بن دغر من الفيدرالية الى جوقة
بقلم/ كاتب/لطفي شطاره
نشر منذ: 18 سنة و شهرين و 15 يوماً
الثلاثاء 12 سبتمبر-أيلول 2006 10:42 م

" مأرب برس - خاص "

عندما تكتب في قضايا أنت ملم بها بحكم انتمائك فأنت انفصالي ومناطقي ، ولكن اذا كتبت عكس ما هو قائم اليوم في كثير من محافظات اليمن بشكل عام والجنوب بشكل خاص وبحكم انتمائي ، وقدمت صورة بعيدة عن الواقع ، فأنت لست وحدويا فحسب بل ورجل وطني من الطراز الأول حسب مواصفات حزب الفساد الحاكم .. هذا هو مفهوم الوطنية عند كثير من مثقفي السلطة او بعض المصابين الصرع اسمه الجنوب ، وهو ما أختصره لي زميل في المهنة عندما أتصل بي أمس حال نشر خبر استقالة احمد بن دغر عضو الكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني ورئيس دائرة الإعلام بالحزب ، وانضمامه الى المؤتمر الشعبي العام .. تهكم صديقي في مكالمته وقال " ستموت وأنت تكتب عن قضية الجنوب، خلاص يا حبيبي الاشتراكي أصبح مؤتمر وأنت خليك مكانك ولن يعيرك أحد أي اهتمام، والجنوب انتهى " .. صدمت على طرح كهذا فيه من الوقاحة والاستعلاء الذي يؤكد أن هناك فعلا قضية جديرة بالاهتمام وإلا لما بدأ حديثه بهذه الطريقة التهكمية .. وضحكت على سذاجة زميلي الصحافي الذي يربط دائما وبإصرار بين قضية الجنوب كهوية دولة توحدت سلميا مع دولة الشمال ، وبين الحزب الاشتراكي اليمني كتنظيم حكم الجنوب وليس كفيلا عليه ، كما أن الجنوب هو الشريك في الوحدة مع الشمال وليس الحزب الاشتراكي كما يتوهم الكثيرين .. ورغم أنه يعلم وكثيرين أيضا أنني لم أكن في حياتي يوما من الأيام عضوا في أي حزب لا في الجنوب علني ولا في الشمال سري ولا حتى في ظل دولة الوحدة التي فرخت واستنسخت الأحزاب على كل شكل ولون لتتماشى مع ديمقراطية الرئيس وخبرته .. الصحافة بالنسبة لي رسالة وأمانة لا غير.. لا ولم ولن أتاجر فيها ولا أساوم بمواقفي التي أعبر عنها في كتاباتي.. أصبحت مقالاتي ترفض في كثير من الصحف والمواقع الاليكترونية اليمنية ، لا لشيء وإنما لأرائي في القضايا التي أتناولها وبالحقائق والدلائل التي اضمنها مقالاتي .. منهم من يتحمس فجأة بنشرها لإيمانه بحرية الكلمة وحق الشعب في الحصول على المعلومات ، ويتراجع فجأة تحت ضغط النظام الديمقراطي في اليمن ، الذي يريد كل الأقلام أن تسبح بحمده وتبجل رمز الأمة وقائد المسيرة وملهم الشعب الرئيس الفلتة علي عبد الله صالح " الذي أجبر وزراؤه على ترديد عبارة " حفظه الله" بعد ذكرهم لاسمه بمناسبة وبدون مناسبة .

