الثورة تُعآنق الحرس الجمهوري
بقلم/ د عبدالله الحاضري
نشر منذ: 12 سنة و 5 أشهر و 8 أيام
الأربعاء 13 يونيو-حزيران 2012 05:39 م

لا قيمة أخلاقية ولا إنسانية لجيشٍ ما في هذا العالم بدون أن يكون خاضع للشرعية الشعبية وأن يكون لوجوده مُسوغ وطني ثابت, لا قيمة لجيشٍ يحمل سلاح بدون أن يكون مسنوداً برضا الشعب عنه وعن وجوده المُسلح.., الجيوش وُجِدَت لتحمي الشعوب من ظُلم النزوات البشرية التي قد تُهدد كيانها ووجودها الطبيعي في الأرض ولكم كانت تغمُرنا هُنا في اليمن الفرحة والغِبطة حين يتطرَّق إلى أسماعنا مُسمَّى الحرس الجمهوري ومدى تميُّزه النوعي تدريباً وتسليحاً وكنَّا نقول إنه لجيشُ اليمن المأمول ولصالحه ويخضع لشرعيته,إنَّه سياج اليمن وحاميها إذا اشتدَّت عليه الكروب أو جارت عليه الأحداث..,لم يكن يُخامرني أدنى شك في وطنية الحرس ولا في قُدراته الذاتية ولا في حُبه العميق لليمن ولكم كان موقفه من الثورة مثاراً للإستغراب فلقد كُنا نتوقع منه أن يكون السَّباق في انضمامه إليها والوقوف معها إلى جوار الشعب خاصةً وطبيعة مُسمَّاه كانت تقتضي مِنهُ على أقل تقدير مُساندة الثورة التي كانت تستهدف إنقاذ النظام الجمهوري من صيرورته الحتمية إلى مُستنقع الملكية الأسرية فالثورة اشتركت مع الطبيعة الوظيفية للحرس في حماية النظام الجمهوري ومن هُنا كان مكمن الإستغراب لماذا لم يُسارع الحرس في مُساندة الثورة التي كانت تؤدي نفس مُهمة الحرس على المُستوى الإجتماعي؟! ولكن في نفس الوقت كان الثوار يلتمسون للحرس العُذر فالرئيس السابق كان حائزاً على الشرعية بغض النظر عن التشكيك فيها والحرس كان مُضطراً للوقوف مع الشرعية ولم يتبادر إلى وجدانه أن الشعوب إذا ثارت على حُكَّامها سقطت شرعيتها السياسية وتبقى الشرعية الشعبية الثائرة هي القائمة لقد كانت الشرعية الدستورية المبهمة حائلاً مابين الثورة وانضمام الحرس إليها ومع تطور الإيقاع الثوري وصولاً إلى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والقرارات الأممية المتضمنة لها أصبح لدينا شرعيه شعبيه قائمه بموجبها جرت انتخابات 21فبراير وأصبح الرئيس هادي حائزاً على الشرعية بكـل مقوماتها الشعبية والقانونية ولقد كان قادة القوات المسلحة والأمن من أوائل من رشَّح الرئيس هادي وبموجب هذه الشرعية الكلية المُسندة من الشعب والمجتمع الدولي صدرت قرارات جمهوريه قضت بإجراء تنقلات وتعيينات في القوات المسلحة والأمن ومن ضمنها تغيير قائد اللواء الثالث حرس جمهوري فتم التنفيذ على كل المستويات عدا هذا اللواء فلقد وقفت العائلة حائلاً دون تنفيذه بداعي أن في تنفيذ التغيير في اللواء الثالث مساساً بأمنها الشخصي وتبين للمجتمع اليمني بهذا الموقف الغريب أن العائلة فعلاً تعتبر الحرس الجمهوري ملكيه خاصة لها لا يجوز المساس به أو التغيير فيه إلا بإذن خاص منها فتمردت على هذا القرار ورفضت دخول العميد الحليلي إلى اللواء الثالث لمُمارسة مهامه والأدهى والأمرَّ أنها مارست الدَّجل السياسي على المجتمع الدولي فأوهمت المبعوث الدولي جمال بن عمر أنها سلَّمت اللواء للعميد الحليلي وأجرت الصور الفوتوغرافية مع المبعوث الدولي داخل اللواء وبمجرد خروجه وقع التمرد مرة أخرى ومُنع قائد اللواء من دخوله وتبادر إلى الذهن الإجتماعي سؤال مفاده ألم تكن العائلة تدَّعي في مُحاربتها للشعب أنها حائزة على الشرعية؟! فلماذا تتمرد على هذه الشرعيه عندما أصبحت في أيدي غيرها ؟!أأصبح مفهوم الشرعية مُلتصق فقط بالعائلة ولا قيمة للشعب اليمني ولا لشرعيته الإنتخابية ولا للقرارات الدولية مادام أن هذه الشرعية ليست فيهم ولا نابعة منهم ؟!