إطلاق نار وحرق للممتلكات.. مستوطنون حوثيون يهاجمون أهالي قرية في هذه المحافظة هل تبدأ روسيا تعبئة عسكرية استعداداً لحرب؟.. الكرملين يجيب انتصار ساحق للجيش السوداني ينتهي بالسيطرة على مدينة استراتيجية قوات الجيش تخمد هجوماً حوثياً غربي تعز عبّرت عن استنكارها لتصريحات مسؤول حكومي.. الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين بمأرب تصدر بياناً هاماً قيادي حوثي يشق عصا سيّدة ويعلن تمردة على قرار إقالته مأرب: إشهار مؤسسة جرهم للإعلام والتنمية. رئيس الحكومة ينتصر لنقابة الصحفيين اليمنيين ويلغي أي اجراءات تستهدفها 24 لاعباً في قائمة منتخب اليمن استعداداً لخليجي26 ''الأسماء'' الآلاف من قوات كوريا الشمالية المحتشدة في روسيا تستعد ''قريباً'' لخوض القتال ضد أوكرانيا
شكلت اللجنة العامة –برئاسة الرئيس– نهاية الأسبوع الفائت لجنة لمواصلة الحوار مع المشترك بقيادة الدكتور عبد الكريم الإرياني وعضوية كل من باجمال والبركاني وياسر العواضي. الواضح أن هذه اللجنة أراد بها الرئيس فرض توازن داخل المؤتمر كون الأربعة يضمون تيارين متصارعين داخل الحزب الحاكم.
تأكد تدخل الرئيس –كالعادة– بين طرفي الحوار (المؤتمر والمشترك). ومع أن مثل هذه الخطوة تكرر نفسها دائما في اللحظات الأخيرة (تلك التي يُعتقد فيها أن كل طرف لا يمكنه أن يقعد مع الآخر على طاولة واحدة. وتتضح جلياً من خلال الانتقال إلى إدارة المعركة بالتصريحات النارية، كل عبر وسيلته الإعلامية).. إلا أن ما يمكن اعتباره جديداً هذه المرة، هو اختيار الدكتور عبد الكريم الإرياني لإدارة الحوار.
لكن لماذا الدكتور الإرياني؟ وهل التركيبة التي اختارها الرئيس إلى جانب الدكتور، طبيعية بحيث يكون الهدف هذه المرة إنجاح الحوار بشكل جدي؟!
من الممكن اعتبار ذلك صحيحاً من جهة أن اختيار الدكتور لإدارة الحوار القادم، يأتي لكونه مستشار الرئيس السياسي الأقدر دائما على تقديم الحلول حينما تصل هذه "الحلول" إلى مرحلة الانسداد. ولعل قضية "صعدة" تبرز هنا كإحدى القضايا الهامة التي يمكن –حتى الآن على الأقل– الحديث عن نجاحها أو بالأحرى إنجاز نسبة لا بأس بها مما اتفق بشأنه (وإن كان هناك من ظهر مؤخرا ليتحدث عن توقفها عند البند السابع).
مثل هذا الاعتبار، إن كان صحيحاً، يقودنا بالضرورة إلى الحديث عن "حسن نية" الرئيس لحل إشكالية الحوار العالق بين طرفي اللعبة السياسية الرئيسين منذ أشهر. وهو كذلك بالنسبة للمشترك، ذلك إذا صح أن عبد الوهاب الآنسي – رئيس المجلس الأعلى الحالي للمشترك – هو من أشترط وجود الدكتور الإرياني للعودة إلى الطاولة (المعقدة) مرة أخرى.
غير أن النظر للموضوع من زاوية أخرى (ترتبط بطبيعة التركيبة المشكلة من الحزب الحاكم لمواصلة الحوار. أي أشخاص المؤتمر المختارين إلى جانب الدكتور الأرياني)، هو أمر يستحق التوقف عنده برهة عله يقلب التوقعات السابقة، خصوصا إذا ما تعمقنا في طبيعة الصراع بين كتل المؤتمر الحاكم، ومن ثم تأثير ذلك الصراع على الأحداث القريبة المرافقة لقرار الرئيس هذا.
