آخر الاخبار

تصريحات مفاجئة لرئيس الأركان الأمريكي: هناك قدرات لا نرغب في تقديمها لإسرائيل! تصريحات مفاجئة لرئيس الأركان الأمريكي: هناك قدرات لا نرغب في تقديمها لإسرائيل! تصريحات مفاجئة لرئيس الأركان الأمريكي: هناك قدرات لا نرغب في تقديمها لإسرائيل! مجلس الوزراء يُغرق وزارة الدفاع بالثناء اللفظي ويتجاهل صرف رواتب الجيش واستحقاقات وزارة الدفاع المالية صناعة القرارات الرئاسية في زمن رئيس مجلس القيادة الرئاسي.. قرارات تعيين رغم اعتراض غالبية الرئاسي وقرات يتم تهريبها بسرية .. تفاصيل لجنة المناصرة والتأثير بمحافظة مأرب تعقد ورشة عمل ناقشت دور السلطة المحلية والأحزاب والمنظمات في مناصرة قضايا المرأة رسالة من أمهات وزوجات المختطفين لقيادات جماعة الحوثي : ''نأمل أن نجد آذانا صاغية'' في اجتماع بقصر معاشيق.. قرارات وموجهات جديدة للحكومة اليمنية خلال رمضان فقط.. رابع حادثة وفاة لمختطفين في سجون الإنقلاب الحوثي قضاة محكمة العدل الدولية بالإجماع يوجهون امرا لإسرائيل .. تفاصيل

ردا على مقال(جلد الذات)
بقلم/ طارق عثمان
نشر منذ: 14 سنة و 6 أيام
الإثنين 22 مارس - آذار 2010 03:37 م

ما إن أعلنت مكبرات الصوت في مطار عمان عن وصول الطائرة اليمنية حتى علت الإبتسامات مُحَيا المواطنين الأردنيين الذين كانوا في صالة المطار ، وزادت التمتمات والهمهمات التي لم نفهم لها سبباً لا أنا ولا صديقي الذي كان يقف بجواري لنستقبل زميلنا القادم من صنعاء ، لكن زالت علامات الإستفهام التي تشكلت في راسينا بعد أن أمسك أحد الأردنيين بيد رفيقه وقال له بالحرف الواحد \" الطائرة اليمنية وصلت .. تعال نضحك شوية \"

أثارتنا هذه العبارة وغلت الدماء في عروقنا ولكن تماسكنا وقلنا لنرى ما الذي قد يدعو للضحك في الطائرة اليمنية.

وقفنا ضمن الجموع التي وقفت خلف الحواجز في المنطقة المخصصة للمستقبلين وبقينا ننتظر القادمين .

عقدت الدهشة ألسنتنا وخطفت ألواننا وتصببنا عرقاً في جو المطار المبالغ في تكييفه . لقد أطل علينا من البوابة أول مسافر يمني وأقسم بالله أنه كان في حالة مزرية وكأن الطائرة أقلته من الصحراء قبل أن يستعد للسفر ، فملابسه رثه وكأنها أسمال بالية وشعره منكوش قد علته صفرة وغبرة ووجهه كالح وشعر وجهه غير مرجل وساقاه التان برزتا من تحت المعوز يغطيهما الغبار وقد أنحدرت منها حبيبات العرق تاركة وراءها وديانا غائرة وقد إنتعل \" شبشب مهترىء \" وحمل أغراضه في خرقة كبيرة من القماش أردفها وراء ظهره...

إنفجر الجميع بالضحك وكأننا في مشهد مسرحي ... تلاقت عيناي بعيني زميلي وربما تلاقت أمانينا في أن تنشق الأرض وتبتلعنا ..

هتف زميلي الذي كان يشبه الأردنيين في ملامحه وله صوت جميل \" هاشمي ، هاااشمي ، وانا اشهد هااشمي ، ينصرك ربي أبو عبدالله يالهاااشمي \" وهي اغنية معروفة في مدح الملك حسين يرحمه الله ..

كان زميلي يرددها بدون وعي أو شعور وكأن لسان حاله يقول لا علاقة لنا بهؤلاء أو ليحيا الملك حسين الذي بنا ذلك البلد ، كان زميلي يقول هذه الكلمات بحرقة والدموع تترقرق في عينيه ، واوشك على البكاء ..

توالى خروج اليمنيين ومعظمهم في وضع يدعوا للشفقة ، وكأن الرحلة تحركت من فرزة الباصات في أحد المدن اليمنية ، فلا إهتمام بالمظهر ، ولا بالهندام ولا بحقائب السفر وهرج ومرج واصوات مرتفعة وافتقار للتنظيم والوجهة والهدوء ، العيون زائغة والخطوات متعثرة ، والأفواه فاغرة ...

