حرب المسيّرات.. التكنولوجيا التي أعادت تشكيل وجه النزاعات العسكرية ملتقى الموظفين النازحين يتجه لمقاضاة الحكومة في حال عدم إستجابتها لمطالبهم ما الدول التي إذا زارها نتنياهو قد يتعرض فيها للإعتقال بعد قرار الجنائية الدولية؟ خالد الرويشان يتحدث عن تصرفات حوثية لن يتخيّلَها حتى الشيطان:عارٌ علينا أن نصمت اللواء العرادة يطالب المجتمع الدول بإتخاذ تدابير عاجلة تجفف منابع الدعم الخارجي للمليشيات مليشيات الحوثي تحول مدارس صنعاء إلى معسكرات تدريب للطلاب حزب الإصلاح يلتقي بعيدروس الزبيدي مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي يتحدث عن نقاط ضعف الحوثيين القابلة للاستغلال وحقيقة قدرتهم على تحديد هوية السفن وتعقبها وضربها سلاسل بشرية بمدينة مأرب تضامنا مع الشعب الفلسطيني ودعما لقطاع غزة - صور وزير الخارجية يستقبل الرحالة اليمني منير الدهمي بالرياض
«ليت الشيطان الرجيم يأتي ويحكمنا بدل هذا الرئيس أو هذه العصابة. والله حتى الشياطين أفضل من هذا النظام. آه لو يعود الاستعمار ذات يوم. كم نتمنى لو أن يأتي الأعداء ويحتلونا كي نتخلص من هذه الأنظمة». هذه مجرد عيّنة تسمعها اليوم في العديد من الدول العربية، وخاصة في الديكتاتوريات العسكرية التي ثارت الشعوب عليها، ولم تنجح في اقتلاعها حتى الآن، لأن تلك الديكتاتوريات، كما اكتشفنا متأخرين هي ضرورة استراتيجية لضباع العالم، أو بالأحرى بمثابة «كلاب صيد» تسحق شعوبها وتدمر بلادها وتنهب خيرات وثروات أوطانها لصالح مشغليها في الخارج المعروفين للقاصي والداني. لم تعد الشعوب تخجل مطلقاً من تفضيل العدو الخارجي على العدو الداخلي الذي يسمي نفسه زوراً وبهتاناً «حاكماً وطنياً». لا شك أن الباحث سيهرش رأسه وهو يسمع ملايين العرب اليوم وهم يعترفون بأنهم باتوا يحلمون بعودة المستعمر، لا بل إن بعض الشعوب خرجت ذات يوم لاستقبال رئيس أوروبي كان بلده يوماً يحتل بعض البلدان العربية، والغريب أن الناس هناك استقبلوه بحفاوة بالغة، وطالبوه بأن يفتح أبواب بلده لهم كي يهاجروا إلى ديار المستعمر القديم، وأن يزيد عدد التأشيرات التي يمنحها لشعوب المستعمرات القديمة. من المؤسف أن الشعوب قدمت ملايين الشهداء وضحت بالغالي والنفيس لتحرير بلادها من رجس المستعمر، لكنها صارت اليوم تترحم وتتحسر على أيام الاستعمار الخوالي بعد أن اكتشف أن المستعمر على علاته كان أرحم بكثير من كلابه المحليين الذين تركهم وراءه كي يستمروا في التسلط على الشعوب نيابة عنه.
