إعدام صدام .. أي تغيير ؟!
بقلم/ فاطمة مطهر
نشر منذ: 17 سنة و 10 أشهر و 19 يوماً
الإثنين 08 يناير-كانون الثاني 2007 03:44 م

مأرب برس - خاص

قلة – وأتمنى أن يكونوا كذلك- من أفرحهم مشهد اعدام الرئيس العراقي صدام حسين، أقول قلة بناء على متابعة – ليست حصرية- لردود أفعال الدول المعنية و المؤثرة ومنها الولايات المتحدة الذي قال رئيسها إن "الاعدام كان يمكن ان يكون أكثر وقارا!" وبناء على تقارير من الشارع في عديد دول عربية. وأتمنى ذلك لأن مشهد القتل بعامة هو مشهد لا تتقبله النفس البشرية، وسعيدة ان الاغلبية لم يستعذبوا القتل رغم الاخبار التي لا تخلو منه يوما وأصبح دجاجة السينما التي تبيض ذهبا ، وأيضا لصانعي العاب الدم التي اصبحت هوسا وادمانا للاطفال والمراهقين .

ومع ذلك اعترف اني –وعلى غير طبعي - حرصت على مشاهدة اعدام صدام وتابعته بعيون مفتوحة، ربما لانه رئيس والرؤساء عادة يموتون أو يغتالون – بخاصة في العالم الثالث- اما الاعدام فهو غير مسجل ضمن الافكار المسبقة حول نهاية الرؤساء، أو لاني كنت أشك ان ينفذ حكم الاعدام فيه وتوقعات التخلص منه بنفس طريقة مجرم الحرب ميلوسوفيتش، و ربما السرعة فخبر تنفيذ الاعدام تسارع في ساعات قليلة مساء اليوم السابق له؟ وفي مشهد الاعدام بدا صدام كعادته من الهدوء حد الجمود – ورغم طبعه ذاك إلا اني تصورته اعطي شيئا ليكون كما كان في موقف كالذي كانه – انيقا وفخما في ملابسه، كانت الحركة هادئة لا جر و لا مقاومة أو تردد أو ثقل في خطواته ما سهل عليّ استمرارية المتابعة واعطى المشهد اثارة اكثر، كان هناك حوار هادئ بينه وبين منفذي الاعدام على وضع الغطاء على وجهه والانتهاء بوضعه على عنقه، وحتى هنا كل شئ على مايرام - إن جاز التعبير- إلى ان بدأ احدهم الشتم ورد عليه صدام – الذي كان مايزال منتبها ولم يشوشه الموقف حتى ذلك الوقت – ازدادت البلبلة تعالت اصوات وانطلقت كلمات "شريرة" تبعث على التوتر وتبث في الروح الكآبة وتقطع الانفاس كانت اشد سوءا من مشهد الاعدام نفسه، جعلت صدام يتوتر ويرفع صوته بالشهادة والثانية لم يكملها، واستمر الاحتفال الغابي.

هذه الدقائق القليلة جدا كشفت ان "المكياج" الذي نفذ خبراء وفنيون امريكان لم يكن متقنا ولم ينجح، المكياج الذي حرصوا من خلاله اظهار المالكي كبديل بملامح مختلفة كليا عن سابقه "صدام"، وكانت "الافيشات" الدعائية تظهر ذلك، ولكن ما ان صعد "الدوبلير" إلى ساحة العرض – وكان الاعدام محكا لها- حتى سقطت كل شئ وظهر بملامح يمكن منها قراءة إن القادم ليس بأفضل. كان الدور الذي اراد الامريكان للمالكي القيام به مغاير لما يحمله من افكار ومعتقدات وموروث ورؤى، ولم يتأثر أو تؤثر فيه ما تلقاه من دروس امريكية –إن كان تلقاها وان كان معلموه يعرفوها أساسا- عن المدنية والقانون والعدالة والأخلاق. 


ونفذ الاعدام "بطريقة الثأر القبلي" كما وصفه توماس فريدمان، صارخا في وجوهنا جميعا ان الولايات المتحدة لم تنجح في بذر الديمقراطية في المنطقة وان القادمين من حضنها لا يزالون يحملون موروثهم القبلي العتيق محافظون على رائحة الموت في صدورهم، وليس لديهم أي جديد يفاجئوا به المنطقة التي ترقب فيها كثيرون التجربة الامريكية في العراق على أمل إن تطبق مستقبلا وقريبا في دول أخرى، و لا اعرف هل من احتفى بامريكا اثناء دخول بغداد من غير العراقيين هل لا يزال بانتظار التغيير على دبابة امريكية؟ المسألة هنا ليست اعدام شخص ديكتاتور، طاغية أو بطل، بل هي مسألة التغيير التي يدفع العراقيون ثمنها منذ سقوط بغداد في التاسع من ابريل 2003 ، وكونوا من اجلها نهرا ثلاثا من دماء صغيرها قبل كبيرها، هل ما رأيناه أثناء الاعدام يمكن وصفه بالتغيير؟ وهل –قبله- أبو غريب تغيير؟ هل حل الجيش وتشريد الالاف ومطاردتهم تغيير؟ هل الاعدامات تغيير؟ هل الطريقة التي جرت بها المحاكمة "الكلفتة" تغيير؟ ما جديد المالكي ؟ الذي هرب من الظلم ليعود ظالما على ظهر دبابة أمريكية، ما الذي يميزه عن صدام الذي قتلهم بيده وهو الذي قتله بأيدي أمريكية؟!

ام ان مفهوم التغيير له معنى اخر لدى الامريكان ومن حملتهم دباباتهم بحيث يعني تغيير الادوار ويصبح الضحية جلادا والعكس.

ألم يكن من الافضل للجميع عدم الالتفات للوراء؟ والجري الى الامام الذي فاتهم؟ ويترك للقضاء أمر صدام بنزاهة وعدالة وبقضايا مجرمة فعلا ، لا قضايا فيها نظر.. وليعدم أو لا يعدم فلينظر إليه ككل من عبر العراق غازيا ، ذابحا ، أو قاتلا وانتصرت العراق عليه. إلى متى سنظل رهائن لماضينا السئ، وندفع فاتورة حساب لا ينتهي وبفوائد تقصم الظهر.

fmutahar@hotmail.com

عودة إلى كتابات
الأكثر قراءة منذ أسبوع
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
علي محمود يامن
الدكتور / المقالح … خلود في ذاكرة الاجيال
علي محمود يامن
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
د. محمد جميح
محكمة في قفص الاتهام
د. محمد جميح
كتابات
علي الجراديأنجس من ذيل الكلب
علي الجرادي
عار جديد في غزة
نضال حمد
مشاهدة المزيد