يهود اليمن.. أقلية صالحة تجرم انتهاكات اسرائيل
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 15 سنة و شهرين و 25 يوماً
الأربعاء 31 ديسمبر-كانون الأول 2008 11:35 ص
 

مارب برس - محمد فرج المطري - وهيب النصاري :

كانوا يوم السبت "مسبتين" ويوم الأحد في البيوت خائفين من أي ردة فعل بعد المذابح التي نفذتها إسرائيل ضد مسلمي فلسطين في غزة هذا الأسبوع، رغم موقف اليهود اليمنيين العقائدي من "الكيان الصهيوني المحتل".

* فلسطين ويهود اليمن:

"هناك مضايقات تزداد كلما قامت إسرائيل بمجازر ضد الفلسطينيين، وحادثة مقتل ماشا يعيش حادثة جنائية شخصية ينظر القضاء فيها، ونأمل أن ينصفنا".

هكذا عبر أحد المواطنين اليمنيين من الأقلية اليهودية عن واقعهم المعاش هذه الأيام، فضرب إسرائيل للفلسطينيين في غزة هذا الأسبوع ومقتل بن يعيش حادثان سلطا الضوء على الأقلية اليهودية في اليمن من جديد.

يقول حاخام يهود ريدة، يحيى يعيش: "ما يرتكبه الإسرائيليون ضد الشعب الفلسطيني من قتل يجعلنا مجبرين على الجلوس في المنازل تخوفا من تعرضنا لمضايقات من قبل أشخاص لا يفهمون أن يهود اليمن لا علاقة لهم بما يحدث في فلسطين".

يضيف: "إن ما يحدث في فلسطين لا يرضي الله ورسوله، وجريمة ضد الفلسطينيين، ومخالف لكافة الديانات".

ويؤكد سليمان يعقوب، مواطن يهودي، أن ما تقوم به إسرائيل "لا يرضي أحدا، وقد حرم الله قتل النفس".

ويقول: "اليهود اليمنيون ضد ما يحدث في فلسطين من مجازر، وما المضايقات التي نتعرض لها هي شخصية".

لا تفرق التشريعات اليمنية بين المواطن اليهودي والمواطن المسلم، ولا يوجد نص في القانون أو الدستور أي إشارة لحرمانهم من حقوقهم، فهم مواطنون يمنيون لهم الحقوق نفسها، وعليهم الواجبات نفسها، ويشاركون حتى في العملية السياسية فهم يصوتون ويترشحون في الانتخابات البرلمانية والمحلية.

وفي الانتخابات الرئاسية الأخيرة شارك معظم اليهود في التصويت لمرشح المؤتمر الشعبي العام الرئيس على عبد الله صالح، حسب مدير مدرسة الشبزي العيلوم فائز الجرادي.

كما أن القانون اليمني يعطي لليهود حق المواطنة ويعاملهم مواطنين يمنيين يحق لهم امتلاك العقارات والتجارة، لكنهم أيضا يتعرضون من وقت لآخر لمضايقات فردية من قبل أشخاص، تزداد تلك المضايقات عند ارتكاب مجازر إسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني.

يقول سعيد بن إسرائيل: "هناك العديد من المضايقات التي يتعرض لها عدد من اليهود من بعض المسلمين، وتحديدا الشباب منهم، وذلك في الأسواق والشوارع وأثناء مزاولة مهنهم".

لكن المواطن اليهودي سليمان يعقوب، يؤكد أن "الطائفة اليهودية تربطها علاقات قوية وإنسانية مع المسلمين، فنحن نشارك في جميع المناسبات والأعراس ومقايل القات".

وعن لجوء المتضرر اليهودي لمثل تلك الأعمال إلى القضاء يقول بن يعقوب: "نفضل التحلي بالصبر وتجنب الأذى قدر الإمكان".

ويشير إلى أن "القيادة اليمنية العليا ممثلة بفخامة الرئيس علي عبد الله صالح -رئيس الجمهورية- تولي المواطن اليهودي الكثير من الرعاية والاهتمام، وقد يمتد ذلك إلى رعاية خاصة منه".