لم يعد بخاف –على الأقل عند المتابعين المهتمين- حقيقة انقسام قيادات الحزب الحاكم إلى تكتلات "مصلحية" ظهر منها حتى الآن – وبشكل واضح - تياران؛ الأول يتبع الدكتور الإرياني – الأمين العام السابق للحزب لفترة طويلة- وهو هنا يعتبر نفسه "التيار الليبرالي"، أو التيار "المؤسس"، والآخر يتبع الأمين العام الحالي: عبد القادر باجمال، وهو هنا يعتبر نفسه "التيار المحدث"، أو تيار "القيادات الشابة الجديدة". وبين التيارين يتوزع المتشيعون. وهناك أبرز القيادات ممن لها "الحظوة" في الوقت الحالي هما الشيخان: سلطان البركاني – الأمين العام المساعد لقطاع السياسة، والشيخ ياسر العواضي – رئيس الدائرة الفنية. فالشيخ البركاني محسوب على الدكتور الإرياني. بينما العواضي على باجمال. وبالطبع كان هناك إلى صف الدكتور الإرياني، كل من الأمينين المساعدين: عبد الرحمن الأكوع (لقطاع السياسة – إلى قبل أشهر قليلة قبل أن يزيحه باجمال، بمبرر اعتكافه في القاهرة لمدة طويلة، بعد نشوب خلافات)، والآخر: صادق أمين أبو رأس (للشئون التنظيمية، وقد تم تعيينه محافظاً لمحافظة تعز، بمقترح الأغلب أن باجمال هو من وقف وراءه).
الآن يتضح الأمر، حينما يتأكد أن اللجنة العامة بقيادة الرئيس أقرت الخميس الماضي عودة الحوار بقيادة الدكتور الإرياني وإلى جانبه كل من: باجمال، البركاني، العواضي. وهذا الاختيار بحد ذاته يجلي بوضوح حقيقة ما ذهبنا إليه. فهو قرار وإن كان قد توخى إحداث توازن داخلي في قوام لجنة الحوار المشكلة من الحزب الحاكم. إلا أنه قد لا يبشر بجدية المؤتمر في إنجاز حوار حقيقي مع المشترك!
وإذا ما عدنا إلى الأيام القريبة قبل تشكيل تلك اللجنة، فإننا سنلاحظ، أن ياسر العواضي أطلق تصريحات ضد حزب الإصلاح المعارض بشكل غير طبيعي، على غير عادته. أو بشكل أدق: لم يكن العواضي الذي سعى طوال الفترة الماضية – بطرق وجهود مختلفة – من أجل إبراز نفسه كسياسي "مبتدئ" ومحاور متفهم، ذو قدرة على التلاعب بالتصريحات و"المناجمة".. لم يكن ليقع في ذلك الخطأ المعيب، إلا إذا كان الغرض منه شيء آخر. (فاتهام الإصلاح بأنهم طالبانيين، أو إرهابيين، هو أمر جديد عليه، لكنه قديم جداً في عرف السياسة والواقع، بدأ مع المماحكات السياسية عقب قيام الوحدة بفترة قصيرة، وبرز بعد مشاركة الإصلاح في حرب 94م، مع الدولة، وانتهى قبل دخول العالم القرن الواحد والعشرين، منذ أن قبل الحزب الحاكم بمشاركته في السلطة. وتالياً بعد دخوله في تحالفات مع المعارضة وعلى رأسها الحزب الاشتراكي – الذي كان هو أول من استهدفه بتلك المماحكات السياسية.
وإلى جانب تلك التصريحات، ترافق الخبر المنشور في صحيفة الميثاق حول طلب "الإصلاح" مقر القيادة العامة ومبان أخرى كشرط أساسي لعودة الحوار. وهو الخبر الموعز للنشر من قبل باجمال (الذي بات مسؤولا عن إعلام الحزب بعد تحويل البركاني إلى قطاع السياسة).. وهذا الخبر يمكن مقاربته بالتوصيف، من تصريحات العواضي السابقة.
