الإصلاح كتاب مفتوح
بقلم/ محمد عبد الله اليدومي
نشر منذ: 11 سنة و 9 أشهر و 12 يوماً
الأحد 10 فبراير-شباط 2013 09:53 ص

ها نحن نغذ السير في الثلاث بعد العشرين من عمر "التجمع اليمني للإصلاح", الاَّ أننا نلحظ أن هناك من لايزال يجهله فكرة ومسارا.. وهو أمر -في الحقيقة- يدعو إلى شيء من الاستغراب , ويأخذ بتفكيرنا الى التساؤل عن الأسباب الحقيقية التي وقفت حجر عثرة أمام من لايزال جاهلا بـ ((الإصـلاح)) منهجا وسلوكا..!

أكثر من عشرين عاما أظنها كانت كافية للتعرف على ((الإصـلاح)),والوقوف منه بإيجابية من خلال مؤسساته وإصداراته ومواقفه , بدلاً من التجني عليه , والتحريض المستمر ضده بوعي أو بدون وعي..!

إن هذا التحامل , وبهذه الشراسة ,وهذا التشويه المتعمَّد لكل ما قدمه ((الإصلاح)) من حرص على مصالح الوطن العليا , ومن قدرة _ بعد توفيق الله عز وجل _ على الحفاظ على وحدة الصف الوطني , وتنمية الوعي بضرورة التعايش بين القوى السياسية والمجتمعية , والارتقاء بأساليب النضال السلمي بصورة متزنة و غير متهورة و بعيدة عن الغرور أو التفرد بالقرار أو التجاوز في المواقف..!

إنني اعترف أن من أبرز نقاط الضعف عند ( الإصلاح ) حرصه الدائم على مصلحة الشعب والوطن، وهذا ما لم يعد خافيا على أحد من العقلاء و المطّلعين على حقائق الأوضاع في بلادنا، مما جعله عرضة للابتزاز السياسي و الثقافي ممن لا يرقب في البلاد إلاُّ و لا ذمة..!

إنه تحامل غير مبرر، وموقف غير منصف..!

فلو أنَّ كل من يختلف مع (الإصلاح) في مواقفه و رؤاه، اختلس من وقته لحظات، و اختلى بضميره قبل أن ينطق ببنت شفه، أو يخط بقلمه متجنيا بما لا يُحمد عقباه، و َلِم عِلْم اليقين أنه سيحاسب يوما ما – على شهادته – أمام عالم الغيب و الشهادة..

لو تيقن من ذلك ؛ لكفَّ عن النطق بما لا يليق به و لتوقف قلمه عن كتابة أي شهادة زور..!!

يقولون أن الحب يعمي و يصم، و أنا أقول – أيضا – أن الحقد يعمي و يصم..!

و لذلك فلا بد من التوازن..لا بد من العدل في النطق و في الحرف، و هذا أمر يحتاج إلى (آخر) متزن..!

إن مما يؤسفني – و يؤسفني جدا – أن بعض الكتابات والأقوال التي تتناثر هنا و هناك عن (الإصلاح) ؛تطفح بالحقد و تقطر بالدم..!

إنني أدعو كل من له رأي أو موقف يختلف فيه مع (الإصلاح) أن يراجع نفسه، و أن يعود إلى أدبيات (الإصلاح) وإصداراته ومواقفه، وأن يقوم بقراءتها بروح الباحث عن الحقيقة، و بعقل الراغب في الإنصاف، وبضميرٍ مرهف وحساس يأبى شهادة الزور، ويبتغي الحق ولو كان مرا..!

لقد أعلنا مراراً وتكراراً، وشرحنا كثيرا – ومن وقت مبكر – أننا ومنذ اليوم الأول الذي قدمنا فيه أنفسنا في أوساط مجتمعنا ؛ كنا على يقينٍ أننا نقدم فهمنا للإسلام الذي قد يختلف مع بعض الفهوم التراثية الماضوية التي نعتقد خطأها، والتي ما تزال بعض رسومها تتحرك في خيالات جاهل بدينه، أو في مُخيّلة عابث بعقول البعض بغية إفسادها، وتكبيلها بقيود الخرافة وسراب الوهم..!

وفهمنا هذا قد يتقبله البعض وقد يكون غير مقبول لدى البعض الآخر..وهذا حق لا نماري فيه، ولا نستعجل رد الفعل لهذا الرفض ؛ لقناعاتنا الراسخة أن الأيام كفيلة بإزالة الغبش، وأن المواقف الصحيحة كفيلة بإظهار الحقيقة.

