شياكة الرئيس التونسي وكلمة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه والمتاجرة بالحوار
بقلم/ سمير عبيد
نشر منذ: 17 سنة و 6 أشهر و 17 يوماً
السبت 12 مايو 2007 08:44 م

مأرب برس ـ بروكسل ـ خاص

قبل الولوج بالمقال لابد من طرح الأسئلة القصيرة التالية، والتي هي على لسان شرفاء المسلمين جميعا :

أين الجموع الإسلامية التي تجيد الهتاف والردح في الشوارع ، وأين هم وعاظ السلاطين، وأين هم المتاجرين بحرية الكلمة وحقوق الإنسان ، وأين هم المتاجرين بحرية الأديان وحوارها من الإجراءات التونسية الأخيرة، والتي كانت قاسية ومؤلمة ومجحفة بحق الإنسان التونسي من ناحية الكرامة والحرية الفكرية والدينية،عندما تم منع المحجبات من الدخول الى معرض الكتاب الأخير في تونس.... فهل نسى الرئيس التونسي أنه يقود بلدا إسلاميا ،وهل نسى أن معظم أمهات التونسيين من المحجبات، فالحجاب في تونس ليس موضة بل هو هوية وموروث، وأن جميع دول وشعوب العالم تعرف يا سيادة الرئيس التونسي أن الشعب التونسي مسلما، ويصوم ويصلي ،ويحج الى بيت
الله الحرام ،ويدفع الزكاة، ويتألم لألام المسلمين والعرب، فما سر هذه المتاجرة الفاقعة إذن.... ومَن يتحرّش بمن؟

ولكن العتب على رجال الدين في العالم العربي والإسلامي، والذين معظمهم يكيلون بمكيالين في التعاطي نحو أمور المسلمين والإسلام، أي أنهم يتاجرون بالمواقف والإسلام، فهم يسيّرون المظاهرات الرادحة والصادحة في شوارع أوربا والدول الإسلامية والعربية لو قام مسؤولا أوربيا بإجراء بسيط ما ضد مسلم أو مسلمة، ودون أن ينظروا لقوانين ذلك البلد وعادات شعبه وبنود دستوره .... لذا فلو حصل ما حصل في تونس أخيرا، أي تم منع المحجبات من دخول معرض الكتاب في أي بلد أوربي لأنهن مسلمات متحجبات لصرخ هؤلاء في الإذاعات والفضائيات والميكروفونات وفي الشوارع ضد هذا البلد أو ذلك المسؤول، فأين أصواتهم ضد الإجراءات التونسية القمعية ضد المحجبات والمسلمين والمعارضة السلمية في تونس..... فهل لأن النظام التونسي يستقبل معظمهم في المطارات وبالسيارات السوداء الفارهة ليعودوا بالشنط المحملة بالدنانير التونسية، ولأنه مرضي عليه من عصابة المحافظون الجُدد وعلى الأقل في هذه الأيام؟

يعتبر الرئيس زين العابدين من أشيّك الرؤساء العرب ،ومن ينظر اليه ولا يعرفه سيقول ( هنيئا للشعب التونسي على هذا الرئيس الأنيق النظيف فمن المؤكد أن سياساته نظيفة وشفافه إتجاه شعبه وتشبه نظافة ثيابه وتصفيف خصيلات شعره) ولكن الحقيقة عكس هذا تماما ،ومن هنا كتبنا عنوان المقال ــ الرئيس التونسي وكلمة الإمام علي بن أبي طالب رض ــ والذي قال ( المرء مخبوء تحت طي لِسانه ــ بكسر اللام ــ وليس تحت طي لَسانه ــ بفتح اللام ) أي أن الإنسان ليس بملابسه وهندامه،بل بما ينطق به لسانه فهو المختبر لمعرفة شخصيته وثقافته ونيّته ومن خلال ذلك تُعرف أفعاله، ومثلما قال المثل العتيق ( المظهر خداّع) فلو جئنا وفتشنا السجون التونسية العلنية والسريّة فنراها مليئة بالمعتقلين والسجناء ، وأن معظمهم بلا تهم وبلا محاضر تحقيق وبلا محام يدافع عنهم.