وحول المضايقات التي يتعرض لها يهود اليمن، يقول الشيخ عبد الناصر مطر الغولي، شيخ المنطقة التي يتواجد فيها يهود ريدة: "إن الأحداث في فلسطين والممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وأعمال القتل للأطفال والنساء ونحو ذلك، ينعكس بدوره على المواطنين اليهود، فيتعرضون لمضايقات خاصة من قبل أشخاص هم الأقل وعيا وتدينا".

ويؤكد أن الوجاهات والشخصيات الاعتبارية في تلك المنطقة "يتدخلون في حماية الأقلية اليهودية كواجب عرفي وقبلي قبل أن يكون واجبا دينيا تحتمه سماحة الإسلام ومفاهيمه السامية".

* الحرية العقائدية لا تلغي المواطنة:

بحسب التقاليد والأعراف المتوارثة في اليمن يحق لليهودي تملك السلاح، لكن لا يمكن له أن يحمله خارج المنزل.

يقول الشيخ فؤاد علي أحمد الملاحي، إحدى الشخصيات الاعتبارية في المنطقة التي يعيش فيها اليهود: "هذا العرف ينطلق من كون اليهودي ذميا، أي أن حمايته في ذمة المسلمين، كما يمثل جانبا احترازيا لتفاقم أي مشكلة قد تحدث مع آخرين".

ويفضل اليهود حل مشاكلهم الصغيرة بأنفسهم عبر عقال حارات ينتمون للديانة ذاتها، ويضيف ماشا الحلا: "نحل مشاكلنا الصغيرة كسائر اليمنيين، وإذا كان هناك قضايا كبيرة فإن اليهود يخضعون للأعراف القبلية عبر شيخ المنطقة أو الوجاهة الموجودة فيها".

ويؤكد أن "اليهود لا يمانعون الاحتكام للشريعة الإسلامية في فصل قضاياهم، خاصة في الأمور التي لا تمس تشريعاتهم ومعتقداتهم؛ كون أن الله واحد وأحكامه في العدل والحقوق واحدة في مختلف الديانات".

يوجد في منطقة ريدة، التي يقيم بها اليهود، كنيسان أحدها باسم "كنيس يعيش" مقابل لمنزل العيلوم يعيش بين يحيى، والثاني في سوق المنطقة.

ويشكل الكنيس لدى يهود اليمن مكاناً للعبادة وأداء الصلاة، وتعليم الأبناء أسس الديانة اليهودية، وبعد بناء مدرستين اقتصر دور الكنيس ومهمته للعبادة فقط، وتفتح أثناء أوقات الصلاة والأعياد الدينية.

ويتمتع يهود اليمن بالحرية الدينية التي تعطيهم حرية العبادة الكاملة في الأحياء التي يقيمون فيها ويمارسون جميع طقوسهم الدينية التي ينص عليها دينهم ويسمح لهم ببناء معابدهم (كنسهم) دون تعرضهم لمضايقات المسلمين.

وتتعايش الأقلية اليهودية مع أغلبية مسلمة في المنطقة.. يؤكد عضو المجلس المحلي في ريدة عبد الرقيب مظفر: "عدم وجود أية نظرة عنصرية لليهودي من منظور المواطنة والتعايش والحقوق".

ويقول: "هم جزء من المجتمع والخدمات والمشاريع والمصالح تتضمن اليهود والمسلمين ضمن النطاق الجغرافي الموجودين فيه، فكافة الخدمات من كهرباء وهاتف وحتى استحقاقات الضمان الاجتماعي لفقراء اليهود موجودة ضمن دائرة المواطنة اليمنية، ولا يوجد فصل بين المسلم واليهودي، والفرق بين الجانبين يكمن فقط في الدين".

