حرب غزة ..لماذا؟ تساؤلات أمام القمم
بقلم/ علي عبدالله الغيل
نشر منذ: 15 سنة و 10 أشهر و 5 أيام
السبت 17 يناير-كانون الثاني 2009 12:23 م

بادي ذي بدأ يقر الكاتب بأن الذاكرة العربية عند السياسيين علاوة على صغر حجمها تتسم بالبلادة المنقطعة النظير لا تؤهلها حتى لتذكر ابسط الأحداث التي تمت من قبل وبما من شأنه دائما البدأ من جديد في كل مرة يجدون أنفسهم في مشكلة ما.

وعلى العكس من ذلك فالذاكرة العبرية دائما ما تواصل هجومها من حيث انتهت سابقا وفي كل مرة يزداد طمعها وترفع سقف مطالبها حتى توصل القادة العرب إلى الموافقة على ما لا يقبله عقل بشري ( من غير العرب).

حينما قرأنا اتفاقية أوسلو لم نصدق أن أحدا قد وافق ووقع على تلك البنود, وما أن تم ذلك حتى بدأ نقضها بواسطة إسرائيل ولم يتحقق للفلسطينيين شي من الفتات الذي كان يفترض أن يحصلوا علية, أما إسرائيل فقد بنت المئات من المستعمرات الجديدة وقضت على السلطة الفلسطينية واعتبرت ومعها أمريكا أن ياسر عرفات زعيم الإرهاب والعائق الرئيسي للسلام وهو نفسه من كان قد حصل على جائزة نوبل للسلام إلا أن بوش فجأة قد أعلن أن شارون هو رجل السلام وليس غيرة,

زاد اليأس العربي من تفاقم الأزمة فقرر البعض بحسن نية أن الحل هو الرضى بالأمر الواقع والأرض مقابل السلام فما كان منهم سوى تقديم مبادرة جديدة للسلام أسميت \"المبادرة العربية للسلام\" فيها ضمان أمن إسرائيل والتطبيع الكامل معها مقابل انسحابها من اراضي ما بعد 67 وقيام دولة فلسطين, وحينما كانت تلك المبادرة هي عربية ومن قدمها هم عرب فما كان لإسرائيل إلا التأكد من أنها قادرة على الحصول على تخفيضات Discounts جديدة عملا بعرف المبايعة Bargaining ولكي تقوم بذلك فما كان منها إلا الرفض وعدوان\"جنين\"

مع ذلك ظل القادة العرب على أمل أن تضغط أمريكا وأوروبا على إسرائيل للقبول بتلك المبادرة إلا أن أكبر تلك الضغوط كانت حث الطرفين على الحوار والمباحثات لعلم القوى العظمى أن إسرائيل قادرة على انتزاع ما هوا أكثر من خلال الحوار وصناعة التناقضات في المواقف العربية.

وفعلا كان لها ذلك, فها هوا الموقف المصري الذي يعتبره العرب رائدا ومنسقا للمواقف العربية, ها هو أثناء الزيارة الرسمية للرئيس الإسرائيلي نهاية شهر أكتوبر الماضي يقدم الهدية المجانية لضيفة الذي جاء (كما أعلن!) لبحث مسألة المبادرة العربية للسلام فما كان من المضيف إلا أن فجر قنبلة مدوية مفادها عدم إمكانية تنفيذ تلك المبادرة وأنها ناقصة وغير ملزمة لإسرائيل!!

العديد من المحللين انصدموا لذلك التنازل الغير مدروس والذي اتخذه الرئيس المصري منفردا كما يبدوا اثناء تلك الزيارة التي سبقت العدوان البشع على غزة. وجزء كبير من ذلك الاستغراب كان قد نبع من تفاؤل المتفائلين من العرب والعالم أنة كان قد حان تنفيذ الوعد الأمريكي المتمثل بقيام دولة فلسطين على أرضها البسيطة في الضفة والقطاع علاوة على أن ذلك هو ما اجمع علية العرب في مبادرتهم الانفه الذكر.

من جديد أدركت إسرائيل أنها تستطيع الحصول على المزيد, وأنها تستطيع إجهاض الوعد الأمريكي بقيام دولة فلسطين, ووأد المبادرة العربية,ولكنها ما كانت لتستطيع القيام بذلك إلا بقيام حرب جديدة وبشعة تمحوا ما قبلها من اتفاقات وتفرض بعدها شروط وتنازلات جديدة.

وبالفعل تحصل على أكثر مما توقعته ( هذا إن لم تكن هي من صاغته أو فرضته ) فها هي المبادرة المصرية على رغم غموض بعض بنودها, إلا أنها وبصورة واضحة تكتفي بوقف(مؤقت!!) لإطلاق النار وكأن الطرفين متعادلين في ذلك الإطلاق, لكن الأخطر من ذلك أنها تنص على هدنة تمتد من عشر إلى خمسة عشر سنة !!.

يا سبحان الله هل يعني هذا أن قيام دولة فلسطين أصبح في حكم السراب؟ وهل سنستمر لخمسة عشر سنة هدنة في مباحثات جديدة؟ وفوق هذا كله هل يعني ذلك إعفاء أمريكا واللجنة الرباعية والعالم من التزامهم الأدبي بدعم قيام دولة فلسطين على فتات أرضها بحجة الهدنة؟ هل تدرك مصر أن هذه المبادرة تقضي على مبدأ قيام دولة فلسطين؟

إذا, لخلط الأوراق, وقلب النتائج, وإجهاض الوعود السابقة تمت الحرب على غزة. وستبدأ إسرائيل (متسلحة بانشقاقات عربية تارة وخيانة مقصودة تارة أخرى) من حيث انتهت أما العرب فسيبدأو بالتفكير بمبادرة جديدة تجعل منهم أكثر اعتدالا وتفهما, وربما يكتفوا بطلب انسحاب إسرائيل من الضفة الغربية (مؤقتا!!) أو طلب اكتفائها بفلسطين فقط شريطة عدم الاعتداء على أي قطر عربي أخر, وهي بدورها ستجد طريقة ما للتفاوض حول ذلك !!!

أخيرا....,

تساؤلات حائرة

- ماذا سيعمل القادة العرب لدعوة القيادة الأمريكية الجديدة لتنفيذ وعود سابقتها بقيام دولة فلسطين؟

- ماذا سيعمل رئيس مصر الذي نقل ذلك الوعد شخصيا من بوش قبيل العدوان على العراق؟

- ماذا سيعمل القادة العرب لتنفيذ المبادرة العربية وكيف يمكن إقناع مصر بتبنيها وهي التي أجهضتها؟

- هل هناك سقف زمني جديد لقيام دولة فلسطين؟

- هل ستضل جرائم غزة في ذاكرة القادة ويعملوا على محاكمة مقترفيها ام سيطويها النسيان؟

- ماذا سيقرر القادة لحماية من لم يتم الاعتداء علية منهم بعد؟

*جامعه العلوم الماليزية