هم إخواننا ولا شك ، هم أباؤنا ولا جدال ، هم أهلنا ولا نكران ، ونموت في حبهم وهواهمُ لكن لماذا هم هكذا؟؟؟ ...

 

أمضينا المسافة التي تفصل المطار بالعاصمة ونحن نتحسر على بلادنا ووطنا وشعبنا ، ونتحسر على الأيام الخالية التي كان الأردنيون يتعاملون معنا بكل إحترام وتقدير و إجلال لأننا يمنيون فقط ، فإذا استأجرت شقة وجدت الترحيب والحفاوة والتسهيل لأنك يمني ، وإذا دخلت المطعم تعالت عبارات التحية من النادل \" أهلين أبو يمن \"، ولكن تغير كل هذا فجأة بعد أن بدأت الرحلات تتوالى على عمان حتى وصلت إلى بضع رحلات في الأسبوع تحمل معها مئات اليمنيين الوافدين للإستشفاء حتى وصل العدد في أحد الشهور إلى عشرات الألوف وكأنها حالة نزوح جماعي ...

بدأت النظرة تتغير وبدأت نظرات السخرية والشماته وبدأت جوامع عمان تغص بالمتسولين في كل صلاة حتى وصل الأمر إلى أن أحد الزملاء كان معزوما عند أصدقائه في منطقة الرمثاء قرب الحدود السورية وفي صلاة العصر وقف متسول يمني ليسرد ذات القصة التي تسمعها في جامع التحرير ، أصبح الإنتماء لليمن يسبب للطلاب مشكلة حتى أننا حين ذهبنا لاستئجار سيارة وكنا ثلاثة سألنا العراقي الذي في المكتب بعد أن رمقنا بنظرة مستفزة بعد أن عرف أننا يمنيون \" كم في زيكم نظيفين في اليمن \"

أغلظنا له في القول وتجادلنا معه لكنه أفحمنا وخصوصا أنه زار اليمن وأخذ يحدث رفاقه عن المدن اليمنية والشوارع والفوضى والرشوة والفساد ، وختم ذلك بنكتة قال لهم : اليمن كل شي فيها زفت ما عدا الشوارع – يقال للإسفلت زفت ..

المقام لا يتسع هنا لعشرات القصص التي نعرفها هنا وفي دول أخرى حيث يحظى اليمنيون بمكانة ومنزلة لا يشاركهم فيها أحد حتى إذا سافر معارفهم من أهل تلك البلدة إلى اليمن أو بدأ اليمنيون بالتوافد على تلك البلدة حتى ينقلب الحال إلى نقيضه ..

لم يشفع لنا أن كثير من زملائنا كانوا من الأوائل على الجامعة الأردنية وفي كليات علمية كالطب والهندسة وغيرها وفي الجامعات الأخرى أهلية وحكومية وتحضرني أسماؤهم إلى الآن لم يشفع لنا ذلك في نستعيد الإحترام الذي فقدناه ...

لن أستفيض في ذكر القصص الكثيرة ألتي تحز في نفسي كلما تذكرتها أو سمعتها سواء في الأردن أوسوريا أوالعراق أومصر أوالسعوديةْ ودول الخليج ..

ولكن كان لا بد من الإتيان بنموذج واحد لأستعين به للرد على الأستاذ عبده بورجي الذي هو واحد من أهم اقطاب الحكم في اليمن .. الذي أعطانا درساً بليغاً في الوطنية والإنتماء والإعتزاز باليمن والفخر به وبدأه بقصة، متهما الشباب اليمني بانه يجلد ذاته وينظر لنفسه بدونية ويعاني من غياب قيم الولاء والإنتماء ..

مطالبا إياهم بإبراز الوجه الجميل والمشرق لليمن والذي يستطيعون من خلاله التأثير في نظرة الغير تجاه وطنهم ..

الأستاذ بورجي محق في مايقول ،

فلم يتم دفعه يوما من أبواب السفارات لانه يمني ، لم يحقر في المطارات لأنه يمني ، لم يرد عليه البعض باستعلاء وعنجهية في المنتديات والمواقع الحوارية لأنه يمني ، لم يقرأ النكات التي تقال عن اليمني ، لم يشاهد الصور والمقاطع التي تعرض باليمنيين ، لم يلحظ نظرات الدهشة المقرونة بالاستهجان عند بعض الجنسيات حين يعرف انك طبيب او صيدلي أو مهندس يمني ...

لم يعاني من التمييز في الشركات المتعددة الجنسيات لأنه يمني فقط مهما كنت متميزا ..

لم يسمع البعض يقول مستخفا بمن دهسته السيارة \" الحمد لله طلع يمني \"

لم تسلب حقوقه لأنه يمني لا ظهر له .