* تقاليد متشابهة:

لا تختلف المناسبات والعادات الاجتماعية الخاصة باليهود عن المسلمين اليمنيين كثيرا، ويقتصر الاختلاف في المناسبات التي تستند على أصول دينية كالمتعلقة بالزواج وغيره، حيث تحث التعاليم الدينية على الزواج المبكر اعتقادا منهم أنه "يمنعهم من الخطيئة وأن الأنثى تشيخ في سن مبكرة".

ويعاني اليهود من مشكلة المغالاة في المهور، ويتم عقد القران بحضور الطرفين (العريس والعروس)، لكن لا يجوز عندهم إعطاء توكيل لوالد أو شقيق العروس أو العريس.

يقول مدير مدرسة الشبزي فايز الجرادي: "عقد الزواج يتم بحضور عشرة أشخاص يهود منهم اثنان شهود على عقد الزواج الذي يكتبه رجل دين (عيلوم)، ويقرأ الحضور نصوص من التوراة، واللغة التي يتم بها كتابة العقد هي "اللغة الأرمينية" لأن أغلب التلمود بالأرميني".

ويضيف: "العرس يستمر سبعة أيام في كل منزل من منزلي العائلتين، ولا يختلط الرجال بالنساء في حفلات الغناء والرقص، ويجتمع اليهود يومي الخميس والجمعة عند الفتاة (العروس) والأحد يسهرون عند الرجل (العريس) يرقصون ويغنون، وهو اليوم الذي يتم فيه عقد القران، ويوم الاثنين يتناولون وجبة الغداء عند العروس والثلاثاء والأربعاء يذهب الرجال والنساء عند العريس، وتدخل العروسة على زوجها في اليوم الخامس (ليلة الأربعاء) وترتدي في تلك الليلة الملابس التي كانت ترتديها العروس اليمنية في الماضي، وليس الفستان الأبيض، ولا تضع التاج على رأسها".

أما بالنسبة لتعدد الزوجات، فيقول الباحث زيد محمد حجر: "نجد نسبة عالية من الرجال المتزوجين يبحثون في منتصف أعمارهم عن زواج جديد، خاصة في أوساط الفئة اليهودية الميسورة".

ويقول العيلوم يعيش بن يحيى، قبل وفاته العام الماضي: "نتزوج مثل المسلمين، وإذا كان أحد منا قادرا فلا مانع من تعدد الزواج".

أما مسألة الطلاق عند اليهود فمن حق الرجل أن يطلق زوجته إن أراد، والذي على ضوئه تنال الزوجة مؤخر الصِّداق المتفق عليه، ويحق للزوج اليهودي مراجعة زوجته خلال شهور العِدّة، وإذا انقضت فتحرم عليه.

ولا يتم الطلاق إلا بوجود رجل دين متخصص، ويوضح مدرِّس العبرية، فايز الجرادي، أن قضية الطلاق أعسر عشرين مرة من الزواج، وتتم بحضور (عليوم) مخصص بالطلاق وعشرة شهود، ويكون طلاقاً خطياً يكتبه رجل الدين.

أما الختان فيتم ختان المواليد الذكور ثامن يوم من مولده، ويقوم بختنه عيلوم متخصص بختن الأطفال، حيث تحتفل أسرة المولود الذكر، وتقوم بذبح الذبائح ويعزم أبناء المنطقة من مسلمين ويهود، وهي عادات مشابهة لعادات المسلمين.

وبخصوص مراسيم الوفاة عند اليهود لا تختلف على المسلمين إلا في بعض الجوانب، فقبل صعود روح المريض يوجه نحو بيت المقدس، وبعد غسله وتكفينه وتطييبه يقوم أقرباؤه وأصدقاؤه وعلى رأسهم الحاخام ورجال الدين بتشييع جثمانه.

وخلال سبعة أيام يستقبل أهل المتوفى التعازي من أبناء طائفتهم الذين يحرصون على مواساة أسرة المتوفى بتقديم العزاء والمواد الغذائية (من غداء وعشاء) إضافة إلى ممارسة طقوسهم الدينية بالتوشيحات وقراءة من الكتب المقدسة.