وفي سياق متصل كانت اللجنة الدستورية بمجلس النواب قد سرعت بشكل غير طبيعي إقرار التعديلات الخاصة باللجنة العليا وقانون الانتخابات والتعديلات الدستورية..!! بل سارع العواضي في نفس اليوم (ظهر الأحد قبل الماضي، بعد خروجه من مجلس النواب) بالتصريح في إحدى الندوات أمام الحاضرين وبينهم الصحافة، أن الحوار فشل وأن المؤتمر قرر عرض تلك التعديلات على مجلس النواب بعد يومين فقط من ذلك اليوم..!!
إذن ما الغرض من رفع سقف المواجهة بهذا الشكل.. وتلك الصورة غير الطبيعية؟!
قبل الإجابة على هذا التساؤل هناك أمر مهم علينا الإشارة إليه في ذات السياق المتصل، وهو تلك الأحداث التي برزت في الضالع وردفان والتي بدأت في 29 مارس الماضي. وألحقت بها التصريحات السابقة ومرفقاتها التي أشرنا إليها.
وأما الحلقة المفقودة في ذلك كله فيمكن الوصول إليها من خلال الربط بين كافة تلك الحقائق على النحو التالي: -
- أولا هناك حقيقة لا بد أن نعرفها تقف وراء إفشال الحوار. فالطرف الذي له مصلحة من إيقاف الحوار هو ذلك الطرف الذي بات يسعى في الوقت الحالي للسيطرة على مفاصل المؤتمر. وهو يعتقد أن هذه السيطرة - التي تحققت له نسبة ما منها حتى الآن- يجب أن تتمم بنتائج الانتخابات القادمة. وحتى يتسنى له ذلك عليه تحقيق أحد الخيارين: أن ينتهي الحوار إلى تشكيل اللجنة العليا من القضاة أو أغلبية مؤتمرية. أما الخيار الثاني فهو محاولة التهرب من إتمام الحوار بالشكل الذي يريده المشترك. وهذا يتطلب توريط المشترك بقضايا جانبية للوصول أمام الرئيس بقناعة تتهمه برفض الحوار من ناحية ومن ناحية أخرى أنه يستغل الأحداث في الجنوب كورقة ضغط على المؤتمر لتمرير خياراته في تشكيل اللجنة العليا والتعديلات القانونية والدستورية. وأنه كلما توقف الحوار ذهب لاستحداث شيء في المناطق الجنوبية. وعلى ذلك الأساس اتهم بضلوعه بإحداث الشغب الأخيرة في الضالع وردفان.
- أما الأمر التالي فهو عقلانية الدكتور عبد الكريم الإرياني، ورفضه اتهام المشترك بتلك التهم، وتحليله لما يحدث في الجنوب بشكل منطقي مبني على الحقائق الواضحة لا على كيل الاتهامات وبالتالي فقدان الحلول المناسبة.
- هذا الأمر جعل الرئيس يثق بمستشاره السياسي (الإرياني) للجلوس مع عبد الوهاب الآنسي – باعتباره رئيس المجلس الأعلى الحالي للمشترك - وهو ما حصل، حيث التقيا وتناقشا حول كافة المشاكل لفترة طويلة. خرج فيها الإرياني بذات قناعته السابقة من أن المشترك، مع الثوابت الوطنية التي ينادي بها منذ بداية الاحتقانات في الجنوب. وربما وجد الآنسي تفهما من قبل الدكتور حول الكثير من قضايا الحوار وبشكل عقلاني ومنطقي، مما جعله يفضل مواصلة الحوار بقيادته.
- لكن الرئيس بدا أكثر حرصا على الاثنين معاً: حزبه ومواصلة الحوار مع المشترك، فقرر الخميس الماضي تشكيل هذه التركيبة حفاظا على الاثنين! على حزبه خوفاً من توسيع الخلافات الداخلية بتفضيل طرف على آخر. وعلى الحوار بشروط الآنسي بأن يكون بقيادة الإرياني. ومع أن هناك من مازال يعتقد أن هذه الخطوة جاءت لتشكل ضربة لتيار باجمال. إلا أن تخفيف تلك الضربة جاء بإدخال ياسر العواضي إليها تلبية لطلب باجمال! ذلك بالرغم من أن صفته التنظيمية – أقل من أمين عام مساعد – لم تكن لتؤهله لهذا الموقع.
