الى الاخ الرئيس
بقلم/ نبيل الفقيه
نشر منذ: 13 سنة و 9 أشهر
الخميس 24 فبراير-شباط 2011 09:20 م

 قليلٌ جداً هم الزعماء والقادة الذين يخلدهم التاريخ وتُدَرًّسُ سيرهم وانجازاتهم للأجيال المقبلة، والأخ الرئيس علي عبدالله صالح قد دخل التاريخ من أوسع أبوابه منضمين إلى مجموعة العظماء من قادة العالم الذين أثروا في حياة أممهم وشعوبهم تأثيراً خلدهم للأجيال عبر التاريخ. واليوم ونحن نستشعر الخطر القادم، نستشعر أهمية احتفاظ الجيل اليمني الصاعد بصورة ناصعة البياض لصانع التاريخ اليمني الحديث، كزعيم للأمة تَرَبَّعَ على عرش القلوب أكثر من ربع قرن بقيادة حكيمة وشجاعة وإرادة وطنية حازمة .

إن ما يجتاح الساحة العربية هذه الأيام من أحداث وتوترات وتداعيات وما يصاحب ذلك من زعزعة للاستقرار سوف لن يستثنى اليمن ....اليمن الذي قَبِلَ بالديمقراطية فأصبح بين ليلة وضحاها يدفع الثمن، اليمن لن تكون بمعزل عن كل تلك التداعيات والاحتجاجات التى تحدث في مصر ومن قبلها في تونس . اليمن الذي نخشى أن يُضرب نسيجه الاجتماعي فيحدث شرخ في علاقة أبنائه فيتحول الجميع الى فرقاء متناثرين ومتخاصمين يسعون إلى هدم المعبد على رؤوسهم ورؤوس إخوانهم وأبنائهم، فيُدَمَّر الوطن ويُخَرَّب الاقتصاد وتُهْدَر الطاقات وتتوتر العلاقات بين الأخ وأخيه إلى درجة لا يمكن معها لمُّ الشمل.

من هنا فإن الجميع ينتظر دائما قراراتك الحكيمة لإنقاذ اليمن، اذ لازلتم يافخامة الرئيس متربعاً على قلوب الكثير من أبناء الشعب اليمني حتى عند أولئك الذين أنت معهم في تضاد، لعلمهم أن البدائل محدودة وإن وجدت فإنها ليست بحكمتك ولا بشجاعتك التي يشهد لها الجميع.

نعم إن في توجهات الأخ الرئيس الحكمة والصبر، إلا إن ذلك لن يجدي نفعاً فالشعب لم يَعُدْ لديه من الصبر ما يجعله ينتظر نتائج الخطط والبرامج، ولم يعد لديه القدرة على التفكير في صوابية النتائج ونجاعتها، بل أن الجميع أصبح يسابق الزمن في انتظار التغيير الإيجابي بما يعيد للوطن والمواطن الهدوء والاستقرار.

من هذا المنطلق فإنى أضع بين يديكم يا فخامة الأخ الرئيس جملة من النقاط ذات البعد الإصلاحي التي أجد أن وقعها على الشعب عظيم خاصة بعد المبادرة التاريخية التى اطلقتموها، والتى كان لها صداها وفعلها على اليمن بشكل عام، وتتلخص هذه النقاط في الآتي:

اولاً :صلاح النظام الانتخابي بما يتوافق وأوضاع اليمن السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وذلك باعتماد النظام المختلط الذي يجمع بين النظامين الفردي والقائمة النسبية، و يحدد لكل منهما خمسون في المائة من المقاعد، وحتى لا يُسْتَبْعد أي من التيارات السياسية الفاعلة ولا يُمَكَّن أي منها من احتكار للسلطة.

ثانياً:الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة مع نهاية هذا العام تتزامن والانتخابات البرلمانية وبرعاية كريمة منكم خاصة وأنكم قد أعلنتم عدم ترشحكم للانتخابة القادمة .

