آخر الاخبار

ينتحل رتبة عميد.. مصرع قيادي ميداني في مليشيات الحوثي خلال تنفيذه مهمة خارج اليمن بيان عاجل من السفارة السعودية في دولة عربية.. ودول عدة تطالب رعاياها بالمغادرة فوراً المليشيات تتلقى تهديدات إسرائيلية عبر طرف ثالث بتصفية كبار قادتها .. عنتريات الحوثي تختفي من البحر الأحمر مجلس شباب الثورة : جريمة إختطاف عشال تعد امتداداً لسلسلة طويلة من جرائم الإخفاء القسري التي ارتكبتها أجهزة أمن المجلس الانتقالي وندعو الى الكشف عن مصير كل المخفيين توقعات بموعد الرد الإيراني على إسرائيل وواشنطن تحشد تحالفا للدفاع عنها يديعوت أحرونوت ترعب اليهود .. 10 آلاف جندي إسرائيلي بين قتيل وجريح في غزة صحيفة عبرية تتحدث عن الطريقة التي ستستخدمها إيران لتقويض الدفاعات الإسرائيلية؟ الفاتيكان يخرج عن صمته مكرها و يعرب عن موقفه من افتتاح أولمبياد باريس تحذيرات من إغلاق وتوقف أكثر من ألف مستشفى ومرفق صحي في اليمن . وزير الأوقاف يشارك في مؤتمر دولي يشارك فيه وزراء ومفتون ورؤساء مؤسسات إسلامية من أكثر 60 دولة

متى يتعلم الحكام العرب اللغة العربية؟
بقلم/ دكتور/فيصل القاسم
نشر منذ: 16 سنة و 5 أشهر و 15 يوماً
الإثنين 18 فبراير-شباط 2008 07:10 ص

في كل مرة استمع فيها إلى حديث، أو خطاب لبعض الزعماء العرب أشعر بقشعريرة، لكن ليس تحمساً لفيض أفكارهم، أو روعة بيانهم، أو حلاوة لسانهم، بل حنقاً وغضباً على براعتهم وتفننهم بإيذاء اللغة العربية، والإساءة إليها، و"شرشحتها" شر "شرشحة". فقلما تجد حاكماً عربياً متمكناً من لغة الضاد، أو محترِماً لها، أو آبهاً بها، إلا واحداً أو إثنين، أو ما رحم ربي. فمعظمهم من قبيلة "المفعولن بوهو"، فهذا يرفع المجرور، وذاك ينصب المكسور، وغيره يجر المفعول، وآخر يكسر الفاعل، وذاك يضم الماضي، وبعضهم يفتح المضارع، والبعض الآخر يسكـّن المبتدأ، ويكسر الخبر. وكأن هناك مخططاً عربياً رسمياً لتكسير اللغة العربية، والنصب عليها، وجرها إلى أقرب حفرة، لتصبح في محل مقبورة، وعلامة قبرها الكسرة الظاهره على خاطرها.

لا أدري لماذا لا يهمس مستشارو القادة العرب في آذانهم بعد إلقائهم للخطابات، أو إجراء لقاءات مع وسائل الإعلام ليقولوا لهم: "تخنتوها" يا أصحاب الفخامة والجلالة والسيادة، والله فضحتموننا بين خلق الله أمام العالم بألسنتكم المعوّجة وتشكيلكم البيكاسي (نسبة إلى بيكاسو) الذي لا يمكن أن تعرف لرسوماته رأساً من رجل، أو أنفاً من أذن. إن لغتكم العربية فضيحة، وليست فصيحة بكل المقاييس، لفظاً، ونطقاً، ونحواً، أيها القادة الأجلاء! فلو سمعكم سيبويه لتململ في قبره. لقد مات الرجل وهو يقول: "أموت وفي نفسي شيء من حتى". أما أنتم فقد تموتون وفي أنفسكم حسرة، لأنكم لم تتمادوا بما فيه الكفاية في الإجهاز على تراثه اللغوي العظيم "حته حته".

متى توقنون يا حكامنا الأعزاء أن هيبتكم من هيبة لغتكم؟ متى تعرفون أن "اللغة المكسّرة" التي أدمنتم على معاقرتها تسيء إلى مقاماتكم، وتعطي عنكم انطباعات مُخجلة على أقل تقدير، لا بل تجعلكم تبدون في عيون المستمعين والمشاهدين جاهلين؟ ألا يقولون إن اللغة وعاء الفكر؟ فأين الفكر إذا كان وعاءه عندكم لغة معطوبة نحواً وإلقاءً؟ كيف يستطيع البعض أن يستوعب الاسترتيجيات الكبرى وتشعبات السياسة والاقتصاد إذا كان لا يقدر على استيعاب أحرف الجر والنصب والجزم؟

لا نطالبكم أبداً بأن تكونوا خطباء مفوهين كونستون تشيرتشل، بل على الأقل بأحرف الجر، والممنوع من الصرف، والمضاف إليه، والمبني للمجهول ملتزمين. هل يرضيكم أن تأن أحرف العلة تحت صرير أسنانكم؟ هل يسعدكم أن يصبح الفاعل المغوار في نحوكم مفعولاً به، والمجرور المسكين فاعلاً بضمتين، والمفعول العنــّين فحلاً بواوين صغيرتين؟

