مبادرات الخليج... وخليج الدم الذي سال !!
طارق فؤاد البنا
طارق فؤاد البنا

أخيراً وبعد طول انتظار عاشه النظام الحاكم في اليمن ، تقدمت دول الخليج بمبادرة (إنقاذ) لرأس الرئيس المنتهية شرعيته علي عبدالله صالح ، وبعد أخذ ورد تم تعديل هذه المبادرة لتخرج في صيغتها الثالثة التي ربما لن تكون الأخيرة في مسلسل مبادرات أهل الخليج لإنقاذ الرئيس ونظامه المتصدع !. 

وقد لاقت مبادرات أهل الخليج ردود أفعال متباينة ، حتى وصل التباين إلى شخص الرئيس نفسه ، ففي ساعة يرحب بها ويوافق عليها ، وبعد (تخزينه) من الأصلي ، وبعد انقضاء الساعة السليمانية يخرج الرجل إلى الملأ رافضاً للمبادرة ، في خطوات تبرز للعالم كيف أن القذافي خلف (مجانين)، وأما أحزاب اللقاء المشترك المعارضة فقد وافقت بشروط على هذه المبادرة ، وقد كان النظام يراهن على الاختلاف بين الشباب والأحزاب وتآكل الثورة كما قالها زعيمه بكل صراحة ووقاحة ! .

أما الصوت الأقوى بين كل الأصوات فقد كان صوت الشباب ، ومعه صوت الشعب بأكمله ، حيث الرفض القاطع لأي مبادرات سواء داخلية أو خارجية ، فأي مبادرات لا تنص على رحيل الرئيس من على كرسيه (اللعين) فهي مرفوضة ، وأي مبادرات تمنح هذا الرئيس حصانة ضد ملاحقته بعد كل ما فعله فهي لا تعنينا ، ونحن ماضون للأمام ، ومبادرتنا هي (الشارع) ومن يقدمها هو (الشعب) وما سوى ذلك فهو باطل .

يا أهل الخليج ، كيف تريدونا أن نقبل بمبادرتكم وقد سال (خليج) من الدم اليمني الغالي على أيدي ذاك (الجزار) وأعوانه ، فلماذا تستهينون بالدم اليمني دائماً كما تستهينون بالعمالة اليمنية في دولكم وتفضلون عليها البنغال والهنود ؟!

هذا الرجل جعل من شعبه ممسوخ الهوية ، فاقد الثقة في نفسه ، وجعل سمعة اليمني في الحضيض ، فعندما يذكر (اليمني) فلا يذكر معه إلا الإرهاب والفقر والتسول والجوع والجهل والمرض ، ولم يكتفِ بكل ذلك ، ولم يرضَ الرحيل بكل بساطة ، بل تشبث بالكرسي ، ولأجل الكرسي أسال الدماء في كل المحافظات ، فقتل الأطفال ، وذبح الشباب ، وقتل معهم قلوب الآباء والأمهات ، والآن تأتون أنتم لتمنحوه مخرجاً شريفاً بعد أن حارب (الشرف) طيلة حكمه ، وجعل كل فاسد في القمة ، أما الشرفاء فقد أبعدهم عنه وشعاره (أخرجوهم من قريتكم إنهم أناسٌ يتطهرون) ، وبعد كل هذا تأتون أنتم لتجدوا له مخرجاً (آمناً) بعد أن فقدنا معه الأمن والأمان ، أبعد كل هذا تأتون أنتم بمبادرتكم لتكسروا ظهر هذا الشعب الذي ظل لسنين طوالٍ منحن القامة وخافض الهامة ووجهه إلى الأرض بفعل استبداد ذاك (الطاغية) ، وعندما انتفض هذا الشعب وعرف الحقيقة وأدرك الواقع ورفع رأسه وانتصب واقفاً وهامته إلى السماء أتيتم أنتم لتمارسوا دور (المستبد) بهذا الشعب ، أتيتم (لتذلوه) بعد أن رفع راية (العزة) بمبادرتكم هذه ، ألا يوجد عندكم نخوة لتحافظوا على كرامة إخوانكم اليمنيين ، ألا تخشون يا رعاة الشاة وأنتم تتطاولون في البنيان أن يهدم الله بنيانكم بزلزال (شعب اليمن) الذي سيعلم شعوبكم الحرية ويجعلها تعرف الحقيقة وتهتدي إلى طريق الحق القويم ، لتعودوا إلى رشدكم ولتسحبوا مبادرتكم ، فقد شبعنا مبادرات ، وليس لدينا إلا مبادرة واحدة هي الرحيل والمحاكمة لكل من تسبب في كل جريمة في حق هذا الشعب ، وسترون يا أهل الخليج منا ما يسركم فقط إذا وقفتم مع الشعب ، أما أن تقفوا مع قتلة الشعب ، فلن ننسى لكم هذا ، وستعرفون أن ابن اليمن لا يقبل الذل أبداً من يمني ، فما بالك بمجرد...خليجي !.

