آخر الاخبار
مؤتمرات المرأة و فيتو فرض الفاحشة
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 14 سنة و شهرين و 4 أيام
السبت 18 سبتمبر-أيلول 2010 07:53 م

مأرب برس - محمود مختار الشنقيطي

تضافرت عدة عوامل، فجعلت الحديث عن المرأة، وحقوقها المهدرة لا يتوقف، وتعقد من أجله المؤتمرات المتوالية.

سنة 1889،عُقد بمدينة (ستوكهولم) المؤتمر العلمي الشرقي. يبدو أن الحديث عن المرأة كان حاضرا، ولا نملك دليلا على ذلك سوى البحث الذي شارك به الشيخ حمزة فتح الله { 1266 – 1336هـ}،والذي جاء تحت عنوان: (باكورة الكلام على حقوق النساء في الإسلام).

ثم تبنت الأمم المتحدة المرأة، فتوالى عقد المؤتمرات (مكسيكو 1404هـ / 1984م) و (نيروبي 1405هـ / 1985م) و (ريودي جانيرو 1412هـ / 1992م) و (القاهرة 1415هـ / 1994م) و (بكين 1416هـ / 1995م) . وليست هذه كل المؤتمرات التي عقدتها الأمم المتحدة في شأن المرأة.

 

إذا تجاوزنا الشعارات المكررة، والتي لا يخلو منها مؤتمر، أي (المساواة، التنمية، والسلم، والقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة)، إذا تجاوزنا كل ذلك فسوف نصطدم بحقيقة مفادها أن الأمم المتحدة تسعى لمحو التنوع الثقافي والحضاري، وإبدال كل القيم الدينية، وعادات الشعوب وتقاليدها، بقيم أخرى (عالمية)، أو بعبارة أدق قيم الحداثة الغربية، وبالتحديد قيم التفسخ الأخلاقي، مرة تحت عنوان: "حرية التصرف بالجسد"، ومرة تحت عنوان:"الحمل الآمن"، نجد ذلك جليا في توصيات المؤتمرات المختلفة.

في مؤتمر مكسيكو ستي 1404هـ / 1984م،نجد التوصية التالية:

 (ينبغي أن تكون السياسات الأسرية التي تعتمدها الحكومات، حساسة، للحاجة إلى ما يلي:

"تقديم الدعم المالي أو أي دعم آخر إلى الوالدين، بما في ذلك الوالد غير المتزوج، أو الوالدة غير المتزوجة، خلال الفترة التي تسبق أو تلي ميلاد طفل) {ص 149 (العدوان على المرأة في المؤتمرات الدولية) / د. فؤاد عبد الكريم}.

وفي مؤتمر القاهرة 1415هـ / 1994م، نجد هذه التوصية:

 (يجب على هذه البلدان أن تقوم بنفسها بإعطاء أولوية أكبر لخدمات الصحة الإنجابية، بما في ذلك توفير مجموعة شاملة من وسائل منع الحمل.(..) كما أن المراهقات اللاتي يحملن يحتجن إلى دعم خاص من أسرهن ومجتمعهن المحلي، خلال فترة الحمل ورعاية الطفولة المبكرة.){ ص 164 – 166 (السابق)}. وقد سبق التنبيه في مؤتمر نيروبي 1405هـ / 1985م، إلى أن: (الحمل الذي يحدث للمراهقات سواء المتزوجات منهن، أو غير المتزوجات له آثار معاكسة بالنسبة لأمراض الأم والطفل.){ص 167 (السابق)}.

 

بما أن المادية قد طغت على الغرب، فإن المبالغ الضخمة التي توقعت الأمم المتحدة صرفها في هذا السبيل، تشي بمدى الاهتمام الذي يعطى لقضايا الحمل المبكر، والصحة الإنجابية. في مؤتمر القاهرة نجد التالي:

 (في البلدان النامية والبلدان التي يمر اقتصادها بمرحلة انتقالية، من المقدر أن تبلغ تكلفة تنفيذ البرامج في مجال الصحة الإنجابية – بما في ذلك الوقاية من الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي – بالإضافة إلى الإجراءات الأساسية الأخرى اللازمة لجمع وتحليل البيانات السكانية:

17 بليون دولار عام (1420هـ - 2000م)،و 18.5 بليون دولار عام (1425هـ - 2005م)، و 20.5 بليون دولار عام (1431هـ - 2010م)، و 21.7 بليون دولار عام (1436هـ - 2015م).){ ص 56 – 157 ( المرجع السابق)}.

بطبيعة الحال تلك التقديرات كانت قبل الأزمة المالية الحالية، وفي تصورنا أن معظم تلك المبالغ سوف يكون في طريقه إلى جيوب القائمين على تلك البرامج.

