دعوه يكمل حفر قبره... لكن لا تسمحوا له بدفنكم معه
بقلم/ أحمد الزرقة
نشر منذ: 12 سنة و 3 أشهر و 19 يوماً
الأربعاء 07 ديسمبر-كانون الأول 2011 07:49 م

Alzorqa11@hotmail.com

يبدو أن صالح حريص كل الحرص على اختيار نهاية له، تكون اكثر درامية من تلك التي حظي بها سابقيه في تونس ومصر وليبيا، لكنها بالتأكيد لن تكون نهاية سعيدة كتلك التي تنتهي بها الأفلام العربية القديمة، أو نهاية مفتوحة كما في الأفلام الغربية، التي يعود فيها الشرير للظهور مرة أخرى في أجزاء اخرى من الدراما الفيلمية، منذ بداية الثورة الشعبية حرص حلفاء صالح الإقليميين والدوليين، على منحه فرصا للخروج الآمن، بتواطأ أحيانا كثيرة من النخب الحزبية المعارضة له، لكن ما بات واضحا هو أنه مازال مستمر في مراوغاته المكشوفة، والقائمة على سياسة افتعال الأزمات والمشاكل التي غالبا ما تنعكس عليه سلبا، وعلى البلاد كارثية، فالرجل المصاب بتضخم الأنا، والواقع تحت سيطرة حب الذات، وإحساسه الزائف بأنه أذكى شخص في العالم،مصر اكثر من أي وقت مضى، على عدم الانحناء أمام عاصفة الغضب الشعبي العارم إزاء أفعاله الاجرامية،ويكابر كثيرا في الاعتراف بحقيقة أنه صار من الماضي الكريه في تاريخ اليمنيين الذي ملأه بالدسائس والفتن، ولطخه بالدماء.

تركيبة شخصيته المتناقضة تجعله يرفض فكرة خروجه من السلطة التي ظلت حكرا عليه وعلى أقاربه لأكثر من ثلث قرن، بهذه الطريقة، التي جعلت منه شخصا غير مرغوبا ليس من اليمنيين فحسب بل من العالم أجمع.

لذلك بات يوزع دسائسه وجرائمه على طول البلاد وعرضها، على أمل أن يتمكن من تدمير البلاد، وتمزيقها وإدخالها في أتون صراعات طائفية وقبلية ومناطقية طاحنة، تجعل منه أمير حرب ليس الا ، فقد فشلت كل مخططاته الرامية لإخماد الثورة بالرغم من كل العنف والدمار والقتل الذي إرتكبه في حق اليمنيين في تعز وصنعاء وأرحب وأبين وعدن وصعده وغيرها من المدن على امتداد الخارطة اليمنية.

يستمر صالح حثيثا في حفر قبره بيديه، ولن يسمح له اليمنيين بأن يدفنهم معه،وسينتهي به الأمر شريدا طريدا خائفا مختبئا في حفرته التي يزيد من عمقها كل يوم، يحاول بائسا إظهار تماسكه وثباته غير إنه في حقيقة الأمر يبدو أكثر شخص خوفا وجزعا وقلقا، وتكشف ملامحه عن انكسار داخلي يصعب ترميمه، وتفشل عملية المونتاج وإعادة التصوير في إخفاء الهزيمة التي لحقت به.

سيكتشف الرجل المهووس بالأضواء وبالتحدي ولو بعد حين أنه هو من قام بإحراق سفنه وتدمير قوارب النجاة، وإغلاق الأبواب والمنافذ أمام نفسه، عبر محاولاته المتكررة للقفز على الواقع وإحراق المراحل، على طريقة الكروت المحروقة التي تعامل بها مع خصومه السياسيين التي فاخر باستخدامها ذات مرة حين كان يرى نفسه الشخص الأكثر ذكاء واحترافا في إقصاء خصومه من أجل التربع وحيد لا شريك له على كرسي النار الذي قال انه فصل على مقاسه وحدة.

قدم له العالم فرصة للخروج من الحكم على طبق من ذهب بشكل يحفظ له شيئا من الاحترام، ويمنع عنه نهاية شبيهه بتلك التي انتهى اليها كثير من الطغاة، وكانت المبادرة الخليجية التي وقعها بعد شهور من الممانعة وادخال التعديلات عليها بناء على مقترحاته، هي بمثابة طوق نجاه قذف إليه ليلتقطه وينتشل نفسه لينجو هو وطاقمه الظالم.

ووافق اليمنيين على مضض على تلك المبادرة التي انحازت له، على حساب مظالم وجروح ومعاناة اليمنيين، لكنه وجدها فرصة لبداية جديدة من الكذاب والمراوغة، متناسيا أنها أقصى ما يمكن أن يقدمه له العالم والمعارضة اليمنية ليكون بمثابة نهاية سعيدة له.

في خطابه في حفل توقيع المبادرة في الرياض أواخر شهر نوفمبر الماضي، أعتبر الكثير من المراقبين ذلك الخطاب هو الأغبى الذي يقدمه سياسي في مناسبة تعد بمثابة اعتزال سياسي آمن لا يحظى بها الزعماء الفاشيون والقتلة في العالم،حاول تقديم نفسه كضحية،تستحق التعاطف، وليس كجلاد يستحق العقاب، وفاجأ كل الحاضرين في القاعة وكل المتابعين المتحلقين حول شاشات التلفزيون، بالحديث عن التقاسم والثأر من خصومه، ولم يكلف نفسه عناء الاعتذار لليمنيين الذين وقعوا ضحايا فشله في إدارة شئون البلاد، وصار يتحدث بلا وعي عن التقاسم وليس عن التصالح ، وعن الانتقام وليس عن الاعتذار.

تلك هي نفسية مريضة، لا تعترف الا بواقع القوة والعنف، ولا تؤمن الا بالمؤامرة والتدمير لكل شيء، النهاية المناسبة لمثل تلك الشخصيات معروفة للجميع باستثناء أصحابها.