عن مواقع التواصل الإجتماعي كظاهرة تستحق الدراسة
بقلم/ محمد مصطفى العمراني
نشر منذ: سنتين و شهر و 20 يوماً
الأحد 06 فبراير-شباط 2022 05:33 م
 

 انخفضت بالأمس قيمة أسهم شركة الفيسبوك " ميتا " بأكثر من 230 مليار دولار - في أكبر خسارة يومية تُمنى بها شركة أمريكية وسجلت أسهم منصات ميتا هبوطا مقداره 26.4 في المئة جرّاء إحباط المستثمرين من الأرقام ربع السنوية التي حققتها الشركة. وقالت ميتا إن عدد المستخدمين اليوميين الناشطين لفيسبوك تراجع للمرة الأولى في تاريخ المنصة الممتد لـ 18 عاما.

لقد تحولت هذه الشركات من فكرة صغيرة إلى شركات عملاقة دخلت بقوة في سوق المال والأعمال وأحدثت ثورة كبيرة في الأفكار والإعلام وفي حياة الناس .

ومثلما روجت مواقع التواصل الإجتماعي للكثير من التافهين كذلك سوقت للكثير من الرائعين وكشفت عن مستوى تفكير الكثير من الناس بصورة لم نكن نتوقعها . لقد شكلت وسائل التواصل الإجتماعي ما سمي بـ " الإعلام الجديد " وكسرت احتكار وسائل الإعلام التقليدية للأخبار والمواد الإعلامية وصار بإمكان الشخص العادي أن يساهم بنشر المعلومات والأخبار ومن موقع الأحداث أيضا وهو ما يعد طفرة كبيرة في الإعلام .

لقد حققت وسائل التواصل الإجتماعي طفرة غير مسبوقة من الانتشار والجماهيرية حيث بلغ عدد مستخدميها النشطين يومياً 3.78 مليار مستخدم، أي ما يعادل نصف سكان العالم تقريباً وتصدر الفيسبوك وسائل التواصل الإجتماعي حيث يبلغ عدد مستخدميها النشطين شهرياً 2.32 مليار مستخدم حول العالم. في اليمن ومصر والشام والسودان والمغرب ما يزال الفيسبوك هو المتصدر بينما يتصدر تويتر في الخليج بشكل كبير جدا وبحسب العديد من الدراسات فإن أكثر فئة عمرية تستخدم شبكات التواصل الاجتماعي بشكل يومي هي فئة الشباب تلك التي تراوح أعمارها ما بين 18-29 عاماً، بنسبة 84%. تليها فئة 30-49 سنة بعدها بنسبة 81%، ثم 50-64 سنة بنسبة 73%، وأخيراً فئة 65 سنة وما فوق، بنسبة 45%.

يقضي كل شخص في المتوسط ساعتين و25 دقيقة من وقته يومياً على منصات التواصل. يرى 73% من المسوقين أن التسويق عبر التواصل الاجتماعي له أثر على أعمالهم، ومنهم من يرى أن الأثر كبير جداً. يستخدم 54% من المتصفحين التواصل الاجتماعي للبحث عن منتجات، ويدل هذا على مدى قوة هذه المنصات في ترويج السلع والخدمات التجارية. %71 ممن مروا بتجربة إيجابية بعد تسوقهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي من المرجح أن يقوموا بتزكية العلامة التجارية التي اشتروا منها لأصدقائهم وأفراد أسرهم، وتبدو هذه النسبة مرتفعة. مؤخرا ازداد عدد مستخدمي صور وقصص إنستغرام النشطين يومياً من 150 مليوناً في يناير 2017 إلى 500 مليون مستخدم نشط يومياً حول العالم حتى يناير 2019. %91 من جميع مستخدمي التواصل الاجتماعي يدخلون إلى تلك المنصات من خلال هواتفهم الذكية، كما أن 80% من إجمالي الوقت الذي يقضيه الناس على هذه المنصات يكون من الهواتف الذكية.

