آخر الاخبار

أكبر كارثة في أجواء الخليج.. صاروخ أمريكي يخترق قلب طائرة مدنية بلا حياء.. الحرس الثوري الإيراني: أيدينا مكبلة ولسنا في وضع يسمح باتخاذ إجراء ضد إسرائيل تقرير أممي :8 % من الأسر بمناطق سيطرة الحوثيين تعتمد على التسول من أجل الحصول على الغذاء واشنطن تتحدث عن اصطياد هدفاً حوثياً إضراب شامل يشل مصانع المياة المعدنية في صنعاء ومصادر مأرب برس تؤكد : إضراب مرتقب لمصانع أخرى دعاية الحوثي فرط صوتية ..تقرير أمريكي ينسف رواية المليشيات:دولة عظمى أرسلت للحوثيين صواريخ كروز مضادة للسفن حملة عسكرية من قوات العمالقة ودفاع شبوة تصل الصعيد لإيقاف حرب قبلية تدور رحاها بين قبائل المقارحة والعوالق كيان موالي للمجلس الانتقال الجنوبي يعلن اعتزامه إنشاء شبكة حوالات موازية للشبكة الموحدة التي أسسها البنك المركزي مركز سعودي عالمي ينجح في إزالة أكثر من 18 مليون محتوى متطرف من «التلغرام» وزير الدفاع السعودي يصل تركيا وأردوغان يعقد معه لقاء مغلقا في المجمع الرئاسي . ملفات الأمن والتعاون المشترك .. تفاصيل

صنعاء في مثلث برمودا!.
بقلم/ عبدالرزاق العزعزي
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و 23 يوماً
الأحد 09 أكتوبر-تشرين الأول 2011 02:03 م

صوت أقدامي وخوفي - أيضا - هما من رافقاني فقط حين توجهي من شارع التحرير وحتى ساحة تغيير صنعاء ذات ليلة يكسوها الرعب الشديد.. تبا؛ كيف تحولت صنعاء لهذا الفراغ الذي يوشي المناطق المحيطة للساحة فقط..

للمرة الأولى التي يفارقني بها ظلي اللعين بعد أن ظننت أنه الوحيد الذي يلازمني منذ أن بدأت أعي الأمور من حولي.. يا الله يُوشك إيماني بوجودك حولي أن ينتهي؛ وحتما أنت تعرف أنني الآن أمشي وحيدا ولا أحد يشاركني حتى استنشاق الهواء..

أقدامي تُصدر صوتا مقلقا، وقلبي أصبَحت دقاته كأنها تطعنني من الخلف؛ لا شعوريا أزيد من سرعتي حتى لا يصيبني شيء – طعنة مثلا أو رصاصة غير طائشة – اللعنة لا أرى شيئا أمامي؛ سوى أنياب الموت الذي يسخر مني وكأنه يأمرني بالرجوع إلى الخلف أو الوقوف بمكاني حتى يلج الصباح، أشعر برغبة شديدة في الصراخ؛ لكني أخشى أن يعرف القناصة مكاني فتنتهي حياتي التي لم أحقق بها أياً من أحلامي الإنسانية "مازلتُ طالبا في الجامعة.. مازلتُ لم أمارس حظي مع النساء والتجارة.. مازالت هناك ثقافات في العالم أعرفها في الكتب وأتمنى زيارتها.. ببساطة مازلت لم أرتقي لمرحلة الإنسان المحترم التي تناديني منذ زمن"..

التفكير في الأشياء الجميلة يزيد من نسبة إفراز هرمون الأدرينالين الذي يكاد يفقدني صوابي والتحكم بجسدي الذي يتصبب منه كميات هائلة من العَرَق.. الوقت يمر بطيئا للغاية، والمسافة هي الأخرى لا تريد أن تنتهي.. ويح هذا النظام وحاكمه اللاإنسان الذي قاد البلاد لهذه المرحلة من الرعب.. ويحهم؛ فالشوارع لم تعد تضج بأصوات السيارات وقهقهات المارة.. حتى الكلاب الضالة والقطط المشردة نزحت باتجاه اللامعروف، تباً لهم فمخططاتهم القبيحة لزج البلاد لأتون حرب أهلية تمضي باتجاه ما يريدون، ونزع الأمان من المواطن اليمني بدأ في مرحلة التنفيذ؛ ليتحجج الحاكم بأنه من يزرع الأمان؛ مع أن مخططاته اللاإنسانية تطبخ في عقر داره!.

يدرك الحاكم جيدا أن الإنسان بطبيعته يبحث عن احتياجات بيولوجية متمثلة في السكن والغذاء - والماء والكهرباء أيضا - ومن ثم يبحث عن احتياج الأمان فالحب فالعاطفة ليصل إلى رفاهيته البسيطة.. ومن أجل ذلك يعمل الحاكم على إقلاق الناس في جميع احتياجاتهم ليشعروا باللاوعي لديهم أنه – أي الحاكم – القادر فقط على جعلهم يتمتعون بالحياة – حاش لله – ومن هنا كانت الفكرة لديهم لنشر الرعب وقطع احتياجاتهم، وكانت النتيجة صراخ الناس "أنتم تشتو ثورة" وكأن الظلم والقهر واللاحرية واللاكرامة واللاوطن كان من نصيبنا فقط!.

حتى رغم هذا التفكير الطويل مازلت لم أصل إلى داري، ومازالت الأجواء من حولي تشعرني بأني في مثلث برمودا ولكن الاختلاف الوحيد أنني على اليابسة وبين الفينة والأخرى أجد نقطة تفتيش لعساكر النظام ويسألوني بهمس "إلى أين" فأجيبهم بأني أعيش بالداخل فينهالون عليّ بالتفتيش وينصحوني أخيراً بعدم إصدار أي صوت وإطفاء هاتفي الخلوي وخلع قبعتي وأي شيء يُصدر أو يعكس ضوءاً، وأن أمشي سريعا وعلى الرصيف أيضا!. وعلى الرغم بأني أدرك أن هذه النصائح هي لإخافتي لا أكثر لكني لا أخفيكم بأن توتري تكاثر كالبكتيريا..

دقائق أو ساعات – لا أدري بالضبط – حتى سمعت أصوات أغان وضجيج مدوٍ للغاية.. ابتسمت أخيرا وانتبهت لساعتي التي تشير إلى التاسعة، وبدأتُ أشعر أني لست وحدي وبأني اقتربت كثيرا من منزلي.. تسارعت خطواتي وبدأتُ أركض باتجاه بيتي.. استوقفني عساكر مجدداً ولكن لا يهم، فتشوني سريعا أو طويلا لا أتذكر بالضبط.. كل ما أتذكره بأن أنفاسي كانت محبوسة وآن لها أن تطلق، حينها وجدتني أجمع قواي وأخبرني أني في أمان فقد وصلت إلى داري..

أخيرا أنا الآن بين أحضان ساحة التغيير؛ المكان الوحيد في صنعاء برمتها المليء بالأمان.. ضحكتُ كثيراً وصرختُ عاليا "الشعب يريد إسقاط النظام" شعرت بالإحراج لكوني أصرخ وحيدا؛ فأطرقت وجهي نحو الأسفل لأفاجئ بأن ظلي اللعين عاد يلاحقني؛ فهو الآخر شَعر بالأمان في هذا المكان..