لقد نجحت أنظمة الظلم والطغيان، وخاصة العسكرية منها في جعل الشعوب تكفر بالوطن والوطنية، بحيث صارت كلمة «وطني» كلمة بغيضة ومدعاة للسخرية والتهكم، وصار الملايين يفككون مفهوم «الوطن» ويعيدون تعريفه، فكيف نسميه وطناً وهو يسومنا سوء العذاب والتنكيل ليل نهار، يتساءل ملايين العرب اليوم؟ كيف ندافع عن وطن يطردنا ويجوّعنا ويقمعنا ويدوسنا ويحرمنا من أبسط حقوقنا، بينما تحول جنرالاته وطغاته إلى عصابات من اللصوص والمجرمين والقتلة الذين لا هم لهم سوى القمع والتجويع والإفقار ونهب البلاد والعباد. ولطالما قرأنا على مواقع التواصل الاجتماعي مقولة الاقتصادي الأمريكي الشهير ميلتون فريدمان الذي قال ذات يوم: «إذا وضعت حكماً عسكرياً على رأس السلطة ليحكم الصحراء الكبرى، ففي غضون بضع سنوات ستجد عجزاً في الرمال». دلوني على جمهورية عسكرية في العالم العربي لم تصبح أرضاً خراباً، وبات أهلها يستنجدون بالشياطين لإنقاذهم من براثن حاكميها؟
اسأل الشعوب في البلدان التي تحتلها الميليشيات والعصابات والأنظمة العسكرية: هل تتمنون لو أن أية قوة خارجية تأتي وتحتلكم وتحكمكم حتى لو كانت عدوة؟ لا شك أنك ستتفاجأ بالأجوبة. ولو تعجبت من تلك الإجابات الصادمة سيسألونك فوراً: ما الذي أجبرك على المُر سوى الأمر منه؟ لهذا مثلاً ثارت ثائرة ملايين السوريين في الشمال عندما سمعوا عن مفاوضات قادمة بين تركيا والنظام قد تنتهي بتسليم الأراضي التي يسيطر عليها الأتراك إلى النظام. لم تعد كلمة «وطني» و«وطنية» و«وطن» تعني أي شيء للسوريين وملايين العرب غيرهم، لهذا هم مستعدون أن يعيشوا تحت سيطرة أي قوة غير محلية، لأنها مهما كانت ظالمة لن تكون بظلم ووحشية نظامهم. ولو أجريت استفتاء سرياً في أنحاء أخرى، وسألت الناس: هل تقبلون لو احتل العدو أرضكم وحكمكم، ستتفاجأ بأن الغالبية الساحقة ستصوت بنعم للأجنبي، وهو أمر محزن ومخجل جداً، لكن سيردون عليك بالقول: قارن ماذا فعل الأجنبي بنا وببقية أشقائنا العرب، بما فعله هذا النظام أو ذلك بنا. كم قتل العدو الخارجي وشرد حتى الآن؟ خمسين ألفاً، مائة ألفاً؟ كم هجّر؟ مليوناً مليونين؟ كم بيتاً دمر؟ ألف بيت، ألفين، ثلاثة آلاف؟ دعني أقول لك إن نظامنا الوطني المزعوم دمر ملايين البيوت، وقتل واعتقل الملايين، وهجر أضعافاً مضاعفة. فمن هو الأفضل في هذه المقارنة الهمجية؟ من سيفوز بهذا السباق الوحشي؟ رئيسنا (المفدى) طبعاً.
لاحظوا كيف تغير مفهوم الوطن تماماً؟ لم تعد الشعوب مهتمة بالحفاظ على وحدة أرضها مطلقاً، ولا بأس أن تتقسم الأوطان إلى دويلات وكانتونات، فما فائدة أن تعيش في وطن كبير مسحوقاً ومدعوساً، فليذهب الوطن الكبير في ستين ألف داهية وليتقسم إلى ألف قطعة طالما أن القطعة التي سأعيش فيها ستحفظ لي كرامتي ولقمة عيشي.
لكن المحزن جداً أن ملايين العرب الذين يحلمون بتقسيم بلدانهم وعودة الاستعمار والاحتلال يجب أن يعلموا أن أحلامهم بعيدة المنال، فلا يحلمن أحد منكم أن الأعداء مستعدون لاحتلال بلادكم وحكمكم. لا أبداً. مستحيل، فالمستعمرون لا يستطيعون أن يحققوا إذا حكمونا بشكل مباشر ربع ما يحققه لهم كلاب صيدهم الذين نسميهم «حكاماً وطنيين» فكلب الصيد أشد وطأة علينا من الصياد بعشرات المرات، فلماذا يلوث الصياد يديه ويجهد نفسه باحتلالنا إذا كان كلابه يحققون له أضعاف ما يريد من تنكيل وتهجير وقتل وفساد وإفساد ونهب وسلب وتخريب وتدمير؟
إن أخطر ما أنتجته أنظمة الظلم والطغيان على مدى السنوات الماضية أنها دمرت الانتماء والشعور الوطني لدى ملايين العرب، وهو ما يريده مشغلوها الذين سلطوهم على الشعوب. والأنكى من ذلك أن الكثير من الناس اليوم لم يكفروا فقط بالوطنية والوطن والحاكم الوطني، بل سقطت في أعينهم كل المقدسات الوطنية، وبينما ساهم الاستعمار بتوحيد الصفوف وشحذ الهمم والمشاعر الوطنية لطرده، ها هم اليوم وكلاء المستعمر يدمرون النسيج الوطني ويدقون ألف إسفين وإسفين بين مكونات الوطن ويحولونه إلى ملل ونحل متصارعة، فهل نحتاج إلى أعداء بوجود هؤلاء «الحكام الوطنيين» المزعومين