رسائل دول الخليج من العاصمة دمشق لسوريا وللعرب وللمحور الإيراني المليشيا تجبر طلاب جامعة ذمار على إيقاف الدراسة للإلتحاق بدروات طائفية وعسكرية تشمل التدرب على الأسلحة المتوسطة والثقيلة تعرف على الأموال التي سيجنيها ريال مدريد في حال تتويجه بكأس العالم للأندية 2025؟ أول دولة أوروبية تعلن تقديمها الدعم المالي لسوريا توكل كرمان : الشرع يدير سوريا وفق الشرعية الثورية وتشكيل حكومة شاملة بُعَيْدَ سقوط نظام الأسد نكتة سخيفة خمسون قائداً عسكريًا سوريا ينالون أول ترقيات في الجيش السوري شملت وزير الدفاع.. مأرب برس يعيد نشر أسماء ورتب القيادات العسكرية 1200 شخصية تتحضر للاجتماع في دمشق لصناعة مستقبل سوريا .. تفاصيل عاجل الإنذار الأخير ... واتساب سيتوقف عن العمل على هذه الهواتف نهائياً أجهزة الأمن بمحافظة عدن تلقي القبض على عصابة تورطت بإختطاف النساء ...تفاصيل صحيفة هآرتس: الاتفاق السعودي الحوثي معضلة أمام إسرائيل في حربها ضد الحوثيين ... قراءة تل ابيب لمشهد الحسم العسكري المتأرجح
مأرب برس - خاص
دقّ أستاذنا القدير وأخانا الحبيب/ مهدي الهجر ناقوس الخطر، في مقاله الرائع: (للنبلاء فقط ...ماذا بشان الشقائق ؟) بجزأيه، تناول فيما تناوله جزاه الله خيرا، إشكالية شيوع العنوسة في طالبات الجامعات عموماً وفي صفوف المتدينات منهن خصوصاً، وإن كنت لا أوافقه بإطلاق على تسمية فقهاء وفقيهات، ذلك أنّ من أسباب شيوع العنوسة في الوسط الجامعي بشكل مخيف ورهيب بالدرجة الأولى أزمة مفاهيم وسلوكيات، وأحيانا عادات وتقاليد، باسم الفقه أحياناً، وأحياناً أخر باسم العادات والأعراف والتقاليد السائدة والتي لا مستند فقهي ولا شرعي عليها .
إن الطالبة الجامعية في ظل أجواء الاختلاط المقنن - وما في حكمه ومعناه - جعلت الطالبة الجامعية في نظر البعض إمرأة لا يمكن أن تكون زوجة ناجحة، أو أن تبني بيتاً وأسرة سعيدة، وبصرف النظر عن درجة خطأ هذا الرأي وما يتعلق به من قضايا ومشكلات، فللحديث عن هموم الفتاة الجامعية حديث طويل مترامي الأطراف، لا يكفيه هذا المقال القصير.
بيد أنّ ما أود طرحه هنا هو فقط العنوسة في صفوف المتدينات الجامعيات بشكل أخص لأقف على بعض المفاهيم الخاطئة في الوسط الجامعي المتدين، ولأقف على بعض الصور التي تنغص حياتنا الاجتماعية والتعليمية، وإن كانت قليلة ومحدودة في وسط عام محافظ ونقي وتقي وصالح وبرٍ وحميد، يسر الخاطر ويفرح القلب، لكن تبقى قضايا لا بد من مناقشتها بشفافية ومصداقية من أهمها:
1) غرور الفتاة الجامعية، وشيوع ثقافة "جنون العظمة" في بعض أوساطهن، فالفتاة الجامعية حين تلتفت إلى من حولها من الأميات وأنصاف المتعلمات والمتعلمات البدويات، تنظر إلى نفسها على أنها صارت عالمة، وأضحت ذات كلمة وهيبة، ويشار إليها بين زميلاتها بالبنان، فيركبها الغرور ويتملكها داء العظمة، وسلطان الكبر، ويترجم هذا الغرور والعظمة لدى بعضهن إلى قوانين صارمة وحادة -سواء قبل أو بعد الزواج- أمام كل فتى يفكر في الزواج بها.