ألم يلفت أحد انتباهكم أنكم تقترفون مجازر رهيبة بحق اللغة العربية في تصريحاتكم وخطبكم غير العصماء؟ ألم يقل لكم أحد إنكم تجعلون الكثيرين يقفزون من مقاعدهم هلعاً من أخطائكم القواعدية الفظيعة؟ لماذا يتكلم بعضكم اللغة الانجليزية أو الفرنسية ببراعة متناهية أحياناً دون أن يلحن بكلمة واحدة، بينما يلحن "عمــّال على بطــّال" عندما ينتقل للتكلم بلغة الضاد، وكأنه يقول لمستمعيه: أنا أحترم اللغات الأجنبية وأحتقر لغتي العربية؟ أليس تعلم لغتكم الأم أسهل من تعلم اللغات الأجنبية التي تتباهون بتكلمها وكتابتها؟ ما الذي يمنعكم من أخذ دروس لبضعة أشهر لتعلم أبجديات النحو العربي المبسط ومخارج الحروف، خاصة وأن كلكم قادر على دفع أجور الدروس الخصوصية، أو شراء كتب تعليم اللغة العربية المبسطة؟

لماذا أيها السادة الكرام لا تتعلمون من نظرائكم الغربيين؟ هل بربكم سمعتم يوماً زعيماً غربياً يقترف خطأً نحوياً واحداً في مقابلاته مع وسائل الإعلام او خطاباته أمام الجماهير؟ ألا يتحدث حتى الرئيس الأمريكي جورج بوش المعروف بضحالته الفكرية بلغة إنجليزية فصيحة؟ صحيح أن الرجل خلال زيارته الأخيرة لأستراليا شكر النمسا لأنه لم يميز بين أستراليا Australia ) ) والنمسا Austria ) ، لكنه على الأقل لم يقل: I likes yours country ، أو يقترف خطأً لغوياً فاضحاً من ذلك القبيل. لا أتذكر أنني اكتشفت خلال إقامتي في بريطانيا لأكثر من عقد من الزمان "دجة" لغوية واحدة لرئيس وزراء أو مسؤول بريطاني. وكنت أتساءل دائماً: "لماذا يتقن هؤلاء لغتهم من ألفها إلى يائها، قواعدَ، ولفظاً، ونطقاً، بينما يضرب حكامنا عرض الحائط بأبجد هوز اللغة العربية؟" أليس من المخجل أن يقتل العرب لغتهم الحية، بينما يُحيي الإسرائيليون لغة ميتة؟ هل سمعتم يوماً مسؤولاً إسرائيلياً يتحدث بعبرية ركيكة ونحو مهترىء، ينصب، ويجر، ويرفع على هواه؟

ألا تعلمون أيها السادة أن تشجيع اللهجات المحلية في وسائل إعلامكم العربية المسموعة والمرئية في الآونة الأخيرة مقدمة تمهيدية لـ"سايكس بيكو" الجديدة التي تريد تقسيم المقسّم وتجزئة المجزأ؟ ألا يُخشى أن يضيع دم اللغة العربية بين القبائل والطوائف والكانتونات وزواريب الشرق الأوسط الجديد؟

لقد ذكرني سلخكم للغة العربية أيها الزعماء العرب بكاريكاتور في صحيفة الغارديان البريطانية قبل بضع سنوات يظهر فيه مجموعة من التلاميذ يعملون بجد، باستثناء واحد فقط لا يأبه بالدراسة، فسأله المعلم: "لماذا أنت كسول ومهمل في دراستك؟" فأجابه التلميذ:"أريد أن أصبح رئيساً للوزراء"، على اعتبار أن رئيس الوزراء البريطاني وقتها كان جون ميجر الذي لم يكمل تعليمه الثانوي. وأرجو ألا يجيبنا الطلاب العرب إذا سألناهم عن تخلفهم في اللغة العربية بأنهم يريدون أن يصبحوا زعماء!

ويسألونك لماذا أصبح وضع لغة الضاد في الحضيض في مدارسنا ووسائل إعلامنا؟ هل نلوم تلاميذ المدارس وطلاب جامعاتنا إذا كانوا لا يتقنون لغتهم الأم، ويلحنون بها، ولا يستطيعون تأليف جملة مفيدة واحدة، إذا كان كبار القوم في بلداننا في محل مخربين للغة ومتفننين في التصرف خبط عشواء بقواعدها ونطقها؟ هل يُعقل أن تعرض ألمانيا على الجزائر المساعدة في حماية لغة الضاد؟

ألا تعتقدون أيها القادة الموقرون أنكم بدوسكم قواعد اللغة العربية وعدم احترامها تشجعون النشء الصاعد على الإجهاز عليها، فإذا كان رب البيت بالدف ضارباً، فشيمة أهل البيت كلهم الرقص؟

ffkasim.com

* مدونه القاسم