-
مأرب برس – خاص
-
أخيرا صدر القرار الجمهوري رقم (50) لسنة 2007م بتشكيل حكومة يمنية جديدة بتاريخ 5 أبريل برئاسة الدكتور /علي محمد مجور بعد أن منح مهلة يومين فقط لتشكيل الحكومة وتسمية أعضائها وشكلت الحكومة وقيل بأنها تشكيلة تكنوقراط جديدة يستعد بها الرئيس للسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليؤكد على سياساته الإصلاحية ! في الوقت الذي يرى فيه المراقبون أن تكليف مجور تشكيل الحكومة الجديدة أتى كمكافأة من الرئيس على نجاحه الكبير في خلق بيئة رومانسية على ألأراض اليمنية بما فيها العاصمة اليمنية صنعاء . فعندما كان الأخ مجور وزيرا للكهرباء كان من المستحيل أن تجد بيتا لا يقضي سكانه تحت أضواء الشموع جزءا من لياليهم !! بل أنه جعل اليمنيين - بحسب تأكيدات أبناء ذمار - يشهدون الطاقة النووية المخفضة قبل أن تشهدها بلدانا كثير متقدمة فالأمر لا يكلف أكثر من عشرة ريال لشراء شمعة بيضاء نووية ! حتى وإن رافقت تلك الفترة عدد من الأخطاء غير المقصودة مثل تقلب سكان المناطق الجنوبية في الصيف على حر الجمر مرغمين طبعا لا مغرمين!
-
وبالرغم من أن عدد الوزراء الجدد لم يتجاوز حتى نصف أعضاء الحكومة ال_ 33 عضوا الذي قيل أنها تشكيلة جديدة و برغم أن الحقائب الوزارية الهامة مثل الخارجية والداخلية والدفاع والطاقة –وخاصة هذه الأخيرة ! ظلت كما هي لم تتغير إداراتها , إلا أن الأستاذ مجور مصر بحسب أكثر من تصريح صحفي على أن التشكيل تأخر بسبب الدراسة العميقة لاختيار الوزراء الجدد الذي أكتشف لاحقا بأنهم , للأسف, لم يأتوا من المريخ وإنما كانوا جزء بشكل أو بأخر من الشلة الرسمية الذي عادة ما يتم تحريكهم فقط كحبات الشطرنج من وزارة إلى مصلحة والعكس .والحقيقة أن هذا لا يعني أن الدراسة العميقة التي استمرت يومين كاملين لإيجاد حكومة تجتث كل الدمار الذي سببه باجمال لمدة ثلاث سنوات فشلت في تجديد الحكومة ! فلنكن منصفين بحق (مجور) ولنقل أن الذنب ذنب دستور الجمهورية اليمنية الذي أكد القرار الجمهوري رقم (50) بأن الرئيس أطلع عليه قبل تشكيل الحكومة ! ويبدو أنه أطلع فقط على المادة (132) منه :-
يختار رئيس الوزراء أعضاء وزارتـه بالتشاور مع رئيس الجمهورية ...)
ومشاورة الرئيس ليس بالأمر السهل !!
-
وأضاف (مجور )في تصريحه للصديقة (26 سبتمبر)" إن التأخير بسبب الحرص على أن تكون الحكومة الجديدة حكومة تكنوقراط متميزة فليس التشكيل بالقرار السهل وقال "كلما كانت الحكومة على قدر من المسؤولية والتجانس سوف تستطيع أداء مهامها بقدر عال من الكفاءة والاقتدار" . فتعالوا نتأمل قليلا في تكنوقراطية الحكومة الجديدة وكفاءتها وتجانسها الذي كلفت مجور والرئيس فترة طويلة (يومين بلياليهم ) !
