الثورة السلمية بين عنف السلطتين
بقلم/ د: عبدالرحمن أحمد المختار
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر و 23 يوماً
الجمعة 03 يونيو-حزيران 2011 07:22 م

منذ اليوم الاول لانطلاقة الثورة اليمنية رددت ولازالت شعار سلميتها غير أن ما حدث مؤخرا ينذر بتحول الثورة الى العنف أو محاصرتها على الاقل بين عنف السلطتين القائمتين في اليمن السلطة السياسية والسلطة القبلية لتصبح الثورة الشبابية السلمية تحت رحمتهما وقد تحدثنا في موضوع سابق عن الاثار السلبية للعوامل الداخلة على الثورة الشبابية السلمية المتمثلة في العامل القبلي والعامل العسكري والعامل السياسي ، ومؤخرا وصلت الامور بين السلطة السياسية والسلطة القبلية الى الصراع المسلح الامر الذي ينذر بكارثة وطنية، وهنا يمكن للثورة أن تعلن برأتها من العنف وما يترتب عليه من أثار مدمرة للوطن والانسان من جانب أي طرف كان ولذلك فالواجب على الثورة في اللحظة الراهنة إجراء تعديل جوهري على هدفها من مجرد الشعب يريد اسقاط النظام المقصود به صالح وأركان سلطته السياسية الى الشعب يريد تغيير النظام المقصود به نظام المجتمع وبشكل جذري وشامل باعتبار أنه التسلط والطغيان والدكتاتورية ستعود متلونة بالوان تتلائم والمرحلة الجديدة ومن ثم ليس هناك من قيمة عملية لمجرد اسقاط النظام السياسي فحسب فالثورة في اليمن لكي يمكن وصفها بأنها ثورة شعبية تسعى الى إحداث تغيير شامل في بنية النظام الاجتماعي بجوانبه المختلفة يجب أن يتحدد هدفها بشكل أكثر دقة حول تغيير نظام المجتمع السياسي والاجتماعي (القبلي) باعتبار أن هذين النظامين شريكان اساسيين ومسئولين مسئولية كاملة عن التدهور الحاصل في البلاد في شتى المجالات كونهما يمثلان سلطتين قائمتين في المجتمع اليمني مارستا كل أنواع الفساد والعبث دون خضوع أي منهما للمساءلة لانه وببساطة شديدة لا توازي ولا تقابل بين السلطة والمسئولية فيهما.

وتقتضي الموضوعية والدقة القول أن الجانب الاكبر من المسئولية عن تدهور الاوضاع الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية تتحمله السلطة القبلية باعتبارها أساس ومصدر السلطة السياسية ويمكن أن نستشهد في هذا المقام بما قاله المرحوم الاستاذ الدكتور عبد الحميد متولي في السبعينات من القرن الماضي وهو يبحث في أنظمة الحكم في دول العالم الثالث إذ وقف حائرا أمام توصيف النظام الحاكم في اليمن الشمالي (سابقا) فلا هو حزبي تعددي ولا هو ثنائي ولا هو فردي استبدادي غير أنه نظام قبلي أكثر شمولية وتطرفا وتخلفا من كل ذلك وذلك، وعلى الجميع أن يدرك حقيقة هاتين السلطتين المستبدتين وخطورتهما على تطور وتقدم اليمن في حال اتفاقهما، وعلى الامن والسلم الاجتماعي في حال اختلافهما ، فهما تتعايشان معا بعيدا عن الشعب وهمومه ، وتعتاشان على قوته متى سادت علاقتهما الوفاق والاتفاق، أما في حال الخلاف بينهما فوقود هذا الخلاف هو الشعب المحروم الذي لا يحصل سوى على الجوع والحرمان في الحالة الاولى وعلى الموت في الحالة الثانية ولانقاذ مستقبل اليمن لابد من تغيير شامل لالية اسناد السلطة في اليمن في جانبها السياسي والقبلي ، وعلى كل من يدعي دعم ومساندة الثورة السلمية التسليم والقبول بالتغيير الجذري الشامل وإن ترتب على ذلك المساس بما يعتقد أنها مصالح خاصة له ، ومن غير المنطقي أن نصرخ في وجه توريث السلطة السياسية ونسكت عن توريث السلطة القبلية التي تعد في حقيقة الامر أساسا لمأساة توريث السلطة السياسية فإذا لم يكن توريث هذه السلطة حقا شخصيا أو أسريا للممسك بها فالنتيجة الحتمية أن توريث السلطة القبلية ليست حقا شخصيا أو أسريا للممسك بها، وهو ما يعني أننا بحاجة الى نظام سياسي يمنع أن يكون ابن الرئيس رئيسا وابن الوزير وزيرا بالوراثة ولكي نحول دون تكرار المأساة فيجب الا يكون مستقبلا ابن الشيخ شيخا بالوراثة ، ويجب أن يترتب على التغيير الانتقال الى صيغة نظام اجتماعي( قبلي ) جديد تتغير فيه المسميات التقليدية لزعما القبائل من (شيوخ) الى عقال أو عمد بحيث يكون لكل قرية او عزلة عاقل أو عمدة منتخب بشكل مباشر من جانب المواطنين وليكون العمدة في خدمة السكان لفترة محددة لا أن يكون السكان في خدمة الشيخ وأسرته مدى الحياة ، وبذلك فقط نستطيع أن نقول أن الثورة في اليمن حققت هدفها في خدمة تطور هذا الشعب ورقيه ، وكل من قدم تضحية بسيطة أو جسيمة في سبيل هذا الوطن عليه ان يستشعر أن ذلك واجبه تجاه وطنه ، والا يكون أنانيا يحمل وطنه ما لا يحتمل ، وليس له مقابل ذلك أن يضحي بمصالح الوطن العليا من أجل مصالح ذاتية دنيا .