آخر الاخبار
تفسير الموقف الروسي الداعم للنظام السوري
بقلم/ د.فيصل الحذيفي
نشر منذ: 10 سنوات و 9 أشهر و 26 يوماً
السبت 01 يونيو-حزيران 2013 04:35 م

روسيا هي الدولة الوارثة لتفكك الاتحاد السوفيتي في مطلع التسعينيات ، وقد تلقت حينها ضربتين موجعتين تلقتهما من خصمين لدودين هما التنظيمات الجهادية والولايات المتحدة الأمريكية .

الأولى: خروج العراق عمق الشرق الأوسط من دائرة نفوذها انتزاعا ولم تكن في وضع يسمح لها بالدفاع عنها.والثانية:خروج يوغسلافيا الصربية الحليف الرئيس لها في منطقة القوقاز ...

روسيا بعد ان استعادت قوتها الداخلية ونفوذها الدولي لا تريد تكرار سقوط مناطق نفوذها وهي تحاول إفشال التآمر الأمريكي ضد عودتها القوية إلى مسرح السياسية الدولية بأضعافها داخليا، وكانت هذه النتيجة هي خلاصة فترة حكم بوتن الأولى والثانية وما يجري في سوريا اليوم هي حرب بالوكالة بين قوى إقليمية ودولية ..

من جهة أخرى روسيا لديها ثأر أليم وقاسي مع الجماعات الجهادية في كل من أفغانستان (1979 – 1989 ) أيام الاتحاد السوفيتي حرب العشر سنوات والإسهام في هزيمة الاتحاد السوفيتي وتفككه من الداخل تحت وقع النفوذ الأمريكي والدعم اللامحدود لخصوم السوفيات..

ولديها ثأر ممتد مع الجماعات الجهادية في حرب الشيشان في العمق الروسي، وهي تنظر الى هذه الجماعات باعتبارها أدوات أمريكية ربما يعاد تشكيل قوتها في القتال في سوريا ثم يصار الى تجميعها مرة أخرى للقتال في المناطق الإسلامية عمق النفوذ الروسي في كل من كازاخستان وطاجيكستان واوزبكستان ومناطق أسيا الوسطى الامتداد الطبيعي والحيوي للنفوذ الروسي أو داخل روسيا نفسها مثل داغستان اوالشيشان ...

روسيا في العام 1990 تركت العراق تسقط في يد أمريكا - بعجز فاضح - لأنها كانت تعيش مرحلة تحولات عميقة وضعف داخلي لا تقوى معه على المواجهة الخارجية مع أمريكا والغرب عموما وهي تجري إعادة بناء الدولة القوية في الداخل ، وبالتالي هي لا تريد ان تخسر آخر معاقلها اليوم في الشرق الأوسط وتحديدا في سوريا ، إنها اليوم بدفاعها المستميت مع النظام السوري إنما تستعيد دورها الدولي بعد فترة من الخمول بسبب ضعفها الداخلي بالتحول المفاجئ من النظام الاشتراكي إلى النظام الرأسمالي..

روسيا تريد أن ترد الصاع صاعين لأمريكا والجماعات الجهادية التي نهشت في جسد روسيا في مرحلة دقيقة وحساسة، وليس من المستغرب ان تزود روسيا حليفها السوري بصواريخ اس 300 العابر للحدود ليس للاستعمال الداخلي وإنما للتهديد الخارجي بغرض الردع عند اللزوم من أي تجاوز في التدخل العسكري الغربي المباشر كما كان الحال في ليبيا أو صربيا ..

تنظر روسيا الى مصالحها في الشرق الأوسط من خلال الحفاظ على مناطق نفوذها وترتبط ذلك ببقاء النظام السوري مهما بدا للخصوم دمويا وبشعا وهي كذلك تبقى دعمها النووي لإيران ومد جسور من العلاقات المتزنة مع تركيا وهي مناطق أكثر حساسية وأهمية لها تشمل قلب الشرق الأوسط (إيران وسوريا وتركيا ) لم تكن إيران قادرة مرحليا بمفردها بتطوير المنشآت النووية دون دعم روسي لا محدود، ومخطئ من ينكر أن حربا بالوكالة تجري بالشرق الأوسط بين أمريكا وروسيا على جغرافية شرق أوسطية عصية على الذوبان في خانة المتصارعين الكبار .. إن صراعا ناعما يجري بين القوى الدولية والإقليمية تسيل له انهارا من الدماء داخل سوريا لما يقترب من ثلاثة أعوام ولم يتوقف النزيف بعد ... بينما النظام الإقليمي العربي يعيش حالة من التهريج والفرجة دون اقتدار ..

hodaifah@yahoo.com