* الأعياد.. من مشكاة واحدة

يولي اليهود اهتماماً كبيراً بأعيادهم الدينية لارتباطها بتعاليم التوراة، ويحتفلون بطريقتهم الخاصة، حيث هناك العديد من الأعياد الدينية ليهود اليمن، أهمها: عيد الفصح الذي يصادف يوم الرابع عشر من شهر أغسطس. كان في الماضي يحتفل به سبعة أيام، ولكنه أختصر بعد ذلك إلى يوم واحد فقط، يمتنع اليهود عن تناول الأطعمة والمشروبات ويقتصر أكلهم على الفطير غير المخمّر، ويذكرهم هذا العيد باليوم الذي خرجوا فيه من مصر بقيادة موسى عليه السلام، وأخذوا معهم عجينهم قبل أن يختمر ولا يجوز العمل فيه؛ لأنه يوم مقدس.

يقول سعيد بن إسرائيل: "إن لليهود سبعة أعياد في السنة، حسب التقويم اليهودي الذي يبدأ من شهر (تشرين) أكتوبر، منها 3 أعياد في شهر واحد، هو شهر نيسان، وهو عيد رأس السنة".

وبحسب بن إسرائيل فإن أعياد اليهود تبدأ في أول تشرين (أكتوبر) بعيد رأس السنة، إذ تقام فيه صلوات وشعائر أبرزها النفخ في قرن الكبش (هاشوفار)، وذلك رمزًا لكبش الفداء الذي منّ به اللهّ على سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام في قصة الذبح.

ويحل عيد رأس السنة العبرية بعد انتهاء شهر أيلول الذي يُعتبَر شهر طلب الرحمة والمغفرة، وبه تبدأ عشرة أيام التوبة، وتختتم بصوم يوم الغفران (يوم الكبور)، وهو عيد؛ لأنه اليوم الذي غفر فيه للذين عبدوا العجل.

ويبدأ عيد الفصح في الخامس عشر من شهر نيسان، ويحرم العمل في اليومين الأول والأخير، فيما يحرم فيه -حسب ما يقوله العيلوم سعيد العمار- في الأيام الأربعة الوسطي تناول خبز الفطير المختلط بالخميرة.

ويعد هذا العيد الأكبر، وله خصوصية عن غيره من الأعياد، ويطلق عليه -حسب العمار- عيد الحرية؛ كونه اليوم الذي نجا الله فيه موسى من كيد فرعون وتحرر اليهود من مصر بعد أن أغرق الله فرعون وجنوده في البحر.

ويشابه هذا العيد عيد الأضحى المبارك عند المسلمين، إذ أن اليهود يذبحون فيه الأضاحي تقربا إلى الله حسب اعتقادهم، وإيذانا بموعد سنة جديدة. كما أن أيام العيد لدى اليهود تمتد لعشرة أيام تتم فيها طقوس وأدعية معيّنة، إلا أن الاختلاف يكمن بين العيدين وفق ما يبينه العمار إلى جانب الفارق الزمني في أن الأضحية تذبح قبل العيد بيوم أو يومين وليس يوم العيد أو الأيام الثلاثة الأولى منه، كما هو عند المسلمين. أما من فاتته لعسر فيمكنه ذبحها بعد العيد بيومين وليس يوم العيد.

ووفق ما يقوله سليمان يعقوب فإنه يحرم عليهم يوم العيد قيادة أو ركوب السيارات، فيما تتم زيارات الأقارب والأرحام عن طريق المشي والترجل فقط. ويشير إلى أن هناك نوعين من الأضاحي فقط، مخوّلة للذبح عند اليهود في هذا العيد: "إما أن تكون من الغنم أو من البقر فقط، ووفق شروط معيّنة، أما الجمال والنوق فهي محرمة عليهم حاله حال لحم الخنزير والأرنب ونحو ذلك".

