التزوير خط احمر
بقلم/ ريما الشامي
نشر منذ: 16 سنة و 11 شهراً و 17 يوماً
الثلاثاء 27 نوفمبر-تشرين الثاني 2007 06:12 م

مأرب برس – خاص

أركان حكم الاستبداد في اليمن منذ عقود هي ثلاثة : القوة - الفساد - التزوير ، ودور لجنة الانتخابات هو تنسيقها وتوجيهها الى هدفها الرئيسي وهو منح المشروعية لحكم الاستبداد كلما جاءت دورة انتخابية .

المال العام و الاعلام الحكومي وامكانيات الدولة والجيش كل هذه الاليات صارت من بديهيات الديمقراطية اليمنية والتي تستخدم دائما في حسم الانتخابات ونتائجها لصالح الحاكم وحزبه ، ومهام اللجنة العليا للانتخابات تنحصر في هذا الخضم في ان تعطي الغطاء الدستوري والقانوني للاخنلالات وممارسات التزوير على ارادة الشعب ومن ثم تقديم نتائج التزوير شهادة فوز للحاكم

لجنة انتخابات ذهبية

ولأجل ذلك فلا يمكن مطلقا لحكم مؤسس على الفساد وتقوم مشروعيته على التزوير ان يفرط أو يساوم في أمر احد أهم ادواته التي يستخدمها في اعادة انتاج نفسه وتشريع فساده واطالة 1أمد بقائه في السلطة على حساب تزوير ارادة الشعب وكذلك خداع العالم بها 

الانتخابات الماضية شهدت ابشع عمليات التزوير والتلاعب بتنائجها طوال مختلف مراحل العملية الانتخابية اذ تم توظيف كافة امكانيات الدولة ( مال عام - اعلام حكومي - جيش - ) لصالح الحزب الحاكم وازاء كل هذه الاختلالات التي رصدتها منظمات الرقابة الدولية والمحلية لم تلتزم لجنة الانتخابات الصمت على الأقل بل انبرى المسؤل الاعلامي للجنة الانتخابات بوقا دعائيا للرئيسصالح يهاجم المعارضة ويصفه بأنه أبو وأم الديمقراطية وأنه لولا علي عبد الله صالح لما كانت هناك ديمقراطية وانتخابات حد مقاله الجندي متناسيا نفسه وموقعه كعضو في لجنة يفترض انه حيادية لادارة اللانتخابات ، عموما لجنة عبده الجندي التيتعد أعجوبة الديمقراطية اليمنية أدت المهام المطلوبة منها بنجاح ابتداء من صناعة سجل انتخابي مزور يحتوي أكثر من 1500000 اسم وهمي ومخالف للقانون ومن ثم تصديها بامتياز للدفاع عن كافة الاختلالات وممارسات التزوير خلال المراحل المختلفة لعملية الانتخابات ثم اختتمت نجاحها باضفاءالمشروعية لنتائج االتزوير التي منحتها شهادة فوز للحاكم ومن اجل ذلك كانت السلطة وفية للجنتها واقترحت التمديد لها لادارة الانتخابات القادمة ، ورغم ان تقارير المراقبين والمنظمات المحلية والدولية كشفت عن جواني هامة من الاختلالات الجسيمة التي شابت عملية الانتخابات واقترحت مجموعة من الضوابط والمعايير والاصلاحات للجنة الانتخابات كتوصيات البعثة الأوربية التي وقعتها السلطة مع المعارضة وقبلها اتفاق المبادئ وبعدها مايسمى بضوابط الحوار الا ان الحاكم كعادته ينكث كل الاتفاقات والمواثيق لأنه ليس باستطاعته أن يتنازل عن السيطرة عن اهم أدواته التي يضمن بها بقائه واستمرارية تسلطه