قد يصل الحد ببعضهن إلى اشتراط أن تكون عصمة النكاح بيدها هي، لا بيد الزوج، على رأي لأبي حنيفة، رحمه الله، القائل بجواز هذا الاشتراط، وما على الزوج إلا أن يكون كالقط الوديع أمام الزوجة التي في أي خلاف مهما كان، تذكِّر الزوج وتعظه موعظة الحليم، (لا تنس أن الطلاق بيدي!!)، أو أن تشترط على الزوج ألا يتزوج عليها، أو أن يكون الزفاف في قاعة كبرى ومشتهرة، بمبلغ فخم وكبير، أو اشتراط مهر كبير يثقل الكاهل، وتجد الفتاة الجامعية ما يبرر لها هذه الاشتراطات المجحفة، على أنها فتاة جامعية وليست معزة!! .
الأمر الذي جعل كثيرا من الشباب الجامعي يفكّر ألف مرة قبل أن يخطو أي خطوة من هذا القبيل .
قد يحمّل بعض إخواني القراء في نظرة عجلى وسطحية الفتاة كل الخطأ والمسئولية في هذا المقام، وأقول ما تفعله بعض الفتيات من اشتراطات قبل الزواج كأن يكون بيدها عقدة النكاح، أو اشتراط ألا يتزوج عليها الزوج، قد يكون أمراً وجيها جداً، لما رأينه من بعض الأوساط المتدينة إن جاز التعبير، فالبعض ما أن يتزوج الأولى حتى يبدأ في التفكير - الجاد والحثيث والدؤوب - في الثانية والثالثة، ولو لم يكن له بيت يؤويه أو سكن يستظل فيه، أو سيارة يستقلها، وربما قد لا يجد بعضهم قوت يومه، وأعرف حالات لا بأس بها من هذا القبيل، ويحظون من الآخرين بنظرات الإعجاب والتقدير الكبيرين، الأمر الذي يجعلنا هنا أيضا نعذر الفتاة الجامعية في بعض هذه الاشتراطات الشرعية، في أن تلوذ وتستنجد بمذهب الإمام أبي حنيفة النعمان رضي الله عنه وأرضاه، في مثل هذه الحالة، ويصير هذا القول لأبي حنيفة قول جيد وواقعي ومواكب لمثل هذه الظروف والحالات الاستثنائية، وما للفقيه إلا فقيهة!! .
على أن المشكلة لا تزال قائمة فليست كل الحالات ولا الصور على هذه الوتيرة ولا على هذه الحالة، ويبقى القول أن ثمة غروراً وكبرياءً لدى بعض الجامعيات المتدينات، في تقديري، يجعل الزواج بهن نوع همٍ وإشكال ومغامرة، إلى حد ما، لا سيما لدى بعض الأزواج ذوي النزعات القبلية الغالبة، وإن كانوا هم أيضا جامعيون، أو حتى طلبة علم، لكن كما قيل قديما "الطبع يغلب التطبع" إضافة كما ذكرت إلى الاشتراطات المعقدة التي تسلكها بعض الجامعيات للزواج، مما يجعل الكثير ينصرف عنهن، إلا اللهم بعض الفدائيين أو الميسورين .
2) ويستمر مسلسل جنون العظمة لدى بعض المتدينات غير الفقيهات، اللواتي يشترطن بعد زواجهن وجود خدّامة منزلية، وتلجأ هذه الجامعية المتدينة إلى شرح النووي على صحيح مسلم، لترتل الخلاف الذي ذكره الإمام النووي في مسألة حق المرأة في الخادمة، وقد سرد الإمام النووي أقوال أهل العلم في المسألة، وأشبع الموضوع، يرحمه الله، ونحن هنا لا نناقش الإمام النووي رأيه، بل هو دليل على سعة علمه وفقهه، فما ذكره من آراء قيّمة ووجيهة نعمة له علينا يشكر عليها، وهي تناسب متغيرات المجتمع المسلم، بيد أن هذه الآراء التي سردها رحمة الله عليه تناسب عصر ازدهار الدولة الإسلامية التي كانت تفرض للرجل صاحب البيت والفرس زكاةً من بيت مال المسلمين، على اعتبار أنه فقير، رغم البيت والفرس الذي يملكه، وقد يناسب هذه الآراء التي ذكرها الإمام النووي ما عليه بعض دول الخليج من نَّعْمة هم فيها فاكهون، حيث لا يكاد يخلو بيت من خادمة أو شغالة أو أكثر .