ويؤكد أن اليهودية تحرم عليهم "الشحوم والعروق في اللحم سواء كان أضحية أو مذبوحا في أي يوم من أيام السنة".

ويرجع يعقوب التحريم إلى أن نبي الله إسرائيل (يعقوب عليه السلام) حرّم على نفسه أكلها، فجعل الله ذلك التحريم مفروضا على بني إسرائيل.

ويضيف العيلوم سعيد العمار: "لحم المذبوح قد يحرم أيضا إذا وجدت كرشه مخرومة أو بها عيب أو احتوت على مسمار ونحو ذلك مما قد تأكله المواشي، كما يحرم قص الأظافر وحلق الرأس قبل ذبح الأضحية كحال الأضحية عند المسلمين".

أما يوم التكفير ويسمى "يوم كيبور أو الغفران"، الذي يصادق يوم العاشر من شهر أكتوبر من كل عام، يخصص اليهود هذا اليوم للصيام والعبادة للتفكير عن الخطايا، وتبدأ طقوسه من غروب شمس اليوم الأول وتستمر حتى غروب شمس يوم التكفير، ويمهد له بتسعة أيام تسبقه.

أما العيد الثالث عيد "العوشة"، ويسمى أيضاً "عيد المظلة"، والذي يصادف يوم الخامس عشر من شهر أكتوبر من كل عام ومدته تسعة أيام، ويكون اليوم الأول منه يوم عطلة، لإحياء ذكر سفر بني إسرائيل في البادية بعد خروجهم من مصر، وفيه يعلق اليهود الفواكه على حبال في الهواء كزينة في بيوتهم.

وتفيد دراسة عن يهود اليمن بأنهم كانوا يكتفون بعمل ظلة من سعف النخيل تتدلى من فتحة دائرية من سقف إحدى الغرف، وهم يجلسون تحت هذه الظُّلة يأكلون ويتقربون إلى الله بالتسبيح والدعاء، ويأخذون من النخيل ويضربون بها على الجدار حتى تتساقط الأوراق اعتقادا بأن تساقط الورق تسقط معها الذنوب التي ارتكبوها طوال العام.

والعيد الرابع "يوم التنظيف" المصادف يوم الخامس والعشرين من شهر ديسمبر من كل عام، ويستمر ثمانية أيام تشعل في كل يوم شمعة واحدة.

ويعتقد يهود اليمن أن هذا العيد جاء عقب انتصار بني إسرائيل على ملك اليونان الذي كان يغتصب البنات قبل زواجهن، وقد قتله أحد الأولاد الثمانية ليهودي ثأراً لشرف أختهم.

أما يوم السبت يعتبر يوم عطلة من كل أسبوع، يبدأ من غروب شمس يوم الجمعة إلى غروب شمس يوم السبت، ويستيقظ اليهود قبل الفجر لقراءة التوراة والمزامير و"الزوهار" في الكنيست وتطهيرا لأرواحهم من الخبائث والشياطين.

وكان في الماضي هذا اليوم المقدّس لدى اليهود الذي يعمل فيه تتخذ ضده عقوبة الإعدام، لكن يهود اليمن لا يأخذون بهذا، وإنما يتركون حسابه على الله، وفيه يحتفلون بيوم "سبت السبوت"، و"سبت الشهور"، المصادف الشهر السابع من السنة، و"سبت السنين" أي السنة السابقة.

وهناك عيد الأسابيع أو بالعبرية "شبوعوت"، ويمثل أحد الأعياد اليهودية المهمّة؛ كونه يمثل يوم نزول التوراة والوصايا العشر على موسى فوق جبل سيناء، ويأتي هذا العيد الذي يصوم فيه اليهود بعد سبعة أسابيع من عيد الفصح.

أما عيد الـ9 من سهيل أو آب، هو يوم صوم وحداد عند اليهود، ويعتقدون أنه اليوم الذي تم فيه ذكرى إجلائهم من بيت المقدس على يد الملك "بختنصر"، ويصوم فيه اليهود 24 ساعة من المغرب إلى المغرب.