الأغلبية البرلمانية ما علاقتها ؟

تتذرع السلطة من أجل الحفاظ على سيطرتها على لجنة الانتخابات بمبرر اغلبيتها البرلمانية التي تريد ان تحتفظ بنفس الأغلبية في تشكيلة لجنة الانتخابات ، ولكن ماعلاقة الأغلبية البرلمانية بموضوع لجنة الانتخابات التي من المقترض انها حيادية وتتمتع بتوازن يمكنها من ضمان ادارة انتخابات نزيهة أو على الأقل الحد من ممارسات التزوير والتلاعب بأصوات الناخبين ، ولنفترض ان جميع أعضاء مجلس النواب ال 301 عضو ينتمون للحزل الحاكم فهل هناك رابط أو مبرر موضوعي أومنطقي يشترط ان تكون أيضا تشكيلة لجنة الانتخابات وهيكلها من ذلك الحزب ومسيطر عليها من قبله وتمثل ارادته كما هو الحال في البرلمان

 ( (المشترك )أمام مفترق طرق : الشعب أو الصفقات

وحسنا ما قامت به أحزاب المشترك عندما شخصت جانبا مهما في الأزمة الوطنية والأوضاع المتردية التي تعيشها البلاد وحددتها بدقة وأرجعتها الى جذورها الأصلية والتي تكمن في اليات ادارة الانتخابات التي ظلت تنتج طوال الدورات الانتخابية الماضية المزيد من الظلم والفساد وشرعنة الاستبداد ، وقدمت بدائل متلفة تضمن اصلاحات حقيقية للجنة الانتخابات تعيد لها الاعتبار وتنتشلها من وضعها الراهن كاداة مسخرة بيد الحاكم لشرعنة التزوير الى أن تكون ألية حياد وعنصر توازن وهيئة مستقلة تؤدي مهامها الدستورية والقانونية في ضمان تنفيذ انتخابات نزيهة وعادلة لا يوظف فيها المال العام وامكانيات الدولة لصالح الحزب الحاكم ، والرؤية الوطنية التي قدمتها أحزاب المعارضة وموقفها الجاد والمسؤل ازاء موضوع اللجنة العليا للانتخابات ينبغي ان يتعزز هذا التوجه وصولا الى لجنة انتخابات مستقلة ومتوازنة وغير مسيطر عليها لأن توفر هذه اللجنة بشروط الاستقلالية والنزاهة والحياد ستقود حتما الى انتخابات حقيقية لا تزور فيها ارادة الشعب كالعادة وهذه هي الخطوة الأولى والمدخل الحقيقي والطبيعي لأية اصلاحات تستهدف انتشال الوطن من أزماته واوضاعه المتدهورة الراهنة في كافة مناحي الحياة 

الناس قد وصلت الى مرحلة التشبع من الاحباط واليأس من جدوى أية اصلاحات ومعالجات حقيقية تخرجهم من دائرة الظلم والفساد وتردي أحوال المعيشة بفعل مخرجات مكرورة للدورات الانتخابية المتتالية والتي تعيد دائما انتاج الفساد وتشريع الاستبداد ومضاعفة الظلم والجوع والفقر وقد جاءموقف المشترك في وقته المناسب ليبعث شعاع أمل بعد ان كاد اأن ينطفئ فيقلوب الناسويفقدون ثقنهم في أليات الديمقراطية والانتخابات وامكانيات لاصلاح والتغيير والخروج من النفق المظلم ، وهنا نشد على أيديأحزابالمعارضة في ان لاتخضع القضايا الوطنية المصيرية للتفاوض والمساومة والتنازل عنها فمعاناة الناس لم تعد تحتمل مزيد صفقات ومزيد احباط ومزيد تسليم واستسلام لارادة الاستبداد ومشاريعه والمطلوب في هذه الظروف المأساوية الراهنة التي يعشها وطننا ليس أقل من لجنة انتخابات نزيهة ومحايدية ومتوازنة لا تكون أداة الحاكم في قهر الشعب وتزوير ارادته مالم فليس مطلوبا من المشترك ان يكون شاهد زور وان يلجا الى تكرارا الصفقات والاتفاقات التي لاتطبق والتي يدفع ثمنها الشعب

