إطلاق نار وحرق للممتلكات.. مستوطنون حوثيون يهاجمون أهالي قرية في هذه المحافظة هل تبدأ روسيا تعبئة عسكرية استعداداً لحرب؟.. الكرملين يجيب انتصار ساحق للجيش السوداني ينتهي بالسيطرة على مدينة استراتيجية قوات الجيش تخمد هجوماً حوثياً غربي تعز عبّرت عن استنكارها لتصريحات مسؤول حكومي.. الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمأرب تصدر بياناً هاماً قيادي حوثي يشق عصا سيّدة ويعلن تمردة على قرار إقالته مأرب: إشهار مؤسسة جرهم للإعلام والتنمية. رئيس الحكومة ينتصر لنقابة الصحفيين اليمنيين ويلغي أي اجراءات تستهدفها 24 لاعباً في قائمة منتخب اليمن استعداداً لخليجي26 ''الأسماء'' الآلاف من قوات كوريا الشمالية المحتشدة في روسيا تستعد ''قريباً'' لخوض القتال ضد أوكرانيا
عبث المناصب والتعيينات
كنت أعتقد أن ليس لدينا دولة ، وهذا الاعتقاد جعلني أكتب مقال سابق تحت عنوان ((وطن بلا دولة)) ولكن مع مرور الزمن تبيّن أنه يتوجب عليّ أن أصحح هذا الاعتقاد وأن أتيقّن بأن هناك دولة - شئت أم أبيت - ((واسترشاداً بمقولة الدكتور طارق السويدان التي يؤكد فيها على ضرورة أن يستخدم الإنسان عقله وأن لا يصادر تفكيره لحساب تفكير الآخرين وتنفيذ كل ما يطرحونه بدون أي عناء في التفكير)) وبما أن العقل في الإسلام مناط التكليف ومصدر الفكر السليم فقد أدركت أهمية إعمال العقل والتفكير فوجدت أن لدينا دولة ، ولكنها ليست دولة النظام والقانون التي يطمح في وجودها كل مواطن يمني ، ويعلق عليها آمالاً كبيرة نحو تحقيق مزيد من التطور في حياة الناس ، بل هي دولة ضعيفة في أداء واجباتها تجاه الوطن والمواطن قياساً بما تحصل عليه من الحقوق من كليهما.
وعلى هذا الأساس كان اختيارنا لهذا الموضوع تحت الاسم الافتراضي ((دولة النقاط والحواجز)) وسنقدم ما يمكن اعتبارها أدلة لإثبات هذا الاسم على دولة بلادنا الحالية وذلك من خلال استعراض عدد من الشواهد التي تمارس على صعيد الواقع وعلى حلقات متتالية إن شاء الله ، ...
وهذه الحلقة الثالثة تحت عنوان : ((عبث المناصب والتعيينات)) وذلك من خلال نظرة سريعة إلى مقدمة التشريعات التي تصدر من هيئات الدولة المختلفة وكيف يخيل إلى كل إنسان أن هناك التزام صارم ومعرفة تامة بما تحتويه تلك المرجعيات المشار إليها ، ونضع نموذج من تلك المقدمات ، قرار جمهوري رقم (9) لسنة 2006م بتعيين محافظ لمحافظة عدن ، رئيس الجمهورية ، بعد الاطلاع على دستور الجمهورية اليمنية ، وعلى القانون رقم (4) لسنة 2000م بشأن السلطة المحلية وتعديلاته ، وعلى القرار الجمهوري رقم (105) لسنة 2003م بتشكيل الحكومة وتسمية أعضائها ، وبناءً على عرض وزير الإدارة المحلية ، وبعد موافقة مجلس الوزراء ، قرر، مادة (1) يعين الأخ أحمد محمد الكحلاني محافظاً لمحافظة عدن ، مادة (2) يعمل بهذا القرار من تاريخ صدوره وينشر في الجريدة الرسمية ، صدر برئاسة الجمهورية بصنعاء بتاريخ 12 محرم 1427هـ الموافق 11 فبراير 2006م ، علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية ، عبد القادر باجمال رئيس مجلس الوزراء ، صادق أمين أبو رأس وزير الإدارة المحلية ، وقد أوردنا هذا النص لنستخلص منه عدة نقاط هامة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن لدينا دولة نقاط وحواجز لا يربطها بالدستور والقانون سواء ذكرها في مثل هذه المقدمات فقط .
