المقايضه بالفوضى
بقلم/ محمد عبد الملك الشيباني
نشر منذ: 11 سنة و 10 أشهر و 22 يوماً
الأحد 27 مايو 2012 05:12 م

بعد قيام ثورات الربيع العربي انطلاقاً من تونس خرجت بعض التقارير من الدول العظمي تلوم اجهزتها وفرقها الاستخباراتيه على التقصير ولعدم قدرتها على التنبؤ بحدوث تلك الثورات ومكان اشتعالها .

لن احتاج كمواطن عربي بسيط الى استنتاجات الساسه وتحليلات المتخصصين لأعرف أن الدول العظمي التي تحتكر قياده العالم تهدف من خلال تلك التنؤات الى التحكم بمصير تلك الثورات حال قيامها وتوجيه مسارها بحسب اهواءها ومصالحها .

ولكن ترى لماذا عجزت الاجهزه الاستخبارية العالميه عن التبنؤ بتلك الثوارات ؟

في نظري الشخصي المتواضع يعود عجز تلك الأجهزة التي أصبحت أقرب الينا من حبل الوريد عن التنبؤ بثورات الربيع العربي الى سبات اصابها واحباط من ردود أفعال شعبيه عربيه تجاه الانظمه الحاكمة بعد ان توفرت لها كل الظروف الملحه لقيام تلك الثورات منذ زمن بعيد ومع ذلك لم تفعل أكثر من تمجيد الحكام ومباركه طغيانهم ولصوصيتهم والرقص على انجازاتهم الهشه .

إحراق بائع متجول شاب لنفسه في الشارع ليس سبب كافي لتقوم ثوره عارمه في تونس تمتد رياحها لأكثر من بلد بينما الصمت كان نتيجه غير متوقعه في كل مره ومع كل جريمه ارتكبت في حق الشعوب بأكملها من تلك الانظمه طوال عقود .

وربما أن الانظمه العربيه بإعلامها المظلل نحجت حتى في تظليل الاجهزه الاستخباراتيه ايضا فكان لزاماً ان تسبق ربيعه ثوره اعلاميه عارمه بحجم الجزيره

حلّ الربيع العربي مفاجئا وبشكل صادم وجعل تلك الانظمه المهترئه تتصدع بسرعه لا تتناسب مع متاتنها وكثافتها المفترضه وكان أيضا صادما على ما يبدو للعالم وللدول العظمي واجهزتها الاستخباريه المرعبه .

حاولت الانظمه العربيه القمعيه ممارسة هوايتها المعتاده وعملها الاحترافي في القمع والقتل واشاعه الفوضي والاستفاده كل من تجارب الاخر وتكرارها بشكل غبي حتى عندما كانت تأتي بنتائج سلبيه في بلد يصر الاخر على استخدامها واستنساخها في بلده وكأنهم لا يجيدون الا استيراد الفوضي

هناك من التقط تلك الموهبه العربيه الفذه في صناعه الفوضي بشكل أفضل وكأنهم كانوا يشاهدوا عرضا لمواهب الحكام العرب وهم يدافعون عن عروشهم بالفوضى والكذب ولم يستوعبوا أن الشعوب العرييه كانت تثور أصلاً ضد فوضاهم البالية وكذباتهم المثقوبه . ومع قصور التقارير الاستخباريه عن مكان وموعد الغليان العربي كان لابد لتلك الاجهزه الاستخباراتيه من أمتصاص الصدمه المفاجئه وعدم الوقوف أمامها بل السماح لها بالذهاب الى أبعد مسافه ممكنه حد الممنوع لتفقد خلالها كامل الطاقه التي خزنتها طوال قرون ليتم بعد ذلك أعادة توجيه لمسارها من جديد .

قطعت الثورات العربيه مسافه في الحلم الشاسع وتجاوزت عقبة الحكام وأسرهم وكان لابد لأعداء الامه من استخدام مواهب الانظمه العربية في صناعه الفوضى وتوزيع الموت بعد أن ضحت بهم وهم عبيدها مثل الكباش لامتصاص الصدمه التي سببها الربيع العربي وتدمير تلك الطاقه ذاتيا قبل أن تخرج وتسيل حممها في شوارعهم وتحول بورصاتهم الى رماد

إن الفوضى اللاحقه للثورات العربيه كانت دقيقه ومنظمه وعميقه للدرجه التي سوف تأتي بتيار ثوري مضاد لاعاده صياغة تلك الانظمه بشكل أخر وإلباسها لباس ثوري ديمقراطي زائف بينما هي عارية مثل البصله خصوصا في مصر لان ثوره الشعب المصري ان اكتملت كانت سوف تشكل بؤرة لثورات وربيع عربي متنقل ولذلك كان يجب أن تنقل الفوضي والرعب معها بدلا من الثوره العذراء

تفجير السبعين قبل الاحتفال هو جزء من تلك الفوضي وبوابته الخربة وتدشين رسمي لمرحلة الفوضي الموجهة من الخارج في اليمن وصومله مثل التي وعد بها على صالح اليمنيين حين تطاولوا وثاروا عليه وعلى اسرته , ولأنها لم تتم ولم تنفجر القنبلة التي كان يهدد بها الشعب اليمني ويحمي بها ملكه , تفرغ بعد رحيله عن السلطه لتفجيرها في وجه الجميع بإشراف خارجي وستكون النتجيه الحتميه عوده قويه للبقايا والفلول بعد سنتين .

نتائج الانتخابات المصريه شكلت صدمه للمواطن العربي والمصري ونكسه غير متوقعه لا‘عظم الثورات العربيه على الاطلاق و يبدو أن الحلول الاستخبارتيه كانت ناجعه وأن مسأله الفوضى التي أدارها المجلس العسكري والفلول كانت مجديه وتحولت الثوره ورموزها وأهدافها الى فزاعه بالنسبة للمواطن العربي البسيط والغالبيه المغلوبه على أمرها

ستكون جوله الإعادة على ما يبدو ما بين شفيق ومرسي , ومن أجل تلافي اصطفاف انصار الثوره مع مرشح الإخوان المسلمين في جوله الإعادة سوف تسبق مرحلة الاعاده عمليات إرهابيه انتقاميه ذات صبغه ثوريه و اسلاميه ستديرها الاجهزه الاستخبارتية عن بعد لتحويل مسار الرأي العام في جولة الاعاده وتضخيم صفوف الفلول وتدعيمه وخلق فرص اكبر لصدام مروع بين فصيلين وبالتالي حسم مسألة الصراع على السلطه مسبقاً بتوافق يضمن بقاء الفلول وإفراغ الثورة من محتواها الحقيقي كما حصل في اليمن ولكن بصوره تناسب خصوصيه الوضع المصري وستكون المقايضه بالفوضى على ما يبدو حل موحد وناجح لسد كل منافذ الفعل الثوري في دول الربيع العربي ومنع انتقاله الى مناطق جديده