أما "عيد البوريم - المساخر- النصيب"، يعتبر مهرجانا لإحياء ذكرى اليوم الذي أنقذت فيه إستير يهود فارس من المؤامرة التي دبرها هامان لذبحهم، ولهذا ففي اليوم الذي يسبق العيد يصوم بعض اليهود ما يسمى "صوم تعنيت" إحياء لذكرى الصوم الذي صامته إستير، وكل اليهود في "شوشانه" قبل ذهابها إلى الملك تستعطفه لإلغاء قرارات هامان (حسب الرواية التوراتية).

ويعتقد اليهود أنه تقرر بالقرعة (أي النصيب) أن يكون يوم الذبح في الثالث عشر من آذار، ومن هنا جاءت التسمية، وتعني كلمة "البوريم"، وهي كلمة عبرية مشتقة من "بور" أو "نور" البابلية، ومعناها "قرعة" أي نصيب.

وكان عيد النصيب يدعى أيضا "يوم مساخر"، إشارة إلى "الباروكة" التي كان يرتديها الشخص في عيد النصيب في القرن الأول قبل الميلاد، وقد سمى العرب هذا العيد "عيد الشجرة"، أو "عيد المساخر".

* المسلمون واليهود.. صلاة واحدة

حول الصلاة يقول سعيد بن إسرائيل: "إن الصلاة المقررة على اليهود، هي ثلاث صلوات في اليوم، وهي صلاة الفجر والعصر والمغرب، وكل صلاة عبارة عن أربع ركعات، إذ يقف اليهودي ويقرأ آيات من التوراة ثم يركع، والسجود لا يكون إلا في صلاة الفجر".

ويضيف: "ضرورة الضم في الصلاة للخشوع، وهو الضم المعروف عند المسلمين، إذ يضع المصلي اليد اليمنى على اليسرى أثناء وقوفه في الصلاة!

صلاة العيد: وبالنسبة لصلاة العيد فإنها زيادة في الصلوات لصلاة فريضة الصبح، يليها أدعية مأثورة لدى اليهود تقول ترجمتها: "إلهنا وإله أبائنا وأجدادنا نسألك أن تغفر لنا في هذا العيد ذنوبنا، وأن تفرحنا به ألاّ يكون شرا لنا".

وبعد الانتهاء من الصلاة يتبادل اليهود التهاني بالقول "حج سمي حأو حج أمبوراخ"، وتعنيان "عيد سعيد أو عيد مبارك".

وحول أعياد اليهود والمسلمين يقول الشيخ فؤاد الملاحي: "الاحترام المتبادل بين المسلمين واليهود في الأعياد والمناسبات الدينية، وحتى في الأعراس، فالغالب من الطرفين حريص على المساهمة في رسم فرحة المناسبة في الوجه الآخر".

ويضيف: "إن سماحة الدين الإسلامي والعرف القبلي اليمني والعادات والتقاليد المتعارف عليها تفرض علينا احترام الآخر سواء كان يهوديا أو مسلما، أو من أي قبيلة أخرى، وأن هناك عقوبات يمليها العرف في حال ما أساء أحد إلى يهودي سواء في المناسبات أو حتى في الأيام العادية".

ويتوافق كلام الملاحي مع كلام عيلوم اليهود العمار، الذي أكد بالقول: "إن التعاليم توجه على الدوام لكافة اليهود بعدم إزعاج المسلمين في مناسباتهم سواء في صومهم أم في أعيادهم أم في أي مناسبة".

ويشير المواطن المسلم ناجي عبدالله فرج إلى أنه كان يأكل وبعض المسلمين من أضاحي ولحوم اليهود مع أصدقائه اليهود كإسحاق بن يحيى إسحاق والمتوفى عزراء إبراهيم، وكذلك العكس في كثير من المناسبات إلى جانب المقايل الجماعية، وتبادل التهاني وحضور الأعراس.

صحيفة السياسية