من أين يبدأ هادي؟ وإلى اين يتجه؟
بقلم/ عبدالسلام راجح
نشر منذ: 11 سنة و شهرين و 7 أيام
الجمعة 18 يناير-كانون الثاني 2013 03:47 م

في ظل الأخبار الواردة في العديد من الصحف المحلية والعالمية التي تحكي عودة سياسة الأقارب والأولاد إلى سدة الحكم وتفردها مرة أخرى واستحواذها على اهم المؤسسات المدنية والعسكرية,ليظل الباب مفتوحا أمام العديد من الإستفسارات التي هي الأخيرة .

أصبحت لدى البعض شكوكا حول عودة الحكم إلى ماكان عليه بل اكثر من السابق,وهذا ما تمثل في تلك القرارات والتعيينات التي افزعت الكثيرين وازعجتهم خاصة على خلفية ما قامت به بعض وسائل اعلام الشعب في إصدار التهم والتخوين لصحيفة القدس ومراسلها خالد الحمادي الذي تحدث عن ممارسة أبناء هادي سلطات سيادية إلى جانب بعضا من أفراد قبيلته.

على نفس الصعيد أوضحت وسائل إعلامية مقربة من الرئيس هادي ان القرارات والتعيينات تتجه نحو تغليب الجوانب المهنية والكفاءة العلمية والوطنية على القبيلة والمناطقية ,داعيا وسائل الإعلام الى توخي الدقة والعمل من أجل دفع عجلة التغيير الى الأمام ، خصوصا واننا قادمون على مؤتمر حوار يجمع كل أطياف الوطن, وأوضحت بعض المصادر ان القرارات جاءت لإحداث توازن القوى على الساحة بما يضمن نجاح مؤتمر الحوار.

لقد بدأ هادي فعلا وانطلق من قاعدة شعبية واسعة أعطته كافة الصلاحيات ليمارس سياسته التي مازالت محل تفاؤل الكثير,والتي مازالت تترقب قرارات تنبع من صميم الوطنية التي عرف بها هادي طيلة عمله السياسي في الفترة السابقة .

بدأ هادي بإزاحة صالح من المشهد السياسي ثم عمل على قص جناحي صالح وذلك بالإطاحة بأخيه من القيادة الجوية ولم تقف عند هذا الحد بل عملت قراراته بملاحقة عائلة صالح وتنظيف المشهد السياسي من أقاربه الذين يتقلدون مناصب ذات أهمية كبيرة في الجيش والإستخبارات.

هادي الذي وصف بهدوئه المعتاد قبل إصدار اي قرار بما يعني الهدوء الذي يسبق العاصفة التي تعري شطان الماضي وتقتلع نظام حكمه الفاسد وتلقي بهم خارج اللعبة السياسية كون المرحلة بحاجة إلى إجراء عملية استئصال طارئة لسرطان صالح وفيروساته المدمرة لحلم الملايين التي أطاحت به .

لماذا أقارب هادي ؟يعودون إلى تقليد عهد صالح البائد؟ ولماذا لا تخلوا التعيينات الجديدة من أقارب هادي أو أحد من أبناء منطقته ؟

و للإجابة على هذا السؤال:نقول ان سياسة هادي تنبع من تجربه طويلة للمشهد السياسي طيلة الفترات السابقة وبحكم كونه قريبا من رؤوس الحكم الماضية ,فهو لاينسى الاغتيالات التي تعرض لها العديد من الرؤساء السابقين ومنهم الحمدي شمال الوطن وغيره في الجنوب,مدركا أن سببها ينبع من عدم التوازن ورجوح كفة العنف لطرف معين قد يتوزع بين القبيلة أحيانا وأخرى بيد قادة عسكريين.

ولإحداث توازن يضمن سير الحوار بنجاح ودخول اليمن مرحلة من التوافق والإحتكام لصوت الوطن وتغليبه على الإملاءات الضيقة كل ذلك بحاجة لأشخاص يكونون على قدرة عالية من الوطنية ومتحمسون لقيادة الوطن إلى بر الأمان.

ولذا فإن قرارات هادي تختلف عن الرئيس السابق الذي احتكر أهم المؤسسات العسكرية والمدنية لعائلته وأفراد قبيلته,بينما أبناء هادي لم يقلدوا قيادة الحرس أو الفرقة وجعلها تحت حكمهم وتسخيرها لهم ,لضمان بقاء السلطة بأيديهم,فهم كغيرهم لايختلف عليه إثنان من أن الرئيس هادي يريد ضمان نجاح الحوار وخروج بالوطن من بوتقة الصراع وشبح الحرب وتجفيف منابع الإرهاب.

بدأ هادي ومعه الكثير من الوطنيين وفي مقدمتهم أبنا قبيلته من قادة وأفراد, الذين قدموا التضحيات الكبيرة .فيما لازالت عبوات القاعدة ورصاصات الإرهاب تطارد هادي مع أبناء جلدته في كل مكان,ولذا وجدناهم في مقدمة الصفوف حيث كان وزير الدفاع يشرف على تحرير أبين, وكان قائد المنطقة الجنوبية الشهيد القطن مثالا في التضحية والفداء من أجل الوطن ,أما صالح وعائلته وأفراد قبيلته فكانوا يديرون المعركة من مكانهم ودواوينهم عدا القائد على محسن الذي كان مثالا للقائد الحكيم والشجاع. الفرق واضح بين الماضي والحاضر وسيكون في المستقبل أكثر إشراقا حينما تتضح النوايا الحسنة للرئيس هادي ومعه أبناءه وأفراد قبيلته وكل الوطنيين الشرفاء وكل اليمنيين.

فعلينا جميعا ان نفهم أن هادي ليس صالح ولن يكون نموذجا يحاكي الماضي البائد,لذا فهو يقوم بما يملي عليه ضميره الوطني,ولو أراد الانفصال لكان اليمن الآن شمالا وجنوبا ,لكن هادي مع أبناءه مشروع فدائي لهذا الوطن, وما يقوم به ليس إلا احتراز وحيطة قام به قبله ولو بشكل بسيط الشهيد إبراهيم الحمدي,والواقع والظروف المحيطة تستوجب الحذر لأن المتربصين بالوطن لن يتوانوا في التربص بقيادات الوطن .

إن هادي بدأ بالهدوء وسيغدو الإعصار الذي ستحكي عنه الأجيال القادمة بكل حب وامتنان.