لا وقت للخوف

ظلت السلطة الى وقت قريب تنكر الام ومعانة ضحايا سياسات الافقار والتجويع والنهب والفساد التي تمارسها في حق هذا الشعب و الى وقت قريب أيضا ظل يردد الرئيسصالح في خطاباته : ( أنه لاتوجد احتقانات فيالوطن وانما الاحتقانات لاتوجد الا في رؤؤس المحتقنين)غير ان أساليب الانكار والتنكر وتجاهل معاناة الناس ثم استخدام أساليب القوة العسكرية والبطش والاعتقالات لم تستطع ان تمنع أبناءالجنوب مثلا من أن ينتفضوا ضد الظلم والفساد وسياسات الاقصاء والنهب بل أن الاحتجات الشعبية الرافضة للظلم والطغيان والفساد أصبحتاليوم علىطول الوطن وعرضه وفياطار هذا الموقف الشعبي المتوحد ضد حكم الاستبداد وسياساته التدميرية يجب علىأحزاب المشترك ان تواكب هذا الحراك الوطني بتبني موقف مبدئي ثابت لا يقبل بأقل من لجنة انتخابات مستقلة ونزيهة و يرفض تزوير ارادة الشعب في انتخابات ظلت تحسم بالمال العام والوظيفة العامة وامكانيات الدولة وتدار بواسطة لجنة تنفذ تعلميات الحاكم وتوجيهات الرئيس

ومع ذلك فلا يمكن الجزم بأن السلطة سوف تقبل ببساطة فك سيطرتها عن لجنة انتخابات تعتبرها جزءا منها وظلت طوال عقود تعتبرها خطا أحمرا يمنع منعا باتا الاقتراب منها بأية اصلاحات تستهدف تحييدها وضمان استقلاليتها وبالتالي فهي ستستميت في الدفاع عنه وستستخدم كافة وسائلها ووامكانتها من أجل الحفاظ عليها بأي شكل كان حقا ومكونا عضويا مرتبط بها 

غير ان موازين القوى التي ظلت السلطة دائما تحسم بها أمر اللجنة العليا للانتخابات قبيل كل دورة انتخابية هي اليوم ليست بيدها ولم تعد كما كانت تحت السيطرة في ظل الموقف الشعبي الرافض لاستمرارية حكم الاستبداد للوطن والظروف اليوم مهيأة امام المعارضة لتتوحد مع الشعب وتطرح اهم قضية وطنية وتحركها شعبيا باتجاه خلق موقف وطني ضاغط يطالب باصلاحات حقيقية وجادة للجنة الانتخابات

حتىلا ننسى : هذا هو المشهد الأخير

السلطة من جهتها ابتدات مبكرا في مناورتها الاعتيادية من خلال التلاعب بعامل الوقت ومن ثم افشال الحوار كما جرى مؤخرا ومن ثم أوعزت الى كتلتها البرلمانية لتشكيل اللجنة الانتخابية وتمرير مايسمى ( تعديلات دستورية ) وتكون بهذه الخطوة قد اسدلت الستار عن المشهد قبل الأخير من السيناريو المتكرر دوما مع المعارضة قبيل الانتخابات والفصل الأخير الذي ينبغي على أحزاب المشترك أن لا تقبله مطلقا هو فصل الأمرالواقع الذي تريد السلطة ان تضع المعارضة أمامه ومن ثم تبدأ المساومات والمفاوضات التيتفضي دوما الى تعديلات شكلية ومعالجات سطحية في تركيبة لجنة الانتخابات لا تستطيع ان تدفع فسادا او تمنع تزويرا وهذا هو السيناريو الذيسينتهياليه أمراللجنة اعليا للانتخابات اذا ما قررت الاستجابة لابتزاز الحاكم وتكرار صفقات الماضي