عام استحقاقات الشعوب وتبذل الاوليات
بقلم/ صلاح شاذلي
نشر منذ: 13 سنة و شهرين و 3 أيام
السبت 22 يناير-كانون الثاني 2011 08:21 م

تنهض الشعوب ولاسيما العربية منها لتأخذ زمام المبادرة من جديد , تثور الشعوب ولا تكثرت لاعتبارات او مصالح القوى العظمى الخارجية وكثيرا ما كنا نقول ا ن استحقاقات الشعوب عندما يحين وقت قطافها فأنها لا تقبل التأجيل او التسويف مهما كانت الظروف الداخلية او الخارجية المحيطة شديدة التعقد والحساسية .

ان الرهان على الشعوب هو وحدة الحصان الكاسب والذي لا يرتضي الخسارة في ظل هذا المارثون الذي تستخدم فيه كل الاساليب المشروعة والغير مشروعة ضد ارادة الشعوب العربية الاصيلة.

 فالشعوب لا تعترف بأولويات او استراتيجيات حين تنضج ظروفها الذاتية والموضوعية للانطلاق نحو الحرية والانعتاق وحصد سنوات النضال والصبر والمعاناة المريرة , لا تعترف الشعوب ولا تأخذ في الاعتبار بداية عام او نهاية عام فهي حين تقلب الطاولة على الطغاة والقوى الذي يستمد منها انظمة الفساد قوتهم سوى قوى داخلية او قوى خارجية داعمة بشكل مباشر او غير مباشر , الشعوب لا تنتظر عون من احد ولا اعتراف من احد ولا توقفها أي قوة داخلية او خارجية مهما بلغ حجمها

 انه عام جديد يدشن عهد جديد تبذلت فيه الاولويات و ستغذو فيه الشعوب تنتزع حقوقها دون استئذان من احد آنها حقا لعبة الانسان والزمن واستحقاقات الهوية الممثلة بشعوب المنطقة الذي عليها الاختيار ما بين تغير حركة الزمن كما عمل اجدادهم الأوائل في كل مراحل التاريخ المشرف لهذه الامة او العيش خارج خارطة التاريخ والزمن كما اراد لهم اعداء هذه الامة.

 ان العالم اجمع لم يكن ينتظر ان تهب رياح التغيير العربية من تونس بل كان ينتظرها من أي منطقة اخرى اكثر سخونة وما اكثر خطوط التماس والبؤر الساخنة في الوطن العربي والخارطة الاسلامية فعندما ننظر الى الخارطة من السودان الى العراق ومن المحيط الى الخليج لا نجد منطقة لا تخلو من المشكلات والاهتزازات الذي بذلت الكثير من المفاهيم والأولويات الوطنية منها والاستراتيجية البعيدة او القريبة المدى , وما هذا الا نتاج طبيعي ومنطقي لسقوط مفهوم الهوية الاسلامية والعربية الذي استبدلت بمشاريع طائفية ومذهبية وعرقية يظهر من خلالها وجود لاعب خارجي اختلفت مشاريعه وأطماعه وأهدافه ولكن جمعته كلمة سواء ضد كل ما هو اسلامي اولا وعربي ثانيا و لولا بعض الانظمة المنتهية الصلاحية لما كان لهذه القوى الدخيلة أي دور او تأثير.

 حقيقة ما جعلني اعرج الى هذه المقدمة والتناول والاستعراض هو ما قد قراءته من تلميحات من قبل النظام اليمني المنتحر على صخرة الشعب حول استعانته بالقوى الخارجية لإعادة التوازن لليمن وللمنطقة بأسرها ولكن هذه المرة بدى النظام واضح ومعترف بتحالفاته الخارجية الذي ظل يجيد اللعب على حبالها بل ان الخلافات الدولية والاقليمية ربما كان هي مصدر البقاء لهذا النظام لفترة طويلة عاش وتغذى على مشاكل وازمات المنطقة وتاجر بدماء الشعب والاشقاء في سبيل الحفاظ على بقاءه وقد تجسدت ابشع هذه التحالفات في تحالفه مع القاعدة والغرب في ذات الوقت مقدما ارواح الابرياء في المعجلة والحوطة ثمن البقاء كما يظن.

عندما لوح النظام بفكرة اعادة التوازن فأنه هدة المرة لم يعني التوازن في اليمن فالنظام لم يكن يراهن على الشعب و قد استبدل شعبة بالحرس الخاص والجمهوري والجيش والامن, لقد لوح النظام هذه المرة بإعادة التوزان للخليج والمنطقة غير مدركا لتبعات ما سيترتب علية مثل هذا لتلميح الى التعجيل في زوال هذا لنظام وبصورة اكثر فظاعة وكارثية لما حصل لنظام صدام حسين ولسقوط بن على المدوي تحت اقدام شعبة دون ان يشفع له اعتذار كان هو احوج اليه كي يكسب بعض من الوقت.

