لهذه الأسباب تناضل واشنطن لتمكين الحوثيين من حكم اليمن
بقلم/ أحمد عايض
نشر منذ: 7 سنوات و 10 أشهر و 24 يوماً
الثلاثاء 03 مايو 2016 01:59 م

في هذه الإثناء يباشر عشرات العمال الأجانب على مدار الساعة العمل ليلا ونهارا في ترميم وصيانة السفارة الأمريكية بالعاصمة صنعاء حسب تقرير تلفزيوني بثته قناة "روسا اليوم " غير مكترثين بشعار "الموت لأمريكا" أو الاعتراض الدولي والأممي – الذين هم جزء منه - على الإنقلاب الحوثي على الشرعية في اليمن .

ما يعني أن هناك تحركات على الأرض تجري وبقوة في رسم ملامح العلاقة المستقبلية بين الحوثيين والإدارة الأمريكية لفرض المستقبل السياسي للحوثيين في اليمن على أي نحو كان ..

لكشف هذا الإنقلاب المفاجئ في السياسية الأمريكية تجاه الانقلابيين الحوثيين ,, أرجو أن تمنحوني بعضا من وقتكم الثمين كي نفتح جزء من ملف الإنقلاب والمؤامرة .

توثيق الخطر إستخباريا :

طالب الرئيس الأمريكي جيمي كارتر الذي حكم الولايات المتحدة الأمريكية خلال الفترة " 1977/1981م "

من جهاز المخابرات الأمريكية " C I A " تقريراً مفصلاً عن أهم وأخطر الحركات والجماعات الإسلامية على مستوى العالم وأي منها تمثل تهديدا إستراتيجيا للسياسة الخارجية لأمريكا.

بعد عدة أشهر تسلم الرئيس "جيمي كارتر" تقريراً مفصلاً يفصل أكثر من خمسين حركة وجماعة إسلامية على مستوى العالم.

تقرير جهاز الإستخبارات الأمريكي عمل على تصنف جماعة الإخوان المسلمين كأخطر جماعة إسلامية تهدد مستقبل الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب بشكل عام.

خطورة جماعة الإخوان المسلمين حسب ذلك التقرير تكمن في حيويتها وجمعها بين الدين والحياة , كما أن خطورتها أيضا تكمن في نبذها للعنف والتطرف وعدم قبولها باستخدام السلاح للوصول إلى مواقع السلطة السياسية .

خطورة جماعة الأخوان المسلمين حسب التقرير أيضا تكمن في عالميتها وإيمانها بالسلام والديمقراطية في التغيير والوصول إلى العمل السياسي عبر قوانين العصر وسنن الحياة المعاصرة , إضافة إلى أنها تحمل مشروعا عالميا وتربط في أدبياتها بين الدين والحياة روحا وجوهرا .

جوهر الخوف والقلق الغربي :

بمعنى أن الرؤية الأمريكية ترى في "حركة الإخوان" تيارا سياسيا صاعدا بقوة وسيعمل على تعزيز حضوره على الصعيد المرحلي والإستراتيجي عبر استيعاب المستقبل السياسي في المنطقة .

كما صنف تقرير المخابرات الأمريكية قبل أكثر من ثلاثة عقود من الزمن والذي نشرت تفاصيله قبل عدة سنوات في عدد من الأبحاث العربية " الجماعات الشيعية" بأنها الأقل خطورة والأكثر تعاونا مع الغرب ,ورصد التقرير أن تلك الجماعات ليس لها أي مشروع حضاري أو رؤية مستقبلية تقلق الغرب , بل لوحظ أن هذه الحركات الشيعية تركز على تحركها الديني والسياسي نحو الماضي وتربط أفرادها برموز دينية وأسرية "تقدس السلالة " والمذهب متجهة للخلف وليس للأمام .

كما رصد الغرب العلاقة الوثيقة بين الجماعات الشيعية والكنيسة والجماعات اليهودية , وكان"الشيعة " على مدار التاريخ السياسي للإسلام عامل هدم لكل الحضارات الإسلامية السنية التي طرقت مهددة ومتحدية أبواب الغرب .

وترى مؤسسات بحثية غربية " أن الفكر الشيعي يتسم بالقبول والتعاون مع المسار"اليهودي والمسيحي " والتحالف ضد "السنة" ورغبته في مواجهة الداخل "الإسلامي" بحكم البنية والتعبئة الشيعية الداخلية.

الغرب ينظر إلينا بعقلية الماضي :

دعوني أقترب بكم أكثر لفهم التفكير الإستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية ودول الإتحاد الأوربي حاليا حول أهمية دعم الحوثيين أو التيارات الشيعية في المنطقة , وهنا يحضرني مثال حديث وهو ما حصل قبل عدة أيام خلال زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى تركيا, تلك الزيارة التي رفض فيها " ساركوزي " زيارة تركيا كرئيس فرنسي- نظرة استعلاء وغرور غربي - وإنما زارها كرئيس لمجموعة العشرين مشترطا أن تكون الزيارة قصيرة لا تزيد عن 6 ساعات مما أثار استياء تركيا , وهنا قرر أردوغان تأديب الرئيس الفرنسي بطريقة مهذبه حين أهداه رسالة خطية كتبها السلطان العثماني سليمان القانوني عام(1525) م ردا على رسالة استغاثة بعث بها "فرنسيس الأول "ملك فرنسا عندما وقع أسيرا في يد الأسبان ويطلب من الدولة العثمانية العون, وكيف أنقذ السلطان العثماني ملك فرنسا حينها من الأسر وإعادته إلى مملكته بفرنسا على يد العثمانيين.