لم يقبض عليه متسللا في أحد المناطق الحدودية لاهثا وراء لقمة العيش ليتلقى بعدها الصفعات والركلات والشتائم التي تحط من قدره وقدر بلده لأنه يمني .

لم يتلطم في بلدان الإغتراب والشتات والمهاجر لانه يمني .

لأستاذ الكبير يسمع كلام الحفاوة والترحيب وتفرش له السجادة الحمراء ويستقبل في صالة كبار الضيوف وينزل معززا مكرما في القصور أو في الفنادق المرصعة بخمسة نجوم فأكثر ويتحاور مع دبلوماسيين يجيدون لغة المجاملات ويتقنون فنون التودد ونسج العلاقات ولا يمكن لاحدهم أن يتلفظ بكلمة واحدة فيها التقليل من شأن اليمن ..

من يعيش هذه الأجواء التي يعيشها القلة أمثال الاستاذ عبده بورجي ويظن أن اليمنيين جميعا يعيشونها من حقه أن يستنكر حالة ( جلد الذات ) .

من حقه ان يعطي دروسا في الإنتماء والإعتزاز بالوطن من حقه أن يستشهد بالابيات والقصائد الجميلة التي تتغنى باليمن ، كما نفعل نحن حين أصبحنا نحفظ كل الأحاديث النبوية التي تشيد باليمن وأهله وتبين فضلهم دون أن نستطيع أن نقنع الناس أن هذه الأحاديث فعلا صحيحة أو إقناع من يعرف أنها صحيحة أننا نحن اليمنيون المعنيون بهذه الأحاديث ..

أو محاولاتنا المفاخرة ببعض منجزات أقوام ماتوا وشبعوا موت منذ آلاف السنين .

من حق الأستاذ ان يناشد الجميع للبحث عن الأشياء الجميلة التي تدعوهم للفخر ببلدهم ..

ونحن بدورنا نناشده ونناشد من خلاله أولي الأمر أن يعملوا ما يجعلنا نفخر ببلدنا ووطننا ..

فـ ( جلد الذات ) تمر به شعوب كثيرة في حقب إنحطاطها وتدهورها وضياعها وسقوط هيبتها بين الأمم ، جلد الذات هو أحد أعراض سنين النكبات والنكسات والهزائم ..

ولكي نفتخر لابد

ان ننتصر على الجهل والأمية لا أن يزيد الغارقون فيها سنويا وبمتتالية عددية.

نريد أن ننتصر على الفقر لا أن ينتصر الأغنياء فينا ..

نريد أن تخصص ثروات البلد لبنائه وتعميره وتطويره وإظهاره بأحسن صورة ، لا لتصفية الخصوم .

نريد ان يكون لنا كرامة أينما ذهبنا لا أن تتآمر علينا سفاراتنا وممثلينا في كل مكان .

نريد أن ينتشر التعليم والرخاء وهما كفيلان بتغيير صورة اليمني كما غيرت جيرانه خلال سنوات معدودة.

نريد أن لا نكون البلد الأول في الشريط الأخباري لمعظم القنوات الفضائية وفيما لا يشرف ..

لا نريد ان نكون الأسوا في التعليم ، والصحة ، والرياضة ، والأمن والاستقرار ، والديمقراطية والشفافية ، والفساد ...

ثم يطلب منا أن نفتخر ببلدنا !!!!

في كل دول العالم التي عانت من جلد الذات في بعض سنين عمرها كانت القيادة هي من أعاد لهذه الشعوب ثقتها بنفسها وبذاتها وبقدرتها فهل أنتم مستعدون لفعل ذلك فالامر كله بيدكم وليس بيد الشباب الذين لا حيلة لهم إلا التحسر على حال بلدهم الذي تهدر كرامتهم فيه وفي غيره ويبذلون ما بوسعهم للشموخ والإعتزاز ولكن دون أن يستند على ارض صلبة وحدكم القادرون على إعدادها...

أخيرا لا نريد من القراء من يأتي ليعضنا بأن الفقر ليس عيبا ، لأننا ندرك أنه ليس عيبا ولم يكن يوما من الأيام سببا في جلد الذات اليمنية ، ففي سبعينات القرن الماضي وتحديدا في ظل حكم الحمدي رحمه الله كان اليمني يرفض بكل أنفة أن يتخلى عن جنسيته لصالح اي جنسية أخرى ، واليوم يعض أصابع الندم أنه لم يفعل ...

فهل أدركتم السبب ..

عندما يجلدك المكلفون بحمايتك ولا تملك دفع الضر عن نفسك فلا تملك إلا التلذذ والمشاركة بجلد الذات ..