-
التجانس الذي تحدث عنه مجور كان متواجدا فعلا ولكن كان أكثر وضوحا في سنوات الميلاد للوزراء ,فالأغلبية العظمى من مواليد الخمسينات . ثم واصلوا التجانس في أنهم لم يعرفوا بقرار التعيين إلا عبر الإعلام فلا يهم أن يكونوا مستعدين أو يستشاروا في قرار مثل هذا , فماذا يريدون أكثر من أن يصبحوا وزراء ! خاصة وأن حينها لم يكن قد وجد بعد موقف مشابه لموقف الدكتور سيف العسلي , موقف بني آدم قد يكون غير مستعد لأن يكون وزيرا !! أو قد يكون هناك يمني له مشروع مختلف عن مشروع الرئيس وأصحابه !! وهو مالم يكن الأخ الرئيس يتوقعه فيستعد له كحرصه على الاختيار والتفاوض مع رؤساء حكومته بعد حادثة رفض الأستاذ فرج بن غانم استخدام حبات شطرنج الرئيس في لعبته فكانت الصدمة الأولى في أن يوجد من يرفض رئاسة حكومة لمجرد أنه لا يمتلك القرار ! بل كان الخبر الأول في تاريخ الصحافة اليمنية التي كانت أول جملة فيه (تلقى الأخ الرئيس استقالة رئيس الوزراء فرج بن غانم ) !! وفي هذا الصدد لابد من الانتقال إلى مقولة رئيس الوزراء السابق عبد القادر باجمال الذي لم تساعده الظروف أبدا أن يحافظ على صدق تصريحاته فقد عاد رغم مرضه إلى اليمن قائلا (عدت لأكون إلى جوار صالح ) !! والحقيقة أنني حينها لم أفهم أين سيكون الجوار هل في ألمانيا في مرحلة لاحقة ! أم في اليمن في هذه المرحلة الصعبة لكن الرئيس حل هذا اللغز فلم يكن قبلها أصلا إلى جواره حزبيا فكيف يعود إلى الحكومة إذا!! و قيل بأن لباجمال حلم قديم كان كثير الحديث عنه فقد كان يحلم أن يجعل من عدن دبي أخرى !!
-
ونعود لتكنوقراط حكومة( مجور) وكفاءتها وسياسة الفهلوة على المانحين مرة أخرى , فيبدو أن ما فهمه الرئيس من مستشاريه حول الوزراء التكنوقراط الذين تريدهم الدول المانحة لإدارة أموالها في اليمن بأنها مجرد دكتوراه أو ماجستير بغض النظر عن تمثيله لتخصصه في الحكومة أضف إليها شهادات ما من خارج اليمن وخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية فلا يهم أن يكون الدكتور رشاد الرصاص متخصص في مجال الكيمياء ويصبح وزيرا للشئون القانونية ! المهم عند الرئيس أنه متخصص ولا يهم أن يكون في مجال الوزارة التي سيعمل بها !! لكن دائما هناك حكمة خلف قرارات الرئيس فربما كيميائية الرصاص ستساهم في إذابة أحزاب المعارضة وتحليلها حزبا حزبا , وأن يكون دكتور القلب والهوس الدكتور أبوبكر القربي وزيرا للخارجية فهذا تكنوقراط لكن ليس في مجال العلاقات الدولية ولا السياسة الخارجية وإنما في مجال تقديم خدمات طبية للسياسة الخارجية اليمنية وما أدراكم فقد يريد الرئيس يوما أن يدمج الصحة بالخارجية وبالتالي استبقى القربي لأجل ذلك !.
-
والحقيقة أن التكنوقراطية تتضح بجلاء في تعيين الوزير المخلق جدا عبد الكريم الأرحبي وإن لم تتوصل صحيفة 26 سبتمبر لمؤهلاته بعد ! رغم أنه أهم وزير في الحكومة برمتها فهو وزير التخطيط كله في اليمن والتعاون دولي مع كل الدول الشقيقة والصديقة ومسئول الشئون الاقتصادية كلها شأنا شأنا ! وزاد على كل ذلك نائب رئيس وزراء , كم عيكون جهدكم يا أرحبي !
-
وربما كان النموذج الوحيد في التخصص في حكومة (مجور) واضحا في تعيين الدكتور مصطفى بهران فلا طاقة نووية في اليمن بدون بهران ولا متخصص في اليمن يصر على الطاقة النووية كبهران !!
-
كانت هناك غلطة فادحة في تعيينات الحكومة وربما تخلق توترا بين مجور والأمن القومي وهي أن أحد أعضاء الحكومة درس في ليبيا وربما يحمل فيزه سفر إلى الجماهيرية الليبية وهو الدكتور محمد المفلحي - وزير الثقافة رغم أن تخصصه ثقافة جغرافية واقتصادية !! الأهم من كل هذا أن على الدكتور المفلحي أن يغير جوازه فورا مالم سيتعرض للتوقيف في المطار, تحت تعارض النفوذ بين الأجهزة الأمنية المتعددة , من قبل أحد أفراد الأمن القومي الصغار بسبب ارتباط اسم ليبيا به بشكل أو بآخر .