من تلك المبالغ الكبيرة، نتقل إلى ذلك المؤتمر الذي عقدته بعض النساء (المسلمات)،في العاصمة الكينية، نيروبي، والذي لم يكن ضمن مؤتمرات الأمم المتحدة،على ما نظن؟!!:

 (( نيروبي – القاهرة (المسلمون) – من نجلاء محفوظ :

عقدت مجموعة من النسوة العربيات المسلمات مؤتمرا في نيروبي للمطالبة بتعدد الأزواج! وارتداء الرجل للحجاب أسوة بالمرأة! ونسب المولود إلى الأم بدلا من الأب! المؤتمر الأضحوكة رأسته الدكتورة نوال السعداوي (مصرية). وقالت الدكتورة زكية بلهاش (مغربية): "إن المرأة تعاني من التمييز الذي حولها إلى أداة مسخرة لخدمة أغراض (المتسلط).{هل "المتسلط" على طريقة إخواننا في مصر، حين يقولون : "اللي ما يتسماش"؟!!} وربطت الدكتورة فريال غزول (عراقية) بين المرأة و الإنسان الأسود وقالت: "إن كليهما يعاني من التفرقة العنصرية و الجنسية".

ادعت رؤوفة حسين (يمنية) {في جريدة "البلاد" تكتب امرأة، يمنية اسمها: رؤوفة حسن، فلعلها هي التي شاركت في المؤتمر، وقد سألتها عبر رسالة إلكترونية،فلم ترد عليّ} أن المرأة تعيش قهرا مضاعفا حيث يقع عليها (القهر) مرتين في حين يقع على الرجل مرة واحدة. (..).

 وفي البداية تحدثت الدكتورة نوال السعداوي فأكدت على أن الطفلة العربية تربى على الخوف من التفكير الحر، وتعاني من القيود على عقلها، ثم تكبر.. فيأتي (الزوج) ليقضي على البقية الباقية من حرية الفتاة الفكرية (..)!نحن من أنصار (الوحدانية) أو (التعدد) للطرفين حتى لا يسود الزيف والظلم والازدواج في القيم والأخلاق.){ جريدة "المسلمون" العدد 243 في 9/2/1410هـ = 29/9/1989م}.

 

لا أظن أن مراسلة جريدة (المسلمون)،قد وصفت المؤتمر بأنه (أضحوكة) من أجل تسهيل نشر الخبر، الذي يتصادم مع الشريعة الإسلامية. ومع ذلك فقد لفت نظري ذلك الوصف (المؤتمر الأضحوكة)، وهو لن يكون أضحوكة – قطعا – حين تتحول توصياته إلى قرارات تتبناها الأمم المتحدة، وتوقع عليه الدول – رغبة أو رهبة – حينها سوف تكون مخالفة ما جاء في قرارات تلك المؤتمرات،مخالفة لــ(الشرعية الدولية)!! وذلك هو الخطر الحقيقي الذي يجب أن نركز عليه، إذا لا يوجد شيء من تلك (الفواحش) التي تدعو إليها المؤتمرات، إلا وهو مبثوث في الكتب والصحف والأفلام ..إلخ.

إذن فالخطورة الحقيقية تكمن في (تقنين) تلك الفواحش التي تدعو لها الأفلام والمسلسلات بشكل خاص.. من العلاقات المفتوحة،إلى الشذوذ، و.. إلخ.

وقد نبهت باحثة غربية إلى نقطة في غاية الأهمية. فقد كتب الأستاذ فهمي هويدي مقالة تحت عنوان:(حول وثيقة بكين):

(قرأت دراسة أعدتها إحدى الباحثات الأمريكيات المعنيات و الناشطات في مجال جمعيات الدفاع عن الأسرة والحق في الحياة {أي مناهضة "الإجهاض"} بالولايات المتحدة، ذكرت أن جماعات التطرف النسائية كان لها دور فعال في إعداد وثيقة مؤتمر بكين،وأشارت إلى أن 10% من أعضاء تلك المنظمات من الشاذات جنسيا (السحاقيات)، وأن واحدة من أولئك الشاذات رأست إحدى جلسات مؤتمر الجمعيات الأهلية الذي عقد بنيويورك في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في إطار الإعداد لوثيقة بكين، وذكرت الباحثة أيضا أن ممثلات جماعة الأسرة والحق في الحياة الأمريكية منعن من الاشتراك في الاجتماع.

