بالمر يقود تشيلسي للفوز بكأس العالم على حساب سان جيرمان
منظمة حقوقية تنتقد أحد نجوم برشلونة.. ماذا حصل؟
مسؤول إيراني يكشف مصير مضيق هرمز بعد اكتمال الإجراءات العسكرية
تفاصيل جديدة تكشفها أسرة .حنتوس حول الممارسات الوحشيه التي تعرض لها الشيخ وكيف تم دفنه سراً
من لندن .. اليمن تفتح ملف الحوثيين مع جمهورية الصومال
الحوثيون يتسببون في إغلاق أحد أشهر سلسلة مطاعم في العاصمة صنعاء
لماذا تغير موقف الإدارة الأميركية من بعثة الأمم المتحدة بالحديدة من موقف الدعوة لإنهاء عملها الى التصويت على التمديد لها ؟
سلطنة عمان توصل تهديدا شديد اللهجة من الإدارة الأميركية للحوثيين في اليمن
الرئيس العليمي يلتقي قيادة المكتب السياسي للمقاومة الوطنية ويشدد على وحدة الصف وتوحيد الخطاب الإعلامي ويؤكد على مبدأ الشراكة
برشلونة يعلن ضم لاعب جناح مهاري يتمتع بقدرات تهديفية
آنستنا يا عيد، رغم جراحنا المفتوحة، رغم سحابات الحرب التي لم تنقشع، آنستنا يا عيد، وأنت تتهادى على تراب اليمن الجريح كضيفٍ كريمٍ لا يخلف موعده، تمسح على جبين المدن المتعبة، وتقرع أبواب البيوت المتقشفة بابتسامة السماء، فلا تتردد الأرواح في استقبالك، ولو بأثوابٍ مستعملة وموائدَ متواضعة وقلوبٍ مثقلة بالشوق، لأنك – وإن ضاق بنا الحال – تفتح نوافذ الفرح في أرواحنا المغلقة، وتغرس بين أيدينا وردة يقين تقول: لا زال في العمر متّسعٌ للحياة، وللفرح، وللبهجة التي لا يُطفئها عواء السياسة ولا بؤس الاقتصاد، ولا ذاكرة الرصاص.
ها هو عيد الأضحى المبارك، وقد عاد على اليمنيين مجددًا، كما يعود في كل عام، لا تفرق معه خطوط التماس، ولا تُغيّب حضوره أصوات البنادق ولا تنال من جلاله ارتجاجات السوق ولا انهيار الريال، بل يحضر، كما لو أنه المدد السماوي الأخير الذي يهبط من الروح قبل أن يهبط من السماء، يعيد ترتيب نبض القلوب المنهكة، ويملأ الأزقة المتشققة برائحة العطر الشعبي، واللبان العدني، وكعك العيد التي لا تزال تُصنع في بعض البيوت كطقس مقاومة وعادة متجذرة، تنتمي للهوية أكثر مما تنتمي للترف.
العيد في اليمن ذاكرة لا يمكن للأزمات أن تمحوها، فيها عبق القات المجبور أن يتحول نبتةً للمصالحة لا الشقاق، وفيها دعوات الجدّات المخضّبات بالحِنّاء على رؤوس أحفادهن بأن "يعيد الله عليكم بالخير، وبزوال الهمّ والغمّ"، وفيها أناشيد الطفولة على الأرصفة القديمة، حيث تشتري الأمهات بثمن يومٍ شاقّ بعض البالونات لتُعيد لون الحياة إلى وجوه أطفالهن. وبين هذا وذاك، يصدح صوت فؤاد الكبسي من الراديو او عبر شاشات التلفاز بأغنيته الشهيرة "اضحك على الأيام"، وكأنه يكتب ملحمة صمودٍ شعبية بلهجة يمنية لا تخون أصالتها ولا تنسى أن "أبرد من الأوهام" هو من يظن أن اليمني لا يستطيع أن يفرح. هذا الصوت، ومعه أصوات عمالقة الطرب اليمني، ليس مجرد فن، بل هو بيان وجداني يُذاع في سماء العيد، يؤكّد أن الفرح حقٌ، حتى لو جاءت به سلال القصف، وأن الغناء مقاومة لا تقل شأنًا عن أي سلاح.
وفي صلب هذا المشهد، تقف التقاليد اليمنية شامخة، لا تتبدل رغم تبدل الجغرافيا، تَخرجُ النساء مُوشّحات بعباءات العيد كأنهن يُجدّدن البيعة للحياة، وتُذبح الأضاحي أمام البيوت – وإن قلّ عددها – في مشهد رمزي يعيد للعيد بعده الشرعي والروحي، وتُقسم اللحوم بين الجيران كما قُسِمت الأحزان طوال العام، كأن العيد يقول: هاكم قليلًا من اللحم، ولا تنسوا كثيرًا من الحب، فالمشاركة في اليمن ليست عادة، بل فرض اجتماعي مقدس، تتشابك فيه روح الدين مع نُبل القبيلة، ومع كرم اليمني المتأصل، حتى وإن كان ما يملكه لا يكفي ليومٍ واحد.
السياسة في اليمن – بعُقدها وتشعباتها – تقف عاجزة أمام بساطة العيد. لا معسكر يمكنه أن يُلغي فستان طفلة تتهيأ للعب ، ولا تحالف يستطيع أن يصادر ضحكة في وجه رجل يوزّع التهاني رغم أنه لم يتسلّم راتبه منذ سنوات فـ العيد في اليمن ليس قرارًا سياسيًا، بل قناعة دينيه وشعبيه لا تقبل الإلغاء، إيمانٌ حديديّ بأن الحياة لا تُدار فقط بمنطق الربح والخسارة، بل بمنطق الأمل والانتظار، وإن طال.