ثالثاً: اعتماد الحكم وفق النظام البرلماني كنظام يقوم على مجلس منتخب يستمد سلطته من سلطة الشعب، ويقوم على مبدأ الفصل بين السلطات على أساس التوازن والتعاون في إطار السلطة التنفيذية، وفصل مؤسسة رئاسة الدولة التى ترمز إلى سيادة الدولة والوطن عن الحكومة، بحيث تصبح رئاسة الجمهورية لكل اليمنيين وليس لحزب، إذ أن بعض التوازن الذي خُلق كان نتاج حكمة الأخ الرئيس، والخوف كل الخوف أن لا يستطيع من يتولى الحكم من بعد الأخ الرئيس علي عبدالله صالح التمتع بنفس البصيرة ، فتختل البوصلة ولا يستطيع معها خلق التوازن المطلوب .

 

رابعاً: لذات السبب السابق فإن إعادة الهيكلة لمكتب رئاسة الجمهورية والأمانة العامة لرئاسة الجمهورية، بما يضمن قيامهما بالدور المطلوب في إطار الوضع الجديد المفترض أن يناط بمؤسسة رئاسة الجمهورية.

 

خامساً: إعادة هيكلة جهاز الأمن السياسي وجهاز الأمن القومي، بما يضمن إزالة التشوهات في الجهاز الأمني ولضمان عدم إضعاف جهاز على حساب جهاز آخر ، وبحيث يختص جهاز الأمن السياسي بالقضايا الداخلية فقط، وجهاز الأمن القومي بقضايا الأمن القومي بالمفهوم الحرفي، إذ يلاحظ أن هناك مماحكات مضرة بالوطن جراء ضبابية العمل المناطة بالجهازين ، مماحكات تظهر في الاطر الدنيا ولا تظهر في الأطر العليا ، وتكون انعكاساتها كارثية على الوطن.

سادساً: إعادة هيكلة وزارة المالية وتحديث القانون المالي واللوائح المرتبطة بالقانون المالي ، لضمان توظيف الموارد المالية الشحيحة التوظيف البَنَّاء ، وفصل التبعية الإدارية لمدراء المالية والحسابات عن وزارة المالية ، بما يحقق الرقابة على التصرفات المالية من قبل وزارة المالية ، عوضاً عن الدخول في متاهة التصرفات اللا مسؤولة التي يقوم بها رؤوساء المؤسسات، إذ أن المال مازال هو الجاذب لكل بؤر الفساد في الدوله .

سابعاً: إعادة هيكلة وزارة الخدمة المدنية وتحديث قانون الخدمة المدنية وإعادة النظر في استراتيجية الأجور والمرتبات ، بعد التقييم السليم والمنصف لكل مراحل الاستراتيجية ، والاعتراف بفشل الاستراتيجية ، اذ أن أحد أسس الاصلاحات التي تمس المواطن تنبع من الخدمة المدنية .

ثامناً: إنجاز مسح القوى العاملة وتطبيق نظام البصمة والصورة على كل أفراد القوات المسلحة والأمن وفق جدول زمني محدد يصدر بتحديده قرار جمهوري.

تاسعاً: إصدار قرار أو تشريع يتم معه تطبيق قانون التقاعد على كل العاملين في الدولة بما فيهم المعينين بقرارات جمهورية.

عاشراً: سرعة تحرير الإعلام، وإقرار قانون الإعلام المرئي والمسموع، وفصل الإعلام الحزبي عن الإعلام الرسمي .

إحدى عشر: إعادة تنظيم الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وإعادة الهيكلة للجهاز بحيث يتبع الجهاز هئية مكافحة الفساد أو البرلمان، وتفعيل قانون المحاسبة ، والرفع من قدرات العاملين في الجهاز بشكل يمكنهم من فتح مداركهم نحو الرقابة بمهنية وحرفية بعيداً عن السطحية في ممارستهم لمهامهم.

إثني عشر: الشروع في حملة جادة لتطهير المناصب العامة العليا في القطاعين المدني والعسكري ممن ثبت عدم كفاءتهم أو تورطهم في قضايا فساد مهما كان نوعها أوحجمها ، والتخلي عن كل مسؤول ثبت تورطه في أعمال تمس أمن وسلامة الوطن والمواطن وتقديمهم للعدالة.

