شروط لنجاح الثورة.. إجماع وطني على تغيير نظام 17 يوليو 1978
بقلم/ محمد الزوبه
نشر منذ: 13 سنة و 7 أشهر و 4 أيام
الأحد 03 إبريل-نيسان 2011 10:53 م
لم أكن أعتزم كتابة هذه المقدمة, لكن ما جرى لي ظهر الأربعاء الماضي من عملية اعتقالي من قبل الحرس الجمهوري في صنعاء بحجة كتابة مقالات والتحريض على النظام, ومنها آخر مقالة في "مأرب برس" ( بداية النهاية.. نصيحة للرئيس). لقد تم استجوابي في المباحث بأمر مباشر من مدير أمن صنعاء, ثم تم ترحيلي إلى النيابة ومنها نيابة الصحفيين.
وعليه أقول: حتى لو نصبت لنا المشانق أو وجهت إلى صدورنا البنادق لن نتراجع عن قول الحقيقة حتى تحقيق أهداف المسيرة وانتصار الثورة المجيدة ثورة الشباب المدنية.. سننتصر لشعبنا مهما ضحينا.. ونقول لأصحاب رايات الظلام: أنتم تعرفوننا ومن أي بيئة أتينا..
***
دعونا نسرد تاريخ النظام الذي ندعو لإسقاطه.
في ليلة 17 يوليو 1978 اجتمعت أربعة عناصر, هي: (السعودية, القبيلة, المشايخ وعلى رأسهم الشيخ المرحوم/ عبد الله بن حسين الأحمر, والجيش وعلى رأسه اللواء/ علي محسن الأحمر) وقاموا بتنصيب الرئيس/ علي عبد الله صالح وشاركوا في الحكم وتقدموا الصفوف وحكم اليمن 33 عاما.. رفضوا الوحدة عند إعلانها وشاركوا في غنائمها وحكموها واستغلت الحركة الإسلامية في تكوين جسم السياسة ورأس الحربة في حرب الانفصال (حزب الإصلاح) وامتطيت هذه الحركة وتم
الاستغناء عنها في مرحلة لاحقة, وحوصر قادتها وقام النظام بتمزيق نفسه في إطار المصلحة الشخصية كلا على حدة للظفر بالكرسي. وبدأ صراع مرير داخل دائرة الحكم بين الرئيس وأسرته من جهة, وعلي محسن وأبناء الشيخ/ عبد الله الأحمر من جهة أخرى.
وهذا الملخص التاريخي يتجلى اليوم في أن القوى التي استولت على السلطة يوم 17 يوليو 1978, ها هي في 22 مارس 2011 تنقلب على بعضها وتحاول السيطرة على النظام, وتركب موجة شباب الثورة حتى ولو بوجه جديد اسمه دعم الثورة والتغيير.
نقول: كفى. الثورة الحرة والدماء الزكية ليست بحاجة للأثواب البالية, ونقول: ليسقط نظام 1978 بالكامل, وليغرب ولتشرق شمس اليمن الجديد ورايات المواطنة والوحدة والعدالة والمساواة والوحدة الوطنية ورفض ونبذ المناطقية والعنصرية والفئوية والطائفية والقبلية.
نعم الإسلام يجب ما قبله, لكن من أعلن التوبة ونبذ وأدان النظام وأفعاله وفساده وطريقة إدارته وتبرأ من تدخل القبيلة في
الحكم وأعلن الانضمام للثورة وأظهر واعترف بالخطأ هنا نقول أنتم ثائرون ونحن لكم مساندون في ظل ثورة شعبية جديدة أعلنت للخلاص من 33 عاما من التسلط والاستبداد والفساد والفوضى واحتقار شعب وتحويله إلى مرتزقة (جوع كلبك يتبعك), وهذه هي إحدى نظريات وفلسفة النظام 17 يوليو 1978.
نعم لقد حولوا الشعب اليمني إلى مرتزقة يتبعونهم في ظل غياب فكر وطني ونضوج وسياسي يعمل على إصلاح وتنظيم مؤسسة حاكمة يمكن أن تحكم وطن وتحافظ على وحدته, وتبني مؤسسات وطنية لتحقيق العدالة الاجتماعية والتبادل السلمي للسلطة.
