الإمامة ونظام الزكاة.
بقلم/ ياسر منصور البتينة
نشر منذ: سنة و شهرين و 3 أيام
الخميس 05 أكتوبر-تشرين الأول 2023 05:32 م
 

ورث الإماميون النظام المالي والإداري من العثمانيين، وقاموا بتوسيع حكمهم وتطبيقه بصورة تلائم جهاز نظامهم خلال فترة حكمهم ، وقد اتخذت الإمامة خطوات حاسمة في فرض سيطرتها على اقتصاد البلاد من خلال نظام الزكاة و الضرائب كجزء من سياسة التركيع الإمامي لليمنين، من خلال نهب حقوق الناس وممتلكاتهم، (باسم الزكاة والخمس والضرائب الذي عرفت باسم المطلبة، مطلبة الرياح ومطلبة الرباح،ومطلبة البارود، ومطلبة الرصاص، ومطلبة سفرة الوالي، ومطلبة دار الحرب، ومطلبة المعونة.....إلخ.

لم يكن هنالك تحديث لإي نظام إداري، بل اكتفى الإماميون بالنظام الإداري الذي ورثوه من عهد الخلافة العثمانية التي كانت تحكم اليمن في السابق، مع تغير طفيف في بعض التسميات الإدارية والتسميات الوظيفية، لكن كان هذا الغرض من التغير هو التعرف على بعض السياسة المالية، التي كانت الإدارة المالية في جمع الزكاة محصورة من عهد الإماميين، وتحديد الفئة الاجتماعية التي تقع على عاتقها العبء في دفع الزكاة.

كما أن تركيب الإدارة الإمامية، يرتكز على عناصر كثيرة من السادة والقضاة ، يصل نسبتها إلى خمسة وثمانين في المائة أما بقية الشرائح الاجتماعية فلا يتجاوز العشره في المائة وغالبيتهم من كبار ملاك الأرض التابعين للأئمة وثلاثة في المائة٣% من موظفي جهاز النظام الإمامي كانوا من الأتراك استقرو في اليمن مدنيين وعسكريين، لكن كل هؤلاء الموظفين عاجزون عن اتخاذ أي قرارات ادارية دون الحصول على الموافقة المسبقة من الإمام الكهنوتي، حتى أن رواتبهم التي يتقاضونها من نظام الكهنوت متدنية مما جعلتهم يظلمون المواطنيين ويأخذون الرشوة منهم .

وقد استطاع الإماميون مواجهة الصعوبات السياسية و الإدارية في بداية حكمهم مستخدمين نظامهم القاسي، ومستفيدين من التقسيم الإداري في اليمن الذي تركه العثمانيون الذي كانت تقوم على أسس قبلية، وبدلا من توحيد اليمن ودمج الوحدات الجغرافية اجتماعيا واقتصاديا، قام الإمام يحيى الكهنوتي بالتعيينات الوظيفية في إدارته الجديدة حسب شروط تخضع لعوامل هامة تحدد المستوى الوظيفي للإدارة .

أولهما: صلة القرابة الأسر ذات النفوذ القوي في جهاز نظامها الامامي، مدى ولاء أسرته للإمام، بمعنى المحسوبية كانت تفضل على الكفاءة. وثانيها: العناصر الموالية و المخلصة التي تؤمن بالفكرة والولاء للإمامية، بدلا من الولاء للوطن. وثالثهما: الولاءات القبلية و المناطقية، التى تنتمي إلى(مقامهم الشريف). كما كان يحيى الكهنوتي حريصا على إجراء تغيرات مستمره في نظامه الإمامي، خوفا من أي قوة مستقلة تنمو في المراكز الإدارية الهامة في الألوية والقضوات والنواحي، التي كانت تنحصر في حفظ الأمن للإماميين والتي تعمل على إيصال عائدات الزكاة وغيرها من الضرائب و التي تعمل أيضا على مخازن وخزانة بيته المالي الذي كان يطلق عليه (بيت المال) المكون من مدافن أرضية الذي كان يوجد فيه جميع أنواع الحبوب، الذي لا تصرف إلا بأمر من الكهنوت الأكبر يحيى، بهدف الحد من نفوذ أي قوة طامحة للسلطة سواء من أسر السادة أو الشخصيات القبلية.