على أن هذا الاجتهاد الوجيه قد لا يتناسب مع بعض الظروف الصعبة التي تمر بها بعض البلدان الإسلامية الأخرى كمصر واليمن، في الجملة، حتى أنه ليصعب على القاضي في بعض الأحوال إلزام الرجل بالتكسب والإنفاق على أسرته وبيته، لما يراه من بطالة فادحة وكبيرة في أوساط الشباب، وأنّى لعاقل أن يقول بإلزام الزوج والحالة هذه بتوفير الخادمة، في الوقت الذي يجب عليه واجب آخر أهم وأكبر وألزم ألا وهو توفير الطعام والشراب والمسكن لأهله وأبنائه .
لعلّ من أسباب ذيوع وشيوع بعض هذه الفتاوى، إنما بسبب بعض كبار الشيخات اللواتي تعج بيوتهن بأنواع الخادمات، فيفتين بالفتوى بالنظر إلى حالهن وظروفهن، لا إلى أحوال التلميذات المحتاجات والفقيرات، فيتلقينها من باب المحاجّة للزوج والمخاصمة لا من باب الاحتجاج الشرعي الصحيح الملزم .
لكن تبقى مثل هذه الآراء وإن كانت نادرة ومستغربة حتى في بعض الأوساط الجامعية المتدينة، هاجسا يقلق بعض الجامعيين الراغبين بالاقتران بجامعيات متدينات.
وفي مثل هذه الأحوال لا يستطيع أحد أيضاً أن يفوت حق المرأة أو الفتاة الجامعية في الخدمة والمعونة والمساعدة، فلها ظروفها العلمية والتعليمية التي تتطلب منها وقتاً وفراغاً للاستذكار والمراجعة والتحصيل، ولا يمكن أن يكلَّف الزوج سيء الحال بالخادمة، مع ما هو عليه من حاجة وفقر، ففي كلا القولين إحجاف كبير على الطرفين، مما يجعل القول بالتعاون والمصابرة بين الزوجين الجامعيين متعيناً .
وقد كان عليه الصلاة والسلام يقوم على شؤون أهله ويخدم نفسه عليه الصلاة والسلام، ذلك أنه ربما البعض قد يحمل هذا الكلام محملا غير صحيح فيجعل من المرأة أو الفتاة الجامعية شغّالة أو خادمة تقوم على كل شؤونه وأعماله، وهذا كما ذكرت مخالف للهدي النبوي .
3) من أسباب عزوف المتدينين عن الزواج بالجامعيات تلكم التكاليف الباهضة والضخمة والثقيلة، حيث تصير بعض الفتيات الجامعيات"كسيارة همر" وليست زوجة، بدءاً بارتفاع مهورهن الباهضة، وانتهاءً بعادات وتقاليد ما أنزل الله بها من سلطان، سواء في الزفاف وأيام الفرح، وما في ذلك وما قبل ذلك، وما بعده إلى نهاية مشوار الزواج .
ففي اليمن مثلا يَلزم على الزوج مع المهر الباهض -الذي قد يصل في المتوسط إلى مليون ريال- حقوقاً غريبة وعجيبة، كحق الخالة والعمة والعم والخال والجد والجدة..الخ من الأنساب والعصبات، والأصول والفروع، وتتحول مسألة الزواج إلى مسألة تقسيم تركة!!، وعلى الزوج المسكين أن يتحمل كل هذه الأعراف الاجتماعية والتقاليد غير الحسنة ولا الكريمة، وفي بعض دول الخليج يكاد يكون من أركان الزواج أن يتم في قاعة أعراس بمبالغ تقصم الفاقر ويشيب لها الولدان، ناهيك عن المهر الذي قد يصل إلى نحو من 70 إلى 100ألف ريال أو أكثر، سوى الأثاث ومتطلبات بيت الزوجية .
هذا بالإضافة إلى تعنت بعض الآباء وأولياء الأمور، في تزويج بناتهم وصناعة العراقيل أمامهن، بغرض الاستفادة القصوى من راتب المرأة الموظفة، وتظل تنتظر المسكينة حتى يشبع الأب، من هذا الراتب وأنّى له أن يشبع، ولا يستيقظ الولي -إن استيقظ- حتى يكون قد فات ابنته أو موليته قطار الزواج.!!.
إنها كما ذكرت ابتداءً أزمة فكر وثقافة اجتماعية من مظاهرها أيضاً تحول حفلات الزواج إلى مهرجانات للفخر والخيلاء والرياء والسمعة .