إن قلة الخبرة الإدارية الشعبية تتضح بصورة جلية عند المعارضة (المشترك) في الأداء الذي لم يحقق أهداف الثورة, ومنها التفاعل الجماهير الأكبر والأوسع مع جموع الوطن والتركيز فقط على قدرات الحشد لحزب الإصلاح الإسلامي الذي لا يضاهي نسبة النضوج السياسي لدى جماعة الإخوان المسلمين في مصر والذي استطاع استلهام واقع الثورة لدى الشباب المصري بكل فئاته وتطلع لإنجاح ثورته قبل تحقيق أهدافه الخاصة, وهذا ما يمثل قضيه التباين في قدرات الإخوان المسلمين في جمهورية مصر العربية ونظيرتها في اليمن, حيث لا يزال مجموع الحركة الإسلامية في اليمن تتمحور حول منطلق التغيير الحزبي الفئوي وقله قدراتها في تحقيق الاصطفاف مع الآخر في ظل ثورة شعبية واسعة تشمل اليمن بالكامل, وكان يجب الارتقاء إلى مرحلة الثورة الشعبية وينضوى الكل تحت رايتها ولا يعمل أو يظهر سيطرته عليها سواء ماديا أو إعلاميا أو قبليا. أنتم جزء من اليمن, لكن لستم الجمع أو الحشد المرغوب. لقد ظهرت القبلية مسيطرة على الميدان باسم الثورة وأنتم تعلمون أنَّ اليمن لا يمكن أنْ ينساق وراء ذلك.
نعم القبيلة هي سبب المشاكل, وهي إحدى الأسباب التي أرست النظام الحالي الذي نسعى لإسقاطه, فإذا غابت نجحت الثورة.
الثورة ملك الجميع من صعدة إلى الغيظة, فلا يجب اختزالها في حزب أو مشترك أو قبيلة أو محور مناطقي أو عنصري, فالشعب هو صاحب المبادرة. ليس هناك فريقان, الكل مجمع على التغيير والكل ينادي ويتطلع إلى يمن جديد وحر تتوفر فيه متطلبات التنمية والمشاركة الفاعلة في الحياة السياسة وصياغة وطن الوحدة ونبذ العصبية والقبلية والمنطقية.. الشعب يوافق على هذه الأطروحات ويدعمها بكل إمكانياته وكل من تصور أنه يمثل فريقا دون النظر في هذا الوطن مهما يكون شخص أو حزب يكون جاهلا بقدرات هذا الشعب العظيم ومدى فهمه لواقعة وضرورة وحتمية انتصار ثورته.
بعد جمعة المجزرة, 18/3/2011, تحولت الجماهير وبشكل غير مسبوق إلى دعم الثورة, لكن الأحداث غير المدروسة توالت, وكشرت الانتهازية والمناطقية القبلية عن أنيابها وزادها بلة التوجه الإعلامي والتصريحات غير المسئولة للمشترك.
وفي هذا الصدد أقول: إننا ندين تصريحات المشترك اللاأخلاقية في حق رئيس الجمهورية في الهجوم عليه وإخراجه من مخبئه وغرفة نومه, وهذا يدل على عقليات ينقصها الحكمة, وعدم النضوج السياسي, كما يدل على مرض عنصري. وهذه إحدى أسباب ظهور مجاميع كبيرة من أبناء الوطن تظاهروا يوم الجمعة في مسيرات ضخمة تجاوزت مائة ألف أو أكثر في صف الرئيس بالرغم من موافقتهم على تنحى الرئيس وتسليم السلطة وترك الحكم, وكان يجب على المشترك استيعاب المبادرة؛ كونه من الشعب وأن يضع مبادرة الرئيس تحت قراءات المصداقية, وذلك لطلب توفير متطلبات تنفيذية لجداول زمنية محدودة تحقق أهداف الجماهير وثورة الشباب.
كما يمكننا القول للإخوة شباب الثورة: الثورة سوف تنتصر والدماء الزكية لن تذهب هدرا, والله هو العون والمستعان ولا تهنوا ولا تحزنوا, وأنتم الأعلون إن شاء الله. لكن لا تدعوا الانتهازيين يسيطرون على ثورتكم. اتفقوا وحددوا أهدافكم واكتبوها وعلقوها في الساحات والميادين؛ لكي يعرف الناس في أرجاء اليمن أنكم تمثلون إرادته وترفعون راياته حتى يلحق بكم الركب الجاهز والمؤيد.
هنا نعيد ونكرر النصيحة للرئيس, ونقول: لا تصدق من بقي حولك. هم يبحثون عن اللحظة الحاسمة حتى يقفزون من قاربك ويتركونك تواجه أمواج الشعب الهادرة.
ونقول للأخوة أبناء وأهل رئيس الجمهورية بأن يسهلوا على فخامة الرئيس اتخاذ القرار السليم وتسليم السلطة إلى أبناء شعبه وهم إخوانكم وأهلكم ولن ينسوا لكم هذا الموقف.
الشعب, بكتلته العظمى, يريد تغيير ورحيل النظام الذي جثم على صدره 33 عاما بالكامل.. نعم هناك تصريحات من الأخوة ابنا الشيخ المرحوم/ عبدالله بن حسين الأحمر, واللواء/ علي محسن الاأمر بأن ليس لهم مغرم أو مغنم أو طلب للسلطة.. وكذلك يقول رئيس الجمهورية.. إذا طالما هناك اقتناع من قبل جميع الأطراف المؤثرة والمستأثرة بالسلطة, فالحل يكون بإعادة السلطة للشعب, وبكل حب وتقدير سوف نشكر لهم ذلك, ولن ننسى أنهم ساهموا في ثورة الشباب, بل هم أحد أركانها.