وتبادر أيضاً إلى الذهن الإجتماعي سؤال افتراضي مفاده أيرضى الحرس الجمهوري أن يتحول إلى حرس عائلي؟ فالتمرد على القرارات حوَّل الحرس الجمهوري بالضرورة الى حرس شخصي عائلي فالشرعية القائمة قضت أن يكون قائد الحرس هو الحليلي والعائلة قررت أنها رافضه لهذه الشرعية ووفقاً للبرتكول العائلي قررت تعيين العميد مقوله قائداً للواء وإن كان بصورة غير مُعلنه والمؤلم أنه رافق قرار العائلة ظهور العنصرية المناطقية البغيضة داخل اللواء فالقائد الجديد ليس من نفس قبيلة العائلة ومن عيَّنته العائلة من نفس قبيلتها وبدأت الرائحة النتنة للعنصرية تفوح رائحتها إلى الأفاق وبات من الواضح أن اللواء الثالث حرس وضع بين خيارين إما أن يرضخ للقرارات العائلية ويسمح بظهور المناطقية أو يرضخ لقرارات الشعب ولشرعية الشعب ويظهر أنه جيش محترف لا يؤمن بالمناطقية ولا بالولائات الشخصية ويعلم الله أني كُنت شخصياً أضع يدي على قلبي وأقول من العار على اللواء الثالث أن يستمر بهذه الوضعية ومن العار عليه أن يتم تسليم اللواء بموجب قرار دولي وكنت أقول اللهم أرزق هذا اللواء الحكمة ليتخذ قراره ويحدد مصيره بنفسه اللهم ارزقه الصبر كي يتحمل نتائج قراراته ويغير مالابُد من تغييره اللهم لا تخزيه في الدنيا واجعله شامةً في جبين اليمن ..,وكان كثيراً من أبناء الشعب يدعواْ بحرقه لهذا اللواء وقبل إنعقاد مجلس الأمن الدولي المُرتقب الذي كان من ضمن جدوله أن ينضر معطيات وتبعات تمرد اللواء الثالث حرس , وقع مالم يكن في الحُسبان انتفض اللواء الثالث على المُتمردين وطردهم من داخل مقرِّه وهو يطالب الآن بتسليمهم للقضاء العسكري لمحاكمتهم وفقاً لقانون العقوبات العسكري فهذا التمرد إنعكس سلباً على سُمعة الجيش اليمني وعلى الحرس الجمهوري فضلاً عن التأثير المباشر للجريمة في حد ذاتها, حقاً بهذه الإنتفاضة فاجئ الحرس الجميع وقلب الطاولة رأساً على عقب وقرَّر أن يكون حرس جمهوري بالفعل وأن ينفض عن كاهله غُبار مُسمى حرس عائلي وأن يُنفذ قرار الرئيس هادي مهما كان الثمن قرر أن يكون حرس الشعب وليس حرس العائلة قرر هذا اللواء أن يخرج عن طوع الأسرة وبرتوكولاتها ويكون مع الشعب فطرد بحكمه بالغه وبدون قطرة دم قادة التمرُّد والمُعينين من قِبل العائلة من داخل اللواء واستدعوا قائدهم الشرعي العميد الحليلي برفقة اللجنة العسكرية ليدخل اللواء وليقودهم إلى مستوى طموح الشعب الذي يأمله منهم لقد إستحق هذا اللواء أن يكون نقطة بيضاء في تاريخ اليمن العسكري ومحطة تحول في مفهوم الشرعية وكيفية تنفيذها والتعامل معها وأن الشرعية كُلٌ لا تتجزأ ولا تُستقطع داخل الجيوش وأن الأصل فيها هو الإحتراف والمهنية والإبتعاد عن المناطقية والإستناد في وجودها للشرعية وبهذا التحول إلتقت الثورة مع الحرس في عنآقٍ حار تحت شمس الحُرية وعلى درب التخلُّص من الظلم والإستبداد فقُبلة النصر نزرعها في جبين هذا اللواء وقُبلة النصر في جبين أحراره وفي الأخير أقول لقائد الحرس الجمهوري ضرب لك اللواء الثالث مثلاً فاستمع له بعمق.. فالجيوش مهما كان جبروتها لاتقف أمام التاريخ ولا أمام الشعوب وأقصى ما يُمكن أن تفعله أن توقف العجلة لبعض الوقت لكنها لاتستطيع أن توقف الحركة.., ومع الزمن تتحرك العجلة الموقوفة لتلتقي مع إنسياب الحركة المصفوفة وتطحن كُل شيءٍ أمامها ..إن في ذلك لعبرةً لقومٍ يتفكرون...! ياوطني سلمتْ.. فلكَ الحرس الجمهوري ولكَ الفرقة الأولى مُدرع ومن قال غير ذلك فهو خائنٌ لك.