منذ زيارة نائب الرئيس الايراني حميد بقائي الى اليمن واتباعها زيارة الرئيس التركي عبدالله غل لليمن , و النظام والة اعلامه الفاشلة لا تتردد ببث الاشاعات عن اقامة حلف ايراني تركي يمني وبمباركة قطرية مستغلا فشل الحل السعودي السوري في لبنان الذي يعتبر المخرج الوحيد للازمة اللبنانية وبأ اعتراف اطراف الازمة اللبنانية وكذا الحكومة القطرية وتركيا وسوريا أيضا

كما وظف النظام الاوضاع المتدهورة في باكستان وافغانستان والقرن الافريقي والسودان ووظفها لأيهام العالم انه القنبلة الذي اذا ما انفجرت فأنها سأتشمل الجميع بذمارها وكذا قدم نفسه على انه قوة يخطب الجميع ودها وظن انه بمثل هذه الادعاءات سوف يتمكن من تمرير رسالة للمعارضة في الداخل وللحراك الجنوبي الذي يتطلع لضغط اقليم على النظام للانسحاب من الجنوب وقبل هذا وذاك اراد هذا النظام ان يجد مصدر جديد لابتزاز دول الجوار من خلال هذه التسريبات والتلميحات العقيمة.

ان ظهور العمائم السود في اليمن لن يكتب له النجاح في كبح جماح الشعب العربي الحر مهما كان الشعب طواقا لحريته وكرامته واستعادة دولته الا ان ذلك لن يكون على حساب اولويات الهوية والدين.

 فايران لن تكون اللاعب الاقليمي الذي يمتلك مفاتيح التغيير والحل او الضغط لإيجاد أي حلول في اليمن او المنطقة مهما اجادت استخدام الادرع العسكرية في المناطق العربية بما في ذلك اليمن , فالجماعات المسلحة او الادرع الايرانية سوف تفشل بالمنطقة مهما امتلكت من قوة عسكرية على الارض ومهما اخذ المد الايراني من زخم الا ان مصيره الانكفاء والوقوف على حدود بلدة فقط وهذا يأتي لسببين رئيسين

اولهما الهوية العربية الرافضة لأي نفود ايراني فارسي في المنطقة  فالهوية الذي يطالب بها الجنوبين لا تحمل غير مفهوم واحد فقط هو الدين واللغة والتاريخ المشترك والخصوصية الثقافية والاجتماعية الذي يتمتع بها الجنوب اسوة بمن يشاركوه الجغرافيا والتاريخ والمصير المشترك من الاشقاء والجيران.

لذا مهما بلغت ايران من اسباب القوى ومهما وجدت من حلفاء مذهبين ام غير مذهبين فانة من الاصلح والاجدى لها ان تتعامل مع دول المنطقة باحترام متبادل وبعدم التدخل في الشؤون الداخلية للمنطقة لان ايران لديها من الازمات الداخلية أيضا ما يكفي لمضاعفة اتعابها الاقتصادية والسياسية ومسالة التمدد الاقليمي الجديد سوف يقاوم بنفس القوة والشراسة الذي ثم مقاومة فيها شعارات ومحاولات تصدير الثورة في نهاية السبعينات ولاتزال الاهواز الايرانية تشكل معضلة ممكن للجوار ان يجد فيها ادرع ويستعرض فيها عضلات فالنووي المتعثر لا يمكن له ان يجدي في مثل هذه الظروف ولعل الذاكرة الفارسية والعربية لا يغيب عنها يوم ذي قار وما كانت منة من دروس وعبر مهدت ليوم القادسية العظيم.

ثانيا تتوقع مصادر دبلوماسية اوروبية ان التطبيع الايراني الأمريكي سوف يسبق التطبيع السوري الأمريكي وهنا يبرز الدور التركي والضلع الثاني في مشروع النظام اليمني الوهمي الجديد والعبور لمثل هذا التطبيع الذي تسعى الية ايران في الخفاء لن يمر الا بجسر طمأنة دول المنطقة وتقديم الضمانات لها وذلك لن يأتي الا من كف يد ايران من التدخل في شؤون المنطقة بصورة مباشرة او من خلال الدعم الذي تقدمة لبعض القوى في المنطقة ومن الواضح ايضا ان ايران قد دشنت هذا العهد الجديد من خلال تعيين علي اكبر صالحي على رأس الخارجية الايرانية كونه خريج الجامعة الامريكية في بيروت وكذا معهد ماساتشوستس في الولايات المتحدة الامريكية.

