الذكرى الثانية لاستشهاد مؤسس دائرة شؤون الضباط، القائد عبدالغني سلمان
بقلم/ العميد علي محمد الحوري
نشر منذ: سنة و أسبوع و 3 أيام
الإثنين 17 إبريل-نيسان 2023 10:46 م
 

هناك أسماء براقة لا يبهت لمعانها مع الزمن، ولا يغيب حضورها مهما غيبتها الشهادة، لأنها رسمت وجودها كنقش على صخر، وأوجدت من العدم مكاناً لائقاً يظل أثره الجم شاهقاً في خدمة الوطن حتى بعد رحيلها، عبدالغني سلمان نموذجاً حقيقياً لتلك الأسماء ورجلاً من أؤلئك الرجال العظماء البارزين في العقد المنصرم من تاريخ اليمن المعاصر وقصة نجاح تتغلب على مآسي الحرب وويلات الدمار .

فحين نعزم أن نتفوه بالحديث عن دائرة شؤون الضباط يجرنا السياق عنوة إلى استحضار أوليات هذه الدائرة وطبيعة إعادة تشكيلها بعد الانقلاب الحوثي في لحظة حرجة ، والمقارنة بين البداية وما هي عليه الآن سيبدو الأمر مثيراً للدهشة والعجب وما قطعته هذه الدائرة في مشوارها من نجاحات باهرة وغايات جمة مثلت نقطة مضيئة في مسار الجيش الوطني، كونها تمكنت من مأسسته وتنسيق محاوره وتنميط دوائره وفروعه بما يليق به .

يكمن سر هذا النجاح في ماهية النواة الأولى لهذه الدائرة التي خطها الشهيد البطل اللواء / عبد الغني سلمان، فمن خلال مكتب صغير في مدرسة القوات المسلحة بدأت الدائرة تمارس علمها ابتداءً من عملية الضم وقرارات التعيين والتكليف عبر الدائرة، ومعالجة الاختلالات الإدارية والتنظيمية وفحص

الهيكل الإداري، والوقوف على المشاكل المختلفة ووضع المعالجات اللازمة لها، وإعداد كشوفات الترقية، ومن ثم تفعيل الشعب والإدارات وضبط القوة البشرية وتوحيد البيانات بينها وبين المناطق والوحدات العسكرية والدائرة المالية ، كما يحسب للدائرة أنها تمكنت من بناء نظام إلكتروني متطور حتى أصبحت الدائرة اليوم تتكون من عدد من الإدارات والشُعب .

فهذا التميز كان بطله سلمان الذي كان مديراً فريداً في طريقة عمله حتى استطاع أن يمنح هذه الدائرة بصمة فاعلة وقدرة كبيرة وأهمية استراتيجية وهبت الجيش الوطني تنظيماً وترتيباً إدارياً حافظ على تماسكه ووهبه تطوراً وتنسيقاً يوماً بعد آخر .

فقد تبنى هذا العلم البارز في الجيش الوطني بشكل عام ووزارة الدفاع بشكل خاص حسب تعبير اللواء محسن خصروف همأً وطنياً خالصاً وذلك من خلال طموحه في عمل الدائرة ومهماتها فكان حريصاً كل الحرص أن تتسم كوادرها ومنتسبيها بالتأهيل والخبرة من أبرزها دورة تدريبية تأهلية في سلطنة

عمان، واستدامة إضفاء خبرات الحواسيب الآلية ونظم الأرشفة والقدرة على استخدام برامج التحديث التي يكتسبها الكادر باستمرار حتى وصلت هذه الدائرة إلى تطبيق نظام البصمة البيولوجية والتخزين الإلكتروني الدقيق

للبيانات بما يسهل إدارة تلك البيانات واستخراجها باحترافية ومصداقية ويؤكد الفعل المؤسسي المنظم بعيداً عن العشوائية والاهمال وصولا إلى إصدار البطاقة العسكرية وعليه فإن العمل في مكان رجل ناجح ومثالي بحجم عبدالغني سلمان وفي دائرة مهمة يفرض على المرء تحديات جسيمة وطموحات كبيرة يتوجب الوفاء بها واستكمال نجاحتها وتحقيق الأهداف المرسومة فيما مضى فحملنا على عاتقنا هذا الهم الوطني الجسور ومحاولة تطوير وتحديث هذه الدائرة بكل ما يمكنها من أداء مهامها بصورة متميزة كعادتها التي ولدت بها استكمالاً واحتذاءً برائدها الراحل.

. وإنني اليوم في ذكراه الثانية أجدد العزم واستلهم المعنويات من سيرة سلمان وأحث الخطى للمضي في درب الوطنية والنضال والحلم المستميت في إبراز دائرة شؤون الضباط بشكل يفوق التصور ويثير الإعجاب حيث يبتلع كل الاختلالات ويتجاوز كل المعضلات الفنية والإدارية المتعلقة بوزارة الدفاع وتجديد كل اللوائح والأنظمة التي تخل بهذه الدائرة الهامة وتعرقل عملها وتربك جهودها كي يحظى كل منتسبي الدائرة باستحقاقاتهم وترقياتهم اللازمة بناءً على قاعدة بيانات دقيقة بلا محسوبية أو تدخل من أية جهة وإنما وفقاً للوائح المعتمدة والقوانين المعمول بها، وقد يستهجن البعض الجهد الجبار الذي تبذله الدائرة ويتذمر من نجاحاتها لكننا نؤكد له بأن هذه الدائرة عالجت عثرات متراكمة وتخلصت من إشكاليات مركبة كانت معيقة جداً لعملنا ولن نتوقف عن استمرارنا في إصلاحات الاختلالات وتحسين عملنا بدأب ومثابرة دون أن نبحث عن ثناء أو مدح من أحد كما عودنا الشهيد البطل .

ولا ننسى في هذا المقام أن نذكر أن هذه الدائرة قدمت أبطالاً ورجالاً بواسل في ساحات الحرية والكرامة ممن قدموا أرواحهم فداءً لهذا الوطن وعزته وشموخه على رأسهم الشهيد المغوار اللواء/ عبدالغني سلمان تغشاه رحمة الخلود والمجد، وله منا العهد والوفاء ولكل الشهداء أننا على دربهم سائرون وبنهجهم ماضون وإن النصر حليفنا حتماً طالما أن قضيتنا عادلة ومشروعنا وطني جمهوري .