعلة في حماية المعتصمين من صلف الحاكم وجبروته وقدمت فلذات أكبادها رخيصة من اجل حماية المعتصمين وإنجاح ثورة الشعب اليمني.

في اعتقادي ان دور القبيلة في الثورة كحامية للثورة وداعمة لها بالرجال والمال والموقف جعل الثوار يثبتون في ساحاتهم وميادينهم طوال الفترة الماضية ولولا مساندة القبائل بقوة للثورة لما استطاعت الصمود خاصة وهي تواجه نظام ظالم لا يرحم ولا يعير للنفس البشرية أي حساب.

القبائل هي التي وقفت حصن حصين أمام الالة العسكرية في ارحب معسكرات الحرس الجمهوري في جبل الصمع مع العلم ان نصف قوات الحرس الجمهوري تتواجد في منطقة الصمع وما حولها وقفت قبائل ارحب الأبية ومنعتهم من الدخول إلى صنعاء لقمع الاعتصامات وتحملت جراء ذلك كل أنواع الجبروت والطغيان والقصف والقتل والتشريد وتخريب بيوتهم ممتلكاتهم حتى المساجد لم تسلم من قصفهم عشرة الويه تقصف ارحب ليل نهار يتسحرون على أصوات الانفجارات ويفطرون عليها لكنهم تحملوا كل ذلك من اجل إنجاح ثورة الشعب اليمنيّ.

في تعز الأبية وصل الأمر بالحاكم ان احرق المعتصمين في خيامهم وهذا لم يتكرر في التاريخ إلى مرات قليلة فحملت القبائل في تعز على عاتقها حماية الثورة والمعتصمين وتحملت جراء ذلك كل أنواع الإرهاب من قصف وتدمير لأحياء بكاملها في تعز ولكنهم أيضا ثبتوا مثل إخوانهم في ارحب فداء للثوار وحماية للثورة.

استخدم الحاكم في أبين حيلة الظاهر أنها لم تخطر على إبليس نفسه بان سلم المحافظة بكامل تجهيزاتها ومنشئاتها ومعسكراتها لمجموعة من المسلحين صنعهم بيده كي يوهم العالم الخارجي ان مصالحهم في خطر وان اليمن بدونه ستكون مرتع خصب للإرهاب كما يسمونه فتحركت القبائل مع من تبق من القوات المسلحة التي رفضت تسليم معداتها وتخلي معسكراتها حسب امر الحاكم وقفت القبائل جنبا إلى جنب معهم واستردوا محافظة أبين وظهر للعالم كذب وزيف النظام في ادعاءه.

كذلك وقفت القبائل في الحيمة وعدن والضالع ومارب والجوف وصعده كلهم وقفوا كالحصن الذي يحجز الشر عن الثورة والثوار.

أخيرا يا شباب الثورة وأقول بأعلى صوتي راهنوا على القبائل فهي حصنكم الحصين بعد الله تعالى وحامية ثورتكم.

نعم ثورتكم سلمية والقبائل لم تفرض الحرب ولم تحرف الثورة عن مسارها السلمي بل فرض عليها النظام استخدام القوة فاضطرت اليه اضطرارا.

اعلموا ان الأسرة الحاكمة لن يهدا لها بال ولهذا تستخدم أساليب الدس والفتنة بينكم وبينهم واختلاق الإشاعات والكاذبة من اجل إيجاد شرخ بينكم وبينهم لعل وعسى يجدوا مدخلا يجهضوا ثورتكم فالحذر الحذر.

يجب أن تعلموا أن الله تعالى أرسل لكم رجال وأبناء القبائل مددا وعونا ليمنعوا الظالم من أذيتكم وإجهاض ثورتكم فالتحموا بهم وباركوا أفعالهم وسدوا أذانكم عن كل ما من شأنه أن يعكر الأجواء بينكم فهم الجناح الآخر لثورتكم.


في الأحد 07 أغسطس-آب 2011 01:18:31 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=11248