الجندي .. صورة الإعلام المُفلس
بقلم/ د. هشام المعلم
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً و 5 أيام
الجمعة 22 إبريل-نيسان 2011 06:40 م

نتناول في هذة السطور تصحريات احد شخصيات الخطاب الإعلامي للنظام المُنهار في بلدنا كمثال نموذجي لمدى إفلاسه في تعامله مع الأحداث الحالية التي يمر بها وطننا الحبيب .

الأستاذ / عبده الجندي نائب وزير الإعلام و البائع ديناً كما يحلو للشباب تسميته في ساحات الحرية و التغيير , الإعلامي صاحب التصريحات اللامسئولة و الأكاذيب الأكثر جرأة و الذي كلما أوشك على الكلام تمنيت لو أنه يسكت خجلاً مما سيأتي على لسانه من تبريرات لا تقنع حتى الصبية في رياض الأطفال , ها هو في إحدى مكالماته التلفونية المباشرة يقول أن ما يجري على لسان الناس من استياء من أن الرئيس يحيط نفسه بأقاربه و يوليهم مناصب مهمة في الدولة ليشكل بذلك ما يسمى بالنظام الأسري , يقول ان هذا الكلام لا يوجد ما يبرره و ليس فيه ما يدعو لإنتقاد و الثورة , فأحمد على عبدالله صالح قائد الحرس الجمهوري هو قائد لحرس الرئيس الشخصي حسب زعمه و ليس في ذلك أي خطأ , و هكذا أصبح الحرس الجمهوري في نظر الجندي (الإعلامي المثقف !!) حرس الرئيس الشخصي و للرئيس كامل الحق في أن يلي قيادته من يثق فيه من الناحية الشخصية أما يحيى محمد عبدالله صالح فهو ليس سوى الرجل الثاني في قيادة الأمن المركزي و في هذا سبب كافي و منطقي في نظر الأستاذ الجندي حتى يكف الناس عن ثورتهم و يركنوا إلى الدعة و يلزموا السكوت و قبول تولي الأقربين للمراكز القيادية في الدولة و نسي أو تناسى القائمة الطويلة لذوي القربى التي لم تعد خافية على أحد و المنشورة في الصحف و المواقع الإلكترونية و ساحات التغيير , و لا أعرف لم سكت عن ذكر قيادة الأمن القومي أم أن هذة المنطقة محضورة عليه حتى لو من باب التندر و الدعابة.

و أستغرب تحت أي منطق غير منطق الإستخفاف بالمصلحة الوطنية و حقوق المواطن يتحدث هذا الرجل و لا أعرف متى سيَسكت أو سيُسكت و هو كلما تحدث ( طال حديثه أو قصر ) أتى بما يجعلك تؤمن تماماً بمشروعية قيام هذة الثورة ضد نظام هؤلاء هم من ينطقون بإسمه , حتى أنه ليتبادر إلى ذهني أن هذا الرجل يعمل بشكل جدي و مثابر لتقييض أركان نظام / علي عبدالله صالح و أنه أكثر ثوريه من الثوار أنفسهم بما يتلوه من أكاذيب .

فنجده في مرة من المرات لا يتحرج عن التصريح بأن تعداد سُكان محافظة تعز بقراها و مُدنها لا يتجاوز الأربعمائة ألف نسمة و يتساءل من أينَ يُمكن أن تتجمع تظاهرة قدرها مليون و نصف في مسيرة حاشدة تنادي بإسقاط النظام متناسياً أنها المحافظة الأكثر تعداداً للسكان الذين تجاوزوا الأربعة مليون نسمة بكثير. مع العلم بأن كل أيدي النظام المُفلس الطائلة سابقاً من مشائخ و أعيان و مسئولين عجزت عن تجميع حتى عشرين ألف مناصر في نفس المحافظة في آخر جمعة مما اضطرهم إلى الإنتقال من الشارع إلى ميدان الشهداء ببضعه الألوف الذين تمكنوا من جمعهم مع العلم بأن هذا الميدان في أسوء الظروف لا يتسع لأكثر من خمسة عشر ألف مواطن .

و قد لا نجدُ هذا غريباً حين يصدُرُ من الجندي و أمثاله فها نحنُ نسمع رئيس الجمهورية نفسه يقول أمام حشود المناصرين في ميدان السبعين أنهم هم أنصاره و مؤيديه في عام 2006 و أن المجتمعين في ساحة التغيير أمام جامة صنعاء هم أنصار و مؤيدي المعارضة متجاهلاً تماماً الملايين المحتشدة في كافة محافظات الجمهورية و المطالب بتنحيه شخصياً , و قد يكون لديه بعض الحق إذا إفترضنا جدلاً أنه يقصد من حيث العدد أن أنصار المعارضة المتواجدين في الساحات لن يتجاوزوا ذلك الرقم و أن بقية الجماهير المتراصة في كافة مدن و قرى الجمهورية هم من المواطنيين الرافضة لنظامه و المطالبة بتنحيه بغض النظر عن أي ولاءات حزبية.

نعود إلى مسئولنا الإعلامي البارز وكم أتمنى لو يسكت فقد أصبح جُل حديثه يصيب المتلقي بالخجل كونه أولاً مسئولاً في الدولة و ليس مجرد مذيع تلفزيوني في القناة الفضائية اليمنية و ثانياً كونه يمني و ثالثاً كونه من محافظة تعز الأبية و التي تأبى ان يُمثلها مثل هذة الشخصيات الهزلية خاصة في مثل هذة الأوقات العصيبة التي تعيشها بلادنا , يتفاخر الجندي بأن وقوفه إلى جانب الرئيس مسألة مبدأ و صورة من صور الوفاء الشخصي لشخص الرئيس و هو لا يُحب ان يُذكر أو يوصف بعدم الوفاء كغيره ممن تخلى عن فخامة الزعيم !! و لا يهمه كما قال بلسانه إلى أين سيأول مصيره إلى السجن أو إلى الإعدام أو إلى غيره و لا تستغرب صديقي القارئ كيف برر لنفسه عدم وفائه لوطنه و كيف سمح لنفسه التنصل من مسئوليته تجاه أبناء بلده بهذة الطريقة و أصبحت المسألةُ مسألةً شخصية و ليست مصلحة وطن يتم المقامرة بأمنة و أستقراره و التضحية بزهرة أبنائه و مكابرة تجره إلى هاوية الإقتتال و الفتنة و الضياع في سبيل البقاء على سدة الحكم . و كان الأجدر بالأستاذ و أمثاله ان يأخذوا العبرة من قادة الجيش المصري أبطال حرب اكتوبر في العظيمة مصر عندما غلبوا مصلحة الوطن على صداقة و رفقة العمر مع الرئيس مبارك ( بطل الضربة الجوية ) و قالوا مصر أولاً .

خاتمة

تنهدت ذؤابات الشجر المُبتلة بدموع الأمهات الرقراقة البلورية ترنو إلى أفق تعز وقد اكتسى بوجوهٍ شابة مخضبة بدمٍ ثائر .. و القائم لازال على أريكته يتمضمض الصحو و يرفع عقيرته ينعق بما لا يُجدي .