حراك وكلام فارغ
بقلم/ رشاد الشرعبي
نشر منذ: 15 سنة و 7 أشهر و 21 يوماً
الثلاثاء 05 أغسطس-آب 2008 01:01 ص

من عمى بصر وبصيرة النظام الحاكم ان يفتتح الأسبوع المنصرم بتبرير رئيس الوزراء لفشل حكومات المؤتمر المتعاقبة, ومنها حكومته, بحرب صعدة وتفجيرات القاعدة والحراك السلمي, ليختتم رئيس الدولة ذات الأسبوع بإعتبار ذلك "الحراك مجرد كلام فارغ".

الحراك الشعبي هذا بادر إليه إخواننا في المحافظات الجنوبية وأمتد إلى المحافظات الشمالية, وإن كان بصورة أقل, كان فعلاً حضارياً وسلمياً وديمقراطياً راقياً, لا تفهم معناه وتحترمه سوى الأنظمة التي تحترم نفسها وشعبها والديمقراطية كقيم وسلوك وممارسة, فتتعامل معه برحابة صدر وتلبي مطالبه بقدر إستطاعتها وتعتذر أو تبرر لعدم تلبية مالم تستطع.

لكن الأنظمة التي هي على العكس من ذلك, كشأن نظامنا, فهي لا تهتم لمصلحة وطنها ولا تحترم شعبها ولا الديمقراطية التي ترفعها كلافتة للتسول والخداع وإستجداء المانحين والضحك على شعب خبرها وخبر براءة الديمقراطية والمصلحة الوطنية منها كبراءة الذئب من دم يوسف بن يعقوب عليهما السلام.

من الواجب على هكذا نظام صار يعاني من عمى البصر والبصيرة أن يفكر قليلاً إن كانت تهمه مصلحة وطنه وشعبه ويحترم نفسه.

 ففي حال كان الحراك السلمي في الجنوب او الشمال مجرد كلام فارغ, فهل على المنخرطين فيه الإتجاه للإنخراط في حراك شبيه بالحراك المسلح للحوثيين شمالاً والقاعدة والتنظيمات التي تتخذ من العنف وإراقة الدماء وسيلة للتغيير وتلبية المطالب؟.

هل على نشطاء الحراك السلمي ان يغادروا مربع الكلام الفارغ إلى مربع (الكلام المليان) بالرصاص والتفجيرات والدماء وضرب الإقتصاد و القطاع السياحي وتدمير كل شيء جميل في الوطن, لملء عيون النظام اللابصيرة حتى يحصلوا على الإحترام والتقدير ويرضخ لمطالبهم الحقوقية المكفولة دستورياً أوغيرها؟.

ومع تكرار التأكيد على أهمية إيقاف حرب صعدة التي أمتدت إلى بني حشيش في صنعاء وحرف سفيان بعمران وفي الجوف بإعتبار ذلك ضرورة وطنية وواجب ديني وإنساني.

 لكن النظام يدفع الآخرين ممن يؤمنون بالنضال السلمي كوسيلة للتغيير والتعبير عن المطالب إلى اللجوء لذات الأسلوب والكلام المليان الذي لجأ إليه اتباع الحوثي لأكثر من 4 سنوات لتحقيق مطالبهم المعلنة وغير المعلنة.

هذا نظام لا يفهم سوى لغة القوة والنضال الملطخ بالدماء وآلاف القتلى والجرحى (منتسبي الجيش والأمن أو الحوثيين أو المواطنين أو المتطوعين) غير الخسائر الإقتصادية في الخزينة العامة وممتلكات المواطنين وتفكك في النسيج الإجتماعي, وعندها يجد النظام نفسه مجبراً لإحترام من ينتهجون هذا الخط والتفاوض معهم وإحترامهم كمواطنين يتميزون بأسلوب للمطالبة ليس مجرد كلاماً فارغاً.

وليس من الغريب في ظل نظام كهذا فقد بوصلة الحكمة والرشد, ان ينشر في الأسبوع ذاته بياناً لإحدى الجماعات الجهادية في المحافظات الجنوبية تؤكد أنها ستخوض معه كنظام فاسد وعميل مواجهة مسلحة ستمتزج فيها الدماء بالخسائر المتنوعة للشعب والوطن.