وعليه, فإنني أقترح مبادرة وطنية, وذلك بعد أن تواصلنا والتقينا مع العديد من الكوادر والنخب السياسية والمثقفة ورجال الأعمال ومشايخ وأعيان ومواطني المحافظات الذي يتم تجاهلها من قبل بعض الأحزاب, وقد عبرت هذه المجاميع من السواد الأعظم من الشعب اليمني على الآتي:
1-   استقالة رئيس الجمهورية وتخليه عن منصبه ملزما بالشروط الآتية:
أ‌-   توافق جميع الأطراف على المبادرة وتوقع على وثيقة العهدة الوطنية التي تشمل شروط وبنود هذه المبادرة بوجود ضمانات محلية وإقليمية ودولية.
ب‌-   يشكل مجلس أمناء من كل محافظات الجمهورية بممثل واحد عن كل محافظة, سواء من ساحات التغيير أو المستقلين على أن يكونوا من ذوي الكفاءة والمعرفة والمشهود لهم بالنزاهة والوطنية بحيث لا يحق لهم ترشيح أنفسهم في أي عمل سياسي أو حزبي لمدة أربع سنوات قادمة.
ت‌-   يقوم الرئيس خلال 24 ساعة بالإعلان عن تنحيه وتقديم استقالته وتسليم صلاحياته إلى مجلس أمناء الثورة الذي يقوم بتنفيذ باقي البنود.
ث‌-   بعد استقالة الرئيس تحول صلاحياته لمجلس أمن الثورة الذي يقود البلاد لفترة زمنية محددة لا تتجاوز ستة شهور.
ج‌-    إقالة أو استقالة الأخوة في قيادة الجيش والأمن والأجهزة الأمنية والعسكرية من آل الرئيس وحاشيته.
ح‌-   إعادة هيكلة قيادة وأركان القوات المسلحة والأمن وقيادة الفرق والألوية وألوية الحرس الجمهوري والوحدات الخاصة والأمن المركزي من كوادر وطنية مؤهلة وكفأة وعسكرية معروفة بحياديتها ووطنيتها على أن تكون من خارج دائرة 50 كم حول صنعاء من أبنا اليمن (مؤقتا).
خ‌-   إعطاء ضمانات لرئيس الجمهورية وجميع أفراد عائلته بعدم الملاحقة القانونية أو التعرض لهم.
د‌-   التزام القبائل بالمصادقة والموافقة على ورقة العهد الوطنية التي تنص على عدم تدخل القبيلة أو مليشيتها أو قدراتها العسكرية والمادية في فرض إرادتهم الفئوية أو مصالحهم المنطقية على ثورة الشباب ثورة التغيير وما يلحقها من مشروع وطني يشمل الجميع ويحقق أهداف الوطن في الوحدة والمساواة وحق التعبير والعدالة الاجتماعية والنظام الديمقراطي الشفاف, على أن تقوم بحل مليشياتها القبيلة وتسلم السلاح الثقيل للجيش الوطني وتقوم جهات وطنية منتخبة للإشراف على التنفيذ في خلال ثلاثة أشهر من التصويت على الدستور الجديد وتقوم بضمان ذلك جهات محلية ذات مصداقية وجهات إقليمية ودولية.
2-   يشكل مجلس الأمناء حكومة مسيّرة للأعمال لا تتجاوز فترة عملها فترة مجلس الأمناء نفسه, أي ستة أشهر على أن يكونوا مستقلين.
3-   يشكل مجلس الأمن هيئة وطنية من كبار القضاة والقانون وأصحاب الخبرة لصياغة دستور وطني يقوم على مبدأ
فصل السلطات وإقامة حكم برلماني ديمقراطي يحقق أهداف الثورة في فترة لا تتجاوز ثلاثة أشهر.
4-   يشكل مجلس الأمناء هيئة وطنية من القضاء والقانون وأصحاب الخبرة لصياغة قانون انتخابات جديد يحقق مبدأ الحيادية والنزاهة ومشاركة الشعب في الحكم, ويقوم على مبدأ ومواد الدستور الجديد في مدة لا تتجاوز شهر.   
5-   يدعو مجلس أمناء الثورة إلى انتخابات برلمانية جديدة في مدة لا تتجاوز شهر.
6-   نهاية الانتخابات وصدور النتائج, بعلن المجلس حل نفسه. وتسلم السلطة لممثلي الشعب الذين يطبقون دستورهم الجديد.