فالنقطة الأولى تتمثل في إجماع سلطات الدولة على الاختراق المتعمد للدستور وذلك من خلال تتبع ألفاظ النص السالف الذكر بداءً بالوزير ثم رئيس الوزراء ثم مجلس الوزراء ثم رئيس الجمهورية وقد أجمعوا على اطلاعهم على الدستور والقوانين اطلاعاً كاملاً بحسب إقرارهم وتعميه بالتواقيع ويتمثل الخرق الدستوري في تجاوز نص المادة رقم (80) من الدستور والتي تنص على ((لا يجوز الجمع بين عضوية مجلس النواب وعضوية المجلس المحلي أو أي وظيفة عامة ، ويجوز الجمع بين عضوية مجلس النواب ومجلس الوزراء))وهذا النص واضح في عدم إجازة المذكور تعيين الكحلاني محافظا لأنه عضو مجلس النواب عن الدائرة الانتخابية رقم (4) بأمانة العاصمة ، النقطة الثانية أن هؤلاء المسؤولين يخادعون الجمهور ويمارسون أساليب الغش والاحتيال من أجل إيهام الشعب بـأن هناك نظام وقانون ، في حين تثبت الممارسة عكس ذلك تماماً ، النقطة الثالثة أن مسؤولي الدولة يتعاملون مع شعبهم على اعتبار أنهم جهله ومغفلين لا يعلمون عن أمور القانون شيئاً مع أن العكس هو الصحيح ، فالمواطن اليمني يتحلى بمزيد من الذكاء والفطنة وحسن الإدراك ويعلم كل هذه الأعمال التي تمارس من قبل سلطات دولة النقاط والحواجز ومدرك لها تمام الإدراك ، إلاّ أنه حيل بينه وبين ما يشتهيه من النظام والقانون وصار المتنفذين يطبقون قانون القوة بحكم ما لديهم من القدرات والإمكانات اللازمة لقرض قانون القوة من خلال الاستحواذ على مفاصل الدولة الأساسية مع استخدام أساليب الترهيب والترغيب والكسب الرخيص بالإضافة إلى تطبيق مبداء (فرق تسد) وهذه عوامل مؤثرة على حد كبير في تزييف وعي المواطن وقلب حقائق الأمور رأساً على عقب حتى خلقوا لدى المواطنين حالة من الإحباط ونوع اليأس في عدم جدوى أي نظام أو قانون خارج نطاق ما تخطط له سلطة المتنفذين الذين لا مكان لهم في وطن تديره دولة نظام وقانون لأنهم غير مؤهلون لإدارة البلاد بقوة النظام والقانون إطلاقاً ولهذا يسعون إلى تكريس سياسة التجهيل وتزييف الوعي الجماهيري تحت تأثير الإعلام باعتباره أقوى وسائل التأثير الجماهيري وأسرعها وصولاً بما يحمله من أفكار وأساليب من شأنها طمس حقائق الممارسة اللا قانونية من قبل هيئات الدولة المختلفة ، إلى جانب إهدار المال العام في سبيل كسب الولاء والتأييد ولو من الناحية الشكلية ، إلاّ أنه مما يثلج الصدور ويهون وطأة مثل هكذا تصرفات أن المادة رقم (128) من الدستور قد ضمنت لنا حق مقاضاة من يرتكبون مثل هذه الخروقات الفاضحة ، لأن هذه المادة تنص على أن خرق الدستور جريمة لا تسقط بالتقادم ، ولهذا نقول اعملوا ما شئتم والزمن كفيل بوصولكم إلى قبضة العدالة كما هو دأب غيركم من المخالفين .
وفي اتجاه آخر من العبث بالمناصب والتعيينات فقد صدر قرار جمهوري جديد يقضي بتعيين محافظاً لمحافظة الجوف خلفاً للمحافظ الذي تم تعيينه بعد فشل الهيئة الناخبة في انتخابه حسب التعديل الأخير على قانون السلطة المحلية والذي قضى بانتخاب المحافظ من قبل الهيئة الناخبة ، إلاّ أن هذا النص قد تم تجاوزه وعدم احترامه من قبل سلطات الدولة ، واضعة نصب عينيها قانون القوة الذي دأبت على تنفيذه دولة النقاط والحواجز من أجل ضمان استمرارها في السير المعاكس لدولة النظام والقانون ، التي يُحترم فيها الدستور والقوانين المنبثقة عنه والتي من شأنها تنظيم هياكل الدولة وضمان احترام الوظيفة العامة من خلال وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ، ومن خلال توظيف الطاقات والخبرات فيما يعود بالنفع على حياة المواطنين من ناحية وتطبيق مبداء المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين من ناحية .