زاد من هول هذه الكارثة الاجتماعية غياب السلطة الحاكمة التي تعنى بشؤون الأسرة والمجتمع، وتعطيها الأولوية القصوى، من العناية والاهتمام والتقنين والتنظيم، وغياب القدوات الاجتماعية، وصمت العلماء عن العادات والتقاليد الجاهلية التي ما أنزل الله بها من سلطان، أو مسايرتها، كحق الخال والجد والعم.. فيما النصوص الشرعية تقضي بأن المهر حق خالص للبنت، إلا أن تجود طواعية بشيء منه للأب أو الزوج، قال تعالى:{وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً }النساء4، لا أن يصير شرطاً في الزواج وعرفا اجتماعيا أو شرعيا لازماً .
إن العتب الكبير يقع على هيئات ومجالس علماء المسلمين في البلدان الإسلامية التي لا تتحرك إلا بقرار سياسي، وباتت وظيفتها تنحصر في حماية العروش والكراسي الكسروية إلا ما رحم ربك، ولا تتعرض بالحلول والبرامج لقضايا الأمة ومشكلاتها الكبيرة، الاجتماعية والسياسية والثقافية والإقتصادية، مع تفاقمها وكارثيتها .
4) من الخطأ بمكان أن نطلق لفظة "فقيه" أو " فقيهة"على كل أحد من الدعاة والخطباء، فالفقه معنىً عظيم جداً، لا يليق إلا بالعلماء والعالمات المحققين، الذين منحهم الله سعة في العلم والفقه والدراية والرواية، ومنحهم قبولاً ورضى واتباعاً من الأمة، وأحسب أنّ هذه مشكلة نفسية أخرى في الوسط المتدين بصورة أعم، وأمام الزواج بالجامعيات المتدينات، بشكل أخص، فمع ما عليه الجميع بإذن الله من خير وصلاح، لكن إطلاق هذه المصطلحات أحسب أنها قصمت ظهوراً، وتسببت في أزمات فكرية واجتماعية وثقافية كبيرة، حيث يحسب بعض طلبة العلم الذين يطلق عليهم لفظ عالم أو فقيه مجازا، فيعتقد أنه كذلك حقيقة .
إن إطلاق هذه المصطلحات سبّب غروراً في بعض الأوساط العلمية المتدينة، وانبنى عليها إشكاليات اجتماعية لا يعلمها إلا الله .
قد يطلق بعض الشيوخ على تلاميذهم هذا من باب التشجيع وزرع الثقة في نفوسهم، وقد يكون هذا مقبولا منهم أو غير مقبول، لكن أن يطلقه البعض على كل أحد من المتدينين أو طلبة العلم فخلل في التفكير وكارثة علمية، ولا أقصد هنا أستاذنا مهدي الهجر، حفظه الله، لأنه يساير موكب الاحترام والتقدير والمحاباة المحمودة، لكن آخرون يطلقونها على أنهم أحق بها وأهلها، على أنني أرى جملة وتفصيلا أن نتحرر من تقديس الذوات، وصب عبارات المديح والثناء والإطراء والتبجيل، على كل أحد، وأولى الناس بذلك هم العلماء الربانيون، وهذا لا يعارض التقدير والاحترام والهيبة للعلم والعلماء، كما قلته في غير ما مناسبة .
أختم هذه الرؤية التقديرية المحتملة للصواب والخطأ ببعض المقترحات لحل الأزمة التي تنذر بكارثة اجتماعية كبيرة، منها:
1) إنشاء جمعيات اجتماعية في الأوساط الجامعية، تعنى بتزويج العزاب، وتتاح لها الفرص الإعلامية والأجواء الديمقراطية للإسهام في كبح جماح هذه المشكلة، على أن يقوم على هذه الجمعيات أرباب التقى والصلاح والخير والعلم والفقه .
2) إنشاء جمعيات التوعية الإعلامية والثقافية في أوساط التجمعات الجامعية .
3) يجب أن يكون لخطبة الجمعة والمحاضرات والإعلام المرئي والمسموع والمقروء دورا في مواجهة المشكلة والقضاء على أسبابها ومسبباتها .
4) إنشاء صناديق خيرية جامعية ومسجدية، وصناديق أخرى للإقراض الميسر، للتعاون في تزويج العزاب، وحل بعض مشكلاتهم وأزماتهم .
5) انتداب بعض الأخوات الداعيات سواء في الاتحادات الطلابية أو الجمعيات النسوية للقيام بدور التقريب في وجهات النظر بين الطلاب والطالبات الراغبين في الزواج .
6) التوعية الشاملة بخطر المغالاة في المهور، وسن القوانين الشرعية المتعلقة بأحكام العضل .
والله تعالى من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.