اما فيما يتعلق في المسائل العامة مثل الصحة و التعليم المدني فقد كان نظام الإمامة يعتبر هذا خارج نطاق مسؤوليته، فأهمل صحة الشعب اليمني حيث توفي في عام ١٩٤٢م من مرض التيفوئيد ما يقارب ثلث سكان اليمن، لتحل بعد هذه الجائحة المرضية، مجاعة رهيبة مات أكثر أهلها بعد أن أكلو الكلاب والقطط وكانت خزائن النظام الإمامي ملئ بالحبوب، وذهب الناس يسألون الكهنوت يحيى _النجدة_ فصعر خده لهم وقال كلمته المشهورة، من مات فهو شهيد ومن عاش فهو عتيق، حيث ذكر الرئيس الراحل القاضي عبد الرحمن الإرياني في مذكراتة أن عدد اليمنيين الذي كانو يموتون من الجوع مئة ألف يمني سنوياً.

أما المواطن من وجهة نظر الطبقة الحاكمة آنذاك، فقد عبر عنها أحمد بن محمد زبارة لكي يحسن صورة نظامه المشؤوم أمام العالم بقوله[ والقبيلي لا يحتاج لكهرباء ولا سرير ولا راديو ويرقد في مكانه أو ديمته فوق فردته هادئا مطمئناً ملء عينيه وفي النهار مشغول بمفرسه أو بعد ثوره ويعيش صحيحاً طول حياته ويتعمر عمراً طويلاً لا يمرض فيه إلا مرض الموت".

تكبد الشعب اليمني مظالم جسيمة كان سببها النظام الإمامي، وكان الفلاحون أكثر الطبقات الاجتماعية تعرضاً للاضطهاد المباشر بسبب النظام الزكوي الإمامي لأنهم كانوا خلافا للشرائح الأخرى، مرتبطين بمنطقة واحدة محدودة(القرية) ولم يكن لديهم من يدافع عن حقوقهم غير بعض مشايخ المصلحة، يمثلون دور الوسيط بينهم وبين النظام الإمامي. وخلال حكم الكهنوت كانت نظرة الفلاحين( القبائل و الرعية) للمدينة نظرة عداء على اعتبار أن المدينة التي كان يتمركز فيها الإماميون ونظامهم، هي عبارة عن مدينة تصدر الظلم و الاستغلال والقهر و النهب و السلب من خلال الجبايات

والضرائب بأنواعها، فالمدينة سكانها يعيشون على تلك الضرائب المجحفة بحق الفلاحين. أما القرية بالنسبة للإماميين فإنها تمثل لهم الموقع، الذي تتوفر فيه أكثر الفرص لجلب المال الحرام وملء الجيوب، من خلال استغلال الرعية البسطاء. يقول أبو الأحرار، الشهيد محمد محمود الزبيري. في كتابه الإمامة وخطرها على وحدة اليمن ( عندما تمطر السماء يقال للشعب هذه بركات الإمام وعندما تحمل يقال للشعب هذه دعوة من الإمام ضد العصاة المتمردين.. الزكاة لا تعطى إلا للإمام وبعض الصلوات لا تؤدى إلا بوجود الإمام ثم يجيء الرخاء فيكون بفضل الإمام ).

عانى اليمنيون في السابق من ظلم وجبروت الإماميين وتكالبهم على اليمنيين، بمساعدة النظام البريطاني الذي كان يعتبر في تلك الفترة المسيطر و الأقوى في العالم، حيث رأى الإنجليز في هذه الفئه الإمامية أنها فئه لا تملك خططا تنموية أو تحررية تنهض باليمنيين من الفقر والبطالة، لكنها نظام سلالي كل همه الإمامة على الناس والوصول الى الحكم وتملك رقاب الناس(الرهائن) وفرض الضرائب و الزكاة والإتاوات على اليمنيين، مما جعل المستعمرين يعيشون في أمان لأن هنالك من جاء بنظام مناسب لاستمرار استعمارهم في جنوب اليمن. وللأسف؟؟

عاد هذا النظام مجداً بتحديثه الجديد، وتصرفه الأرعن، فقد عانى اليمنيون الخاضعون لسيطرة نظام مليشيات الحوثي الإرهابية، كل ما عاناه في السابق أضعاف مضاعفة مستغلين ضعف المواطنيين، وتغير السياسات الخارجية التي أتاحت لهم فرصة لفرض أعمالهم الإجرامية ضد اليمنيين فكرياً ودينياً وثقافياً واقتصادياً. إن الحقيقة الآنفة الذكر أن سياسة الزكاة التي فرضت في اليمن منذ عصر الإمامة إلى اليوم عصر الإماميين الجدد لم تكن إلا مهزلة بحتة، بل

جريمة مكتملة الأركان اصطنعها النظام الإمامي كي ينهب الشعب ويقوى دعائم نظامه الجائر على حساب المواطن، إن سياسة الزكاة التي قام بها الإماميون القدامى ويقوم بها الإماميون الجدد سياسة تخالف الشريعة الإسلامية نصاً وروحاً يجب مقاومتها والعمل على إزالتها وتحرير الشعب اليمني منها .