آخر الاخبار

الدول التابعة لإيران تتصدر قائمة أكثر شعوب العالم بؤسا.. لبنان اولا وسوريا ثانيا واليمن رابعا .. تفاصيل إسرائيل تفرج عن مراسل قناة الجزيرة بعد 12 ساعة من الاعتقال قيادات وطنية وسياسية وإجتماعية في ضيافة عضو مجلس القيادة الرئاسي د عبدالله العليمي أجواء مشحونة بالتوتر تسود حي شميلة بصنعاء عقب مواجهات مسلحة بين مواطنين وميلشيا حوثية منعت صلاة التراويح وإعتقال مقربين من الشيخ صالح طعيمان تفاصيل لقاء السفير السعودي آل جابر بالرياض مع المبعوث الأممي إلى اليمن حريق مفاجئ يتسبب في مضاعفة معاناة النازحين في مخيم النصر بمأرب جراء التهام النيران كافة الممتلكات الخاصة ولاضحايا عاجل : 10 غارات أمريكية بريطانية تستهدف مواقع  المليشيات الحوثية في اليمن .. تفاصيل اليمن تسلم مسئولة أممية خطة للتعامل مع كارثة السفينة الغارقة روبيمار الجيش السوداني يسحق هجوما مباغتا لقوات الدعم السريع من ثلاث محاور في الخرطوم عدن : تكريم 44 خريجًا من الحفاظ والحافظات لكتاب الله

سلميتكم تقتلنا
بقلم/ د. محمد أمين الكمالي
نشر منذ: 12 سنة و 4 أشهر و 12 يوماً
الجمعة 04 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 04:07 م
 

بين السلمية والسلبية والاستسلام هناك فروق كثيرة ,فالنضال السلمي كلمة رنانة وصادمة للأنظمة الاستبدادية التي يسهل عليها أن تواجه الدبابات والطائرات والجيوش ولا تضاهي ثائر اعزل يطالب بحقه.

السلمية كفلسفة تمتد جذورها في أعماق الثقافة الإنسانية إلي أقدم الصراعات علي وجه الأرض بين ابني ادم عندما واجه الأخ أخاه المعتدي بقمة السلمية قائلا " لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك " فالهزيمة الأخلاقية والفعلية حدثت للقاتل الذي تحول إلي وحش همجي لا يختلف عن الضواري الهمجية في الأحراش المحيطة به .

وقد يكون رمز السلمية في العصر الحديث هو المهاتما غاندي الذي استطاع أن يأخذ من الفلسفة الهندوسية مثاليتها ويثبت أنها قابلة للتطبيق علي ارض الواقع المشبع بالدماء والاقتتال ويحول هذه السلمية إلي سلاح فعال يواجه اعتي الإمبراطوريات في وقتها .

و للسلمية جذور في الموروث الديني للديانات الإبراهيمية فتحية الإسلام هي السلام عليكم برمزيتها القوية وفي المسيحية تتردد الصلوات علي الأرض السلام وبين الناس المحبة وان ابتعد الواقع عن تعاليم السلم والسلمية .

فلسفة السلمية لا تعني الاستسلام والخضوع للظلم ولكنها فلسفة ايجابية تحرم الاعتداء وتشدد علي ضرورة النضال للوصول إلي أهدافك المشروعة دون أن تخرب أو تدمر .

أول تجارب السلمية في اليمن هي حركة الاحتجاجات المعيشية التي انطلقت في تعز بداية التسعينات والتي ووجهت بالقمع ومنها خرج شعار "البر غلي" الذي أصبح لصيقا بأهل تعز فهو مثار للفخر إنهم رفضوا الظلم وان تهكم عليهم البعض, وتلي ذلك بفترة طويلة الحراك السلمي الذي انطلق في الجزء الجنوبي للوطن رافضا الظلم والاستبداد ورغم أن هذا الحراك بدائه عسكريون إلا انه لم يتحول إلي مليشيات مسلحة في بلد أدمن الصراع المسلح ,ضاربين بذلك مثلا ومحدثين اختراق مهم مهد الطريق لما سيأتي بعده .