 وهناك المئات من سجاء الرأي من صحفيين وكتّاب وحقوقيين وسياسيين وضباط وشعراء وأدباء وغيرهم، وأن عددا من هؤلاء ماتوا في السجون التونسية نتيجة التعذيب والضرب المبرح ، ومنهم من خرج نحو المصحات العقلية والعضوية نتيجة ما مورس ضدهم في السجون التونسية.

 أما السجناء العرب في السجون التونسية وخصوصا الجزائريين، فأن هؤلاء من المنسيين في السجون التونسية، ولا أحد يسأل عنهم أو يعلم بعددهم، ولا بمدة سجنهم وموقوفيتهم، فهم يُعتقلون لأنهم من الجزائر ،ولأنهم من جنسيات بعض الدول التي لا تروق للسلطات التونسية، وهي أوامر عليا من القصر التونسي طبعا .

 

أما ما نسمعه من كلام معسول من الرئيس التونسي ومجموعته فهو كلام ليس له أرضية يتفاعل فيها، وليس له واقع كي يطبق به في تونس، فالدولة التونسية تُحكم بالحديد والنار، ومن مجموعة ( قياصرة العسكر والمال والعائلات المتصاهرة فقط) فليس هناك مخرجا لهذه المعضلة، لأن عملية تفكيك هذه الخلطة تهدد رأس النظام، فلهذا ركب رأس النظام في نفس المركب التي تقوده هذه المجموعات التي تصاهرت بالمال والمنفعة، وأن ما يُشاع أن هناك أجواء للحوار مع المعارضين، فهي أجواء لا توجد إلا في مخيلة من غرفوا ويغرفون ولا زالوا بعطايا القيصر التونسي.

وأن هؤلاء مجرد أبواق يحركها القصر التونسي ومتى ما أراد، بل أن هناك بعض الصحفيين والإعلاميين وفي مقدمتهم التونسيين أصبحت لديهم طريقة، وكلما قرروا زيارة تونس فهم يكتبون سلسلة مقالات في الصحف والمواقع مدحا بالقصر التونسي ومدحا بالرئيس، وكلاما معسولا عن الحوار والشفافية في تونس، والهدف هو تعبيد الطريق نحو القصر عندما يزورون تونس كي يحصلوا على الهبات والفتات، وأن هؤلاء خطر حقيقي على تونس وعلى الشعب التونسي لأنهم أذناب القيصر وتجار شنطة من خلال إمتطاء الصحافة والإعلام والكلمة الحرة.

فالحوار لن يحصل إلا بقرارات كبرى، وبنصوص دستورية تحمي الحوار والمحاورين ومن مختلف الأطياف السياسية والإجتماعية والفكرية وغيرها، ثم الشروع بمعالجة البنود المُختلف ( بفتح التاء واللام) عليها بين المعارضة والنظام، ومن ثم لا يجوز لمن خان جماعته وحزبه وحركته وهرب صوب النظام ليعود مروجا للحوار والشفافية، فهل أن الناس بلا ذاكرة؟!!!!!!!!!!!!!!.

فننصح النظام التونسي نصيحة غالية الثمن ( لن يفيدك الغزل السري مع إيران ... ولن يفيدك الغزل من موقع الخائف مع نظام عربي يريد قيادة المنطقة الإفريقية) فالأيام تمضي بسرعة ولصالح الشعب، لذا فأن التجسير مع الشعب ومن الآن هو الضامن لحياة من تورط مع النظام، وخذوا نهاية نظام صدام حسين عِبرة!!...

ــــ لنا عودة أخرى ـــ

* نسخة من المقال وبعد الترجمة الى الإتحاد الأوربي

كاتب ومحلل سياسي

12/5/2007

samiroff@hotmail.com