الزعيم..!!!
بقلم/ د. محمد أمين الكمالي
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و 16 يوماً
الإثنين 05 مارس - آذار 2012 10:13 م

الزعيم كلمة عربية يختلف معناها ومدلولها لغويا ومعنويا من مكان إلي أخر وفي سياقات مختلفة فزعيم المذكورة في القرآن تعني: كفيل، والزعيم عند العرب: الضامن والمتكلم عن القوم.

والزعيم تعني بمعناها العام القائد وهي مرتبطة بالمعنى التركي للزعيم كرتبة عسكرية تعادل العقيد وكانت مستخدمة في الجيوش العربية قبل أن يتم اعتماد النظام الحالي للتراتبية العسكرية ذلك إن العسكرية التركية كانت مرتبطة بتنظيمات العصور الوسطى للتشكيلات العسكرة التي كانت تعبر عن التقسيم الإقطاعي والعشائري لوحدات الجيش فكان الزعيم هو توصيف عسكري لقائد عشيرة ثم بعد التحديثات على تنظيم الجيش التركي ذهب التقسيم القديم وبقت الكلمة .

وهناك رئيس سوري معروف من زمن الانقلابات حمل اسم الزعيم ورتبته هو الزعيم حسني الزعيم الذي وصل رئاسة الجمهورية في ما يعتبر أول انقلاب عسكري في التاريخ العربي الحديث قام بعدها بترقية نفسه إلي رتبة مشير ولينتهي عهده القصير بعدها بعدة أشهر عقب إخراجه من السلطة بانقلاب عسكري ثم إعدامه ,وهو أول ما يتبادر للذهن عندما يذكر الزعيم في التاريخ السوري .

وعلى النقيض من ذلك ففي مصر الزعيم هو اللقب الفني لعادل إمام التصق به بعد مسرحيته الساخرة الشهيرة التي حملت نفس الاسم والتي كانت في وقتها أعلى من السقف المسموح للسخرية من الحاكم الفرد المسيطر حيث ناقشت فكرة انه يمكن أن يحل محل هذا الطاغية وبسهولة كومبارس أو ممثل ثانوي فليست العبقرية ولا البصيرة النافذة والحكمة المتفردة هي ما يميزه بقدر ما هي تشابك المصالح الداخلية والخارجية التي يمكن أن تسمح لأتفه واجهل أفراد المجتمع بالتربع فوق الجميع مستغلا الذكاء السيئ والخبث والقدرة على التنازل عن الأخلاق ليبقى الخيار الأمثل لتلك القوى .

وهذه الفكرة قريبة من تحليل سيد قطب لشخصية الطاغية (الزعيم) عندما يفسر قوله تعالى: (فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ) موضحا أن الطاغية ليس إلا فرد لا يملك في الحقيقة قوة ولا سلطانا . إنما هي الجماهير الغافلة الذلول , تمطي له ظهرها فيركب ! وتمد له أعناقها فيجر , وتحني له رؤوسها فيستعلي ! وتتنازل له عن حقها في العزة والكرامة فيطغى , والجماهير تفعل هذا مخدوعة من جهة وخائفة من جهة أخرى . وهذا الخوف لا ينبعث إلا من الوهم . فالطاغية - وهو فرد - لا يمكن أن يكون أقوى من الألوف والملايين , لو أنها شعرت بإنسانيتها وكرامتها وعزتها وحريتها . وكل فرد فيها هو كفء للطاغية من ناحية القوة ولكن الطاغية يخدعها فيوهمها أنه يملك لها شيئا , وما يمكن أن يطغى فرد في أمة كريمة أبدا , وما يمكن أن يطغى فرد في أمة رشيدة أبدا .

ومن مشاهير الزعماء على المستوى العربي الراحل القذافي الذي كان يفضل لقب الزعيم هروبا من الواقع ليدعي انه ليس رئيس لليبيا وعندما يمثلها دوليا مدعيا انه فرد من الشعب لا يحكم بينما يسيطر هو وأولاده يسيطرون على مفاصل الحكم ويبذرون ثرواتها بلا رقيب أو حسيب .

الزعيم العالمي الأخر والمعروف زعيم ألمانيا الفوهرر أدولف هتلر الذي فشل في الوصول إلي منصب الرئيس الذي هو منصب شرفيا وعوضا عن ذلك عندما أصبح مستشارا (رئيس وزراء) استخدم لقب الزعيم حتى يتخلص من الشعور بالدونية والفشل ويؤكد كذلك على العلاقة الأبوية مع الشعب الألماني وليثبت تفوقه على منصب الرئيس الذي يحظى بالمكانة والتقدير دون سلطات تنفيذيه !!.

ناهيك عن زعيم القاعدة الأشهر أسامة بن لادن رغم محاولة البعض منافسته على المستوى المحلى أو خلافته حيث يظل أول اسم يتبادر للذهن , مقابل الزعماء المحليين للقاعدة وزعيم القاعدة في اليمن(قاعدة النظام !؟) .

الرابط الذي يجمع هؤلاء الزعماء وبغض النظر عن زعيم باب الحارة هي النهاية المأسوية والإعدامات والانتحار التي ختمت حياتهم بشكل عنيف .

وفي يمننا الحبيب بداء الزعيم بالإصرار على إثبات وجوده في ظل منافسة لقب الرئيس ذلك الذي بداء يغير دلالته التي بقت ثابتة لثلاثة وثلاثين سنه لترتبط ألان بالرئيس هادي لكن يبدو أن هناك من لا يعجبه الوضع , وللهروب من الاشتباه والاختلاط في الدلالة والمعني أتى هذا الاختراع العالمي (الزعيم ) ليأخذ صبغة يمنية ليوصف حالة المحصن الذي يمارس السياسة خلف جدار الحصانة القانونية والمبادراتية بالإضافة لحصانة الأمر الواقع والترسانة المسلحة وحصانة التهديد بالحرب والدمار .

هذا التشويش الحاصل ومحاولة خلط الأوراق وجذب الانتباه للزعيم الذي يمارس صلاحياته وهوياته المفضلة باستقبال المهنئين والزوار في جامع السبعين , الذي يدعوه جامعه وربما كلف لجنته المختصة بحصره ضمن قائمة الهدايا الشخصية له يوم أن كان رئيسا على اعتبار طريقة جمع الأموال والأرض التي تمت لبناء جامع الزعيم .

وفي ظل عدم وجود تأطير دستوري يحدد مهام الزعيم وهل سيكون دوره مشابه للمرشد الأعلى في الجمهورية الإسلامية الإيرانية فيصير مرجعا للدولة ورئيسها ويصبح المعادل الموضوعي والواقعي لنظرية رئيس الرئيس التي حذر منها الصغار قبل السياسيين والخبراء والمحللين الكبار .

هناك معنى أخر للزعيم مرتبط بمعنى كلمة زعم ويزعم بمعنى ادعى فيكون الزعيم تبعا لذلك هو المدعي .

 * ملاحظة هامة : يجب المحافظة على حياة الزعيم لان أسهل طريقة لتفجير الأوضاع وإشعال حرب أهلية الآن هي بتصفيته وشن حرب انتقامية من اجله كغطاء للالتفاف على الثورة ومحاولة تعويض الخسائر في السلطة والتحلل من الالتزامات التي تهدد مواقع هذه الأطراف التي هيا اقرب الناس للزعيم ولكنها لن تتردد في التضحية به .