قبل هذه الثورة الشبابية السلمية التي توجت الربيع العربي لم يكن احد يتصور أن هذا البلد المدجج بالسلاح ,,والذي يأتي المولود فيه وقد استقبلته ثلاث قطع من السلاح للقتل والدمار تتربص به في كل خطواته لتغتاله قصدا أو سهوا ,,انه يمكن أن يكون هناك ثورة دون نزاع مسلح وحرب أهلية تلتهم الأخضر واليابس إلا أن هؤلاء الشباب الذين تحدوا المحال وفعلوا المستحيل استطاعوا بسلميتهم أن يلغوا شبح الحرب الأهلية بين مكونات هذا الوطن وتقسيماته الاجتماعية .

لتواجه بقايا النظام الدموي ثورة الشباب السلمية بممارسة ألمجزرة الأهلية لقتل الأطفال الأبرياء والمدنيين العزل,, استطاعت الثورة السلمية حصار هذا النظام الدموي في زاوية العنف بمواجهة كافة قطاعات الشعب اليمني حارمة إياه من الحرب الأهلية التي يجيد إشعالها واستغلالها ووضعته في حيرة أمام ثورة شعبية سلمية يتقدمها الشباب لمواجهة الطغاة القتلة بسلاحهم الفتاك" الصدور العارية" .

لو كان لهذا النظام المتهالك ورئيسه وأذياله أن يخرجوا معبرين عن غيظهم وضيقهم من هؤلاء الثوار لصاحوا فيهم "سلميتكم تقتلنا" ,تدمرنا عروشنا وتزلزل الأرض من تحت أقدامنا .

في المقابل الاستسلامية والسلبية تقتل الأبرياء , السلمية تسقط أنظمة الحكم وهي سلاح فعال ضد الأشكال السياسية ولكن الاستسلام مقابل القتل والإبادة لن يقدم شيء سوى مزيد من الضحايا .

إن نظام الحكم في اليمن يخسر فعلا كلما انتهك سلمية الثوار وكلما أمعن في القتل والذبح لكنه في المقابل يفقد حتى صفته كنظام سياسي ليتحول إلي منظومة قتل تمارس المجزرة الأهلية بحق أبناء الشعب والأخطر في هذا الموضوع أن منظومة القتل هذه تزداد وحشية وبشاعة كلما أحست أنها اقتربت من النهاية ومن السقوط.

لقد أدت السلمية ولازالت تؤدي دورها في إسقاط نظام الفساد ورموزه ولكنها تقف عاجزة أمام معضلة صغيرة وهي كيف ندافع عن أنفسنا دون أن نترك السلمية وننجر إلي حرب أهلية بكل ما فيها من ويلات .

هنا تجدر الإشارة إلي أن سلمية الثورة ونزاهتها تتجلى في عدم التحول إلي حركة مسلحة تحاول الاستيلاء علي الحكم بالقوة العسكرية لما يترتب علي ذلك من مساؤي ومأسي تعيدنا إلي أسواء ما في العهد السابق من سلبيات ونقائص ,بعكس الحكم المدني الرشيد المعبر عن قطاعات المجتمع من خلال استمرار نهج الثورة السلمية لإسقاط الدولة مدنيا وإدارتها شعبيا وبالتوافق .

في المقابل حق الدفاع عن النفس حق مقدس تكفله الشرائع السماوية والقوانين الوضعية وحتى الغرائز الأساسية للكائنات الحية وليس فقط البشر ,وليس من المنطقي أن تدع احدهم يقتلك للوصول إلي مكتسبات سياسية وأنت قادر علي أن تمنع هذا الاعتداء ويجب عدم الخلط بين هذين المبدئين علي أصالة كل منهما .