أما تيك توك، فيبلغ عدد مستخدميه النشطين شهرياً مليار مستخدم. يقضي المستخدمين على التطبيق في المتوسط 52 دقيقة لكل مستخدم يومياً، وتم تحميل مقاطع تيك توك أكثر من 2.6 مليار مرة حول العالم بحسب موقع .wallaroomedia أما أكثر البلدان استخداماً للتواصل الاجتماعي حسب إحصائيات 2020، هي الصين، وبلغ عدد المستخدمين تقريباً 926 مليوناً، تليها الهند بحوالي 350 مليوناً، ثم إندونيسياً بحوالي 199 مليوناً، ثم الولايات المتحدة 223 مليوناً، ثم البرازيل 141 مليوناً. في العالم العربي أنتشرت مواقع التواصل الإجتماعي عقب احتجاجات 2011م وما سمي بـ " الربيع العربي "وما أعقبه من أحداث وتطورات بشكل كبير .

* منشورات الفكاهة والتهريج

تتقدم على المنشورات الجادة ! الحقيقة أن الكثير من المنشورات الرصينة والكتابات الجادة لا تحقق الكثير من الانتشار والتفاعل في مواقع التواصل الإجتماعي ، عكس المنشورات التي تميل للفكاهة والتهريج والطرافة أو الشتائم والتهجم على بعض الشخصيات والجهات والتي تجد تفاعلا كبيرا وانتشارا وأصداء واسعة في مواقع التواصل وهذا يؤكد أن الكثير من متصفحي هذه المواقع يبحثون عن الترفيه والتسلية والطرافة أكثر مما يبحثون عن المعلومة والفكرة الجادة والكتابات الرصينة التي تستحق القراءة.

هناك نخبة من الكتاب يكتبون كتابات رصينة ولهم منشورات جادة وقد اوجدوا لهم جمهورا من خلال كتاباتهم المتواصلة منذ سنوات ومن خلال اصداراتهم وحضورهم في وسائل الإعلام الأخرى مثل التلفلزيون حتى صار لهم جمهورا كبيرا في مواقع التواصل الاجتماعي ولكن هؤلاء قلة قد لا يتجاوزون عدد أصابع اليدين على مستوى اليمن بتقديري .

من خلال تجربتي منذ أكثر من عشر سنوات من الكتابة في الفيسبوك أحيانا أكتب منشورا أو مقالا أتوقع أن يحدث تأثيرا وأن يتفاعل معه الناس لأهميته - من وجهة نظري - وبعد نشر ما كتبته أظل أتابع الأصداء وأرصد التفاعل فتكون النتيجة مخيبة للآمال بينما بعض المنشورات العفوية القصيرة تجد لها تفاعلا كبيرا وانتشارا أكبر مما أتوقع . ! هناك كتاب تدخل صفحاتهم فتجد منشورات جادة وكتابات رصينة تستحق أن تقرأ وستساهم لو انتشرت في صناعة وعي حقيقي وتتعجب كيف أنها لم تجد ما تستحقه من التفاعل والاهتمام وبالكاد تنال عشرات الإعجابات بينما منشورات الزبج والتهريج تحصد مئات اللايكات والتعليقات .!

البحث عن منشورات الإناث !

أما اهتمام البعض بما تكتبه بعض البنات أو الأسماء المؤنثة من منشورات رغم سخافتها وعدم حملها لأي فكرة فهذا أمر يثير الاستغراب فعلا والبعض يعزوه للحرمان العاطفي والرغبات المكبوتة للشباب ونظرتهم للجنس الناعم ، تكتب إحداهن منشور مخيط بصميل ولاتكاد تخرج منه بجملة مفيدة فتنهال عليها مئات اللايكات من ذوي القلوب الحمراء وعبارات الثناء والإشادة وكأنها قد توصلت لاكتشاف علمي مذهل أو جاءت بما لم يستطعه الأوائل .!

ظاهرة مواقع التواصل الإجتماعي بما فيها ومن فيها تستحق الدراسة ، انها ظاهرة جديدة وتعبر عن واقع جديد بغض النظر عن رؤيتنا لهذا الواقع الجديد .