وعلمت لا حقا أن المسلمات الأمريكيات شكلن وفدا للمشاركة في مناقشة بنود الوثيقة ولكنه منع بدوره من الحضور. (..) أيدت الكنسية { الكاثوليكية} أيضا دعوة الوثيقة إلى حق المرأة في التمتع بصحة جيدة عقليا وبدنيا، ولكنها أبدت استغرابها إزاء الإشارة في هذا الصدد في موضعين اثنين فقط إلى (الأمراض الاستوائية)، بينما أشارت في أكثر من أربعين موضعا إلى المشاكل المتعلقة بأمراض الجنس. واعتبرت ذلك موقفا غير متوازن؛ لأن ضحايا الأمراض الاستوائية يتراوح بين 650 و 850 مليون نسمة، بحسب تعداد منظمة الصحة العالمية، وضحايا الإيدز أربعة ملايين بحسب المصدر نفسه){ جريدة الشرق الأوسط العدد 6110 في 25/3/1416هـ = 21/8/1995م}.

تجدر الإشارة إلى أن مؤتمر بكين ( 1416هـ - 1995م) قد حظي بتغطية هي الأكبر في تاريخ مؤتمرات الأمم المتحدة، حيث جمع ممثلي 189 حكومة وأكثر من 2100 منظمة غير حكومية، ومن البشر ما مجموعه 50000 مشارك ومراقب.

يتضح من منع حضور وفد النساء الأمريكيات المسلمات، ومنع ممثلات جمعية الدفاع عن الأسرة والحفاظ على الحياة، يتضح من ذلك أن تلك المؤتمرات - بكل ذلك الضجيج الذي يصاحبها، وذلك السعي الدءوب إلى فرض مقرراتها – في الواقع ضد جميع الأديان، وضد كل أصحاب الفطر السليمة، والمنادين بالحفاظ على الأخلاق.

كان من جراء تلك الهجمة على الأخلاق، أن حصل نوع من التضامن بين الوفود الإسلامية والكاثوليكية،والذي يبدو أنه أزعج البعض!!

فقد جاء في عرض كتاب: (العولمة،النوع والدين .. والسياسة وحقوق المرأة في السياقين الكاثوليكي والإسلامي)،تحرير جاين بايز، ونايرة توحيدي. ترجم المراجعة / مصطفى الجمال/ الناشر : بلجريف / نيويورك / 2001م)، جاء في عرض الكتاب ما يلي:

(يجيء هذا الكتاب محصلة لمؤتمرين عالميين تاريخيين، عقدا برعاية الأمم المتحدة، ولمناقشة قضايا المرأة، مؤتمر بكين 1995، ومؤتمر خمس سنوات بعد بكين الذي عقد في نيويورك عام 2000، وقد أثار اهتمامنا، نحن كتاب ومحرري هذا الكتاب، وكمشاركين في مؤتمر بكين، اتجاهان هامان (..) الاتجاه الأول: يتصل بتحالف محافظ عبر القوميات والثقافات، ويقف ضد منح النساء حقوقا متساوية مع الرجال (..) أدى الاتجاه الأول إلى إحداث انقسام كبير بين مندوبي المؤتمر بشأن قضايا الجنس والتوجه الجنسي، وسيطرة النساء على أجسادهن بما فيها حق الإجهاض، كما أدى إلى توسيع الخلاف حول قضايا مثل الجدارة في مواجهة المساواة، والجنس في مواجهة النوع الاجتماعي (..)، وكان الجديد الذي تجلى في مؤتمر بكين هو ذلك التحالف بين وفود كاثوليكية وإسلامية تحت قيادة الفاتيكان (الكرسي البابوي) واتخذ شكل كتلة للضغط من أجل موقف موحد من تلك القضايا.){مجلة "نور" : دورية متخصصة في كتب المرأة – عدد خاص عن العولمة – 2003م}. 

واضح أن الإشارة إلى أن الوفود الإسلامية كانت تحت قيادة (الفاتكان) وشرح ذلك بـ(الكرسي البابوي)،واضح أن ذلك سعى لدق إسفين في التحالف الإسلامي المسيحي. فأي مسلم يقبل أن يكون تحت قيادة (الكرسي البابوي)؟!! مع أن اتفاق طرفين – أو أكثر – على توحيد تصويتهما لا يحتاج إلى (قيادة) طرف، مما يجعل الطرف – أو الأطراف – الآخر (تحت القيادة).

وختاما: يقال إننا نعيش في عصر الديمقراطية، أو حكم الأكثرية، ومع ذلك فنحن نشاهد فرض قلة - على رأسها الأنثويات، وهن بين (متطرفة) أو (شاذة) - تدعمها الأمم المتحدة – أو تدير هي الأمم المتحدة – رأيها، أو وجهة نظرها، أو قناعتها على الأغلبية.. معظم المسلمين، والمسيحيين الكاثوليك تحديدا، وبعض اليهود المتدينين، والأخلاقيين – أو أصحاب الفطر السليمة - من غير المتدينين، كل هؤلاء قد يخسرون أمام (فيتو) نشر الفاحشة!!