هل يقمع المالكي احتجاجات السنة بالقوة ؟
بقلم/ ياسر عبدالله بن دحيم
نشر منذ: 11 سنة و 10 أشهر و 17 يوماً
الأحد 06 يناير-كانون الثاني 2013 11:06 ص

هدد نوري المالكي المعتصمين الثائرين في الأنبار وغيرها من المدن العراقية بفض اعتصاماتهم بالقوة لمخالفتها للقانون حسب زعمه وقال المالكي -في مقابلة مع تلفزيون العراقية الحكومي (إن الاعتصامات التي تجري حاليا في الأنبار مخالفة للدستور العراقي – وأضاف - أقول لأصحاب الأجندات لا تتصورا أنكم صعب على الحكومة أن تتخذ إجراء ضدكم أو أن تفتح الطريق وتنهي القضية ولكن عليكم أن تعلموا أن الوقت ليس مفتوحا وعليكم التعجل في إنهاء هذا .. - وتابع - لقد صبرنا عليكم كثيرا لكن لا تتوقعوا أن المسألة مفتوحة ولا تتوقعوا التمرد على الدولة) .

وفي نشرة أخبار الجزيرة ليوم الجمعة 4/2/2013م قال عزت الشابندر عضو البرلمان العراقي عن قائمة دولة القانون : (إن هذه الاعتصامات لن تنتهي ولو تم تنفيذ جميع المطالب لأن حقيقتها تقسيم العراق وجرها لحرب طائفية) !!

وانسجمت هذه التصريحات مع خطبة الجمعة في طهران الذي تحدث فيها الخطيب عن مؤامرة ضد العراق تشبه المؤامرة التي نفذت ضد سوريا لتمزيقها !!   

ومن خلال تصريحات المالكي وغيره ممن يقف معه على نفس الطريق يظهر أن هناك نية لقمع هذه المظاهرات بالقوة وإنهاء هذه الثورة السنية قبل أن تنتشر أكثر وأكثر فيصعب التعامل معها بعد ذلك , فهل سيقمع المالكي احتجاجات السنة بالقوة وهو الذي مارس القمع والإقصاء والتهميش ضد السنة لسنوات؟

وللإجابة على هذا السؤال نحن بحاجة إلى قرآءة لواقع القوى المؤثرة في المشهد العراقي والتي لعبت وتلعب دوراً في الأحداث ورسم الخارطة السياسية للعراق وممكن تلخيص هذه القوى في أربع : السنة بالأنبار – الأكراد – أمريكا – إيران .

أولاً : الأنبار: أكبر محافظة عراقية من حيث المساحة وتعتبر الأنبار معقلا للمقاومة العراقية ضد الاحتلال الأمريكي للعراق تكبدت فيها القوات الأمريكية خسائر فادحة وقد عرفت منطقة الأنبار بصعوبة السيطرة عليها وعدم تمكن القوات المحتلة من فرض سيطرتها عليها فاضطر الأمريكان للتفاوض مع زعماء العشائر فيها لتأسيس قوات شرطة من العشائر الموجودة بالمنطقة لتقوم بالسيطرة على المدن نظرا لرفضها الشديد للاحتلال.

والأنبار محادية من الغرب للمناطق السورية التي سيطر عليها الجيش الحر مما يسمح بمناورات أكبر على الأرض وإدخال السلاح ووجود سند خلفي للمقاومة لأنه بلا شك ستنتقل الاحتجاجات حين قمعها بالقوة إلى ثورة مسلحة ولن تحتاج لكي تتعسكر إلى وقت طويل كالثورة السورية ففي مناطق الأنبار توجد جماعات مسلحة لازالت ناشطة وتاريخها يشهد بحب أهلها للمقاومة والدفاع عن النفس والنفوس مهيئة فكرياً للعودة إلى حمل السلاح بعد سنواتٍ من التنكيل والإذلال والإقصاء الذي مورس عليهم وكان آخر حلقاته سجن النساء وما تعرضن له في السجون من تعذيب وصل حد الاغتصاب إضافة إلى سلسلة الإعدامات الممنهجة التي طالت المئات من أبناء السنة والقوائم جاهزة لتنفيذ أحكام الإعدام بحق آخرين ولا شك ان هذه المناطق ستكون حاضنة خصبة للمسلحين المعارضين للمالكي وحكومته وسيلعب البعد الطائفي دورا في تسهيل الأمر إضافة إلى دخول العشائر والصحوات في الاحتجاجات وهي التي حاربت تنظيم القاعدة في العراق وكانت العامل الأساس في إضعافه وخروجه من هذه المناطق .

ثانياً :الأكراد:

 علاقة الأكراد الآن بالمالكي سيئة جداً وهم ينتمون إلى المذهب السني وتربطهم علاقات جوار بالمحافظات الثائرة لذلك يتوقع أنهم سيدعمون هذه الاحتجاجات حتى لو تحولت إلى ثورة مسلحة لأن ذلك سيعيد لهم أمل إقامة دولتهم الكردية المستقلة التي طالما حلموا بها فانفصالهم عن العراق سيكون سهلاً حينما تنشغل الحكومة بحربها الجديدة كما أن وجود مناطق فاصلة مشتعلة بين الأكراد والحكومة المركزية يساعد في ابتعادهم أكثر فأكثر عن المركز. .

ثالثاً : أمريكا:

 كانت هي القوة العسكرية الرئيسة في قمع المقاومة في الفلوجة والرمادي وغيرها من مناطق الأنبار ولكن وضعها الآن ليس على ما يرام ولا يؤهلها لدخول حربٍ جديدة في العراق ولن يكون مقبولاً لدى الشارع الأمريكي المنهك اقتصاده أن يغامر جيشه مغامرات أخرى بعد مغامرته السابقة في العراق وأفغانستان والمأزق الذي تعانيه القوات الأمريكية هناك كما أن علاقة المالكي بإيران لن تشجع الأمريكان للوقوف معه ضد خصومه كما كان في السابق لأن انتصاره هو انتصار للمشروع الإيراني في العراق كله ويعني ذلك مزيد من التغلغل الإيراني وتدخلها في شؤون المنطقة .

رابعاً : إيران :

هي العامل الأساس في قوة الشيعة وحروبهم ضد خصومهم خاصة من السنة سواءً في العراق أو في سوريا واليمن... وإيران تمر بمرحلة صعبة فقد أنهكت اقتصادياً بفعل الخناق الاقتصادي الغربي عليها وهي ترى أمام عينها دعمها للأسد لم يحقق نتيجة له بل يتهاوى النظام السوري وتسقط معسكراته وأسلحته بيد الجيش السوري الحر دون أن تستطيع فعل شيء لحليفها الأسد سوى الدعم العسكري الذي سيذهب غنيمة للثوار السوريين , فهل ستتشجع إيران لدعم مغامر آخر ظروفه أصعب تعقيداً من حليفها الأسد القوي ؟!

من خلال القرآءة الواقعية للقوى المؤثرة في الساحة العراقية يتضح أن إقدام المالكي على قمع الاحتجاجات في الأنبار بالقوة العسكرية سيكون آخر مغامراته السياسية في العراق , فهل يعتبر المالكي بحال أخيه وجاره الأسد وهو يرى كيف صار حاله أم يتجاهل ذلك كله ليمضي هو في مغامرة أخرى ستكون نتائجها مفاجأة لم يكن يتوقعها؟ .