ولاشك ان العثمانيون الجدد وان لم يرتدوا القبقاب والطربوش يتطلعون للعودة للمنطقة بقوة كبيرة وايجاد تحالفات سياسية واقتصادية واقليمية يمكنهم من التفاوض مع الاتحاد الاوربي للدخول لمنطقة اليورو من منطلق القوة والنفود من خلال لعب دور الوسيط بين ايران والولايات المتحدة والمجتمع الدولي وايجاد حل لازمة النووي الايراني مع عدم تفريط انقرة بتحالفها الاستراتيجي مع اسرائيل مهما اثير من وجود خلافات معها فلأتراك لايزالون حذرين لطالما بقي الاكراد فزاعة بيد اسرائيل والغرب تهدد استقرار تركيا ووحدتها الوطنية لذا لن يجازف الاتراك بمصالحهم الاقتصادية والسياسية والقومية من اجل نظام فاشل.

لقد فات المطبخ السياسي المعتمد على التسريبات الاعلامية الغير مدروسة الكثير من القراءات لهدة الاوهام الذي لا يخوف بها الا نفسه ولو كان امعن ودقق النظر ووقف فقط لقراءة تصريح الامير القطري الشيخ خليفة بن حمد الثاني في اول تصريح له عقب الاعلان عن فوز قطر باستضافة كأس العالم 2022 حين قال ( هذا يوم من أيام العرب) فا لمعروف ان العربي والمسلم لن يقف الا حيث يقف اهلة وأخوته ولن يرتبط مصيره الا بمصيرهم ولن يفتخر الا بعروبته ودينة مهما اختلف معهم.

 ان سياسة ابتزاز الجوار قد فات اوانها ولم تعد مثل هذه التسريبات من المطبخ النظامي تعيد شيء من الكبرياء او الاحترام او الوزن لهذا النظام الذي انتهى أخلاقيا بفضائح ويكليكس الشهيرة .

لقد بات تخبط النظام يثير الشفقة والاشمئزاز لما وصل اليه من رخص وابتذال , ولا ادري لماذا لا يريد هذا ا لنظام ان يستوعب ان الشعوب هي من تصنع التاريخ فلا العثمنة ولا الفرسنة ولا العرقنة او الافغنة ممكن ان تنقد النظام من الثورة الشعبية الذي ممكن ان تنطلق في شمالة كما انطلقت في جنوبه وان المراهنة او التخويف بالخارج ضد شعبة وجيرانه لن يؤخر ساعة الزوال القادمة لا محال ولعل زيارة وزيرة الخارجية الامريكية كلينتون قد اكدت ذلك للنظام وان حزمة التخفيض للضرائب لن تجدي نفعا دون ا ان يتبع ذلك القبول بمطالب الحراك جنوبا وقبول طرح المعارضة والشعب ومن يمثلهم شمالا .

وفي الاخير لا يسعنا قبل ختام هذا المقال المتواضع الا ان نحي الشعب التونسي الشقيق على هذا الانجاز التاريخي الذي بعث فينا الامل من جديد وانتصر لإرادة الشعوب والامة ونقول للشعوب العربية ان الحرية هي هبة الهية وهبها الله لجميع عبادة دون فرق ودون تميز فأعلموا ان الحرية تنتزع ولا توهب كما ان حالة الخنوع الذي اوصلت الشعوب العربية الى حد توسل رغيف العيش وهامش الحرية قد ان الاوان لتجاوزها وهذا هو عام الشعوب واستحقاقاتها وفرض اولوياتها.  

كما ان الحالة التونسية والثورة الشعبية العظيمة لن تكون الاستثناء الا انها شكلت النموذج الرائع الذي سيكون له الفضل بتفجير الطاقات العربية من المحيط الى الخليج وسيقول العرب نحن امة لا تموت ولاتزال دماء العزة والكرامة والشرف تجري في عروقنا

ولعل الساعات الذي قضاها رئيس تونس الهارب ما بين السماء والارض هي عبرة لكل طاغية وحاكم ظالم فقد ظل تائها لا يعرف قبلته وبقي معلق ما بين السماء والارض , ولعله سأل نفسة لماذا انا فكل الانظمة العربية تحكم بنفس أسلوبه او بأسواء من نظام حكمة بل ان بعض الانظمة الذي تدعي الديمقراطية المصادرة عن طريق صناديق الانتخابات المنتهية الصالحية بانتهاء صلاحية برلماناتها المسخ لم تنجز ما انجزه هو لشعبة .

دعوة لرؤوس انظمة الفساد في الدول العربية ان يتأملوا قول الله عز وجل بسم الله الرحمن الرحيم(إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ )(33) سورة المائد صدق الله العظيم

-مونترو سويسرا

Salah.shadli @windowslive.com