فنحن لسنا ضد أحد بذاته، ولسنا ضد كيان سياسي أو اجتماعي بعينه ؛ وإنما نحن – و بكل صراحة أخوية – ضد أفكار شاذة، وسلوكيات منحرفة.. نحن ضد مواقف لا تخدم المصالح العليا للإٍسلام و المسلمين، ولا تأخذ بعين الاعتبار المصلحة العليا لليمن واليمنيين.

كما أننا لسنا مع الذين يتوهمون لأنفسهم حق السيادة على أبناء هذا الوطن ويدّعون لأنفسهم مكانة ما أنزل الله بها من سلطان , ويتصورون لذواتهم نسبا يعلون به على غيرهم من بني البشر في هذا البلد الطيب أهله , والذي فتح صدره لكل من أراد أن يستقر فيه ويعيش مع مواطنيه عيشة شريفة وكريمة.

فالنسب في فهمنا لا يقدم أحداً على أحد من الناس.. لأن الناس -كل الناس- ينتسبون إلى آدم عليه السلام , وآدم من تراب.. ولا يفرق بينهم لون أو لسان.

والنسب -في فهمنا لديننا- لا يعدو كونه آليَّة لاقتسام المواريث, ودافعا قويا لصلة الأرحام, وعاملا إيجابيا ومؤثراً في التعارف بين الناس, ولا نجد فيه عامل إفساد للعلاقة بين البشر..!

لقد حاول من يختلفون معنا في الوجهة والأسلوب أن يشكّلوا بدعاياتهم الملفّقة ضدنا غشاوة على عيون بعض أبناء وطننا, ولكن سرعان ما كانت تنقشع هذه الغشاوة بفعل نصاعة الحقيقة التي تُثبت للجميع عمق الروابط التي تغوص بالتجمع اليمني للإصلاح في أعماق الشعب , وتجعله المعبِّر –بصدق- عن ما يجيش في نفوس الناس, والمتحمل عنهم أعباءهم وهمومهم..

إن مما يحز في النفس؛ أن ما يصدر عن البعض من افتراءات على (الإصلاح) بصورة لا تدل إلاَّ على حقد دفين لا يتناسب مع الإدعاء بأن ما يتقيأ به -هذا البعض- مجرد اختلاف في الرأي, أو حتى اختلاف في الوجهة والمبدأ..

إنه أكبر من ذلك بكثير.. إنه عمى البصيرة التي لا تتغيّا الحق ولا تهتدي سبيل الرشاد.. إنه الحقد -كما ذكرت سابقاً- وليس غير الحقد الذي –فعلاً- يعمى ويصم..!

إن الوضع في بلادنا لا يحتاج إلى مثل هذا الكمَّ من الحقد والضغينة, وإنما هو في حاجة إلى الترفُّع عن مثل هذه الافتراءات, والارتفاع بإدراكنا إلى المستوى الذي نتجاوز فيه حجم المصاعب والمتاعب التي ينوء بحملها شعبنا الذي ثار على الظلم والطغيان والفساد والإفساد..!

إن "الإصلاح" كتاب مفتوح , يستطيع من يريد –بحق- أن يتعرف عليه فكرة ومسارا, أن يقلَّب صفحاته في الوقت الذي يشاء.

ومن لم يكتفِ بقراءتنا فسيجد تحت خدمته كل إصلاحي وإصلاحية على استعداد تام ؛ للإجابة عن أي تساؤل يهدف إلى استكمال الصورة من أي زاوية كانت, وما يشفي الغليل إن شاء الله تعالى.

إن الشعوب لا تنهض من كبوتها ؛ إلاَّ بأبنائها الذين يسود الحب قلوبهم , والتعاون فيما بينهم, والرغبة الصادقة في البحث عن الوسيلة المثلى التي -بعون الله عز وجل- توصلهم إلى الأجدى في عملية البناء , بأقل المعاناة وأقرب الطرق..!

إن ركام التجارب التي ورثناها والتي حصدتها شعوب الأرض من حولنا؛ كافية لأن نستفيد من إيجابياتها , وأن نتحاشى سلبياتها, وأن نضيف إليها رصيدا من إبداعاتنا وقدراتنا, في صناعة حاضر مجدنا, وتأسيس مداميك مستقبل أجيالنا, بإذن الله تعالى وكرمه وتوفيقه.