ما لا يعرفه العرب عن فوائد زيت الزيتون وعجائبه في جسم الإنسان الضالع: وفاة شابة ووالدتها غرقاً في حاجز مائي غلاء عالمي لأسعار الغذاء إلى أعلى مستوى ست مواجهات شرسة ضمن بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز إستعدادات كأس الخليج.. لجنة الحكام باتحاد كأس الخليج العربي تجتمع على هامش قرعة خليجي 26 أول رد من المجلس الرئاسي لوزارة الدفاع السعودية بخصوص مقتل وإصابة جنود سعوديين بحضرموت تقرير: مليون يمني ألحقت بهم أمطار هذا العام أضراراً متفاوتة وضاعفت مخاطر الإصابة بالكوليرا ضبط عشرات الجرائم في تعز والضالع خلال أكتوبر حزب الإصلاح يتحدث لمكتب المبعوث الأممي عن مرتكزات وخطوات السلام وأولوية قصوى أكد عليها المسلمون في أميركا صوتوا لمرشح ثالث عقاباً لهاريس وترامب
«حينما تَبث جميع القنوات الناطقة بالعربية مشهدين متقابلين أحدهما للمظاهرات الدامية في غزة والآخر لتدشين السفارة الأمريكية في القدس وما يرافقها من ابتسامات أمريكية، تطفو على السطح كلمة (إهانة) تتغلغل في أعماق العرب».
قائل هذا الكلام ليس سوى عيران زينجر مراسل الشؤون العربية في القناة العامة للتلفزيون الإسرائيلي، لكنه بالتأكيد لم يكن يقصد كل القنوات العربية لأن منها من لم يفعل ذلك أبدا، بل لم ينقل على الهواء حفل افتتاح السفارة الأمريكية في القدس، رغم أهميته الكبرى إخباريا أحببناه أم بغضناه. أكثر من ذلك، إحدى هذه القنوات الإخبارية لم تكتف بما سبق، بل لم يكن حتى هذا الحدث الجلل المتزامن مع سقوط عشرات الشهداء في غزة أحد عناوين نشراتها المسائية الرئيسية مفضلة إعطاء الصدارة للنتائج الأولوية للانتخابات العراقية والمتوقع من محادثات أستانا حول سوريا!!
كلمة إهانة هذه لا تعبر لوحدها عن كل ما اختلج في صدور المتابعين للحدث أول أمس الاثنين وإنما هناك أيضا شعور عام بالقهر وبموت أي ثقة في قدرة واشنطن على أن تكون في يوم من الأيام في مستوى الحد الأدنى من الإنصاف تجاه الفلسطينيين، ليس بمعنى العدل ولكن بالمعنى الذي يفرضه القانون الدولي الذي ارتضاه العالم أجمع شريعة بينهم حتى لا يسود قانون الغاب…إلى جانب نفض اليد بالكامل من قدرة النظام العربي الرسمي على فعل أي شيء، سوى الضغط على الفلسطينيين للرضوخ.
ليس مناسبا هنا الاستشهاد بما يقوله مناضلون فلسطينيون متشددون أو شباب متحمس يرمي بالحجارة على جنود الاحتلال ويشعل الإطارات المطاطية، لنقرأ فقط بعض ما يقوله بعض الأمريكيين والإسرائيليين ليس أكثر…
تقول السيدة ماري آن مارش كبيرة مستشاري وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري إن «خطوة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس أفقدت الولايات المتحدة موقعها كوسيط يتمتع بمصداقية لحل القضية الفلسطينية، خاصة أن ما شهدناه يندرج ضمن الحسابات السياسية الصرفة ولا علاقة له بجهود عملية السلام». وتضيف لقناة «فوكس نيوز» بأن «من يؤمن بتحقيق السلام في الشرق الأوسط لا يقدم على خطوة نقل السفارة»، لتخلص في النهاية إلى أن «مكانة الولايات المتحدة في العالم تعرضت لضربة قوية بسبب هذه الخطوة التي لن تضمن تحقيق الأمن في الشرق الأوسط ومن ضمنه إسرائيل».
أما جيل هوفمان الكاتب الإسرائيلي في صحيفة «جيروزاليم بوست» فقال لشبكة «سي أن أن» الأمريكية ضمن تغطيتها الخاصة بنقل السفارة الأمريكية إن «السعوديين أبلغوا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إنه سيخسر فرصة تحقيق السلام إن لم يقبل بالخطة المقدمة له الآن»، مضيفا أن «العالم العربي لم يأبه يوما بفلسطين، وهذه القضية كانت تستخدم دوما كأداة». وذكر أن «السعودية لم تعلن رسميا الاعتراف بإسرائيل بسبب الصراع الذي يفتعله الفلسطينيون، ولكن الرياض لم تعد قادرة على الانتظار، فهي معنية بالتعامل والتحالف مع إسرائيل كونها قوة اقتصادية بالمنطقة، ولسان حالها يقول للفلسطينيين لقد سئمنا منكم، وهذا هو حال البحرين والإمارات ودول عربية أخرى».
للأسف هكذا يبدو المشهد حاليا بكل قسوته، ولم يخطئ القيادي الفلسطيني الدكتور صائب عريقات حين اعترف بأن «دول العالم منشغلة بهمومها في وقت تدفع فيه إدارة ترامب العالم نحو الفوضى والتشرذم»، داعيا «الأشقاء العرب إلى عدم التعويل على إدارة ترامب أو الاعتماد عليها بأي شيء، فهي إدارة تدفع الشعوب نحو مربع التطرف والعنف وإراقة الدماء». لا شيء فعلا يدعو إلى التفاؤل سوى شيئين اثنين لا غير، أولهما أن الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة والداخل بدأوا في التصرف على أساس أن لا شيء يمكن انتظاره من الأنظمة العربية وألا تعويل إلا على أنفسهم، ولهذا اختفى من كلامهم أي استياء أو تنديد بالأنظمة العربية. أما الأمر الثاني فهو وصول القيادة الفلسطينية بعد كل هذه السنوات العجاف إلى أن التعويل على الأمريكيين لترتيب تسوية متوازنة بين الفلسطينيين وحليفهم الدائم إسرائيل هو السراب بعينه، ولهذا تزداد لهجة هذه القيادة تصعيدا على لسان جميع مسؤوليها وعلى رأسهم الرئيس محمود عباس الذي أصاب بوصفه السفارة الأمريكية في القدس المحتلة بـ«البؤرة الاستيطانية الجديدة».
أما محمود الهباش مستشار الرئيس عباس فلم يجد بدا من أن «يذكر العرب جميعا بما قرروه، وبما ألزموا به أنفسهم في قمة عمّان عام 1980 عندما قررت القمة العربية قطع أية علاقة عربية مع أية دولة تنقل سفارتها للقدس، أو تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل»، مضيفا «أنا لا أريد من العرب أكثر مما التزموا به بأنفسهم، وأنا لا أخجل من القول إن العرب ملزمون بقطع علاقاتهم مع الولايات المتحدة، وعلى الرغم من أن هذا الكلام قد يبدو مضحكا في عرف بعض السياسيين اليوم، ولكن هذه هي الحقيقة».
المشكلة أنه قال هذا الكلام للقناة إياها التي لم تجعل من نقل السفارة وسقوط عشرات الشهداء مجرد عنوان في نشراتها المسائية ليوم الاثنين!
٭ كاتب وإعلامي تونسي