لا يستطيع أي مكابر أن ينكر العقلية الغربية ونظرتها للعالم السني, وكيف تمثل الحركات الحية من خطورة على هيمنتهم الحديثة في دول الشرق الأوسط ودول العالم الثالث وتحديدا الإسلامي.

وعليه فنظرة الأمريكان وغيرهم من دول الغرب إلى أن الحوثيين في اليمن أو شيعة العراق أو أي تيار شيعي في المنطقة يعتبر نواة مشروع لإجهاض وتدمير أي تجربة سنية تحاول الظهور تحت أمجاد الإسلام , رغم قلقهم الكبير حاليا من المارد السني الكبير الذي تقوده اليوم الدولة التركية الحديثة .

الغرب يؤمن بأن الفكر الشيعي يقدس المقابر وأضاريح الموتى كونها تتحول إلى مزارات ومناسبات حج وفيها يتم البكاء والعويل وجلد الظهور, وليس لديهم أي رؤية سياسية للمستقبل أو اهتمام بصناعة الاستراتيجيات على عكس فكر الإخوان المسلمين.

متى قرر الغرب التحالف مع الشيعة :

ظلت الولايات المتحدة طيلة العقود الماضية مترددة في مد يدها للتيار الشيعي وظل صناع القرار داخل مراكز الأبحاث الإستراتجية يحثون على التعاون ودعم الحركات "السنية " ممثلة بالسلفية والصوفية في العالم العربي والإسلامي .

وعليه فقد شجعت الولايات المتحدة الأمريكية طيلة العقود الثلاثة الماضية الأنظمة العربية بدعم الحركات السنية التي تخلو أجندتها الفكرية من أي تطلعات للوصول إلى السلطة السياسية "الجماعات السلفية والصوفية ",وهي توصية وجدت ترحيبا ومباركة من تلك الأنظمة طيلة العقود الماضية "كونها "جماعات تؤمن بتقديس الحاكم وتدعو إلى عدم جواز الخروج عليه مهما بلغ ظلمة وطغيانه السياسي .

خلال أكثر من عقدين من الزمن لاحظ الغرب إنكماش وتلاشي تلك الجماعات "السنية " التي عقدوا الآمال عليها وعجزها عن التجذر والتوسع المجتمعي بسبب تمسكها بقشور الفكر الإسلامي مما تسبب في تراجعها في محيطها العربي السني على عكس الحضور الكبير لرؤية جماعة الأخوان المسلمين التي تزداد توسعا كل يوم.

وكانت أول بادرة تحالف مشجع ومثمر لما بعده بين الشيعة والولايات المتحدة هو إزاحة الرئيس العراقي صدام حسين من الحكم وحصولهم على كل ما يرغبون فيه من العراق مقابل تمكين الشيعة من الوصول لحكم العراق .

أما أبرز سبب حقيقي جعل من واشنطن تمد يدها للتيارات الشيعية بقوة هو إندلاع ثورات الربيع العربي التي نجحت في الإطاحة "بالأصنام السياسية " التي كرس الغرب بقائها على رأس هرم أنظمة الحكم في الوطن العربي , فكانت شرارة تونس واليمن وليبيا وسوريا" بمثابة كابوس مرعب للغرب بعد تأكدهم أن جماعة الأخوان المسلمين لعبت دورا محوريا في إنجاح ودعم هذه "الثورات الربيعية " ونجاها في إيصال أول رئيس إخواني للحكم في أهم دولة عربية وهو الرئيس "محمد مرسي " بمصر .

شهادات تاريخية تكشف قناع المؤامرة .

وحتى تتضح الرؤية لكل متابع أضعكم أمام شهادات تاريخية مخيفيه تكشف الأسرار الحقيقية حول تحالف الولايات المتحدة الأمريكية تحديدا مع التيارات الشيعية في المنطقة وتأتي في مقدمتها المشروع الإيراني بكل أذرعها المتآمرة في المنطقة , وقابليتهم الإنحطاطية في الماضي والحاضر للنيل من التيار السني وتبنيهم أي مشروع غربي يخدم الأجندة الطائفية لهم. 

حيث أوصى لورانس العرب "أشهر جاسوس غربي في تاريخ العرب" لضرب وتدمير الحضارة الإسلامية بقولة سنعمل على أرغام العرب على قتال بعضهم ببعض من أجل مصالحنا وقد تكفل حاليا الشيعة بهذا الدور .

أما دافيد بن غوريون "أول رئيس وزراء لإسرائيل (1886 – 1973) فقد خاطب الاسرائليين بقولة أن السلاح النووي ليس هو الذي سوف ينقذنا من العرب بل الصراعات العربية وتفتيت ثلاث دول عربية من حولنا ورتبها على النحو التالي " العراق سوريا مصر" على دوليات متناحرة على أسس دينية وطائفية وهذا الأمر لا يعتمد على ذكائنا بقدر ما يعتمد على جهل وغباء الطرف الأخر , وقد تكفل الشيعة بهذا الدور أيضا .

صناعة السياسات الخارجية في الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب لا تقوم على أسس الحظ والنصيب أو رؤية الحاكم الفرد كما يحصل في الدول العربية , بقدر ما يعتمد على رؤية قراءات سياسية من المراكز الإستراتجية والبحثية التي تعتمد على المعلومة الصحيحة في صناعة القرار والسياسات الخارجية تحديدا الخيارات الإستراتجية.

أعتقد أن الحديث قد طال قليلا لكني أؤكد لكم "أن الأيام القريبة كفيلة بنشر ملف الإنقلاب والمؤامرة وإزاحة النقاب الفاضح عن الدعم الأمريكي المباشر للحركة الحوثية في الإنقلاب العسكري ضد شرعية الرئيس هادي لإيصال الحوثيين إلى كرسي الحكم في اليمن على غرار ما حصل في العراق ولبنان .