الاحتلال الصهيوني يكشف عدد القتلى والمصابين في صفوف قواته منذ بدء حرب غزة كيفية تحويل محادثات واتس آب الرقم القديم إلى الرقم الجديد دون فقدان البيانات موعد مباراة مان سيتى ضد ريال مدريد فى ربع نهائى دورى أبطال أوروبا وظيفة راتبها 100 ألف دولار والعمل من المنزل.. ما هي المليشيات تكشف حقيقة سحب عملتها المعدنية الجديدة فئة 100 ريال واشنطن تعلن تنفيذ ضربات استباقية ضد الحوثيين تهديد حوثي جديد باستهداف مطار المخا وإخراجه عن الخدمة نادي أتلانتا يستعد لأكبر مباراة في تاريخه أمام ليفربول صحيفة أمريكية تكشف :هكذا إستعدت إيران للضربة الإسرائيلية المرتقبة الصين تحذر واشنطن من فتح تحقيق يستهدف صناعاتها
لا أدري لماذا فهم البعض أن التعديلات الدستورية الأخيرة في اليمن بمد عدد حق الواحد الترشح للرئاسة بلا حدود على أنها تمديد فعلي لفترة رئاسة الرئيس الحالي علي عبدالله صالح مدى الحياة؟ فالرجل قد أعلن قبل سنوات، وقبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة عزوفه عن الترشح للرئاسة مرة أخرى، ولكن الجماهير -سامحها الله- هي التي خرجت بالملايين تطالب الرئيس بالترشح مرة أخرى وهو ما تحقق، ليس حبّاً من الرئيس في السلطة والرئاسة ولكن نزولا عند رغبة الجماهير.
أتذكر أنني كتبت مقالًا حين فرضت الجماهير إرادتها على الرئيس وأعيد ترشيحه تمنيت فيه لو لم ينجح فخامته، رأفة به من هموم السياسة وتماشيّاً مع رغبته بالزهد في الرئاسة، ولكي يكون أول رئيس عربي تزيحه الانتخابات في تاريخنا العربي الحديث وتاريخنا الموغل في القدم.
التمسك بالمناصب العليا في عالمنا العربي "مدى الحياة" تراث وتقليد شائع. والحقيقة أن المسألة تتدرج من أعلى المناصب إلى المناصب الأدنى، أعرف مسؤولًا راجعته في وزارة خدمات كويتية وأنا فتى في المرحلة الثانوية لا يزال مسؤولًا على رأس عمله وقد جاوز عمري اليوم نصف قرن.
حتى المناصب الدينية عندنا مدى الحياة: لم أسمع بمفتي ديار أعفي من منصبه لأنه أراد الراحة والتقاعد عن الإفتاء! حتى الفتوى "مدى الحياة"؟
أصبحت عبارة مدى الحياة عقدة للمراحل الزمنية. كيف يمكن أن تعمل على كرسي المسؤولية مدى الحياة؟ البرلمان الكويتي استجوب رئيس الحكومة الكويتية الحالية ثماني مرات لإزاحته عن منصبه، وتجمع المعارضون بالآلاف في ساحة "الصفاة" بوسط العاصمة للغرض نفسه: المعارضون للحكومة يرون أنها حكومة "دب الدهر"، لكن مؤيدي الحكومة يرون أن بقاءها إرادة ديمقراطية!
ارتبطت كلمة المدى في سني الشباب المبكر بقصيدة لعلي محمود طه غناها الفنان الخالد محمد عبدالوهاب ومطلعها "أخي جاوز الظالمون المدى، فحق الجهاد وحق الفدى"، طبعاً كان المقصود بالظالمين في القصيدة إسرائيل المعتدية. لكن بقاء المسؤولين في مناصبهم مدى الحياة تجاوز ظالم للتجديد والطموح، وظلم للمسؤول نفسه الذي يجبر على البقاء في المنصب مدى الحياة. تجد أن أكثر المرددين لعبارة "الدوام لله" هو من صار الكرسي جزءاً من فقرات ظهره.
جاء الرئيس البرازيلي الأشهر في تاريخ بلاده -لولا دا سيلفا- من مدن الصفيح قبل ثماني سنوات فقيراً معدماً لكنه متسلح بالفكرة والأمل والإخلاص، وترك الرئاسة قبل أيام بعد أن نقل البرازيل إلى مصاف متقدمة في مؤشرات النمو والانتعاش الاقتصادي. الرجل لم يبق مدى الحياة، وترك سدة الرئاسة لأن الحياة بالنسبة له ليست كلها رئاسة فقط.
غداً سيتحول السودان إلى بلدين ورئيسه لا يزال يحكمه منذ ثمانينيات القرن الماضي، لا أريد أن يعتقد القارئ أني أحاول الربط بين "مدى الحياة" وتقسيم السودان، فما تقسيم السودان إلا مؤامرة لتقسيم الأمة العربية والإسلامية! تستذكر: أهناك تمزق وتقسيم أكثر من هذا؟ لا زلنا في البدايات، فتفجير الإسكندرية رسالة لم يفهمها إلا الأذكياء، فالمطلوب التمزّق وليس التمزيق فحسب.
سيصدر خلال هذا الشهر قرار بتوجيه أصابع الاتهام لمن تعتقد المحكمة الدولية للتحقيق في اغتيال رفيق الحريري أنهم وراء جريمة قتله. المحكمة أنشئت بقرار من مجلس الأمن ووافق عليها وعلى التعاون معها جميع الفرقاء في لبنان دون شروط بحثاً عن الحقيقة. أضاف "حزب الله" شرطاً لاحقاً للتعاون مع المحكمة الدولية: شرط ألا يتهمونا؟ فنحن أبرياء من أية جريمة في حق لبنان "مدى الحياة"، وإن اتهمتنا المحكمة، فسنحول لبنان إلى جحيم "مدى الحياة"!
*نقلاً عن "الاتحاد" الإماراتية