 فهي ستكون بالتأكيد مواجهة تختلف عن حراك سلمي عده النظام كلاماً فارغاً, وتبشر هذه الجماعة أبناء المحافظات الشمالية بتحريرهم من ذات النظام في حال أنجزت التحرير في الجنوب.

هو ذات النظام الذي يدعو مسئوليه على أعلى مستوى من واجهوه بالسلاح للعودة إلى منازلهم, وهذا أمر نرحب به لإنهاء الحروب المتكررة, لكنه مستمر بالتنكيل بالصحفي الخيواني والعلامة محمد مفتاح المختفى قسرياً والكثيرين من الشباب على ذمة تهم أو شبه تتعلق بذات الحرب, وتزعم السلطات أن أدوات جرائمهم أقراص مدمجة أو أقلام مرتعشة أو إعتقادات ومواقف عبروا عنها بالرأي وليس بالصواريخ أو المفجرات.

إنه نظام يدفع بشعبه ليس فقط إلى الكارثة, ولكن إلى الإندثار والإنهيار أخلاقياً وإجتماعياً وإقتصادياً وسياسياً والإختفاء من الخارطة الإقليمية والدولية, بعد ان صار كوطن على الهامش رغم موقعه الإستراتيجي وتاريخه الممتد لآلاف السنين وكمه البشري ومساحته الجغرافية المترامية الأطراف وبشواطيء بحرية لأكثر من 2500 كيلو متر.

وبالتأكيد فإن مقارنة الحراك السلمي بحرب صعدة وتفجيرات القاعدة أو إعتباره مجرد كلام فارغ, ليس فقط كلام جرائد وخطب رنانة وتقارير حكومية أمام البرلمان لتبرير الفشل, لكنه ممارسة وسلوك وثقافة لدى النظام.

 فالصحفي الخيواني والفنان فهد القرني رمزان للحرية والنضال السلمي, لكنه يتم إقتيادهما بالقيود والأغلال إلى محاكم النظام, فيما الخاطفين لليمنيين والأجانب والمحاربين بالسلاح والمتمردين على النظام والقانون وناهبوا الأراضي العامة والخاصة ومالكي السجون الخاصة يسرحون ويمرحون في كل أرجاء البلاد والكثيرين منهم يحظون بالإمتيازات والمناصب.

* طمعاً في مناطقية وزيرنا العليمي

الفنان القرني يتم إقتياده من السجن المركزي بتعز إلى المحكمة مقيداً بالأغلال ومرتدياً بزة السجن, لكن مدير أمن شرعب السلام الأسبق الذي قتل أحد ضباط الأحوال المدنية في وضح النهار وفي منزله وبين أطفاله, يصل مبنى المحكمة بالسيارة الخاصة بمساعد مدير أمن محافظة تعز وبرفقته أيضاً دون قيود أو ملابس السجن.

والسؤال موجه لوزير الداخلية ومن هو أعلى مرتبة منه ونخص نائب رئيس الوزراء لشئون الدفاع والأمن (الدكتور رشاد العليمي) ومسئولي الجهاز القضائي, هل الرائد عبده غالب حسن الذي قتل في منزله ظلماً وعدوانا يمتلك المميزات الممنوحة له كضابط شرطة كشأن قاتله الضابط في ذات الجهاز (وزارة الداخلية)؟, قبل الحديث عما إذا كان يمتلك حقوق المواطنة التي تساوي بينه والقاتل كمواطن يمني وإنسان أيضاً؟.

وإذا كانت العصبية المناطقية لمساعد مدير الأمن أكثر حضوراً من واجبه الدستوري, ماجعله يدلل القاتل في سجنه وأثناء نقله إلى المحكمة ومنحه إمتيازات لا تمنح حتى للمتهمين في قضايا النشر أو غير الجنائية, فهل لأولياء دم القتيل وأبناء منطقته الحق في أن يطمعوا بحضور العصبية المناطقية لدى الدكتور العليمي ليرسل سيارته فقط, وليس شرط حضور شخصه القدير, ليتمكنوا من الوصول إلى محكمة يضرب حولها طوقاً أمنياً لا يستطيعون الفكاك منه؟. 

Rashadali888@gmail.com