الاحتلال الصهيوني يكشف عدد القتلى والمصابين في صفوف قواته منذ بدء حرب غزة كيفية تحويل محادثات واتس آب الرقم القديم إلى الرقم الجديد دون فقدان البيانات موعد مباراة مان سيتى ضد ريال مدريد فى ربع نهائى دورى أبطال أوروبا وظيفة راتبها 100 ألف دولار والعمل من المنزل.. ما هي المليشيات تكشف حقيقة سحب عملتها المعدنية الجديدة فئة 100 ريال واشنطن تعلن تنفيذ ضربات استباقية ضد الحوثيين تهديد حوثي جديد باستهداف مطار المخا وإخراجه عن الخدمة نادي أتلانتا يستعد لأكبر مباراة في تاريخه أمام ليفربول صحيفة أمريكية تكشف :هكذا إستعدت إيران للضربة الإسرائيلية المرتقبة الصين تحذر واشنطن من فتح تحقيق يستهدف صناعاتها
Ahmdm75@yahoo.com
ظل المؤتمر الشعبي العام خلال الفترة الماضية، الأداة السياسية والإدارية التي حقق من خلالها النظام السابق أهدافه في الاستحواذ على كل مفاصل السلطة والثروة وتضاعف هذا الدور منذ منتصف التسعينات، فإلى جانب هجمة الفساد المالي متعددة الأشكال والألوان مارس المؤتمر الشعبي سياسة اجتثاث شاملة بحق كل المعارضين له وفي مقدمتهم المنتمين لأحزاب اللقاء المشترك في مختلف مؤسسات الدولة وعلى جميع المستويات الإدارية بصورة لم يكن أحد يتصورها بل لم يسبق أن عرفتها أي من دول العالم الثالث. وكل ذلك تم تحت مبرر حصوله على الأغلبية المريحة ثم الأغلبية الكاسحة.
وفي الوقت الذي قام فيه بعملية إحلال وظيفي بعيدة كل البعد عن أبسط المعايير والشروط القانونية ظل خلال الفترة الماضية يرفض إجراء أية إصلاحات مالية أو إدارية، ولم يكتف بحرمان الوطن من الكفاءات والخبرات وبحرمان أبناء جلدته من حقوقهم الوظيفية المشروعة، بل عمل على حرمان البلاد من الحصول على المنح والمساعدات التنموية، كما هو الحال لما تم اعتماده في مؤتمر المانحين بلندن 2006م، حيث رفض الشروط المرتبطة بتلك المنح والمتعلقة بضرورة إجراء إصلاحات مالية وإدارية واتباع برنامج شفاف لمكافحة الفساد وتجفيف منابعه.
ومع قيام الثورة الشعبية الشبابية السلمية (فبراير 2011م) برز المؤتمر الشعبي العام مدافعاً ومنافحاً ومبرراً لكل الجرائم التي ارتكبت ضد الثورة وشبابها، ولم يخرج خطاب المؤتمر عن مضامين خطاب أجهزة القمع العسكرية والأمنية.
وفي سياق التسوية السياسية جاءت المبادرة الخليجية لتحافظ على المؤتمر الشعبي العام عبر منحه الحصانة، وعبر إعطاءه 50% من حكومة الوفاق، وعبر بقاء مجلس النواب الذي يملك المؤتمر الأغلبية الكاسحة فيه. وقبل الناس هذه التسوية خلافاً لما آلت إليه نتائج ثورات الربيع العربي الأخرى، بهدف إرساء تجربة سياسية يمنية تُنهي حالة التوتر والتمترس والترصد المتبادل وتزرع في أوساط المجتمع حالة من الاطمئنان والأمل وتدفعهم للعمل معاً من أجل بناء مستقبل آمن ومزدهر.
ومع الأسف فمنذ التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية (23 نوفمبر 2011م) لم يغير المؤتمر الشعبي العام سياساته العدائية والإقصائية، وبدلاً من الاعتذار للشعب ولأبناء جلدته على ما فعل بهم خلال السنوات الماضية، راح يتجاهل كل الاستحقاقات المرتبطة بتلك التسوية، فها هو يرفض إجراء أية إصلاحات إدارية أو سياسية ويرفض إعادة هيكلة الجيش ويرفض حل مشكلة عشرات الآلاف من الكفاءات والخبرات الذين عمل على اجتثاثهم من مواقعهم الإدارية بدون وجه حق. ويرفض أن يمارس بقية أعضاء حكومة الوفاق مهامهم الدستورية والقانونية، وتحول إلى حجرة عثرة أمام ما يجب عمله لإعادة المتطلبات الحياتية والمعيشية التي كان له اليد الطولى في حرمان أبناء الوطن منها خلال عام كامل.
وما قام به المؤتمر الشعبي مؤخراً، على مستوى مجلسي النواب والوزراء، وما رافق ذلك من حملة إعلامية وسياسية شرسة وصلت إلى حد الإسفاف ضد الأستاذ محمد سالم باسندوة، كل ذلك يؤكد أن هناك توجه داخل المؤتمر الشعبي العام يبحث عن مبررات للتنصل من الالتزامات والعمل على إرباك الحكومة وإفشالها، وذلك في سياق الظن أن هذا هو الأسلوب الأمثل لكي يحافظ المؤتمر على منجزات الفساد التي حققها خلال الفترة الماضية، فيشغل نفسه ويشغل الآخرين عن الإصلاحات المطلوبة، حتى يجد الرئيس هادي وحكومة الوفاق أنفسهم في نهاية الفترة الانتقالية صفري اليدين، وتكون النتيجة مادة دعائية لإستعادة زمام المبادرة من قبل المؤتمر.
وبالتأكيد فإن مثل هذا التفكير يعبر عن قصور نظر وجهل بحقيقة المتغيرات التي حدثت على مستوى التفكير السياسي والاجتماعي العام، وهو ما يفرض على تيار العقلاء داخل المؤتمر أن يعمل جاهداً لكبح هذه التوجهات التدميرية بحق الوطن وبحق المؤتمر نفسه. لأن المؤتمر الشعبي العام إذا لم يقدم إعتذاراً صادقاً للشعب ولأصحاب الحقوق عما ارتكبه من أخطاء، وإلى جانب ذلك يساهم مساهمة جادة في إنجاح مشروع بناء الدولة الحديثة بصيغتها المدنية المأمولة، فإنه سيجد نفسه مع الأيام خارج السرب وسيفوته القطار فعلاً.