-
أعجبني كثيرا أن يصبح القاضي الهتار وزيرا للأوقاف والإرشاد فهذا يعني بأن العمل سيكون سريا جماعيا موحدا كرئاسة الهتار "للجنة الحوار مع المعتقلين على ذمة الإرهاب" فحتى الآن لم يعرف كم عدد أعضاء اللجنة وهوياتهم بل كم تابوا على يده من الشباب العاصي ! كما أن أعضائها متحدين حد اندماجهم بشخص الهتار وإلى كل ذلك يظل الهتار الرجل الوحيد الذي يوحد تصريحاته لوسائل الإعلام وكأنها نسخ ولصق –سبحان الله - !!
-
خروج عبد الرحمن الأكوع من الحكومة كان قرارا موفقا على كل الأصعدة ومنها تخفيف تمثيل أسرة الرئيس في الجانب المدني والحكومي حتى لو كانوا تكنوقراط ! فحسبها أنها تسيطر على مؤسسة بحجم وأهمية المؤسسة العسكرية .
-
تعيين هدى البان كان واحدة من الملامح الإيجابية لهذه الحكومة ليس فقط لشخصها بل أيضا كأول وزيرة من الجنوب في تاريخ اليمن وكأنه لا وجود لنساء فاعلات مثقفات (تكنوقراط) ! من الجنوب الذي شهد أوائل النساء الرائدات في مختلف المجالات في الجزيرة العربية وإن كان وجود امرأتين فقط في الحكومة دليل على غياب المساواة والعدالة الذي يتشدق بها نظام الرئيس صالح .
-
يظل يحي الشعيبي الرجل الذي لا يختلف عليه اثنان في حكومة الرئيس .فهو رجل أينما حل نفع شمالا أو جنوبا بل الغريب هنا أن الرئيس مازال يحتفظ برجل بنزاهة ومسؤولية الشعيبي حتى الآن ! .
-
بقى رجل خرج من الحكومة ما كان له أن يخرج ورجل لم يدخلها كان له أن يدخل :- عبد الملك المعلمي وزير الاتصالات أحد الرجال النزيهين والمجدين بحكومة الرئيس وجاره سابقا (باجمال) عمل بصمت وبإخلاص وبمسؤولية لكنه أخرج من الحكومة الجديدة ربما كنتيجة لحرص ودراسة مجور !. ولم يدخلها نصر طه مصطفى الذي كان من المتوقع عبر تشكيل الحكومتين السابقتين أن يكون وزيرا فيهما خاصة بعد تحوله من الإصلاح إلى الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي العام ولرئيس وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) برغم أن نصر أعطى لنظام صالح من هذا التحول أكثر مما يعتقد صالح بأنه قدم له . فرجل مثل نصر بعلاقاته وتوازنه السياسي وبذله لجهود كبيرة في سبيل تحسين سمعة النظام في مجال حرية الصحافة وقبوله لدى فئة كالصحفيين كان سيكسب الحكومة الحالية مباركة إلى حد ما إذا دخلها.لكن تظل حكمة الرئيس معقدة إلى الحد الذي يصعب تفسيرها أنيا وتظل مواصفات الوزير الجيد بالنسبة له مختلفة كحكمته ولا تتفق مع مواصفات الجودة في أي مفهوم أو دراسة أو سياسة !
-
أخيرا نصيحة ودية للدكتور علي مجور ( لا يعني اليمن أي شهادة تمتلك أنت ومن معك ولا ماهي نيتك وأحلامك أو مشروعك ودراساتك العميقة طالما ستظل مرهونا بمشاورات وسياسات الرئيس علي عبد الله صالح ومراكز القوى التابعة له ! .فكن إلى جوار شعبك وليس لجواره ولك بمن جواره قبلك عظة ! فقد نلت الصفة والراتب بصدور القرار وبقت الخاتمة فإما تضاف إلى قائمة الشرفاء الذي أعدها اليمنيون يوما وبدؤوها بسلفك فرج بن غانم وإما تتلقى رسالة لطيفة من الرئيس وحزبه بأنك أنت وتكنوقراطك سبب الفساد والضياع ).