قضية بن دغر التي يحاول إعلام المؤتمر الشعبي العام إعطاءها بعدا سياسيا وتوظيفها لصالحه في محاولة لشق أحزاب الائتلاف المشترك أولا ، ولترسيخ اعتقاد السلطة بأنه لا توجد قضية جنوبية وليس لتلك الأصوات التي تتحدث عنها أيه شرعية ، وأن من يتحدث عن الجنوب سيتم احتوائه بالترهيب او الترغيب .. وحتى قبل أن يتم التأكد من صحة الخبر ، فقد سرب الحزب الحاكم هذا الخبر في مواقعه والمواقع الصديقة ، وسيلوك إعلام المؤتمر خطوة بن دغر حتى يوم الانتخابات للمناكفة السياسية ليس إلا .. غير أن هذا التراجع من قيادي اشتراكي طرح الفيدرالية قبل حرب 94 ، وضم ضمن قائمة الـ 16 المطلوبين للإعدام بعد الحرب ، ثم أعاد طرحها قبل شهرين تقريبا وفجأة يعلن استقالته من حزبه ويعلن انضمامه الى المؤتمر ( على ذمة المؤتمر نت ) وستثبت للرأي العام المحلي والعربي والعالمي " إن صحت خطوة بن دغر هذه " أن هناك بالفعل قضية جنوبية لا تريد السلطة لا الاعتراف بها ولا بحلها بهدوء ، وستؤكد صحة ما نطرحه ، بأن هذه القضية تتفاقم يوميا بفعل تجاهل السلطة لها وربطها دائما بالحزب الاشتراكي اليمني الذي حكم الجنوب سابقا ، او ببعض الرموز الجنوبية التي لا تمتلك الشجاعة الكافية لمجاهرة النظام بأن هناك قضية في الجنوب لا علاقة لها بالفساد الذي تمارسه السلطة ، التي تعي جيدا خطورة ذلك لا على مستقبل الوحدة ، بل على بقاء نظام يدغدغ عواطف الناس بالوحدة ويمارس سياسة " الاستحلال " في كل محافظات الجنوب ، وللأسف الشديد نجحت ممارسات النظام في تهييج الشارع ضد كل من يتحدث عن الجنوب بأنه انفصالي ، وكل جنوبي يجاري السلطة في تفكيرها لمنافع ومقاصد شخصية وآنية فهو وحدوي ، ضمن سياسة سائدة من زعيم المؤتمر وقائمة على " فرق تسد " ، وتناست أنها تمارس كل همجية التشطير كنظام لا يسعى إلى تثبيت وحدة للمستقبل يجني جميع اليمنيين خيراتها ، بل الى نهب كل ما تستطيع نهبه سلطة النظام الشطري ولأطول فترة ممكنة .. ولهذا هللت المواقع الإخبارية التابعة للمؤتمر او التي تتلقى معلوماتها من نفس المصدر المجهول والمخفي والقابع في دائرة التوجيه السياسي والمعنوي كما نعلم جميعا نحن معشر الصحافيين ، بخبر استقالة بن ذغر عن الاشتراكي ، وتجاهلت تصريحات عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام محمد سالم عكوش وزير الثروة السمكية الأسبق في الجنوب ، الذي قال في حديث لـ"الصحوة نت": بصراحة المؤشرات الدامغة بكل أسف تشير إلى عدم تحسن الأوضاع في حال فوز الحزب الحاكم , مشيراً إلى أن الرئيس علي عبد الله صالح ومن ورائه المؤتمر الشعبي العام لم يستطع خلال ما يقارب 30 عاماً من إحداث تغيير يشار إليه في البنية الاقتصادية والتنموية لجماهير الشعب اليمني التواقة إلى أبسط قواعد الحياة المعيشية في عصرنا الراهن ، مضيفاً " فكيف به أن يحقق الرفاهية والمستقبل الواعد على مدى خمس أو سبع سنوات قادمة في ظل الأوضاع اليمنية الحرجة وفساد الدولة المقنن وبالقبيلة والشللية التي تعيث فساداً في المجتمع اليمني.

مضيفاً "مراكز النفوذ الخفية والمعلنة غير قادرة على مواجهة مكامن الضعف والإخفاق حيث أن العقلية الرسوبية للقيادات المؤتمرية لا يتعدى تفكيرها حواجز التبعية والإذلال، متهماً إياها بإفراغ تجربة المجالس المحلية من محتواها ومضمونها الأساسي ". سننتظر لصحف المؤتمر التي ستعتبر تصريحات عكوش احد قيادات محافظات المهرة بأنها خارجة من إنسان ستعتبره مجنونا او قد جمد من عضويته او فاسدا يجري ملاحقته من قبل الدائرة التنظيمية لحزب غير منظم ، كما فعلت من قبل مع النائب صخر الوجيه الذي رمى بعضويته من المؤتمر لقيادته الفاسدة .

  عكوش عرف طبيعة وعقلية الحزب الحاكم مثله مثل الوجيه ، وكلامه سيصدقه القاصي والداني لان بصمات حكم المؤتمر يعرفها الشعب اليمني ، ولكن من سيصدق بن دغر حتى وأن القى كلمة في يوم الانتخابات لصالح الرئيس ومرشح المؤتمر ، لأنه بذلك سيكون مثل الرئيس وحزبه المصابين بالانفصام ، فكيف لرجل عاش في الخارج بصفة أنه معارض للنظام الذي أشعل حربا في عام 1994 من اجل تكريس الهيمنة لا من اجل تثبيت الوحدة ، ثم يعود إلى صفوف حزبه الاشتراكي قياديا ، لا وبل يعارض صمت حزبه وطريقة معالجته للآثار التي خلفتها حرب 94 ، والغريب أنه عرض علنا قبل بضعة أشهر مشروعا للفيدرالية بين الشمال والجنوب كحل منطقي للقضية الجنوبية للحفاظ على الوحدة ، فهل هناك عاقل سيصدق المبررات التي قد يطرحها بن ذغر لالتحاقه بالمؤتمر وانشقاقه عن الاشتراكي .. بن دغر سيؤكد وبالدليل القاطع أن المؤتمر الشعبي هو مثل المصحة التي تعج بالمرضى المصابين بمرض " التشيزوفرينيا " اي انفصام الشخصية ، ولا يدخلها إلا من يثبت أن حالتهم ميؤوس منها .. الأسئلة الذي يجب أن يجيب عليها بن دغر وبصراحة عالية وبشفافية مطلقة ، ما هو الثمن الذي قبضته من أجل أن تخطي هذه الخطوة وتتحول 360 درجة إلى أحضان المؤتمر الذي قرر إعدامك لموقفك في حرب 94 ؟ .. كيف تحولت الى رجل يؤمن بأن الوضع القائم وحدة وليست استحلال للجنوب من قبل الحزب الحاكم وأنت من طالب بالفيدرالية قبل بضعة أشهر مضت ؟ .. هل تؤمن بأن هناك قضية جنوبية بالفعل ام لا ؟ إذا كان ردك بنعم لا توجد قضية جنوبية فلماذا اقترحت علنا الفيدرالية ؟ وإذا كان ردك بنعم انه توجد قضية جنوبية جديرة بالحل فلماذا لم أنظميت إلى المؤتمر وهو الحزب الذي دمر الجنوب وأفسد الشمال ، ولا يريد من الجنوب إلا الثروة إما البشر فلا قيمة لهم ولا من ضمن أولويات سياساته ؟ .