ثلاثة عشر: الشروع في إعادة هيكلة وزارة الإدارة المحلية، خاصة في ظل التوجه نحو الحكم المحلي واسع الصلاحيات ، وتحويل هذه الوزارة إلى وزارة للتنمية المحلية.

أربعة عشر: وضع جدول زمني معلن، مع جهاز القضاء لإنجاز القضايا المعلقة لدى المحاكم وسرعة البت في قضايا الإرهاب / الثأر/ الأراضى/ الإعتداء على المال العام .

 

خمسة عشر : إصلاح منظومة الضمان الإجتماعي واعتماد المسح الواقعي لكل الشرائح المستهدفة ، وبما يحقق العدالة لجميع الفئات ، ودعم صندوق الرعاية الإجتماعية وزيادة موارده بتعديل جوهري للقانون بما يساعد على زيادة الإيرادات الخاصة بالصندوق.

ستة عشر: فتح المجال المعلن أمام الكفاءات والقيادات القادرة على الإبداع والعطاء والتميز كأسلوب أمثل وطريق أفضل لإشغال الوظائف ، والاعتماد على سياسات تضمن الكفاءة والعدالة والشفافية في اشغال الوظائف العليا ، الأمر الذي من شأنه إعادة الاعتبار للوظيفة العامة وللمناصب العليا، باعتبار التعيين في أي منصب تكليفٌ لا تشريف ، مما سيعزز من ثقة المواطنين بالدولة ومؤسساتها .

سبعة عشر : التوجه نحو جذب الاستثمارات من خلال تدخل الدولة بشكل جدي في استثمارات مشتركة تدفع بالقطاع الخاص للإسهام في التنمية ، والدفع بالاستثمارات الإستراتيجية من خلال شراكة واضحة للدولة وبقروض دولية تضمن تحقيق قفزة نوعية في الاستثمارات التنموية ، وبما يحقق الهدف من هذه المشاريع الاستثمارية، وفي مقدمة ذلك خلق فرص عمل للشباب والرفع من مستوى معيشة المواطن .

ثمانية عشر: سرعة التوجيه باعادة النظر في قانون المناقصات والمزايدات بما يضمن خفض الفترات الزمنية (للإعلان/لفتح المناقصة/لتحليل المناقصة/للبت/للتوقيع) للاستفادة من كل الأموال التي يتم تخصيصها للمشاريع من المانحين، مع أهمية اعتماد ميزانية لوضع الاستشارات للمشاريع .

تسعة عشر : الإعلان الرسمي عن القائمة السوداء للمقاولين والموردين ونشر الأسماء في الجريدة الرسمية.

عشرون : التقييم الدوري الموضوعي لكل المسؤولين ولجميع مرافق الدولة ووضع آلية تلزم جميع مؤسسات الدولة من اتباع أسس الرصد الواقعي للأداء المؤسسي ، وبما يساعد على اعتماد مستوى مقبول من النزاهة والشفافية ، والكشف عن الاختلالات إن وجدت في الوقت المناسب.

الكل يعلم أخي الرئيس ...إن انحيازكم الى أبناء الشعب هو ما يجعل الأمل فيكم كبير، وأن تبني سلسلة الاصلاحات ورعايتكم لها في هذا التوقيت الحساس سوف يرفع من قدركم وشأنكم بين أبناء اليمن خاصة، وفي العالم العربي عامة، فتخالف كل التوقعات وتدحض كل النظريات وتؤكد للعالم انك يمني أصيل بحكمة وإيمان، تختلف عن كل قادة العالم. فالشعب اليمني لا يطمع إلاّ في حياة كريمة، والضرب بيد من حديد على يد كل مجرم يترقب فرص ممارسة القتل والدمار وخراب اليمن .

إن تحقيق تلك التطلعات التى ذكرناها لن تكون إلا بإجراءات واضحة و إصلاحات سريعة، بعيداً عن تشكيل اللجان، وبعيداً عن تقديم الدراسات، فالشعب اليمني يعتمد عليك في تفويت الفرصة على المتربصين، وكله ثقة في أن رصيدكم في حب اليمن كفيلً بتحقيق الغايات .

والله ولى التوفيق،،،،