- هذا بشكل مجمل. لكن دعونا نسرد بعض التفاصيل التي تخللت هذه النتيجة النهائية. وهي تفاصيل مهمة للغاية تساعدنا على الربط بين الأحداث. سنلاحظ أن تصريحات العواضي (الطفولية) ضد الإصلاح، ونزول خبر الميثاق ضد الإصلاح أيضاً جاءا عقب لقاء الإرياني مع الآنسي، وطلب الأخير مواصلة الحوار عن طريق الدكتور. ويتكشف أن تلك التصريحات إنما جاءت لوأد تلك الرغبة. وتهدف لإفشال أي محاولة لمواصلة الحوار عبر الدكتور الإرياني، الذي يمثل العدو اللدود لهذا التيار الشبابي التحديثي. بل هناك معلومات تقول إن أحد أفراد ذلك التيار(متحمس جداً) اتصل مباشرة بالآنسي – عقب اشتراط هذا الأخير مواصلة الحوار بقياد الدكتور الإرياني – وأسمعه كلاما وتهما مشابهة للتصريحات التي نزلت في الموقع الناطق باسم الحزب الحاكم. غير أن الآنسي، لم يرد عليه بشيء!
- أما الآن لم يعد هناك شيء يمكن البحث عنه بعد معرفة تلك التفاصيل. فمثلا لم يعد خافياً لماذا سارعت قيادات من أحد التيارين للإعلان أمام الصحافة بشكل سريع أن الحوار مع المشترك قد انتهى. وأن التعديلات ستحال إلى مجلس النواب بعد يومين فقط. فمن الطبيعي هنا أن نقول – دون أن يكون ذلك اكتشافا – أنها كانت محاولة أيضا تدخل في سياق السعي لقطع الطريق عن أي حوار بقيادة الدكتور الإرياني.
حسناً.. دعونا الآن نتصور جلوس الجميع إلى طاولة واحدة.. المختلفين في الحزب الحاكم أولا قبل خلافاتهم مع أحزاب اللقاء المشترك! هل سيكون نجاح ذلك ممكنا؟! وهل سيكون الدكتور الإرياني قادرا على إدارة مثل هذا الحوار متوخياً المصلحة العامة.؟! أم أنه سيخشى على نفسه من السقوط تحت سكينة من ينتظرون سقطاته في أي لحظة لتقديم دليل خيانته بالوقوف مع بعض خيارات المشترك؟!
والسؤال الأهم من ذلك كله: هل فعلا سيثق الرئيس بقيادة الدكتور وبالتالي بالتقارير التي يفترض أن يرفعها عن سير جلسات الحوار، حتى مواقف أعضاء حزبه، سلبا أو إيجابا؟! أم أن باجمال سيأخذ النصيب الأوفر من تلك الثقة، كالعادة؟!
وهناك سؤال آخر يفرضه هذا التساؤل الأخير: هل ما يزال باجمال موثوقاً لدى الرئيس، بنفس الكم الذي ميزه خلال الفترة الماضية، أم أن الرئيس بدأ فعلا باكتشاف بعض الحقائق حول رغبته السيطرة على الحزب الذي كرس (أي الرئيس) معظم جهوده للحفاظ عليه وتقويته في اتجاه الولاء له لا لغيره؟
ولعل ما يفرض علينا هذا التساؤل، هو تردد بعض الأخبار داخل المؤتمر تكشف هذا التوجه الأخير للرئيس. فقد سعى باجمال إلى تشكيل لجان انتخابية داخلية في الدوائر الانتخابية، استعدادا للانتخابات القادمة. وأختار لها أعضاء من غير الذين انتخبوا داخليا لرئاسة تلك الدوائر، ويمكن القول – حسب تلك الأخبار - أنه رشح لها أشخاصاً معظمهم ممن هم محسوبون معه أو يحاول كسب ولائهم له. لكن الرئيس في خطوة غير متوقعة، عين الدكتور عبد الكريم الإرياني، رئيسا لتلك اللجان!
الآن عليكم أن تشعروا كم سيكون الحوار صعبا في هذا الوكر.