يا أهل الخليج ، سنفترض أنكم تحبوننا ، وأنكم تخافون على شعب الإيمان والحكمة من أن يدخل في أتون حربٍ لا تبقي ولا تذر ، وسنفترض أن (مبادراتكم) التي تحرصون عليها كلها لأجل شعب اليمن ، وليس خوفاً على دولكم وكراسيكم ومناصبكم ، لكن هل تتخيلون أن شعباً صبر على الظلم والقهر والاستبداد والفقر والجوع والمرض والمهانة طيلة 33 سنة ، وبلغ به الغيظ ما بلغ ، ووصلت عنده درجة الحرارة إلى أقصى مستوى لها ، أتتوقعون أنه سيتنازل عن قضيته بمجرد أن يتقدم (أبو عِقال) إلينا ، وهو يظن أنه ربما يشتري الناس بـ(فيزة) ربما تطلع (مضروبة) ، ولكن هل ستقطعون لنا 25 مليون (فيزة) لننتقل إلى بلدانكم ، ونترك اليمن لصاحبكم ، وماذا سيقول عنا التاريخ ، وكيف سنستطيع العيش من دون أن نستنشق هواء اليمن الجميل ، بلادي التي وإن جارت علي إلا أنها ما زالت عزيزة على كل القلوب ، وغالية على كل الأرواح ، وعالية في كل العيون والأبصار ، إنها (اليمن) يا أهل الخليج ، المشكلة ليست في شخص ، إنها مشكلة شعب ، مشكلة وطن ، ولا بد أنه عندما يقرر الشعب حلاً لهذه المشكلة ، فلا يمكن لقوة الأرض كلها أن تمنعه من أن يحقق ما يريد ، وبالذات عندما يكون هذا الشعب الثائر هو شعب اليمن ، وعندما يكون من أذله 33 عاماً هو علي عبدالله صالح ، لذا يا إخواننا في الخليج ، دعونا في شأننا ، ولا تقلقوا على مصالحكم ، فلن يصيبكم إلا كل خير ، أما إن أصريتم على (مبادراتكم) فقدموا المبادرات لكي يحيا الشعب ، لكي يحيا 25 مليون إنسان ليس فيهم أي فرد أقل قيمة من علي صالح وأعوانه ، أما إن أبيتم إلا أن تحموا الرئيس ونظامه ، فلتتحملوا عاقبة فعلتكم ، ولتدركوا أن دفتر التاريخ يدون كل شيء ، وأنه لن يرحم أحداً ساوم على دماء إخوانه ، و(بادر) لكي ينقذ من أسال الدماء ، حينها يا أهل الخليج سيغرقكم (خليج) الدم اليمني الذي سال في ميادين الحرية وساحات التغيير ، حينها لا ينفع الندم ، وحينها لن يبقى هناك (عِقال) في مكانه الصحيح !!.


في الخميس 05 مايو 2011 10:51:53 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=10137