من سيملأ الفراغ الإيراني في المنطقة؟
بقلم/ د.عمر ردمان 
نشر منذ: 3 أسابيع و 5 أيام و 4 ساعات
الأربعاء 18 يونيو-حزيران 2025 07:46 م
  

في عام 2017م قرأت دراسة لمعهد راند الأمريكي تتحدث عن أن السنوات العشر القادمة (2017 - 2027) تتنافس في المنطقة أربعة أقطاب إقليمية هي: (إسرائيل - السعودية - إيران - تركيا) وأن مصلحة المنطقة -من وجهة نظر الدراسة- تقتضي تضييق الفجوات بين القطبين: الإيراني والإسرائيلي، وتوسيع الفجوات بين القطبين: السعودي التركي.

 

وبالفعل بدأت السنوات المحددة في الدراسة بتقارب وتكامل إسرائيل وإيران على قاعدة القواسم المشتركة من المصالح في نهش دول المنطقة، واتسعت فجوات الخلاف بين السعودية وتركيا في عدة ملفات، لكن لم تنتصف الفترة المذكورة الا وقد انقلبت المعادلة رأساً على عقب وعلى الضد مما كانت عليه، وذلك لعدة عوامل موضوعية أبرزها: 

١. المناورة السعودية الذكية بإعلان اتفاق بينها وبين إيران، هذا الاتفاق المعلن -رغم انتفاء العوامل الموضوعية لنجاحه- جعل السعودية تنسحب من وسط الصراع الإسرائيلي الإيراني الذي كانت السعودية تدفع ضريبته، وعجّل بحتمية الاشتباك المباشر بين إسرائيل وايران. 

٢. طوفان الاقصى، الذي عجّل هو الآخر -بقصد أو بدون قصد- بإخراج ما يسمى محور المقاومة الإيراني في لبنان وسوريا والعراق واليمن إلى مسلخ الذبح.

 

وخلال السنتين الأخيرتين تابعنا ملامح تحالف سعودي تركي أسهم في حسم عدة ملفات شائكة، كتحويل مسار الحرب السودانية لصالح شرعية مجلس السيادة، وتأمين الانتقال السياسي في سوريا بعد إسقاط نظام الأسد، وترتيب وضع الدولة اللبنانية بعد هزيمة حزب الله.. وبينما كان يمضي هذا المسار كان يصاحبه مسار موازٍ من نضوج عوامل المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران بدءا من اغتيالات قادة الحرس الثوري في العراق وسوريا ومرورا بالاشتباك المباشر بين الدولتين عبر الطيران المسير والقوة الصاروخية، وصولاً إلى اندلاع الحرب ضد إيران التي ما زالت مستمرة في تقطيع أوصال نظام الملالي بشكل غير مسبوق. 

 

هذه التحولات الرهيبة في المنطقة التي تستهدف إنهاء الوجود الإيراني في المنطقة والتي قد تتعدى ذلك إلى تغيير النظام داخل إيران، يترتب عليها فراغاً يتركه الغروب الإيراني، وأصبحت معادلة التنافس في ملء هذا الفراغ بين طرفين: السعودية وتركيا من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، وإذا ما استمر التحالف السعودي التركي (المفترض) فإن حجم إسرائيل ضعيف أمامهما مجتمعتين، فالدولتان -السعودية والتركية- تحملان مشروعاً يلتقي في العقيدة السنية باعتبارها المعادل الموضوعي للتشيع السياسي التخريبي في المنطقة، وترتكزان على قوة اقتصادية وسياسية وروحية سعودية، وقوة سياسية وعسكرية تركية باعتبارها داخل المنظومة الأوروبية وعضوا في حلف الناتو، وإذا ما أضيف إليهما بالتبعية القوة العسكرية والنووية الباكستانية فنكون بذلك أمام مشهد مختلف سيعيد رسم ملامح المنطقة والمعادلة الدولية القادمة.

 

بالتأكيد ستعمل كثير من الأطراف الدولية على تفكيك هذا الجسد الضخم لصالح النفخ في الكيان الصهيوني وتعزيز حضوره، وهو ما يفرض على هذه الدول بقيادة السعودية الاستعصاء على مؤامرات التفكيك والوعي بمخاطر الاستجابة لبعث النزاعات والخلافات بين دوله، كما يفرض بناء مشروع عربي إسلامي موحد يقوم على قاعدة التفاعل الإيجابي مع المجتمع الدولي وتوازن العلاقات بين أقطابه الدولية بما يحقق الاستقرار والسلم الإقليمي والدولي، وبما يحقق مصالح شعوب المنطقة ودولها الدائرة في هذا الفلك السياسي الجديد.