بن ذغر وأمثاله من أبناء الجنوب الذين اعتقدوا أو يعتقدوا أن قضية الجنوب مربوطة بأسمائهم كقيادات في الحزب الاشتراكي اليمني الذين يرونه ( كفيلا ) عن الجنوبيين ، أقول وأكرر أن الجنوب هو من توحد مع الشمال ، وليس الاشتراكي مع المؤتمر ، الجنوب كشعب وليس كقيادات تتقلب أمزجتها السياسية لتحقيق مصالحها الشخصية بحجم الإغراءات التي يقدمها الطرف الأخر الذي يحاول إخفاء القضية عن الرأي العالم العالمي وهو الذي يلاحقه بقرارين دوليين خاصة بالجنوب ، لبن دغر وغيره من الذين يعتقدون أنهم كفيلين عن أبناء الجنوب ، او أن القضية ستنتهي بارتمائهم في أحضان الحزب الذي شوه صورة الوحدة ، ودمر كل المعاني والقيم السياسية والأخلاقية للكثير من الشخصيات القيادية في اليمن ، بأنه ما ضاع حق ووراءه مطالب .

أتمنى من بن دغر إذا صح خبر استقالته وانضمامه الى المؤتمر أن يفهم بأنه سقط سقوطا مريعا في وحل حزب الفساد الذي يخرج منه الشرفاء والرجال أمثال " الوجيه وعكوش " ، الذين يرفضون المساهمة في الجريمة التي ينفذها " المؤتمر " ضد الشعب اليمني .. وعليه أن يبدأ من ألان أن يتدرب على استخدام عبارة " حفظه الله " كشرط أساسي لاستلام ثمن التحول في المواقف لصالح حزب سائق تاكسي الفساد ، وعربون لتدشين مسيرة جديدة لبن دغر لن تخرج عن بيع الوهم مقابل التراجع عن الفيدرالية التي رفعها لرفع ثمن الصمت عنها ، وعليه أن يعي وغيره من قيادات الحزب الاشتراكي اليمني جيدا ، أن الجنوب قضية ستبقى حتى تزال كل أسبابها ومسببيها ، وأن الاشتراكي ليس كفيلا عن الجنوب تبيع كثير من قياداته مواقفها سواء في صمتها بالخارج على ما يجري في الداخل ، او تلك التي عادت وتناور بمواقفها بين ( بائع و مبايع ) بقضية شعب تحول من شريك الى أجير ، دون أن يعلموا أنهم لم يعودوا لا أوصياء ولا وكلاء .. بل شركاء لكل ما يجري في الجنوب اليوم على يد حزب الفساد الحاكم ، وأتمنى على بن دغر وقبله أحمد ألمجيدي وطابور العائدين الى أحضان الفساد في صنعاء أن يتذكروا ما قاله فنان حضرموت الكبير أبو بكر سالم بلفقيه في أغنيته " ما يحتاج ياعيسى " التي لخصت معاناتنا معهم بالتالي :

 ما يحتاج يا عيسى تذكرنا بهم يا خوي بين الحين والحين.. وتطري عهدهم وعهودهم دابت في الطين

عرفت حجمهم وعرفت الفرق بين السين والشين ..  انا جريتهم وعاصرتهم سنين وسنين  

عديم الود يظهر ما يخفيه الزمن مهما تحداه .. ولو قدر وعبر عيونه تفضحه تكشف نواياه    

 

لا يسعني إلا أن أقول لبن دغر بعد أن تنازلت عن مشروع الفيدرالية ، لقد ,استخدمك رئيس المؤتمر كجنوبي أولا وحضرمي أيضا لتضرب مرشح الرئاسة الأستاذ فيصل بن شملان لأنه جنوبي وحضرمي أيضا .. فمرحبا بك في حزب " فرق تسد " بقيادة سائق تاكسي الفساد وجوقة " حفظه الله " .